جلسة 30 من يناير سنة 2010
الطعن رقم 34939 لسنة 52 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)
ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– المنازعة في مشروعية القرارات الصادرة عن الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان بشأن القرارات الصادرة عن مجالس إدارة الجمعيات الخاضعة لقانون التعاون الإسكاني أو جمعياتها العمومية تعد منازعات إدارية، تختص المحاكم الإدارية بمجلس الدولة بنظرها.
-المادة السادسة (إصدار)، والمواد (46) و (65) و (79) و (86) من قانون التعاون الإسكاني، الصادر بالقانون رقم (14) لسنة 1981.
بتاريخ 21/8/2006 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ (الدائرة الثانية) في الدعوى رقم 990 لسنة 2 ق، القاضي في منطوقه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية للاختصاص، وإبقاء الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 2/7/2001 فيما تضمنه من ترتيب اسم الطاعن تحت رقم (157) ليكون في قائمة الانتظار بدلا من ترتيبه الصحيح تحت رقم (116)، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مســببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم –بعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما– بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا باختصاص مجلس الدولة بكفر الشيخ ولائيًا بنظر الدعوى, وإبقاء الفصل في المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص ثم أمام الدائرة الثانية فحص وموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلســـات، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن المنازعة الماثلة تتحصل وقائعها –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 30/1/2001 أقام الطاعن الدعوى رقم 990 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإداري، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء ترتيب أعضاء الجمعية التعاونية لإسكان التجاريين بكفر الشيخ، المحرر بمعرفة المدعى عليهما بصفتيهما لتوزيع قطع الأرض على الأعضاء، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحًا للدعوى إنه عضو مؤسس في الجمعية المطعون ضدها منذ 2/6/1987، ويسدد الاشتراكات في مواعيدها، وفوجئ في يناير سنة 2002 بقيام مجلس إدارة الجمعية بترتيب الأعضاء لتوزيع وتخصيص قطع الأرض لهم، وجاء ترتيبه تحت رقم (157)، في حين سيشمل التوزيع عدد (156) عضوا فقط، وبالتالي وُضع المدعي في قائمة الانتظار وحُرم من التوزيع؛ لذا فإنه ينعى على هذا الترتيب الذي تم بموافقة المطعون ضده بصفته مخالفته لحكم القانون، وبناءه على تزوير في سجل العضوية بإضافة أسماء لم تشترك في الجمعية عند تأسيسها، أو اشتركت بعده بسنوات عديدة، فضلا عن أن كثيرًا من الأعضاء لم يسددوا أقساطهم في مواعيدها، وكان يتعين تأخير عضويتهم بالجمعية، وعليه خلص المدعى من ذلك إلى طلباته المذكورة آنفا.
……………………………………………………………………..
وقد تدوول نظر الدعوى في شقها العاجل ثم جرى تحضيرها بهيئة مفوضي الدولة وأمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 9/7/2006 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أن المنازعة تدور حول ترتيب عضوية المدعي بين أعضاء الجمعية التعاونية لإسكان التجاريين بكفر الشيخ، مع ما يترتب على إعادة ترتيب عضويته من استحقاقه قطعة أرض من الأرض المشتراة باسم الجمعية من هيئة الأوقاف المصرية، وأن هذا النزاع لا يتعلق بقرار إداري صادر عن جهة الإدارة في أي من المسائل المحددة حصرًا في المادة (65) من قانون التعاون الإسكاني، ومن ثم فإن الدعوى تخرج عن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة، وينعقد الاختصاص بها لجهة القضاء العادي، مما يتعين معه الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية للاختصاص عملا بالمادة (110) مرافعات.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إن مبنى الطعن على هذا الحكم أنه صدر مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون وجاء فاسدًا في أسانيده واستدلالاته؛ على سند من القول إن الاختصاص بنظر الطعون على القرارات الإدارية للسلطات الرقابية خضع لتطور تشريعي، حيث كانت المحكمة الابتدائية بكل محافظة هي المختصة بنظر هذه الطعون حتى صدور القانون رقم 109 لسنة 1975، وفي ظله اختصت بهذه الطعون لجنة ثلاثية، ثم أعاد القانون رقم 14 لسنة 1981 الاختصاص إلى مجلس الدولة.
وإنه لما كان الطاعن قد أقام دعواه طعنًا على قرار الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان بتاريخ 2/7/2001 فيما تضمنه من وضع الطاعن بترتيب عضويته لتكون برقم (157) بدلا من ترتيبه الصحيح برقم (116)، وعليه يكون القرار المطعون فيه قرارا إداريا بمعناه الصحيح، ولما كانت المحكمة المطعون على حكمها قد التفتت عن حوافظ مستندات الطاعن التى تثبت اختصاصها بنظر الدعوى، فمن ثم يضحى الحكم المطعون فيه مشوبًا بالخطأ في تطبيق صحيح حكم القانون.
أما بخصوص موضوع الطعن فقد أوضح الطاعن أن ترتيب عضويته كان برقم (116) قبل أن يفاجأ بقرار الهيئة العـــامة لتعاونيات البناء والإسكان بتأخير هذا الترتيب، ولما كان قد صدر قرار الجمعية المطعون ضدها بتأخير عضوية أربعين عضوا نتيجة تأخرهم في سداد الأقساط المالية المستحقة عليهم، ولم تلتزم الهيئة المطعون ضدها بإعمال مقتضى هذا القرار وهي بصدد ترتيب أولوية الانتفاع بقطع الأراضي المخصصة للجمعية، وكانت عملية ترتيب أولوية انتفاع أعضاء الجمعية قد شابها الكثير من الأخطاء والمخالفة للقواعد المنظمة لذلك، فقد خلص الطاعن إلى طلباته المذكورة آنفا.
……………………………………………………………………..
-ومن حيث إن البحث في الاختصاص القضائي بنظر النزاع يسبق التصدي للقبول الشكلي للطلب وموضوعه، وكان الطاعن يستهدف من دعواه الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان الصادر بتاريخ 2/7/2001 فيما تضمنه من اعتماد وضعه ضمن قائمة الانتظار وفقا لأقدميته الجديدة في مشروع تقسيم أرض الجمعية بحوض الأنطور بكفر الشيخ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة ترتيب عضويته لتكون رقم (116) بدلا من رقم (157).
ومن حيث إنه بالرجوع إلى قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 يبين أنه ينص في المادة السادسة من مواد الإصدار على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد: 1– بالوزير المختص: الوزير المختص بالإسكان. 2– بالجهة الإدارية المختصة: الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان…”.
وتنص المادة (46) من القانون في باب (إدارة الجمعية) على أنه: “على مجلس الإدارة إبلاغ صور محاضر جلساته واجتماعات الجمعيات العمومية والقرارات التى تصدر في أي منها إلى كل من الاتحاد والجهة الإدارية المختصة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الانعقاد”.
وتنص المادة (65) على أن: “لكل ذي شأن الطعن في القرارات الإدارية الصادرة برفض طلب شهر الجمعية التعاونية أو بوقف تنفيذ قرار مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية أو إسقاط العضوية عن عضو مجلس الإدارة أو حل المجلس وتعيين مجلس إدارة مؤقت أو انقضاء الجمعية أو حلها أو إدماجها أو تقسيمها أمام المحكمة الإدارية المختصة…”.
وتنص المادة (79) على أن: “يتولى الاتحاد وفقًا للخطة التى يضعها وتعتمد من الوزير المختص معاونة وحدات التعاون الإسكانى في أداء رسالتها والإشراف على مباشرتها لها والرقابة الشعبية عليها, ويتولى على الأخص المسئوليات الآتية: أولا– … خامسًا– مراقبة انتظام وحسن سير العمل بالوحدات التعاونية، ويشمل المراجعة الدورية والسنوية لحسابات الوحدات وميزانياتها وتلقي صور محاضر جلسات مجلس الإدارة والجمعيات العمومية وما يصدر عنها من قرارات، وفحص أعمال الوحدات ومتابعة نشاطها…”.
وتنص المادة (86) من من القــــانون في البـاب الثالث عشر (رقــــابة الدولة) على أن: “للجهة الإدارية المختصة حق التفتيش والتوجيه ومراجعة القرارات الصادرة من وحدات التعاون الإسكاني، ولهذه الجهة بقرار مسبب أن توقف ما يكون منها مخالفًا لأحكام هذا القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذًا له، وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطارها…
ويترتب على قرارات الجهة الإدارية المختصة بالإيقاف خلال المدة المشار إليها وقف كافة الآثار المترتبة على القرارات الموقوفة”.
ومن حيث إن محاكم مجلس الدولة هي صاحبة الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية وهي قاضيها الطبيعى وفقًا لأحكام المادة (172) من الدستور التى تنص على أن:”مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة تختص بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى”، وكذلك وفقًا لأحكام المادة العاشرة (رابع عشر) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته التى تنص على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:… سـائر المنازعات الإدارية…”.
وقد استقرت على ذلك أحكام هذه المحكمة والمحكمة الدستورية العليا التى أكدت على الولاية العامة لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضي الطبيعى لكافة المنازعات الإدارية، وبالتالي فإن إيلاء الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية إلى المحكمة الابتدائية خصمًا من الاختصاص المعقود لمحاكم مجلس الدولة دستوريًا ينبغي أن تبرره ضرورة ملحة (حكمها في الدعوى رقم 101 لسنة 26 ق دستورية بجلسة الأول من فبراير سنة 2009).
ومن حيث إنه بغض النظر عن طبيعة أشخاص الجمعيات الخاضعة لقانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 المشار إليه، فقد أخضعها هذا القانون للسلطة الرقابية للجهة الإدارية، حيث أوجبت المادة (46) من هذا القانون على مجلس إدارة الجمعية إبلاغ صور محاضر جلساته واجتماعات الجمعية العمومية والقرارات التى تصدر عنها إلى كل من الاتحاد والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الانعقاد على ما سلف بيانه، كما ألزمت المادة (79) من القانون الجمعية بذلك أيضًا بالنسبة للاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي، وخولت المادة (86) من القانون ذاته الهيئة المذكورة سلطة في التفتيش والتوجيه ومراجعة القرارات الصادرة عن وحدات التعاون الإسكاني، ومن بينها الجمعيات الخاضعة للقانون المذكور، وكذلك في إصدار الهيئة قرارات مسببة بوقف ما يكون من قرارات الجمعية مخالفًا لأحكام القانون المذكور أو اللوائح الصادرة تنفيذًا له، وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطارها.
ولما كانت القرارات الصادرة عن الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، ومن بينها القرار المطعون فيه في النزاع الماثل، هي قرارات إدارية تجسد مظهرًا من مظاهر السلطة العامة المتمثلة فيما خوله القانون لهذه الجهة الإدارية من سلطة رقابية على النحو سالف البيان، ونتيجة ذلك ولازمه أن المنازعة في مشروعية القرارات الصادرة عن هذه الهيئة هي منازعة إدارية تندرج في اختصاص محاكم مجلس الدولة، وقد أناطت المادة (65) من القانون رقم 14 لسنة 1980 بالمحاكم الإدارية المختصة نظر الطعون التى يتقدم بها ذوو الشأن في القرارات المحددة بهذه المادة، ومن بينها قرارات الجهة الإدارية المتعلقة بوقف تنفيذ قرار صادر عن مجلس إدارة الجمعية أو جمعيتها العمومية، وكان ذلك شاملا لكل ما يصدر عن الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان بشأن القرار الصادر عن مجلس إدارة الجمعية أو جمعيتها العمومية ومنها القرار المطعون فيه؛ فمن ثم تختص المحكمة الإدارية بكفر الشيخ بنظر النزاع الماثل، دون أن يغير من ذلك ما تسوقه الجمعية المطعون ضدها بمذكرة دفاعها من أن قرارات الجمعية ليست ذات طبيعة إدارية؛ إذ إن القرار محل النزاع هو قرار الهيئة العامة لتعاونيات البناء الذي يجسد رقابة الجهة الإدارية على قرار الجمعية بتحديد ترتيب العضوية، وليس هذا القرار الأخير في حد ذاته.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف النظر المتقدم؛ فمن ثم فإنه يكون مخالفًا صحيح حكم القانون جديرًا بالإلغاء، ويتعين القضاء مجددًا باختصاص المحكمة الإدارية بكفر الشيخ بنظر الدعوى، مع إعادة الدعوى إليها للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا باختصاص المحكمة الإدارية بكفر الشيخ بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إليها للفصل فيها، وأبقت الف