بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
محكمـة التمييـز
الدائرة الإدارية الثانية
| برئاسـة السيـد المستشـار/
|
د. جمال مبارك العنيزي
|
وكيل المحكمة
|
| وعضوية السادة المستشارين/
|
محمد محمود عثمان
|
و أبو بكر جمعة الجندي
|
| و جمال محمد محمد أحمد
|
و ألهم محمود أحمد
|
|
| وحضــــور الأستـــاذ/ |
محمد فهيم القاضي |
رئيــــس النيابـــة
|
| وحضــــور السيـــد /
|
عبدالرحمن الوادي |
أميــن ســر الجلسـة
|
صدر الحكم الآتي
فى الطعن بالتمييز المرفوع من:
وزير الأشغال العامة ” بصفته”
ضــــــــد
عبدالله شعبان محمد حسين.
والمقيد بالجدول برقم : 893 لسنة 2012 إداري/2.
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق ،وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم 1330 /2010 إداري ، طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 7 الصادر بتاريخ 28/1/2010 ، وما يترتب على ذلك من آثار ، وتعويضه مؤقتاً بمبلغ 5001 د.ك وقال شرحاً لدعواه إنه يشغل وظيفة مهندس مدني بالوزارة وصدر القرار المطعون فيه بتخفيض راتبه الشهري بمقدار الربع لمدة ثلاثة أشهر ، لما نسب إليه من تقصير في عمله بخصوص حادث تعطل محطة مشرف ، في حين أن الفعل المكون لهذه المخالفة لا يدخل في اختصاصات مسماه الوظيفي، وأن القرار رقم 20 لسنة 2009 بتشكيل لجنة التحقيق معه وآخرين صدر بالمخالفة للمادة 56 من نظام الخدمة المدنية مما يستتبع بطلان قرار الجزاء ، وقد تظلم دون جدوى مما دعاه إلى إقامة الدعوى للحكم له بطلباته سالفة البيان ، وبتاريخ 15/6/2011 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه ، وما يترتب عليه من آثار ، ورفض طلب التعويض . استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 2025/2011 إداري/3 كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 2046 لسنة 2011 إداري/3 ، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بجلسة 12/6/2012 برفضهما. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق التمييز ، وأودعت النيابة مذكرة إرتأت فيها تمييز الحكم المطعون فيه لسبب يتعلق بالنظام العام, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة المشورة – حددت جلسة لنظره, صمم فيها الحاضر عن الجهة الإدارية على طلب تمييز الحكم المطعون فيه, وطلب الحاضر عن المطعون ضده رفض الطعن, والتزمت النيابة رأيها الوارد بالمذكرة.
وحيث إن الدفع المبدي من نيابة التمييز ببطلان الحكم المطعون فيه وتمييزه يستند إلى أن الهيئة التي أصدرت الحكم والمبينة بصدره مغايرة للهيئة التي سمعت المرافعة وتداولت فيه ووقعت على مسودته بالمخالفة للمادة 116 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وحيث إن هذا الدفع في محله, ذلك أن المستفاد من نص المادتين 112 و 116 من قانون المرافعات أنه لا يجوز لغير القضاة الذين سمعوا المرافعة أن يشتركوا في إصدار الحكم سواء في المداولة أو التوقيع على مسودته, وإذا حصل مانع لأي من القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة حال بينه وبين حضور جلسة النطق به وجب أن يثبت ذلك في الحكم وإلا لحقه البطلان, وكان مقرراً – في قضاء هذه المحكمة – أن بطلان الحكم الناشئ عن أن القاضي الذي سمع المرافعة ووقع على مسودته لم يحضر النطق به , ولم يبين ذلك في نسخة الحكم الأصلية, بما يفيد ذكر اسم من حل محله من القضاة, هو بطلان متعلق بالنظام العام لاتصاله بأسس النظام القضائي, وأن شاهد هذا البيان ودليل ثبوته هو نسخة الحكم الأصلية ومسودته ويكملهما محضر الجلسة.
لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة محكمة الاستئناف أن الهيئة التي سمعت المرافعة بجلسة 10/4/2012 وقررت حجز الإستئناف للحكم بجلسة 12/6/2012 كانت مشكلة من المستشارين/…………….., ……………., ……………., في حين ان الثابت من نسخة الحكم الأصلية أن الهيئة التي أصدرته مشكلة من المستشارين/ …………….., ود. …………,………, دون أن يثبت في نسخة الحكم الأصلية ان المستشار/ ………….. هو الذي حضرا المرافعة واشترك في المداولة ووقع على مسودة الحكم وحضر بدلاً منه جلسة النطق بالحكم المستشار/ …………., وهو بيان جوهري يجعل الحكم لا يدل بذاته على اكتمال شروط صحته بما يبطله بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام, وهو ما يوجب تمييزه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الاستئنافين رقمي 2025, 2046 لسنة 2011 إداري/3 صالحان للفصل في موضوعهما, ولما كان الإستئناف الأول المرفوع من الجهة الإدارية يقوم على أن الحكم المستأنف قضى بإلغاء قرار الجزاء لصدوره من الوزير وهو غير مختص به وأن قرار الإحالة للتحقيق صدر منه بعد أن فوض فيه وكيل الوزارة, في حين أن قرار الإحالة لا يعدو أن يكون وسيلة لعلم الموظف بإحالته للتحقيق, ومتى حضر التحقيق وأبدى دفوعه فإن الغاية من الإحالة تكون قد تحققت , وأن الوزير يملك سلطة التعقيب على قرار الجزاء ومن ثم يملك سلطة إصداره, مما يقتضي إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى, ويستند الإستئناف الثاني إلى أن الحكم المستأنف قضى برفض طلب التعويض على أساس أن القرار ألغى لعيب شكلي, في حين أن هذا القرار معيب من الناحية الموضوعية.
وحيث إنه من المقرر أنه إذا نيط بسلطة من السلطات الإدارية اختصاص معين بمقتضى القانون, فلا يجوز لها أن تنزل عنه أو تفوض فيه, لأن مباشرة الاختصاص – عندئذ – يكون واجباً عليها وليس حقاً لها, فلا يجوز ان تعهد به لغيرها, إلا أنه يجوز استثناءاً التفويض في الاختصاص متى أجاز القانون ذلك, وفي هذه الحالة يتعين أن يكون التفويض محدداً وليس كلياً, وبطريقة واضحة لا لبس فيها ولا غموض, فلا يجوز افتراضه ضمناً, ولما كان النص في المادة (56) من مرسوم نظام الخدمة المدنية قد جرى على أن ” تكون إحالة الموظفين من شاغلي مجموعتي الوظائف القيادية العامة إلى التحقيق بقرار من الوزير المختص “, وفي المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 116/1992 في شأن التنظيم الإداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها على انه ” للوزير أن يعهد ببعض اختصاصاته المخولة له بمقتضى القوانين واللوائح إلى المحافظين, كما يجوز له أن يعن ببعض هذه الاختصاصات إلى:
أ- وكيل الوزارة أو وكيل الوزارة المساعد …” , وفي المادة (9) منه على أن ” يصدر التفويض ويلغى بقرار كتابي من الجهة المفوضة , ويبلغ للجهة المفوض إليها. ولا يجوز للجهة التي عهدت ببعض اختصاصاتها إلى جهة أخرى وفقاً للمواد السابقة مباشرة هذه الإختصاصات أثناء سريان مدة التفويض ” يدل على أن إحالة شاغلي مجموعة الوظائف القيادية والعامة إلى التحقيق ، لا يكون – بحسب الأصل- إلا بقرار من الوزير ، ولا يجوز لوكيل الوزارة أو الوكيل المساعد ممارسة هذا الاختصاص إلا بصدور قرار كتابي صريح من الوزير ، وفي الحدود التي يقررها ، وفقاً لما يقتضيه صالح العمل ، وفي هذه الحالة الأخيرة يمتنع على الوزير المختص مباشرة الاختصاصات المفوض فيها أثناء سريان مدة التفويض ، ولما كان الثابت من الأوراق أن وزير الأشغال العامة قد أصدر القرار رقم 19/2006 بتفويض وكيل الوزارة في ممارسة بعض اختصاصاته ومنها الاختصاص بإحالة شاغلي الوظائف العامة إلى التحقيق ، وخلت الأوراق مما يفيد إلغاء هذا التفويض ، ومن ثم فإن قرار الوزير رقم 20 لسنة 2009 بإحالة المستأنف ضده إلى التحقيق يكون قد صدر ممن لا يملك إصداره ويلحقه عيب عدم الاختصاص ، مما يترتب عليه بطلانه وبطلان الإجراءات التي صدرت بناءً عليه بما فيها قرار الجزاء رقم 7 لسنة 2010 ، والذي صدر هو الآخر من الوزير بمجازاة المستأنف ضده بتخفيض راتبه الشهري بمقدار الربع لمدة ثلاثة أشهر، وهو اختصاص محجوز لوكيل الوزارة بمقتضى نص المادة 61 من المرسوم الصادر في شأن نظام الخدمة المدنية ، إذ جرى نصها على أنه “………أما بالنسبة لشاغلي مجموعة الوظائف العامة فيختص وكيل الوزارة بتوقيع جميع العقوبات التأديبية عدا الفصل من الخدمة فيصدر به قرار من الوزير….” ، وحق الوزير في التعقيب على هذه الجزاءات لا يعني مباشرته لتوقيع الجزاء ابتداءً ، وإلا كان تنظيم المشرع لتوقيع الجزاء من الوكيل ثم إعادة النظر فيه من الوزير لغواً ، ويفوت ميزة وضمانة قررها المشرع للموظف وهي التأني في توقيع الجزاء وتدقيق النظر بتقييم من الوكيل أولاً وإصدار قرار الجزاء ، ثم رقابة على هذا التقييم من الوزير ، ولأنه إذا وضع المشرع نصاً تشريعياً وجب الإلتزام به وتعين عدم مخالفته أو الخروج عليه إمتثالاً لإرادة المشرع الذي قدر لاعتبارات رآها وضمانات يريد تحقيقها ومصلحة عامة يستهدفها وأصول دستورية يلتزم بها أن يكون إصدار القرار التأديبي من سلطة أخرى غير السلطة التي تملك التعقيب عليه ، وترتيباً على ذلك فإن قرار الجزاء المطعون فيه قد صدر من الوزير وهو لا يملك إصداره وبناءً على إجراءات افتتحت بقرار الإحالة للتحقيق الذي صدر منه وهو لا يملكه أيضاً ، وهو ما يعيب القرار المطعون فيه بعيب عدم الاختصاص ويضحى جديراً بالإلغاء ، ولأن هذا الإلغاء يتصل بعيب عدم الاختصاص فإنه لا يستوجب التعويض عنه.
ولما تقدم وكان الحكم المستأنف قد انتهى إلى ذات الوجهة من النظر ، ورتب على ذلك بطلان قرار إحالة المستأنف ضده إلى التحقيق ، وبالتالي عدم مشروعية القرار المطعون فيه المبني عليه بمجازاة المستأنف ضده بتخفيض راتبه بمقدار الربع لمدة ثلاثة أشهر ، فضلاً عن صدوره من سلطة لا تملك إصداره ، ورفض الحكم التعويض عنه ، ومن ثم فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض الاستئنافين.
“فلهذه الأسباب”
حكمت المحكمة : أولاً : بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضده المصروفات وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة.
ثانياً: بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً ، وبتأييد الحكم المستأنف ، وألزمت المستأنف في الاستئناف الثاني مصروفاته وعشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة.
| أميـن سـر الجلسـة | وكيل المحكمة |