جلسة 4 من ديسمبر سنة 2010
الطعن رقم 21511 لسنة 53 القضائية عليا
(الدائرة الخامسة)
تراخيص بناء دور العرض أو المراكز التجارية المغطاة أو جراجات الانتظار– اشتراط موافقة جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء على إصدارها– يمتد الأجل المحدد لإصدار الترخيص إلى مدة معقولة يمكن خلالها لجهاز التفتيش إبداء رأيه فى التراخيص المطلوبة– يتعين على جهة الإدارة أن تضع مدة معقولة للبت فى طلب الترخيص بمنحه أو برفضه فى وقت مناسب لظروف كل حالة– مضي مدة طويلة في انتظار موافقة ذلك الجهاز يجعل قرار الإدارة اعتبار طلب الترخيص موقوفا لحين موافقة الجهاز قرارا إداريا سلبيا بالامتناع عن منح الترخيص– هذا القرار يخالف صحيح حكم القانون.
-المواد أرقام (6) و (7) و (13) من قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 (الملغى عدا المادة 13 مكررا منه بموجب القانون 119 لسنة 2008)
-قرار رئيس الجمهورية رقم (29) لسنة 1993 في شأن تنظيم جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء.
في يوم الإثنين الموافق 8/8/2007 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) في الدعوى رقم 2709 لسنة 59 ق بجلسة 19/6/2007 القاضي: (أولا) بعدم قبول طلب إلغاء القرار السلبي بامتناع حي عابدين عن إصدار الترخيص رقم 13 لسنة 2003 لانتفاء القرار الإداري. و(ثانيا) بعدم قبول طلب التعويض لعدم اللجوء إلى اللجنة المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000، وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام جهة الإدارة أن تؤدي إليه التعويض العادل عما لحقه من أضرار مادية وأدبية.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول طلب الإلغاء، وإلغاء ذلك القرار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وقد أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع التمس في ختامها إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب الإلغاء، والقضاء مجددا بالطلبات الواردة بختام صحيفة الطعن.
وبجلسة 24/5/2010 تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع التي نظرت الطعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، حيث أودع الحاضر عن الطاعن صورة من مذكرة الدفاع التي سبق أن قدمها إلى دائرة فحص الطعون.
وبجلسة 27/9/2010 تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة 6/11/2010 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 27/11/2010 لإتمام المداولة ثم لجلسة 4/12/2010 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانونا واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعن كان قد أقام بتاريخ 1/11/2004 دعواه رقم 2709 لسنة 59 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع حي عابدين عن إصدار رخصة المباني المقيدة برقم 13 لسنة 2003، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأحقيته في تعويضه عما لحقه من أضرار جراء عدم صدور الترخيص.
وذكر شرحاً لدعواه أنه كان قد تقدم إلى حي عابدين لاستصدار رخصة مبانٍ لإقامة بناء على الأرض المملوكة له والكائنة برقم 48 و 50 شارع نجيب الريحاني 3 عطفة البركةـ قسم الأزبكية بالقاهرة، مكون من بدروم ودور أرضي ودور أول تجاري ودور ثانٍ ودور ثالث عبارة عن جراج ودور رابع مكاتب تجارية وأربعة أدوار بها ردود خلفي من جهة عطفة البركة.
وأضاف المدعي أنه استوفى جميع الأوراق والمستندات الخاصة بإصدار الترخيص وحصل على موافقات الجهات المعنية من دفاع مدني وشركة تأمين وهيئة نظافة وسدد الرسوم المطلوبة، لكن جهة الإدارة على الرغم من ذلك لم تمنحه الترخيص المطلوب مما سبب له أضرارا بالغة وخسارة جسيمة لعدم تمكنه من تنفيذ أعمال البناء، وخلص المدعي إلى طلب الحكم له بالطلبات سالفة البيان.
……………………………………………………………………………
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى، وبجلسة 19/6/2007 أصدرت حكمها المطعون فيه الذي أقامته على أساس أن جهة الإدارة قد أفصحت عن سبب عدم صرفها الترخيص رقم 13 لسنة 2003 وهو انتظار موافقة جهاز التفتيش على أعمال البناء ـ حسبما أخطرت المدعي بذلك ـ وبناء عليه فإن امتناع حي عابدين عن إصدار ترخيص البناء المطلوب لا يشكل في هذه الحالة قرارا سلبيا؛ لعدم وجود التزام بإصداره، ومن ثم حكمت المحكمة بعدم قبول طلب الإلغاء لانتفاء القرار الإداري.
وعن طلب التعويض ارتأت المحكمة أن المدعي لجأ إليها مباشرة بشأن هذا الطلب وكان يتعين عليه أن يلجأ أولا إلى اللجنة المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، ومن ثم يكون هذا الطلب غير مقبول شكلا.
……………………………………………………………………………
وإذ لم يرتضِ الطاعن ذلك القضاء فقد أقام عليه طعنه الماثل على سند من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون الذي أوجب على جهة الإدارة أن تصدر ترخيص البناء المطلوب خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديم الطلب إليها مستوفيا المستندات المطلوبة، وأن حصول جهة الإدارة على موافقة جهاز التفتيش على أعمال البناء لا يعتبر عذرا قانونيا يمكن أن تستند إليه جهة الإدارة في عدم إصدار قرار الترخيص في الأجل القانوني المقرر بالمادة (6) من القانون رقم 106 لسنة 1976.
وبالنسبة لقضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول طلب التعويض شكلا ينعى الطاعن على الحكم الخطأ في تطبيق القانون حيث إن طلب التعويض تابع للطلب الأصلي بالإلغاء، وقد طلب الطاعن في دعواه الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري، ومن ثم يكون طلبه الحكم له بتعويض غير مقيد بضرورة الالتجاء أولا إلى لجنة التوفيق في المنازعات، وخلص إلى طلب الحكم له بالطلبات سالفة الذكر.
……………………………………………………………………………
-ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول مدى قانونية ما تمسكت به جهة الإدارة من امتناع عن منح ترخيص البناء رقم 13 لسنة 2003 إلا بعد ورود رأي جهاز التفتيش على أعمال البناء في شأن ذلك الترخيص، وما إذا كان الامتناع عن منح الترخيص في هذه الحالة يعد قراراً سلبياً مما يجوز الطعن عليه أمام محاكم مجلس الدولة من عدمه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن مناط قيام القرار السلبي الجائز الطعن فيه أن تكون هناك قاعدة قانونية عامة تقرر حقاً أو مركزاً قانونياً لاكتساب هذا الحق بحيث يكون تدخل الإدارة لتقريره أمرا واجبا عليها متى طلب منها ذلك، ويتمثل ذلك المسلك السلبي إما برفض الجهة الإدارية صراحة أو ضمنا، أو بالامتناع عن اتخاذ الإجراء أو القرار الملزمة بإصداره، ويتفرع عن ذلك أنه إذا لم يكن ثمة التزام على الجهة الإدارية أن تتخذ موقفا إيجابياً ولم تقم باتخاذه فإن رفضها أو سكوتها لا يشكل حينئذ الامتناع المقصود في المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة، وبالتالي لا يوجد في هذه الحالة قرار إداري سلبي مما يجوز الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إن المادة (6) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 تنص على أن: “تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوما من تاريخ تقديم الطلب، وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية قامت بإصدار الترخيص…”.
وتنص المادة (7) من القانون ذاته على أنه: “يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدة المحددة للبت فيه دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفض أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصحيحات على الرسومات، وذلك بعد قيام المالك أو من يمثله قانوناً بإعلان للمحافظ المختص على يد محضر بعزمه البدء في التنفيذ مع التزامه بمراعاة جميع الأوضاع والشروط والضمانات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية…”.
وتنص المادة 13 مكررا من القانون المذكور بعد تعديله بالقانون رقم 25 لسنة 1992 على أن: “ينشأ جهاز يسمى جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء يختص بأداء مهام التفتيش والرقابة والمتابعة على أعمال الجهات الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدات المحلية بجميع أنحاء الجمهورية، وذلك فيما يتعلق بإصدار التراخيص بإنشاء المباني أو إقامة الأعمال أو توسعتها…”.
ومن حيث إنه تطبيقا للنص الأخير أصدر رئيس الجمهورية قراره رقم 29 لسنة 1993 في شأن تنظيم جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء ونص في مادته الثانية على أن: “يباشر الجهاز الاختصاصات المنوطة به قانونا على الوجه الآتي:
1ـ القيام بالتفتيش الفني على جميع أعمال الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدات المحلية المتعلقة بإصدار تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال….
2ـ التحقق من مطابقة التراخيص المشار إليها لأحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له وجميع التشريعات المعمول بها ذات الصلة بإقامة المنشآت وتوفير الأمان والسلامة فيها، وكافة الاشتراطات العامة أو الخاصة الواجب توافرها في مختلف أنواع الأبنية، وعلى الأخص المتعلقة بالأمن والحريق في المباني وتوفير أماكن لإيواء السيارات”.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة كانت قد أقرت في اجتماع مجلس المحافظين برئاسة رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 30/1/2003 قراراً يتعلق بإقامة بعض المنشآت متعددة الأغراض، مؤداه ضرورة أخذ موافقة جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء قبل منح تراخيص بناء دور العرض أو المراكز التجارية المغطاة أو جراجات الانتظار.
وقد أفصحت جهة الإدارة عن العلة من قرارها المتقدم وهو ضمان المحافظة على الأرواح والممتلكات وعدم تعرضها للخطر، وبإمعان النظر في العلة التي تغيتها جهة الإدارة من وراء هذا الإجراء يتضح جليا أن الإدارة قصدت التريث لحين إبداء جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء رأيه بشأن منح التراخيص في الحالات سالفة الذكر؛ بحسبان أن ذلك إجراء جوهري يستهدف تمكين الجهاز المذكور من أداء مهامه المنوطة به، وعلى رأسها ضمان مطابقة التراخيص المشار إليها لأحكام التشريعات والقرارات ذات الصلة بإقامة المنشآت، وتوفير الأمان والسلامة فيها للمواطنين وممتلكاتهم.
وبناء على ما تقدم فإنه ولئن كان من حق الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ألا تمنح ترخيصا يتعلق ببناء دور العرض أو المراكز التجارية المغطاة أو جراجات الانتظار إلا بعد موافقة جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء على إصداره، ويترتب على ذلك بداهة امتداد الأجل المنصوص عليه في المادتين 6و 7 من القانون رقم 106 لسنة 1976 السابق ذكرهما إلى مدة معقولة يمكن خلالها لجهاز التفتيش إبداء رأيه في التراخيص المطلوبة لإقامة المنشآت سالفة الذكر، إلا أنه يتعين على جهة الإدارة أن تضع مدة معقولة للبت في طلب الترخيص بمنحه أو برفضه في وقت مناسب لظروف كل حالة، وإلا شكل مسلكها قرارا إداريا سلبيا مخالفا لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان قد تقدم إلى جهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم بحي عابدين بطلب الحصول على ترخيص بإقامة مبنى مكون من بدروم وأرضي وأول تجاري وثانٍ وثالث فوق الأرضي جراج والرابع فوق الأرضي إداري به أربعة مكاتب وأربع أدوار متكررة ردود بكل دور مكتبين.
وإذ ثبت كذلك أن الطاعن كان قد أرفق بطلبه بالإضافة إلى الرسومات الهندسية جميع البيانات والمستندات المطلوبة لإصدار الترخيص ومنها موافقة إدارة الدفاع المدني والإطفاء ووثيقة تأمين عن المسئولية قبل الغير وإيصال سداد الرسوم المطلوبة للهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة، وذلك رفق طلبه الذي تقدم به إلى رئيس حي عابدين بتاريخ 25/9/2003، ولم تحرك الإدارة ساكناً خلال المدة التي ضربها المشرع لإصدار ترخيص البناء وهي ثلاثون يوماً من تاريخ تقديم الطلب مستوفَىً كافة بياناته حتى نشطت في 20/12/2003 على سند من أن طبيعة البناء المطلوب الترخيص به واندراجه ضمن المنشآت التي يتعين أخذ موافقة جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء عليها، فقد قامت جهة الإدارة المختصة باستطلاع رأي الجهاز وأرفقت بكتابها رقم 512 بتاريخ 20/12/2003 في هذا الخصوص نسخة من الرسومات المعمارية وصورة الخريطة المساحية الموضح بها موقع العقار وخط التنظيم أمامه بعد مضي مدة طويلة على تقديم طلب الترخيص.
وإذ يبين من الأوراق أن جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء لم يطلب بعد التاريخ المشار إليه أي بيانات أو مستندات أو إيضاحات بشأن الترخيص المذكور، كما أنه لم يبد رأيه بشأنه سواء بالرفض أو بالقبول رغم مضي مدة طويلة ورغم استعجاله من جانب جهة الإدارة بموجب كتابها رقم 617 بتاريخ 10/10/2004، وهي مدة تفوق الحد المعقول اللازم لإبداء الرأي في مثل هذه الحالات، ومن ثم يكون قرار الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم باعتبار طلب الترخيص المقدم من الطاعن موقوفا حسبما جاء بكتابها رقم 616 بتاريخ 10/10/2004 في غير محله، ويشكل امتناعها عن منح الطاعن الترخيص المطلوب في هذه الحالة قرارا سلبيا مخالفا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقية الطاعن في الحصول على الترخيص المطلوب.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع حي عابدين عن إصدار رخصة المباني رقم 13 لسنة 2003 لانتفاء القرار الإداري، فإنه يكون قد جانبه الصواب، مما يستوجب الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا بقبول هذا الطلب شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
-ومن حيث إنه عن طلب الطاعن إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها أن تؤدي له تعويضا عن الأضرار التي حاقت به جراء تأخرها في منحه ترخيص البناء المطلوب، فإن المستفاد من أحكام المادتين (1) و (11) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها أن المشرع قد أعفى صراحة المدعي من اللجوء ابتداء إلى لجنة توفيق المنازعات المختصة قبل رفع الدعوى حال تضمينه دعواه طلبات بوقف التنفيذ أيا كان موضوعها؛ تأسيسا على جعل المنازعة الإدارية المتعددة الطلبات المرتبطة ببعضها البعض ارتباطا وثيقا وحدة واحدة لا تقبل التبعيض أو التجزئة بشأن قبولها شكلا من عدمه ([1]).
ومن ثم وعلى هدي ذلك ولما كان الثابت في الحالة الماثلة أن الطاعن كان قد قرن طلب إلغاء القرار المطعون فيه بطلب وقف تنفيذه بصحيفة دعواه، التي ضمَّنها أيضا طلبا بتعويضه عن الأضرار التي لحقت به جراء قرار الإدارة الطعين، الأمر الذي من شأنه إعفاء الطاعن من اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة قبل رفع دعواه الصادر فيها الحكم المطعون فيه.
وفي ضوء ما تقدم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى شكلا بشأن طلب التعويض عن القرار الإداري المطعون فيه لعدم لجوء المدعي أولا إلى لجنة توفيق المنازعات المختصة قبل رفع الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب الحكم بإلغائه في هذا الشق بدوره، والقضاء مجددا بقبول هذا الطلب شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع طلب التعويض فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة عنها هو وجود خطأ من جانبها، بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه قد بان على التفصيل المتقدم خطأ جهة الإدارة بتأخرها غير المبرر في منح الطاعن ترخيص البناء المطلوب، الأمر الذي سبب له أضرارا مادية تمثلت في تأخر انتفاعه بملكه على النحو الذي ارتآه مناسبا.
بالإضافة إلى ما أشار إليه –دون أن تنكر ذلك جهة الإدارة– من ارتفاع أسعار مواد البناء والأيدي العاملة، وقد قامت علاقة السببية بين الخطأ الإداري المشار إليه والضرر الذي لحق الطاعن، ومن ثم يكون الطاعن محقا في طلب التعويض الذي يجبر هذه الأضرار، والذي تقدره المحكمة بمبلغ عشرين ألف جنيه فقط، أخذاً في الاعتبار أن الطاعن لم يوجه إلى المحافظ المختص إنذارا على يد محضر بعزمه على البدء في التنفيذ مع الالتزام بالأوضاع والشروط والضمانات المقررة قانونا حسبما تنص على ذلك المادة (7) من القانون رقم 106 لسنة 1976 سالفة الذكر، مما يكون معه هو الآخر قد ساهم من جانبه في عدم البدء في التنفيذ.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة أن تؤدي للطاعن مبلغا مقداره عشرون ألف جنيه تعويضا عما أصابه من أضرار، كما ألزمتها المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) في حكمها في الطعن رقم 23182 لسنة 51 ق ع بجلسة 1/1/2011 انتهت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا إلى وجوب عرض طلبات الإلغاء التي لا يجوز طلب وقف تنفيذها على لجان التوفيق، ولو اقترنت بطلبات وقف تنفيذ، وإلى أنه يطبق على طلبات التعويض عن القرارات الإدارية ما يطبق على طلبي وقف التنفيذ والإلغاء من حيث اللجوء إلى لجان التوفيق المشكلة طبقا لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000؛ حتى لا تتبعض المنازعة ولا تتجزأ. (راجع: مجموعة المبادئ التي قررتها منذ إنشائها حتى نهاية سبتمبر سنة 2011– مكتب فني رقم 12 ص 137)