جلسة 27 من إبريل سنة 2011
الطعن رقم 10534 لسنة 46 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)
تنظيم إقامتها على المنشآت العامة والخاصة– تختلف سلطة الجهة الإدارية في الإزالة بالنسبة لكل منهما– بالنسبة للمنشآت الخاصة تحظر إقامة الإعلانات دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة– في حالة المخالفة لا تملك الجهة الإدارية إزالة الإعلان بالطريق الإداري، وإنما إحالة المخالف إلى القضاء، إلا إذا ترتب على الإعلان الإخلال بجمال المدينة وتنسيقها، أو كان من شأنه المساس بالآداب العامة أو العقائد الدينية، أو تعريض سلامة السكان أو المنتفعين بالطريق أو الممتلكات للخطر أو إعاقة حركة المرور– لئن كان لا يشترط في قرار الإزالة أن يكون مسببا إلا أنه يتعين أن يكون قائما على سبب صحيح يبرره.
المواد (2) و (5) و (8) من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات .
ركن السبب– لئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها كإجراء شكلي ضمن صياغة القرار، فإن ذلك لا يعني أن القرار الإداري يصح بدون سبب– إذا خلت الأوراق مما يفيد توافر الحالة القانونية والواقعية المبررة لإصدار القرار ، فإنه لا يجوز للجهة الإدارية أن تمتنع عن الإفصاح عن السبب القانوني المبرر لإصدارها القرار المطعون عليه أمام القضاء، والاقتصار في دفاعها على أنها ليست ملزمة بتسبيب قراراتها.
في يوم الأربعاء الموافق 16/8/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) في الدعوى 447 لسنة 51 القضائية بجلستها المعقودة بتاريخ 24/6/2000 الذي قضى في منطوقه بإلغاء قرار الإزالة المطعون فيه، وبرفض طلب التعويض، وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة؛ وذلك فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتـأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن على وفق الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 21/9/2010 إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره أمامها بجلسة 27/10/2010، حيث جرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/3/2011 قررت حجز الطعن ليصدر الحكم بجلسة 20/4/2011، ومد أجل النطق به إلى جلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 447 لسنة 51 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة)، طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار حي مدينة نصر رقم 2 لسنة 1996 المتضمن إزالة الإعلان الخاص بمستشفى … التخصصي المقام أعلى سطح العقار رقم 22 بشارع محمود سامي البارودي، وإلزام الجهة الإدارية تعويضه عن الأضرار التي لحقته من جراء القرار المطعون عليه .
………………………………………………………………………………..
وفي جلستها المعقودة بتاريخ 24/6/2000 قضت تلك المحكمة بإلغاء قرار الإزالة المطعون عليه وبرفض طلب التعويض .
وشيدت قضاءها بعد استعراض أحكام المواد 2 و 5 و 8 من القانون رقم 66 لسنة 1956 بتنظيم الإعلانات على أن الشارع ولئن حظر إقامة أي إعلان بدون ترخيص إلا أنه جعل من مخالفة هذا الحظر جريمة يحال مرتكبها إلى المحكمة المختصة التي توقع جزاء جنائيا على المخالف وتقضي بإزالة الإعلان، وأن القانون المشار إليه لم يخول الجهة الإدارية الحق في إزالة الإعلان بالطريق الإداري إلا إذا كان الإعلان مقاما على أحد المباني العامة على وفق ما حددته حصرا المادة (5) من ذلك القانون، وأنه مادام الإعلان محل التداعي جرت إقامته على سطح إحدى العمارات الخاصة فإنه لا يحق للجهة الإدارية إزالته بالطريق الإداري، وإنما عليها أن تحيل المخالف إلى الجهة القضائية المختصة، وهو الأمر الذي يكون معه القرار المطعون عليه بإزالة الإعلان مخالفا لأحكام القانون. أما بالنسبة لطلب التعويض فقد أشارت المحكمة إلى أن الثابت من الأوراق أن الإعلان جرت إقامته بدون ترخيص بما يتوافر معه في حق المدعي مخالفة القانون بشأن إقامة هذا الإعلان بدون ترخيص، فلا يترتب له أصل حق في التعويض، وعليه خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم المطعون عليه.
………………………………………………………………………………..
ولم ترتض الجهة الإدارية ذلك القضاء فيما يتعلق بإلغاء قرار إزالة الإعلان، فأقامت الطعن الماثل ناعية على الحكم المطعون عليه مخالفته أحكام القانون استنادا إلى أن الجهة الإدارية لم تصدر قرارها بإزالة الإعلان استنادا لكونه أقيم بدون ترخيص، وإنما على سبب آخر لم تذكره، والقانون لا يلزم الجهة الإدارية بتسبيب قراراتها، والقرار قد يحمل على أكثر من سبب، مثل كون الإعلان من شأنه أن يعرض حياة السكان أو العقار للخطر، ومن ثم فإن الحكم قد أهدر قرينة السلامة المفترضة في القرار الإداري. وخلصت الجهة الإدارية إلى طلباتها المتقدم ذكرها .
………………………………………………………………………………..
ومن حيث إن المادة (2) من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات تنص على أنه: “لا يجوز مباشرة الإعلان إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من السلطة المختصة…”.
وتنص المادة (5) من هذا القانون على أنه: “يحظر مباشرة الإعلان على:
أ- المباني الأثرية ودور العبادة والأسوار المحيطة بها.
ب- أملاك الدولة العامة.
ج- المباني أو أجزاء المباني التي تكون مخصصة لخدمة عامة تباشرها الحكومة أو الهيئات العامة الإقليمية أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة.
د- النصُب والتماثيل المقامة على أرض مخصصة للمنفعة العامة وقواعدها والمنتزهات والأرصفة والأسوار المحيطة بها.
هـ – المنشآت والأعمدة والأجهزة وغيرها من التركيبات المخصصة لخدمة عامة والمقامة على أرض مخصصة للمنفعة العامة…”.
كما تنص المادة (8) من ذلك القانون على أن: “كل من باشر إعلانا أو تسبب في مباشرته بالمخالفة لهذا القانون… يعاقب بغرامة لا تقل عن جنيه واحد ولا تجاوز عشرة جنيهات…
وفي جميع الأحوال يقضي بإزالة الإعلان وبإلزام المخالف برد الشئ إلى أصله وبأداء ضعف الرسوم المقررة على الترخيص. …
وكل إعلان مخالف للمادة الخامسة أو من شأنه إعاقة حركة المرور أو تعريض سلامة المنتفعين بالطريق أو السكان أو تعريض الممتلكات للخطر أو تشويه جمال المدينة أو تنسيقها أو المساس بالآداب العامة أو بالعقائد الدينية يجوز للسلطة المختصة إزالته فورا بالطريق الإداري على نفقة المخالف، وتحصيل نفقات الإزالة بطريق الحجز الإداري”.
ومن حيث إنه يبين من النصوص السالف بيانها أن الشارع حظر بشكل مطلق إقامة أي إعلان على المباني الأثرية ودور العبادة وأملاك الدولة العامة أو المنشآت والمباني الحكومية أو تلك المخصصة للمنفعة العامة، ويشمل الحظر الأرصفة والأسوار المحيطة بهذه المنشآت المحددة حصرا بالمادة (5) من قانون تنظيم الإعلان، فإذا أقيم إعلان بالمخالفة لهذا الحظر فإن الجهة الإدارية تملك إحالة المخالف إلى القضاء لتوقيع العقوبة الجنائية عليه والحكم بإزالة المخالفة، كما تملك إزالة المخالفة بالطريق الإداري وتحصيل نفقات الإزالة بالطريق الإداري .
أما بالنسبة للإعلانات التي تقام في أو على غير المنشآت المنصوص عليها في المادة (5) من القانون المشار إليه، وهي المنشآت الخاصة، فقد حظر الشارع إقامة هذه الإعلانات دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة، وفي حالة مخالفة هذا الحظر فإن الجهة لا تملك سوى إحالة المخالف إلى القضاء ليحكم بالإضافة إلي العقوبة الجنائية بإزالة الإعلان، ولا تملك الجهة الإدارية في هذه الحالة إزالة الإعلان بالطريق الإداري، إلا إذا ترتب على الإعلان الإخلال بجمال المدينة وتنسيقها، أو كان من شأن الإعلان المساس بالآداب العامة أو العقائد الدينية، أو تعريض سلامة السكان أو المنتفعين بالطريق أو الممتلكات للخطر، أو إعاقة حركة المرور .
ومن حيث إنه يتعين لصحة القرار الإداري أن يكون قائما على سبب يبرره قانونا، وركن السبب في القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تحمل الإدارة على التدخل بمقتضى سلطتها الآمرة بقصد إحداث أثر قانوني تبتغي به وجه المصلحة العامة، ومن ثم فإنه يتعين لصحة قرار الجهة الإدارية بإزالة الإعلانات المقامة على المنشآت الخاصة بدون ترخيص بالطريق الإداري أن تتوافر أي من الحالات المبررة لاستخدام الجهة الإدارية سلطتها في هذا الشأن، بأن يكون الإعلان معرضا سلامة المواطنين للخطر أو مسيئا إلى جمال المدينة أو متعارضا مع الآداب العامة أو العقائد الدينية، وإلا كان القرار غير قائم على سببه المبرر له قانونا .
-ومن حيث إنه صدر قرار حي مدينة نصر رقم 2 لسنة 1996 ناصا على أن يزال بالطريق الإداري شاسيه إعلاني أعلى سطح العقار رقم 22 شارع محمود سامي البارودي خاص بمستشفى …، وقد خلت الأوراق مما يفيد توافر الحالة القانونية والواقعية المبررة لإصدار هذا القرار على هدي من أحكام قانون تنظيم الإعلانات المشار إليه، ولم تفصح الجهة الإدارية أو تبين السبب القانوني المبرر لإصدارها القرار المطعون عليه، سواء أمام المحكمة الصادر عنها الحكم المطعون عليه أو أمام المحكمة الإدارية العليا، وقصرت دفاعها على أن الجهة الإدارية ليست ملزمة بتسبيب قراراتها، وغفلت عن أن الجهة الإدارية ولئن كانت غير ملزمة بتسبيب قراراتها كإجراء شكلي ضمن صياغة القرار لكن ذلك لا يعني أن القرار الإداري يصح بدون سبب؛ إذ السبب ركن من أركان القرار الإداري، ولا وجود للقرار الصحيح بدونه .
ومن حيث إنه ولما كان ذلك وكانت الجهة الإدارية قد أصدرت قرارها بإزالة الإعلان محل المنازعة بالطريق الإداري في غير الحالات التي تبرر لها ذلك، الأمر الذي يغدو معه القرار المطعون عليه مخالفا لأحكام القانون .
ومن حيث إنه وإذ ذهب الحكم المطعون إليه إلى ذات المذهب، فإن الطعن الماثل يغدو غير قائم على صحيح سنده من القانون .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بمقتضى المادة 184 من قانون المرافعات .
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .