جلسة 12 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة والأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف، وأسامة محمود عبدالعزيز محرم، وعبدالمنعم أحمد عامر، ومحمد لطفى عبدالباقى جودة.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد صالح عبدالوهاب.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن.
سكرتير المحكمة
الطعون أرقام 2172، 2242، 3572، 3573 لسنة 45 قضائيةعليا
ـ عناصرها وإجراءات إعدادها ـ تعديل الاعتمادات ـ ضوابطه.
المواد (3)، (4)، (24)، (34) من قانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1979.
حدد المشرع عناصر الموازنة من ناحية الموارد والاستخدامات وإجراءات إعدادها واعتبر صدور قانون باعتمادها ترخيصاً لكل جهة فى حدود اختصاصاتها باستخدام الاعتمادات المقررة لها فى الأغراض المخصصة من أجلها اعتبارًا من أول السنة المالية التى تم اعتماد موازنتها، وعلى مسئولية هذه الجهات، واعتبر المشرع التأشيرات الملحقة بالموازنة لها قوة القانون وحظر المشرع فى الوقت ذاته تجاوز اعتمادات أىِّ باب من الأبواب المختلفة
أو استحداث نفقات غير واردة بالموازنة إلا بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 24 وصدور قانون خاص بذلك ـ نظَّم المشرع قواعد المسئولية الإدارية عن مخالفة أحكام قانون الموازنة العامة للدولة والقرارات المنفذة له ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 30/1/1999 أودع الأستاذ/ محمد عبدالمجيد الشاذلى نيابةً عن الطاعنين فى الطعون أرقام 3573،3572،2172،2171 لسنة 45 ق. عليا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقارير الطعون المذكورة ضد المطعون ضده بصفته فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 1471 لسنة 47ق بجلسة 27/9/1998 والقاضى أولاً: بالنسبة إلى المدعيين رقمى (2) منى أحمد مصطفى الجاويش، و(11) عبدالمنعم حسن خلوفه، بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارة المالية للاختصاص، ثانياً: بالنسبة إلى باقى المدعين بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعين المصروفات. وكان الطاعنون فى هذه الطعون قد تقدموا بتاريخ 16/11/1998 بطلب إعفاء من الرسوم القضائية طعناً على حكم محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 1471 لسنة 47ق المشار إليه وقبل الطلب .
طلب الطاعنون ـ للأسباب الواردة فى تقارير الطعن ـ الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى، والقضاء مجدداً بأحقيتهم فى صرف الفروق المترتبة على زيادة أسعار مكونات ونوعيات الوجبة المقرر صرفها طبقًا لأحكام المادة (65) من قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الإدارة المصروفات عن الدعوى أصلياً، واحتياطياً إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ لتصدر فيه مبدأ قانونياً يتمشى مع مبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة.
كما أقام الأستاذ حسين إمام السنديونى بتاريخ 2/2/1999 نيابة عن الطاعنين فى الطعن رقم 2242 لسنة 45ق.عليا هذا الطعن بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 1471 لسنة 47ق بجلسة 27/9/1998 المشار إليه، وكان قد سبق له أن تقدم بطلب المساعدة القضائية طعناً على هذا الحكم بتاريخ 22/11/1998 وقبل طلبه ثم أقام طعنه الماثل طلب فى ختامه لما ورد به من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وأحقية الطاعنين فى طلباتهم المقدمة إلى محكمة القضاء الإدارى بصرف مقابل نقدى يعادل قيمة الوجبة الغذائية المقررة لهم اعتباراً من تاريخ استلامهم العمل مع إلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعون رأت فيه الحكم بقبول الطعون شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية الطاعنين فى صرف الفروق المالية المترتبة على زيادة أسعار مكونات ونوعيات الوجبة الغذائية المقررة طبقاً للمادة 65من القرار الجمهورى رقم 288 لسنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع خصم ما سبق صرفه لهم وبعد مراعاة أحكام التقادم الخمسى وإلزام الجهة الإدارية المصروفات بصفة أصلية. واحتياطياً بإحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ لتصدر فيه مبدأ قانونياً موحداً يتمشى مع إعمال مبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة.
تدوول نظر الطعون أمام المحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة أمام دوائر الفحص ثم الموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبعد تبادل المستندات والمذكرات، قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإجراء المداولة.
من حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 29/11/1992 أقام الطاعنون وآخرون الدعوى رقم 1471 لسنة 47ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات والجزاءات طلبوا فيها الحكم بقبولها شكلاً وبأحقيتهم فى صرف كميات ونوعيات الطعام المكونة للوجبة الغذائية المطهوة المقررة لهم يومياً أو كميات وأصناف جافة من المواد الغذائية تعادلها فى قيمتها الغذائية أو النقدية كاملة الأوزان دون نقصان مهما ارتفعت الأسعار السوقية الرسمية طبقاً للقرار الجمهورى رقم 288 لسنة 57 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية والقرارات المنفذة له وجدول الوجبة الغذائية المطهوة لملحق به، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق عينية أو مالية، وذكر الطاعنون شرحاً لذلك أنهم من العاملين بالهيئة وعملاً بحكم المادة 65 من قرار إنشائها وافق رئيس مجلس الإدارة فى 8/8/1961 على أن توفر المؤسسة لموظفيها وجبة غذائية مطهوة عن السنة الصادر فيها القرار والسنوات التالية وقايةً لهم من مخاطر المهنة ومع ذلك تصرف الهيئة الوجبة بكميات أقل كمًا ونوعاً فى حدود مبلغ سبعة جنيهات ونصف شهرياً رغم تجاوز قيمتها السوقية أضعاف هذا المبلغ.
وبجلسة 27/9/1998 قضت المحكمة بالحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على سند أن الوجبة الغذائية التى قررتها الهيئة للعاملين بها من مطهوة ثم جافة ثم معلبة مع تحمُّل الهيئة ثلثى قيمتها حتى العاملين بالدرجة السادسة أو ما يعادلها ونصف قيمتها بالنسبة للعاملين حتى الدرجة الرابعة أو ما يعادلها ويتحمل باقى العاملين بنفقاتها وأن الوجبة ما هى إلا ميزة عينية مقررة فى حدود الاعتمادات المالية المدرجة فى ميزانيات الهيئة ومن ثَمَّ تخضع لما يخضع له الأجر من أحكام وأن تقريرها يتم بقرار ويجب -حتى يكون قابلاً للتنفيذ -أن يتوافر له الاعتماد المالى.
ومن حيث إن مبنى الطعون الماثلة هى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وأن الطاعنين لا شأن لهم بتوافر الاعتماد المالى لتدبير تكاليف الوجبة طبقاً للمقاصد المستهدفة منها، وأن على الهيئة تدبيرها، خاصة أن طبيعة العمل بالهيئة تتطلب لزومًا صرف الوجبة، يضاف إلى ذلك أن إنقاص الهيئة للكميات ليس مرده إلى نقص الاعتماد المالى، بل تبعاً لتطور الأسعار فى الأسواق بالزيادة مما يخالف القرارات المنظمة لصرف الوجبة، فضلاً عن تضارب الأحكام فى هذا الصدد.
ومن حيث إن المادة (65) من قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء هيئة الطاقة الذرية تنص على أن ” إلى أن تصدر المؤسسة لوائح خاصة يقرر رئيس مجلس الإدارة قواعد المكافآت وإجراءات الصرف والخصم الخاصة بالمسائل الآتية: (أ) الوقاية والتأمين والتعويض والخدمات الصحية الوقائية والعلاجية الناشئة عن أخطار الإشعاعات الذرية بالنسبة إلى الموظفين والعمال ……”.
وبتاريخ 5/1/1961 وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة على أن توفر المؤسسة للموظفين والعمال وجبة غذائية أثناء النهار تتحمل المؤسسة ثلثى نفقاتها بالنسبة للعمال والموظفين حتى الدرجة السادسة أو ما يعادلها ونصف قيمتها بالنسبة للعاملين حتى الدرجة الرابعة أو ما يعادلها…. إلخ. وبتاريخ 8/8/1961 وافق رئيس مجلس الإدارة على أن توفر المؤسسة هذه الوجبة عن تلك السنة والسنوات التالية خصماً على بند (9) نثرية من الموازنة المالية السنوية للمؤسسة وذلك طبقاً لجدول الوجبة الغذائية الملحق لما تحتاجه حاجة العمل من بذل مزيد من الرعاية الصحية لوقاية العمال والموظفين من الأخطار الناتجة عن طبيعة العمل، ثم تم تحويل الوجبة المطهوة إلى وجبة جافة اعتبارًا من 28/6/1966 لما ثبت من قصور فى الشروط الصحية للمطعم وغير ذلك من الأسباب، ثم وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة بتاريخ 29/5/1977 على صرف الوجبة الغذائية فى صورة معلبات مع تعويض العاملين برفع قيمة الوجبة بنسبة 25% بصفة مؤقتة حتى نهاية عام 1977 المالى تعويضاً لهم عن عدم صرف الوجبة فى الشهور السابقة، واعتباراً من يناير 1978 تم تحديد قيمة الوجبة فى حدود الاعتمادات المالية التى وافق عليها قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية بالكتاب رقم 13/11/2 بتاريخ 28/4/1991 والمدرجة بالبند (1) تكاليف غذائية للعاملين بالمجموعة (2) المزايا العينية بالباب الأول بموازنة الهيئة عن السنة المالية 90/91، وذلك خصماً على الاعتماد الإجمالى تحت التوزيع المدرج بموازنة الجهاز الإدارى للدولة عن هذه السنة وفقاً للتأشير 19/جـ من تأشيرات الموازنة.
ومن حيث إنه لا خلاف بين طرفى الخصومة فى الطعون الماثلة وبين الهيئة المطعون ضدها على استحقاق العاملين والموظفين بالهيئة للوجبة الغذائية وإنما ينحصر الخلاف فى مطالبة الطاعنين بالتزام الهيئة بتدبير الوجبة لهم بما يحقق المزيد من الرعاية الصحية ووقايتهم من أخطار المهنة، وذلك بغض النظر عن الاعتماد المالى المقرر لصرف هذه الوجبة.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1979 تنص على أن “تشمل الموازنة العامة للدولة جميع الاستخدامات والموارد لأوجه نشاط الدولة التى يقوم بها كل من الجهاز الإدارى ووحدات الحكم المحلى والهيئات العامة وصناديق التمويل……”.
وتنص المادة الرابعة من القانون المذكور على أن “تعد الموازنة العامة للدولة على أساس التقسيم الإدارى للأجهزة والوحدات والتصنيف الوظيفى لأوجه نشاط الدولة…….”.
كما تنص المادة 22 على أن “يعتبر صدور قانون اعتماد الموازنة العامة للدولة ترخيصاً لكل جهة فى حدود اختصاصها باستخدام الاعتمادات المقررة لها فى الأغراض المخصصة من أجلها اعتباراً من أول السنة المالية، وتكون هذه الجهات مسئولة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ موازنتها وتحقيق الأهداف المحددة لها، ويكون للتأشيرات الملحقة بالموازنة العامة للدولة قوة القانون.
وتنص المادة 24 على أن “لا يجوز تجاوز اعتمادات أىِّ باب من الأبواب المختلفة
أو استحداث نفقات غير واردة بالموازنة إلا بعد الرجوع إلى وزارة المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية وموافقة مجلس الشعب وصدور القانون الخاص بذلك………..”.
وفى مجال المسئولية الإدارية تنص المادة 33 من القانون 53 لسنة 1973 على أن “يعتبر شاغلو الوظائف المحددة فى قمة الجهاز المالى هم المسئولون عن تنفيذ هذا القانون واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذاً له ……..”.
وتنص المادة 34 على أن “يعتبر من المخالفات المالية …… تجاوز الاعتمادات المدرجة بالموازنة دون الحصول على الموافقة والترخيص المالى اللازمين ….. واستثناءً من الأحكام الخاصة بالتحقيق مع العاملين وتأديبهم والإجراءات الخاصة بالمحاكمة التأديبية يكون لوزير المالية .. بالاتفاق مع الوزير المختص فى الحالات المشار إليها فى الفقرة السابقة، وبالنسبة للمسئولين الإشرافيين فى وحدات الجهاز الإدارى للحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها وصناديق التمويل الخاصة توقيع العقوبات الواردة فى القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة……… عدا عقوبة الفصل أو العزل أو الإحالة إلى المعاش…”.
ومن حيث إنه يبين من جماع النصوص المتقدمة أن المشرع فى قانون الموازنة العامة للدولة بعد أن حدد عناصر الموازنة من ناحية الموارد والاستخدامات وإجراءات إعدادها اعتبر صدور قانون باعتمادها ترخيصاً لكل جهة فى حدود اختصاصها باستخدام الاعتمادات المقررة لها فى الأغراض المخصصة من أجلها اعتباراً من أول السنة المالية التى تم اعتماد موازنتها وعلى مسئولية هذه الجهات واعتبر المشرع التأشيرات الملحقة بالموازنة لها قوة القانون وحظر المشرع فى الوقت ذاته تجاوز اعتمادات أى باب من الأبواب المختلفة أو استحداث نفقات غير واردة بالموازنة إلا بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 24 وصدور قانون خاص بذلك، ثم نظَّم المشرع قواعد المسئولية الإدارية عن مخالفة أحكام قانون الموازنة العامة للدولة والقرارات المنفذة له.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية الصادر استناداً لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1955 بإنشاء لجنة الطاقة الذرية والقانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة نص فى الباب الخامس منه على الأحكام المالية التى تخضع لها المؤسسة واعتبر ميزانيتها ميزانية محكومة بقانون الموازنة العامة للدولة ونص على اتباع القواعد المنصوص عليها فى هذا القانون بالنسبة لإعدادها واعتمادها وتنفيذها وإعداد الحساب الختامى للمؤسسة، ومن ثَمَّ فلا جناح على الهيئة إن هى قامت بصرف الوجبة الغذائية للعاملين بها فى حدود الاعتمادات المالية المدرجة فى موازنتها يتفق وصحيح حكم القانون لا مطعن عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر وإن كان أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين على أسباب أخرى، فإنه يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون لا مطعن عليه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعون شكلاً، ورفضها موضوعاً، وألزمت الطاعنين المصروفات.