جلسة 20 من إبريل سنة 2010
الطعن رقم 17744 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
الالتزام برد النفقات حال الإخلال بالالتزام بخدمة الجهة الموفدة– لهذه الجهة حق المطالبة بهذه النفقات– موافقة اللجنة التنفيذية للبعثات ليست شرطًا ضروريًا لمطالبة عضو البعثة بالنفقات تفقد المطالبة بدونه سندها([1]).
المواد (30) و (31) و (33) من القانون رقم (112) لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح.
في يوم الخميس 30/6/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة –بصفتها نائبة عن الطاعن– قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل، الذي قيد بجدول هذه المحكمة بالرقم عاليه، طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الخامسة) بجلسة 17/5/2005 في الدعوى رقم 3103 لسنة 56 ق، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهما أن يؤديا للطاعن مبلغًا مقداره سبعة وثلاثون ألفا وستة وسبعون جنيهًا، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، مع المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانونا على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهما متضامنين أن يؤديا للطاعن بصفته مبلغًا مقداره سبعة وثلاثون ألفًا وستة وسبعون جنيهًا، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد.
وقد نظرت الدائرة الثانية (فحص) الطعن بجلستها المعقودة في 26/1/2009، وفيها قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص، وقد نظرت هذه الدائرة الطعن بجلسة 6/5/2009 وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن المطعون ضده الأول مذكرة، وبجلسة 2/12/2009 قررت هذه الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 3/2/2010، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن، وفيها قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 20/4/2010 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، وقد انقضى هذا الأجل دون أن يتقدم أحد من الخصوم بشيء، وبجلسة 20/4/2010 صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة في الطعن الماثل تخلص في أن الطاعن بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 3103 لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 17/11/2001، طالبًا الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين أن يؤديا له مبلغ سبعة وثلاثين ألفا وستة وسبعين جنيهًا، وفوائده القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، والمصروفات؛ وذلك على سند من القول إنه تم إيفاد المدعى عليه (المطعون ضده) الأول في بعثة تدريبية إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربعة أشهر، إلا أنه تخلف عن العودة إلى أرض الوطن بعد انتهاء بعثته، فصدر القرار رقم 485 في 9/8/2000 بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل، وكان قد وقع تعهدًا وكفله فيه المدعى عليه الثاني بالعودة إلى أرض الوطن فور انتهاء بعثته وخدمة الجهة الموفدة، وإلا التزم برد النفقات على وفق أحكام قانون البعثات رقم 113 لسنة 1959، الأمر الذي يحق معه للمدعي بصفته مطالبة المدعى عليهما (المطعون ضدهما) بالمبلغ المشار إليه.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني خلصت فيه إلى الحكم بإلزام المدعى عليهما (المطعون ضدهما) أن يؤديا للمدعي – بصفته– المبلغ المشار إليه، وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27/11/2001 وحتى تمام السداد، والمصروفات.
……………………………………………………………………..
وقد تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة على النحو الثابت بالأوراق، ثم قضت بجلستها المعقودة في 17/5/2005 بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن المشرع ناط باللجنة التنفيذية للبعثات مطالبة عضو البعثة بالنفقات، وقد خلت أوراق الدعوى مما يفيد موافقة اللجنة التنفيذية للبعثات على مطالبة عضو البعثة المذكور بالنفقات، الأمر الذي تكون معه الدعوى والحال كذلك قد أقيمت مفتقدة للسند القانوني جديرة بالرفض.
……………………………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا من الطاعن بصفته، ومن ثم طعن فيه بالطعن الماثل، بركيزة من أن الحكم المطعون فيه خالف القانون والواقع، تأسيسًا على أن إدارة المنح والإجازات الدراسية قامت –حسبما جاء بحافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة بجلسة 5/6/2002– بإحالة المطعون ضده إلى التحقيق بعد صدور قرار لجنة الإجازات الدراسية بجلسة 26/7/2000 المعتمد من وزير التربية والتعليم، وقد انتهى التحقيق إلى مطالبة المطعون ضدهما الأول والثاني بالنفقات، وهو ما يعتبر بمثابة قرار من لجنة الإجازات بإنهاء البعثة والمطالبة بالنفقات، فضلا عن أن المطعون ضده الأول وقع تعهدًا قبل سفره للبعثة تعهد فيه بخدمة الجهة الموفدة عقب عودته من البعثة التدريبية لمدة خمس سنوات على الأقل وإلا التزم بسداد كافة النفقات التي صرفت عليه طوال مدة وجوده بالخارج، كما وقَّع المطعون ضده الثاني على تعهد بتضامنه مع المطعون ضده الأول في سداد النفقات عند الإخلال بشروط البعثة، وهو ما يعتبر عقدًا إداريًا، يحق معه للجهة الإدارية –وقد أخل المطعون ضده الأول بالتزامه الأصلي ولم يعد إلى أرض الوطن– أن تطالبه وضامنه بسداد النفقات بناء على هذا العقد.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إن المادة رقم (30) من القانون رقم (112) لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح تنص على أنه: “على عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة أن يعود إلى وطنه خلال شهر على الأكثر من انتهاء دراسته وإلا أوقف صرف مرتبه، مع عدم الإخلال بما تقضي به القوانين واللوائح من أحكام أو جزاءات أخرى”.
كما تنص المادة (31) من ذات القانون على أن: “يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التي أوفدته أو أية جهة حكومية أخرى ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية، وبحد أقصى قدره سبع سنوات لعضو البعثة، و5 سنوات لعضو الإجازة الدراسية، إلا إذا تضمنت شروط البعثة أو الإجازة الدراسية أحكامًا أخرى. ويجوز للجنة العليا للبعثات إعفاء عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة من التزامه المشار إليه إذا دعت ضرورة قومية أو مصلحة وطنية إلى الإفادة منه في جهة غير حكومية”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر استخلاصًا مما تقدم على أنه متى أخل عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بالتزامه بالعودة إلى أرض الوطن والعمل بخدمة الجهة التي أوفدته في بعثة أو إجازة دراسية أو منحة للحصول على شهادة أو مؤهل أو لاكتساب خبرة للمدة المقررة، وجب عليه رد كافة المرتبات والنفقات التي صرفت عليه طوال فترة وجوده بالخارج.
ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية الطاعنة كانت قد أوفدت المطعون ضده الأول في بعثة تدريبية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن وقَّع على تعهد بالعودة للعمل في الجهة الموفدة عقب انتهاء البعثة التدريبية، وإلا التزم برد كل ما أنفق عليه، وقد ضمِنه في ذلك المطعون ضده الثاني.
ومن حيث إن المطعون ضده الأول قد سافر في هذه البعثة التدريبية في يناير سنة 2000، وكان من المقرر تسلم عمله بتاريخ 28/5/2000، إلا أنه أخل بالتزامه ولم يعد لتسلم عمله في هذا التاريخ، ومن ثم تكون مطالبة الجهة الإدارية للمطعون ضده الأول والثاني بما أنفقته على المطعون ضده الأول وما صرف له من مرتبات في هذه البعثة، ومقدارها سبعة وثلاثون ألفًا وستة وسبعون جنيهًا، قائمة على سبب يبررها من الواقع والقانون.
ولا ينال من ذلك ما تقضي به المادة (33) من القانون رقم (112) لسنة 1959 المشار إليه من أن للجنة التنفيذية أن تقرر إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام المواد…، كما أن لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له في الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادتين (25) و(30) من هذا القانون؛ ذلك أن تخويل اللجنة التنفيذية للبعثات سلطة مطالبة عضو البعثة الذي يخالف أحكام المادتين (25) و(30) من القانون المشار إليه لا يعني اعتبار موافقة هذه اللجنة شرطًا ضروريًا لمطالبة عضو البعثة بالنفقات، تفقد المطالبة بدونه سندها.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون حريًا بالإلغاء.
ومن حيث إن المبلغ الذي تطالب به الجهة الإدارية الطاعنة معلوم المقدار، فمن ثم فإنه ينبغي الحكم بما طالبت به من فوائد عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم مصروفاته، عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهما متضامنين أن يؤديا للطاعن بصفته مبلغًا مقداره سبعة وثلاثون ألفًا وستة وسبعون جنيهًا، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
([1]) راجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 748 لسنة 46 ق عليا (منشور بمجموعة السنة 48 مكتب فني رقم 80)، حيث انتهت المحكمة إلى أن إدارة البعثات هي الجهة الإدارية صاحبة القوامة على شئون البعثات والمنح الأجنبية، سواء من حيث الإيفاد فى البعثة أو المنحة، أو الإشراف على الموفدين وإنهاء البعثة أو المنحة، أو تقدير المطالبة بالنفقات، وأن وزارة التعليم العالي بحسبانها الجهة الرئاسية لإدارة البعثات هي صاحبة الصفة في مطالبة عضو البعثة أو المنحة بالنفقات، دون غيرها من الجهات الإدارية الأخرى التى يعمل بها الموفد أو الجهات المقررة لها البعثة أو المنحة.