جلسة 22 من فبراير سنة 2009
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 7071 لسنة 52 القضائية عليا.
شئون الأعضاء– واجبات الوظيفة- واجب أداء العمل وفقا للتنظيم القانوني والإداري الموضوع- أثر توجيه الملحوظة الفنية للعضو في ترقيته.
الملحوظات الفنية لا تعدو أن تكون رصدا لواقع أو تصرف أو مسلك يتنافى مع التعليمات والقواعد التى يتعين الالتزام بها- ينبغي لموجهها باعتباره سلطة أعلى فى مدارج السلم الوظيفي، وبما له من سلطة الرقابة والتوجيه والمتابعة توجيه نظر من صدرت إليه بما يتعين عليه اتباعه، وما يصدر عنه عند ممارسة اختصاصات وظيفته، وما يتعين عليه النأي عنه فى سلوكه؛ وذلك حرصا على حسن سير العمل؛ لذلك فإن من المقبول بل من الضرورى أن تقوم الجهات الرئاسية بالرقابة على أداء العمل ومباشرته ضماناً للوفاء بمقتضيات الأداء والتأكد من قيام صاحب الاختصاص بالاختصاصات المحددة له قانوناً وفقاً للتنظيم الإداري الموضوع– إذا ما باشر الرئيس المختص سلطته فى الرقابة والتوجيه لمرءوسه والتزم الأخير بما يوجه إليه من ملحوظات وسار على هداها؛ فقد تحقق الهدف من تلك الملحوظات، وكان من العدالة ألا يترتب عليها المساس بكفايته الفنية التى ارتقى إليها عندئذ.
شئون الأعضاء- تخطٍ في الترقية- ثبوت أهلية العضو في الترقية إلى درجة (مستشار) يمنع إعادة النظر في الوقائع السابقة على هذه الترقية عند ترقيته إلى درجة (وكيل).
إذا ثبتت أهلية عضو الهيئة لشغل وظيفة (مستشار) فلا يجوز معاودة النظر فى الوقائع السابقة على ترقيته لهذه الوظيفة، واتخاذها عنصرا من عناصر الموازنة والترجيح عند تقدير أهليته للترقية لوظيفة (وكيل)– أساس ذلك: أن ترقيته إلى درجة (مستشار) قد جبَّت ما هو سابق عليها من ملحوظات فنية ومحت آثارها- تطبيق.
في يوم الخميس الموافق 22/12/2005 أودع الأستاذ / … المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 7071 لسنة 52 ق. عليا، طلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2005 الصادر بتاريخ 8/8/2005 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى درجة وكيل بهيئة قضايا الدولة، وبأحقيته في الترقية لهذه الدرجة من تاريخ اعتماد المجلس الأعلى للهيئة لحركة الترقيات على أن يكون تاليا للمستشار/… وسابقاً على المستشارة/ …، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2005 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة وكيل هيئة قضايا الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وعينت لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 8/4/2007، وبالجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 16/12/2007 قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة بدفاعه أشار فيها إلى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2007 بترقيته إلى درجة وكيل هيئة قضايا الدولة بتاريخ 16/8/2007، وطلب في ختامها الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل، وأرفق به صورة ضوئية من عدد الجريدة الرسمية العدد 33 تابع في 16 من أغسطس 2007 المنشور فيه القرار رقم 264 لسنة 2007 المشار إليه، وبجلسة 14/12/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات الطعن –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 8/8/2005 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2005 متضمناً في المادة الثانية تخطي الطاعن في الترقية إلى درجة وكيل بهيئة قضايا الدولة، وقد استندت الجهة في إصدارها القرار المطعون فيه إلى الثابت من مذكرة التعريف الخاصة بالطاعن والتي عرضت على الجمعية العمومية للهيئة، ومن ثم على المجلس الأعلى للهيئة أن الطاعن حصل على خمسة تقارير بدرجة متوسط في التفتيش على أعماله في فترات مختلفة، وتظلم منها ورفضت تظلماته ووجد بها العديد من التنبيهات والملحوظات الفنية التي وجهت إليه، وتم تخطيه في الترقية ثلاث مرات، ومن ثم فلا وجه للنعي على مسلك المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة بتخطي الطاعن في الترقية لدرجة وكيل بالهيئة، لاسيما وأن المجلس يتمتع بسلطة تقديرية بشأن تقدير مدى صلاحية المرشح في الترقية لدرجة (نائب رئيس) و (وكيل) بالنسبة للذين ترشحهم الجمعية العمومية.
فتظلم الطاعن من هذا القرار في 4/10/2005 إلى رئيس هيئة قضايا الدولة، ولم يلق رداً على تظلمه مما حداه على إقامة طعنه الماثل بغية الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأسباب حاصلها:
أنه تتوافر فيه جميع الشروط المتطلبة للترقية، وأن جميع تقارير التفتيش عن أعماله خلال فترة عمله طيبة، وأن الملحوظات التي وجهت إليه لا تعد مانعاً عن الترقية.
أنه يتساوى مع من تمت ترقيتهم في المراكز القانونية، ولا يوجد ما يمنع من ترقيته لتلك الوظيفة.
الملحوظة الفنية أو الإدارية ليست من قبيل العقوبات التأديبية ولا تنال من جدارة الطاعن ولا من أهليته.
أن الطاعن حاصل على تقدير كفاية بمرتبة فوق المتوسط في التفتيش الأخير على أعماله والسابق على القرار المطعون فيه.
القرار المطعون فيه مشوب بالانحراف بالسلطة لأنه تضمن تخطي الطاعن في الترقية دون سبب على الرغم من عدم وجود أية موانع تحول بينه وبين ترقيته.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة، وعليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح وما تستنبطه من واقع الحال فيها، وملابساتها، وذلك دون أن تتقيد -في هذا الصدد- بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب.
ومن حيث إنه وإن كان الطاعن أقام طعنه وطلب في ختام صحيفته الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2005 الصادر بتاريخ 8/8/2005 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل لهيئة قضايا الدولة وبأحقيته في الترقية لهذه الدرجة، إلا أنه قدم مذكرة بجلسة 16/12/2007 أشار فيها إلى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2007 الصادر في 16 من أغسطس 2007 متضمناً في مادته الثانية تعيينه وكيلاً لهيئة قضايا الدولة، ومن ثم فإن حقيقة طلبات الطاعن هي رد أقدميته في هذه الدرجة الوظيفية إلى تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية في 18/8/2005، ومهما يكن من تمسك الطاعن في مذكرته بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل للهيئة المذكورة؛ فإنه من المسلم أن المحكمة لا تتقيد بهذا التكييف، وعليها دائماً أن تعطي طلبات الطاعن الوصف القانوني السليم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل وظيفة مستشار بالهيئة اعتباراً من 28/5/2002 وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2005 متضمناً تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل استنادا إلى ما تضمنه التعريف الذي وضع عنه بمناسبة النظر في ترقيته إلى تلك الوظيفة من ملاحظات وجهت إليه قبل ترقيته لوظيفة مستشار، وتلك التي وجهت إليه بعد ترقيته لوظيفة مستشار، وتتمثل في ملحوظتين الأولى: ملحوظة فنية في 15/3/2004 لما ثبت في حقه في التحقيق رقم (250/7/115/2003) أنه لم يقم بترحيل القضايا عقب كل جلسة، ولم يوضح ما تم بشأنها، كما قعد عن تقديم المستندات في ثلاث قضايا رغم ورودها من الجهة الإدارية قبل الجلسة، أما الملحوظة الفنية الأخرى فهي في 8/6/2004 لما ثبت في حقه في التحقيق رقم (250/7/19/2004) من أنه لم يقم بمباشرة اختصاصه على الوجه الأكمل، واكتفى بما قدمه سلفه من دفاع في قضيته رغم كون هذا الدفاع غير كافٍ للرد على موضوع الدعوى، ولم يقم بالتعليق على تقرير هيئة مفوضي الدولة في الدعوى الثانية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المسلم به أن الملاحظات الفنية لا تعدو أن تكون رصداً لواقع أو تصرف أو مسلك يتنافى مع التعليمات والقواعد التي يتعين الالتزام بها، وينبغي لموجهها باعتباره سلطة أعلى في مدارج السلم الوظيفي وبما له من سلطة الرقابة والتوجيه والمتابعة توجيه نظر من صدرت إليه بما يتعين عليه اتباعه، وما يصدر عنه عند ممارسة اختصاصات وظيفته، وما يتعين عليه النأي عنه في سلوكه؛ وذلك حرصاً على حسن سير العمل، وهو أمر تفرضه أصول التنظيم الإداري والتدرج في المستوي الوظيفي والمسئولية في جميع الأجهزة الإدارية والقضائية؛ لذلك فإنه من المقبول –بل من الضروري– أن تقوم الجهات الرئاسية بالرقابة على أداء العمل ومباشرته ضماناً للوفاء بمقتضيات هذا الأداء، والتأكد من قيام صاحب الاختصاص باختصاصاته المحددة له قانوناً أو وفقا للتنظيم الإداري الموضوع، فإذا ما باشر الرئيس المختص سلطته في الرقابة والتوجيه لمرءوسه، والتزم الأخير بما يوجه إليه من ملاحظات وسار على هداها، ولم ينحرف عن جادة الصواب؛ فقد تحقق الهدف من تلك الملاحظات، وكان من العدالة ألا يترتب عليها المساس بكفاءته الفنية التي ارتقى إليها عندئذ.
ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد رقي لدرجة مستشار بالهيئة اعتباراً من 28/5/2002، ومن ثم فإن أهليته لشغل هذه الوظيفة بعناصرها المختلفة تكون قد ثبتت له، وأصبح مستحقاً لها، ومن ثم فإن هذه الأهلية تعتبر باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زملائه الذين يلونه في الأقدمية في الوظيفة المذكورة، ومقتضى ذلك ولازمه عدم معاودة النظر في الوقائع السابقة على ترقيته لوظيفة مستشار واتخاذها عنصراً من عناصر الموازنة والترجيح عند تقدير أهليته للترقية لوظيفة وكيل هيئة، وبهذه المثابة فإنه لا يسوغ الاستناد إلى الملحوظات التي وجهت إلى الطاعن قبل ترقيته إلى وظيفة مستشار بالهيئة في 28/5/2002 وبالتالي فقد جَبَّت ترقيتُه الملحوظة الفنية السابقة عليها ومحت أثرها بحيث لا يتأتي مؤاخذته عنها مرة ثانية، ويكون ما استندت إليه الجهة الإدارية في هذا الخصوص لتخطي المذكور في الترقية لوظيفة وكيل هيئة قضايا الدولة، قد استخلص استخلاصاً غير سائغ، لا يفضي إلى النتيجة التي انتهت إليها، بالإضافة إلى أن الملحوظتين اللتين وجهتا للطاعن بعد ترقيته إلى وظيفة مستشار بالهيئة لا تنهضان سبباً قانونياً يبرر تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل بالهيئة المطعون ضدها، فيكون القرار المطعون فيه تبعاً لذلك مخالفاً لأحكام القانون متعيناً الإلغاء.
ولما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 264 لسنة 2007 متضمناً في مادته الثانية تعيين الطاعن وكيلاً لهيئة قضايا الدولة، وكان القرار المطعون فيه قد جانبه الصواب وصحيح القانون، واجب الإلغاء، فمن ثم يتعين رد أقدمية الطاعن إلى 18/8/2005 تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإرجاع أقدمية الطاعن في وظيفة وكيل هيئة قضايا الدولة إلى 18/8/2005 تاريخ صدور القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.