الطعن في أحكام هيئة التحكيم :
(أولا) الطعن في أحكام هيئة التحكيم طبقا لأحكام قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية (الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994):
يحظر هذا القانون الطعن في أحكام التحكيم بمختلف طرق الطعن، العادية منها وغير العادية؛ ذلك أن اللجوء إلى التحكيم الاتفاقي يتأسس في نشأته، وإجراءاته، وما يتولد عنه من قضاء، على إرادة أطرافه، التي تتراضى بحرياتها على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم، بدلا من اللجوء إلى القضاء- احتراما لهذه الإرادات، واعترافا بحجية أحكام التحكيم ووجوب نفاذها من جهة، ومواجهة الحالات التي يصاب فيها حكم التحكيم بعوار ينال من مقوماته الأساسية، ويدفعه إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة من جهة أخرى؛ أقام المشرع توازنا دقيقا بين هذين الأمرين من خلال سماحه بإقامة دعوى البطلان الأصلية، بشروط محددة، في حكم التحكيم، مستصحبا الطبيعة القضائية لهذا الحكم، ليسوي بينه وبين أحكام المحاكم القضائية بصفة عامة، من حيث جواز إقامة دعوى بطلان أصلية في شأنها؛ احتراما للضمانات الأساسية في التقاضي، وبما يؤدي إلى إهدار أي حكم يفتقر في مصدره إلى المقومات الأساسية للأحكام القضائية- عهد المشرع بنظر دعوى بطلان حكم المحكمين إلى محكمة الدرجة الثانية، وليس إلى محكمة الدرجة الأولى، مستلهما الطبيعة الخاصة لأحكام المحكمين، والتي تستهدف احترام إرادة أطرافه، وسرعة الفصل في النزاع، والبعد عن إطالة أمد التقاضي وتعقد الإجراءات- لا يجوز الاتفاق على ما يخالف ذلك؛ لتعلق هذه المسائل بالنظام القضائي في الدولة، والتي تعد من النظام العام.
(ثانيا) الطعن في أحكام هيئات التحكيم بوزارة العدل المشار إليها بقانون هيئات القطاع العام وشركاته (الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983):
كانت الفقرة الأولى من المادة (66) من هذا القانون تنص على عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن- قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية هذه الفقرة فيما نصت عليه من عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن- في ظل عدم وجود نصوص قائمة تنظم قواعد دعوى بطلان أحكام التحكيم الصادرة على وفق القانون المشار إليه، فلا مناص في ظل هذا الفراغ التشريعي من استصحاب الأحكام المتعلقة بدعوى بطلان أحكام التحكيم المنصوص عليها بقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية (الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994)، وتطبيقها على دعاوى بطلان أحكام التحكيم الصادرة عن هيئات التحكيم الإجباري طبقا للقانون رقم 97 لسنة 1983؛ وذلك بحسبان أنه بصدور قانون التحكيم المشار إليه أصبح هو القانون الإجرائي العام في مجال التحكيم الذي يجري في مصر- كذلك فإن إخضاع كلا النظامين القائمين للتحكيم (الإجباري والاتفاقي) للقواعد نفسها فيما يتعلق بدعاوى بطلان الأحكام الصادرة على وفق أي منهما، يعد تطبيقا لمقتضى القاعدة الدستورية التي كشف عنها حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، والتي مفادها ضرورة المساواة وعدم الممايزة في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة عينها، وفي طرق الطعن التي تنظمها.
دعوى بطلان حكم التحكيم المقيدة برقم 8204 لسنة 44 القضائية (عليا)