جامعات :
شئون الطلاب- تأديب- التعويض عن قرارات تأديب الطلاب بالجامعات- أيًّا ما كان وجهُ الرأي في مدى جواز التعويض عن الأحكام، فإنه إذا قامت جهة الإدارة اضطلاعًا بمسئوليتها في التنظيم والمتابعة والتوجيه لطلاب الجامعة، وكشف ما يَعرِضُ منهم من مخالفاتٍ سلوكية أو تنظيمية، بإجراء تحقيقٍ موضوعي ومحايد لتحديد مسئولية الطلاب عَمَّا يظهر لديها من أخطاء، وأسفر التحقيق عن إدانة سلوك أحد الطلاب، فأوقع عليه مجلس التأديب الجزاء المناسب لِما ثبت لديه من أخطاء، ثم استبان للمحكمة أن الأدلة المستند إليها لا تكفي لإدانة سلوك الطالب، أو أن المخالفات ليست ثابتة في حقه يقينًا، بما يستوجب براءته مما هو منسوب إليه، فإن قرار مجازاته وإن كان يُشَكِّلُ خطأ من الناحية الفنية، يستوجب الإلغاء، إلا أنه لا يعد عملا غير مشروع يثير المسئولية المدنية بما يستوجب التعويض- القول بغير ذلك يؤدي إلى غل يد الجامعة عن الكشف عن المخالفات وتوقيع الجزاء المناسب على مرتكبها تحقيقًا للمصلحة العامة، خشية التعرض للمسئولية([4]).
([4]) يراجع في شأن التعويض عن قرارات مجالس التأديب بالنسبة لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات ما قررته الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 1 من يوليو سنة 2013 في الطعن رقم 11627 لسنة 58 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 58، مكتب فني، المبدأ رقم 16)، حيث أكدت المحكمة أن مجالس التأديب تختلف عن المحاكم التأديبية من حيث تشكيلها، فهي تتكون من أغلبيةٍ من غير القضاة ذوي الحصانة القضائية والاستقلال الكامل، ولا يخضع أعضاؤها من غير القضاة لقواعد المساءلة الاستثنائية للقضاة، ومن ثم لا تنطبق عليهم أسبابُ مخاصمة القضاة، وأنه لا يجوز القولُ بمساءلة الجهة الإدارية المشكِّلة لمجلس التأديب تنفيذًا لنص قانوني عن أعمال مجلس التأديب الذي يكون مستقلا في أعماله عن الجهة الإدارية، ولا تخضع قراراته لتصديقها، ولا يُتصوَّر كذلك انعقادُ مسئولية مجلس التأديب على وفق قواعد المسئولية التقصيرية، أو على نحو مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية، أيا كان حجم الخطأ وقدر الضرر، لكن ليس معنى هذا إعفاء مجلس التأديب من المسئولية عما يصدر عنه من قراراتٍ على وجه الإطلاق، إذ تنعقدُ مسئوليةُ مجلس التأديب عما يصدر عنه من قراراتٍ يشوبُها الخطأُ الجسيم الذي قد يصل إلى درجة الخطأ الشخصي الذي ينطوي على هوى طائش ورغبةٍ جامحة يُتَغيَا بها الكيدُ أو إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها؛ باعتبار أن ذلك من العيوب القصدية التي تشوب القرار وتنحدر به إلى درك الانعدام، وبينت المحكمة الخطأ في عرض الوقائع أو تفسيرها أو إساءة الاستنتاج أو قصور الأسباب لا يُعَدُّ من قبيل الخطأ الجسيم الموجِب للتعويض.