جلسة 12 من فبراير سنة 2009
(الدائرة الثامنة)
الطعن رقم 3229 لسنة 51 القضائية عليا.
انعقاد الخصومة- إعلان- حضور محامٍ عن الخصم يكفي لانعقاد الخصومة ولو لم يعلن بتاريخ الجلسة.
طوائف خاصة من العاملين– عاملون سودانيون فى خدمة الحكومةالمصريةبالسودان- مدى انتفاعهم بالمزايا المالية المقررة لزملائهم المصريين.
رعاية من المشرع للعاملين من مواطني السودان الذين يعملون في خدمة الحكومة المصرية بمصر قرر معاملتهم ذات معاملة الموظف المصري، وساوى بينهم في شئون التوظف والمعاشات والمكافآت- قرر المشرع كذلك منح العاملين المصريين بالمصالح المصرية بالسودان مرتباتهم التي يتقاضونها في مصر بالإضافة إلى ما يتقاضونه بالسودان- يقتصر تطبيق ذلك على المصريين العاملين في السودان فقط، ولا يمتد إلى السودانيين العاملين بالمصالح المصرية بالسودان- تطبيق.
في يوم الخميس الموافق 23/12/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 3229 لسنة 51 ق0 عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري –الدائرة السابعة- بجلسة 25/10/2004 في الدعوى رقم 6937 لسنة 54 ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بأحقية المدعين من الأول حتى السادس والثاني عشر والثالث عشر والثامن عشر والعشرين والثاني والعشرين (وهم المطعون ضدهم في الطعن الماثل) في صرف الزيادة في البدلات المطلوبة بنسبة 50 % اعتبارا من 1/8/1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن– للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
ولم يثبت من الأوراق إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهم إلا أنه حضر وكيل عنهم.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها من الدائرة الثامنة فحص بجلسة 7/2/2008 وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 23/10/2008 أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وبجلسة 8/1/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29/1/2009 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص-حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 31/7/1997 أقام المطعون ضدهم وآخرون الدعوى رقم 91 لسنة 44 ق بإيداع عريضتها ابتداء قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المالية، طلبوا في ختامها الحكم بأحقيتهم في زيادة البدلات التى يتقاضونها في عملهم بالري بواقع 50 % شأن أقرانهم المصريين اعتبارا من 25/7/1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات.
وقالوا شرحا لدعواهم: إنهم سودانيو الجنسية، وأعضاء الهيئة النقابية لعمال القنال بالري المصري بجمهورية السودان، ويعاملون معاملة زملائهم المصريين العاملين بالسودان فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بشئون التوظف والمعاشات والمكافآت وفقا لأحكام القانون رقم 283 لسنة 1960 الموجودين بالخدمة في 5/7/1980، ومن ثم يستحقون زيادة البدلات التى يتقاضونها بواقع 50 % أسوة بزملائهم المصريين العاملين بالسودان، إلا أن الجهة الإدارية قصرت صرف الزيادة في البدلات على المصريين بالبعثة التعليمية بالسودان، دون العاملين فيها من السودانيين، دون سند من القانون، الأمر الذي حداهم على إقامة دعواهم.
وبجلسة 7/2/2000 قضت المحكمة الإدارية لوزارة المالية بـ: أولا: بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى بالنسبة للمدعين الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والثاني عشر والثامن عشر والعشرين والثاني والعشرين، وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، ثانيا: بالنسبة لباقي المدعين بأحقيتهم في صرف الزيادة المطلوبة.
ونفاذا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري –الدائرة السابعة– بالنسبة للمطعون ضدهم وقيدت بجدولها برقم 6937 لسنة 54 ق- محل الطعن الماثل- وتدوول نظرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/10/2004 أصدرت حكمها المطعون فيه، ويقضي بأحقية المدعين من الأول حتى السادس والثاني عشر والثالث عشر والثامن عشر والعشرين والثاني والعشرين (المطعون ضدهم) في صرف الزيادة في البدلات المطلوبة بنسبة 50 % اعتبارا من 1/8/1992 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت قضاءها على أساس أن مواطني السودان العاملين بالري المصري بالسودان يخضعون لذات قوانين التوظف والمعاشات والمكافآت وكذا البدلات المقررة للعاملين المصريين بالسودان، ومن ثم فإن أية زيادة تطرأ على أي من المرتبات أو المعاشات أو البدلات التى يتقاضونها يتعين تقريرها لهم، دون تفرقة في هذا الشأن بين العامل المصري والعامل السوداني ممن يعملون بالسودان، مادام قد توافر مناط استحقاق هذه الزيادة, وانتهت إلى إصدار حكمها المطعون فيه.
وحيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله؛ ذلك أن الجهة الإدارية قد قررت الزيادة في نسبة البدل للعاملين المصريين الذين ينتدبون للعمل بالسودان، ولم تشمل هذه الزيادة العاملين السودانيين المعاملين بقوانين التوظف المصري؛ لأنهم يقيمون داخل وطنهم الأصلي، الأمر الذي ينتفي معه مناط استحقاق هذه الزيادة، وليس في ذلك تفرقة بين العامل المصري والعامل السوداني كما انتهى الحكم المطعون فيه؛ لأن الجهة الإدارية لها سلطة تقديرية في سن هذه الزيادة ولمن تشاء من العاملين بها. ومن ثم لا يستحق المطعون ضدهم صرف هذه الزيادة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 283 لسنة 1960 بشأن معاملة مواطني الجمهورية السودانية الذين يعملون في خدمة الحكومة معاملة من يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة تنص على أن: “يعامل مواطنو الجمهورية السودانية الذين يعملون في خدمة الحكومة في أول يناير 1956 وكذلك الذين يوجدون في الخدمة عند العمل بأحكام هذا القانون معاملة من يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة، وذلك فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بشئون التوظف والمعاشات والمكافآت”.
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1977 بشأن منح بعض العاملين بالسودان مرتباتهم في مصر بالإضافة إلى ما يتقاضونه بالسودان على أن: “تمنح المرتبات المستحقة في مصر بالإضافة إلى المبالغ التى تصرف في السودان خصما من مقررات الباب الأول للعاملين المنصوص عليهم فيما يأتي:
وتنص المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1967 في شأن بدل السودان وإعانة غلاء المعيشة وبدل سكن للعاملين بالسودان المعدل بالقرار رقم 349 لسنة 1980 على أن: “…كما تصرف البدلات المشار إليها لمن سبق نقله من العاملين بمصر من مواطني جمهورية السودان الديموقراطية إلى التفتيش العام للري المصري بالسودان، أو إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم، أو إلى البعثة التعليمية المصرية بالسودان، بشرط أن يكون موجودا بالخدمة وقت صدور هذا القرار”. وقد نشر هذا القرار في 5/7/1980.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع رعاية منه للعاملين من مواطني السودان الذين يعملون لخدمة الحكومة المصرية قرر معاملة هؤلاء العاملين معاملة المصريين في شأن أحوال التوظف والمعاشات والمكافآت، كما قرر صرف هذا البدل للعاملين السودانيين الذين تقرر نقلهم سواء إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم أو إلى البعثة التعليمية المصرية بالسودان أو إلى التفتيش العام للري المصري بالسودان، واشترط لاستحقاق هذه البدلات أن يكون العامل موجودا بالخدمة في 5/7/1980.
ومن حيث إن البين من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 283 لسنة 1960 سالف الذكر أن المعاملة التى يقصدها القانون المذكور هي معاملة الموظف السوداني الذي يعمل بوزارات الحكومة ومصالحها في مصر معاملة المصري، إلا أن هذا القانون لا يعالج وضع الموظف السوداني الذي يعمل في المصالح المصرية بالسودان، كما أن القانون المذكور ساوى بين الموظفين المصريين والسودانيين في شئون التوظف والمعاشات والمكافآت، ولم يتطرق إلى البدلات.
كما وأن البين من تقرير لجنة القوى العاملة عن مشروع القانون رقم 17 لسنة 1977 وكذلك من المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور أن القانون سالف الذكر صدر لمعالجة صغر المرتبات الممنوحة للعاملين المصريين بالسودان بالمقارنة مع العاملين هناك من الدول العربية الأخرى، فقرر منحهم مرتباتهم بالداخل في مصر، بالإضافة إلى ما يتقاضونه في السودان، ومؤدى ذلك أن القانون سالف الذكر مقصور تطبيقه على المصريين العاملين بالسودان والذين ورد ذكرهم في القانون المذكور، ولا يمتد إلى السودانيين العاملين بالمصالح المصرية بالسودان.
ومن حيث إن الأصل أن المزايا التى تقررت بالأحكام القانونية السابقة مقصورة على المصريين دون غيرهم، وأن المشرع حينما أراد مد هذه المزايا إلى الموظفين السودانيين قرر ذلك صراحة بنص استثنائي، حينما قضى بانتفاعهم بالمزايا الواردة في قرار رئيس الجمهورية رقم 349 لسنة 1980 بتعديل القرار رقم 352 لسنة 1967 لمن نقل منهم من مصر إلى السودان.
ومن حيث إن اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية قد أوصت بجلستها بتاريخ 11/1/1984 -لدى نظر الدراسة الخاصة بآثار قرار السلطات السودانية بتعويم صرف الجنيه السوداني في مواجهة العملات الأجنبية، وانعكاس ذلك على العمالة المصرية بالسودان- أن يعوض المصريون الذين يعملون بالسودان والذين تتحمل الحكومة مرتباتهم، عن طريق زيادة البدلات التى يتقاضونها بواقع 50 % وذلك اعتبارا من أول يوليو 1984؛ فالمشرع رعاية منه للرعايا المصريين الذين يعملون بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وأعضاء البعثة االتعليمية المصرية بالسودان والعاملين بالري المصري بالسودان الخاضعين لأحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة ونظام العاملين بالقطاع العام قرر منحهم بعض المزايا المادية لمجابهة أعباء المعيشة إبان عملهم خارج الوطن بجمهورية السودان، وقصر صرفها على هؤلاء الرعايا فقط، ولا تمتد هذه الميزة لتشمل غيرهم من مواطني الجمهورية السودانية العاملين بالمصالح المصرية بالسودان.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم سودانيو الجنسية وأعضاء الهيئة النقابية لعمال القنال بالري المصري بجمهورية السودان، وكان المشرع رعاية منه للرعايا المصريين الذين يعملون بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وأعضاء البعثة التعليمية المصرية بالسودان والعاملين بالري المصري بالسودان قرر أن يعوضهم عن طريق زيادة البدلات التى يتقاضونها بواقع 50 % وذلك اعتبارا من أول يوليو 1984، وقصر صرفها على الرعايا المصريين فقط دون غيرهم من مواطني الجمهورية السودانية العاملين بالمصالح المصرية بالسودان، ومن ثم ينتفي بشأن المطعون ضدهم مناط استحقاق الزيادة في البدل المطالب به، وتكون دعواهم والحال على ما تقدم مفتقدة لسندها القانوني متعينة الرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانبه الصواب وواجب الإلغاء.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض دعوى المطعون ضدهم، وألزمتهم المصروفات عن درجتي التقاضي.