جلسة 19من يناير سنة 2011
الطعن رقم 12175 لسنة 54 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)
ترك الخصومة– يتعين أن يكون ترك الخصومة صريحا،فلا يجوز الاستناد فيه إلى الاستنتاج، أو الاعتداد بشأنه بالإرادة الضمنية، وألا يكون مُعلقا على شروط– لا يعتد بالترك إذا كان معلقا على شرط .
المادة رقم (141) من قانون المرافعات المدنية والتجارية .
بتاريخ 19/3/2008 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل مقررا فيه الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة عقود) في الدعوى رقم 10521 لسنة 54 ق بجلسة 22/1/2008، القاضي في منطوقه بإثبات ترك المدعي الخصومة في الدعوى وألزمته المصروفات. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون عليه واعتباره كأن لم يكن، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهاز مدينة الشروق رقم 40 لسنة 2000 المتضمن سحب واسترداد المخبز نصف الآلي الذي يمتلكه، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات، ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 16/2/2010 إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره أمامها بجلسة 17/3/2010 وفيها نظر وتدوول نظره بالجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 20/10/2010 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 24/11/2010 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، ومد أجل النطق به إلى جلسة 15/12/2010 ثم إلى جلسة اليوم 19/1/2011 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فإن المحكمة تقضي بقبوله شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن كان قد أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 10521لسنة 54 القضائية طالباً في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهاز مدينة الشروق رقم 40 لسنة 2000 المتضمن سحب واسترداد المخبز نصف الآلي الخاص به وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعي شرحا لدعواه أنه اشترى المخبز نصف الآلي الكائن بمدينة الشروق في مزاد علني وتسلمه بموجب محضر تسليم رقم 7123 مؤرخا في 14/7/1999 بعد أن سدد من ثمنه قرابة نصف مليون جنيه، ولدى محاولته استيفاء الموافقات الإدارية لاستخراج رخصة التشغيل فوجئ بعدم وجود حصة دقيق للمخبز رغم الإشارة إليها في العقد المبرم بينه وبين الجهة الإدارية، كما فوجئ بأن سقف المخبز تم إعداده بالصاج المعرج بالمخالفة لشروط وزارة البيئة التي يتعين بمقتضاها أن يكون السقف من الخرسانة المسلحة، وهو الأمر الذي دفعه إلى توجيه إنذار إلى الجهة الإدارية لتلافي هذه الملاحظات، غير أنه فوجئ بصدور القرار المطعون عليه رقم 40 لسنة 2000 من جهاز مدينة الشروق متضمنا سحب واسترداد المخبز، فأقام دعواه طعنا على هذا القرار.
وفي جلستها المعقودة بتاريخ 22/1/2008 قضت محكمة القضاء الإداري بإثبات ترك المدعي لدعواه وألزمته المصروفات، وأسست المحكمة قضاءها على سند من أن حافظة مستندات الجهة الإدارية المدعى عليها المودعة بجلسة 16/2/2004 طويت على صورة ضوئية لإقرار المدعي بالتنازل عن كافة الدعاوى المقامة منه ضد الجهة الإدارية، وأن المحكمة أخطرته بالحضور للتعقيب على هذا الإقرار منذ تقديمه غير أنه لم يحضر أيا من الجلسات التي أجلت إليها الدعوى لذلك السبب، ولم ينكر إقراره بالتنازل عن الدعوى المقدم من الجهة الإدارية، وعليه خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم المطعون عليه.
………………………………………………………………………..
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون عليه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، حيث استند في قضائه بإثبات ترك الطاعن لدعواه إلى إقرار عرفي مقدم من الجهة الإدارية في غيبته بالمخالفة لحكم المادة رقم (141) من قانون المرافعات التي عينت صراحة حالات إثبات ترك الدعوى، فضلا عن أن الإقرار المقدم من الجهة الإدارية لم يتضمن تعيين الخصومة التي يرد عليها الترك سواء تحديد رقمها أو موضوعها.
………………………………………………………………………..
ومن حيث إن المادة 141 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن: “يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر، أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها، أو بإبدائه شفويا في الجلسة وإثباته في المحضر”.
ومن حيث إنه وعلى مقتضى النص السالف فإن ترك الخصومة يقع إما بإعلان على يد محضر من التارك لخصمه، أو بإيراده في بيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها، أو إبدائه شفاهة في الجلسة وإثباته في محضر الجلسة، ويتعين أن يكون الترك صريحا فلا يجوز الاستناد فيه إلى الاستنتاج أو الاعتداد بشأنه بالإرادة الضمنية، كما يجب أن يكون الترك خاليا من أي شروط تهدف إلى تمسك التارك بصحة الخصومة واستمرارها في حالة عدم تحقق ما عُلق عليه الترك، وبهذه المثابة فإنه يلزم أن يكون الإقرار صريحا في الترك غير معلق على أي شروط.
ومن حيث إنه وعلى هدي مما سلف فإن الثابت من الأوراق (حافظة المستندات المقدمة من هيئة المجتمعات العمرانية أمام محكمة القضاء الإداري بصفتها الجهة المدعى عليها) أن الإقرار المنسوب إلى الطاعن (المدعي) تضمن أنه يوافق على تنازله عن الدعاوى المحددة بالإقرار، وأنه سيقوم بتوثيقه أمام الشهر العقاري، وذلك في مقابل قيام الهيئة بتسليمه المخبز والكافتيريا ومنحه فترة سماح في السداد لمدة سنة، وعلى أن يتم تشغيل المخبز خلال شهر من تاريخ تسليم التنازل المرفق، وعلى أن يتم تسليم الرخصة، ويبين جليا من صورة الإقرار العرفي الذي جرى تقديمه من الجهة المدعى عليها أنه معلق على عدة شروط يتعين تحقيقها أولا قبل إيقاع التنازل، كما يفاد منه أيضا أن صاحب الإقرار علق سريانه على تنفيذ تلك الشروط من الجهة المدعى عليها وحينئذ سيتم توثيقه لدى الشهر العقاري، ومن ثم فلا يصلح هذا الإقرار بهذه الصورة أن يكون سنداً لإثبات ترك المدعي (الطاعن) لدعواه؛ إذ يتعين أن يكون الترك صريحا، وألا يكون مُعلقا على شروط، وإذ خلص الحكم المطعون عليه إلى غير هذه النتيجة فإنه يضحى مخالفاً لأحكام القانون وتقضي المحكمة بإلغائه.
ومن حيث إنه ولما كانت محكمة أول درجة لم تستنفد ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، فإنه يتعين إحالتها إليها لتفصل مجدداً في شكل الدعوى وموضوعها التزاما بمبدأ التقاضي على درجتين.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون عليه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) لتفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطعن.