جلسة 29 من مارس سنة 2009
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 2912 لسنة 46 القضائية عليا.
شئون الضباط– الإحالة إلى الاحتياط- شروطها.
المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971.
خول المشرع وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إحالة الضابط دون رتبة اللواء إلى الاحتياط، متى رأى ضرورة ذلك- يجب أن تتوافر حالة ضرورة قوامها أسباب جدية أي حقيقية وواقعية بلغت حدا من الجسامة تجعل من استمرار الضابط في شغل الوظيفة مساسا بالمصلحة العامة- نظرا لما يمثله هذا الإجراء من خطورة على الحياة الوظيفية للضابط، حيث تترخص جهة الإدارة فى إبعاده عن سلك الشرطة دون حاجة إلى تحقيق أو إحالة إلى مجلس تأديب؛ فقد تشدد المشرع فى سلوك هذا الطريق، فاشترط له الضرورة والأسباب الجدية المبررة له والمصلحة العامة التى بات مسلك الضابط يهددها، فإذا لم تقم في شأن الضابط هذه الاعتبارات، وكان ما قارفه لا يخرج عن كونه مخالفة لمقتضيات الواجب الوظيفي يمكن ردعها بسلوك طريق التأديب، افتقد قرار الإحالة للاحتياط مناطه ومقوماته- لا ينبغي أن يتخذ المرض سببا يرتفع إلى مصاف الضرورة الدافعة إلى إبعاد الضابط عن جهاز الشرطة– تطبيق.
في يوم الثلاثاء الموافق 15/2/2000 أودع الأستاذ/ … عضو هيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 3394 لسنة 6 ق بجلسة 19/12/1999 القاضي بوقف تنفيذ القرار الصادر بإحالة المدعي للاحتياط، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون استناداً إلى ما ورد بتقرير الطعن من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وبعد إحالته من دائرة فحص الطعون إلى هذه المحكمة جرى تداول الطعن أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/1/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/3/2009 وفيها قررت إتماماً للمداولة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وضربت للمذكرات أجلاً لم تقدم خلاله، وبالجلسة المحددة للحكم صدر، وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطعن الماثل– في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3394 لسنة 6 ق أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا طلباً للحكم بإلغاء قرار عدم احتساب المدة من 11/5/1998 حتى 29/5/1998 إجازة مرضية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وأثناء تداول الدعوى أمام المحكمة أضاف إلى دعواه طلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 715 لسنة 1999 فيما تضمنه من إحالته للاحتياط اعتباراً من 6/7/1999، وذلك على سند من صدور هذا القرار مشوباً بإساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون.
وبجلسة 19/12/1999 أصدرت المحكمة حكمها المتقدم، وشيدت قضاءها بعد استعراض نص المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 على أن القرار المطعون فيه رقم 715 لسنة 1999 قد تضمن إحالة المدعي للاحتياط للمصلحة العامة اعتباراً من 6/7/1999 دون أن يشير إلى أن ثمة أسباباً جدية قد ارتكن عليها سوى جملة (المصلحة العامة)، وهي جملة فضفاضة لا تعني أن ثمة وقائع محددة أسندت إلى المدعي تثبت وجود حالة الضرورة التي تبرر الإحالة إلى الاحتياط، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سبب قانوني يبرره مما يدمغه بالبطلان ومخالفة القانون مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، كما أن من شأن استمرار تنفيذ القرار الإساءة إلى سمعة المدعي وحرمانه من مباشرة وظيفته وحرمانه من مصدر رزقه الأساسي هو وأسرته مما يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها، بما يتوافر معه ركن الاستعجال، ويكون طلب وقف التنفيذ قد استقام على ركنيه مما يتعين معه إجابة المدعي إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن الثابت من مذكرة الإدارة العامة للتفتيش والرقابة للوجه البحري الخاص بتقييم موقف المطعون ضده أنه دائم الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي، وقد ارتكب العديد من المخالفات السلوكية والإدارية والانضباطية التي جوزي عنها بثلاثة وخمسين جزاء بين الإنذار والخصم من المرتب والوقف عن العمل بموجب قرار مجلس التأديب الابتدائي في الدعوى رقم 33 لسنة 1989، ولما نسب إليه من خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات لعدم قيامه بتسليم الطبنجة عهدته ومشتملاتها التي تسلمها عهدة شخصية من الإدارة العامة لقوات الأمن، فضلاً عما اتسم به أداؤه من السلبية واللامبالاة وعدم الحرص على الاحترام الواجب لكرامة الوظيفة التي ينتمي إليها، وكثرة إبلاغه بالمرض، وحصوله على إجازات مرضية جاوزت 2352 يوماً منذ سنة 1980، وبعدما ثبت عدم كفاية الجزاءات الموقعة عليه لردعه، وبات إهماله مهدداً للمصلحة العامة صدر القرار المطعون فيه مستوفياً كافة شرائطه وأركانه.
ومن حيث إن المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تنص على أن: “لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضابط -عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية- إلى الاحتياط، وذلك:
بناء على طلب الضابط أو الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة.
إذا ثبت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ولا يسري ذلك على الضابط من رتبة لواء.
ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين، ويعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العاملة… وتعتبر الرتبة التي كان الضابط يشغلها شاغرة بمجرد إحالته إلى الاحتياط”.
ومفاد النص المتقدم أن المشرع خول وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إحالة الضابط دون رتبة اللواء إلى الاحتياط متى رأى ضرورة ذلك، أي متى توافرت في شأنه حالة ضرورة قوامها أسباب جدية أي حقيقية وواقعية بلغت حداً من الجسامة تجعل من استمرار الضابط في شغل هذه الوظيفة مساساً بالمصلحة العامة، أي بما ينبغي لجهاز الشرطة من هيبة ووقار واحترام، وبحيث يشكل مسلك الضابط في هذا الشأن إهداراً لهذه الاعتبارات وذهابا بها، ونظراً لما يمثله هذا الإجراء من خطورة على الحياة الوظيفية للضابط حيث تترخص جهة الإدارة في إبعاده من سلك الشرطة طبقاً لهذا النص دون حاجة إلى تحقيق أو إحالة إلى مجلس تأديب، فقد تشدد المشرع في سلوك هذا الطريق فاشترط له الضرورة والأسباب الجدية المبررة له والمصلحة العامة التي بات مسلك الضابط يتهددها، فإذا لم تقم في شأن الضابط هذه الاعتبارات وكان ما قارفه لا يخرج عن كونه مخالفة لمقتضيات الواجب الوظيفي يمكن ردعه بسلوك طريق التأديب، افتقد قرار الإحالة للاحتياط مناطه ومقوماته.
ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان يشغل رتبة مقدم بمديرية أمن كفر الشيخ، وقد صدر قرار وزير الداخلية المطعون فيه رقم 715 لسنة 1999 بإحالته للاحتياط للمصلحة العامة اعتباراً من 6/7/1999، وإذ لم تقدم جهة الإدارة دواعي المصلحة العامة ومبرراته من ضرورة وأسباب جدية، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قائماً على غير أساس من الواقع والقانون، مما يصمه بمخالفة القانون ويذره مستوجب الإلغاء، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف محله، ويكون الطعن الماثل جديراً برفضه. دون أن يغير من ذلك ما ساقته الجهة الطاعنة في معرض نعيها على الحكم المطعون فيه من كثرة خروج المطعون ضده على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات، وما اتسم به سلوكه من سلبية ومن عدم حرص على الاحترام الواجب لكرامة الوظيفة؛ فذلك مردود بأن هذه الوقائع إن صحت فإن مقابلتها وعلاجها هو الجزاء التأديبي، وهو ما سلكته بالفعل جهة الإدارة الطاعنة على ما قررت بصحيفة الطعن، خاصة وأنها لم تذكر أسباباً مما يمكن أن ينعت بالضرورة المبررة لإبعاده عن جهاز الشرطة وقاية وحماية المصلحة العامة، وأما عن كثرة الإبلاغ بالمرض فإن جهة الإدارة ذاتها أقرت في ذات الوقت حصوله على إجازات مرضية عما أبلغ عنه، وما ينبغي أن يتخذ المرض من قبل الإدارة –والذي هو ابتلاء للمرء لا يملك له دفعا- مبرراً أو سبباً يرتفع إلى مصاف الضرورة الدافعة إلى إبعاد الطاعن عن جهاز الشرطة، خاصة إذا كان المرض بعذر حقاً وصدقاً.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته، عملا بحكم المادتين 184و 270 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الجهة الطاعنة المصروفات