جلسة 11 من أبريل سنة 2009
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 12647 لسنة 51 القضائية عليا.
قبولها- تعدد المدعين- يُقبَل تعدد المدعين إذا كانت لهم مصلحة واحدة بالنسبة للقرار المطعون فيه([1]).
تقادم ثلاثي- أثر صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص على تقادم الحق المطالب به- يسري التقادم على المبالغ التي سددت قبل أو بعد صدور الحكم([2]) .
المادة (377) من القانون المدني.
المادة (4) من القانون رقم (43) لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية.
قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية.
حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 36 لسنة 18 القضائية دستورية.
الأصل في الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة؛ إذ هي لا تســـتحدث جديدا، ولا تنشئ مراكزَ وأوضاعا لم تكن موجودة من قبل, بل إنها تكشف عن حكم الدستور أو القانون, الأمر الذي يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعي كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة- ترتيبا على ذلك: تكون القرارات الإدارية التي مصدرها نصوص تشريعية قضي بعدم دستوريتها فاقدة السند القانوني- الحكم بعدم دستورية نص مؤداه عدم تطبيق النص، ليس فى المستقبل فحسب، وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص- يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم- إذا كان الحق المطالب به قد انقضى بالتقادم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا انتفى بشأنه مجال إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية- لا وجه للقول إن التقادم لا يسري إلا بعد صدور الحكم بعدم دستورية النص؛ بحسبانه كان يشكل مانعا قانونيا من المطالبة بالحق؛ إذ لم يكن هناك ما يحول ماديا وقانونيا دون المطالبة به, وولوج طريق الطعن بعدم الدستورية من قبل ذوي الشأن حتى يتسنى لهم الحصول على ما يرونه حقا لهم- تطبيق.
في يوم الاثنين الموافق 9/5/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 12647 لسنة 51 القضائية عليا وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 698 لسنة 2 القضائية بجلسة 15/3/2005 القاضي في منطوقه: أولا– إثبات ترك ورثة المدعى الأول الخصومة في الدعوى وإلزامهم المصروفات. ثانيا: قبول الدعوى بالنسبة لباقي المدعين شكلا، وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي لهم المبالغ التي تم تحصيلها منهم كعمولة توزيع وفقاً لقرار محافظ الفيوم رقم 78 لسنة 1990 وتعديلاته وإلزامها المصروفات ومئة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعنان- للأسباب المبينة بتقرير الطعن- بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا: أولا- إثبات ترك المدعى الثاني عشر … الخصومة في الدعوى وإلزامه المصروفات, ثانيا- بالنسبة لباقي المدعين: أصليا بعدم قبول الدعوى لعدم وجود رابطة قانونية بين المدعين واحتياطيا برفض الدعوى، ومن قبيل الاحتياط الكلى بسقوط حق المدعين (المطعون ضدهم) فى المطالبة برد المبالغ محل التداعى بالتقادم الثلاثي.
وفى جميع الأحوال بإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات عن درجتي التقاضي. وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث تقدر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع حيث نظر على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المطعون ضدهم (المدعون) أقاموا الدعوى رقم 698 لسنة 2 القضائية قالوا فيها إنهم من أصحاب المخابز البلدية بمحافظة الفيوم وقد فوجئوا بصدور قرار محافظ الفيوم رقم 48 لسنة 1990 بفصل إنتاج الخبز عن التوزيع والقرارات المكملة والمعدلة رقمي 78 لسنة 1990 و 427 لسنة 1990 بتحصيل نسبة 5 % من قيمة إنتاج كل جوال دقيق بلدي حر كعمولة توزيع، ثم خفضت النسبة إلى 1 % بموجب القرار رقم 59 لسنة 1995، وظلوا يوردون هذه المبالغ إلى الجهة الإدارية المختصة حتى صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في عام 1998 بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية، وبسقوط الأحكام التي تضمنتها المادة الرابعة من قانون إصدار قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، فأقاموا دعواهم طالبين بطلان قرارات محافظ الفيوم المشار إليها وبإلزام الجهة الإدارية أن ترد إليهم ما تم تحصيله منهم من مبالغ بموجب هذه القرارات.
وبجلسة 15/3/2005 قضت محكمة القضاء الإداري بالحكم المتقدم بيانه وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن النصوص التي استندت إليها قرارات تحصيل العمولة المطعون فيها قد قضى بعدم دستوريتها بجلسة 3/1/1998 بالحكم الصادر في الدعوى رقم 36 لسـنة 18 ق دســـتورية عليا ومن ثم يكــــون تحصيل هذه العمـــولة بالقرارات المطعون فيها قد تم بالمخالفة لصحيح حكم القانون مما تقضي معه المحكمة بإلزام الجهة الإدارية برد ما سبق تحصيله من المدعين من مبالغ استناداً لهذه القرارات.
ومن حيث إن الطعن الماثل بني على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله على الوجه الآتي:
أولا- قبِل الحكم المطعون فيه الدعوى بالنسبة للمدعي الثاني عشر رغم أن المحامى الحاضر عنه قرر بجلسة 18/5/2004 بالتنازل عن الدعوى وقدم سند وكالة المحامى الأصيل الذى يبيح له التنازل والتفتت المحكمة عن إثبات ترك المدعي الخصومة.
ثانيا- قبلت المحكمة الدعوى بالنسبة لباقى المدعين رغم أنه لا تربطهم رابطة قانونية واحدة, ولا مركز قانونى واحد حيث يطالب كل واحد منهم برد ما سبق تحصيله منه كعمولة توزيع خبز, وهى مبالغ تختلف من مخبز إلى آخر بحسب الحصة المقررة لكل مخبز وتاريخ مباشرته للنشاط.
ثالثا- قضت المحكمة للمدعين بطلباتهم رغم أنهم لم يقدموا أية إيصالات بالمبالغ المطلوب استردادها أو أي دليل على صحة أدائهم لهذه المبالغ.
رابعا- أغفلت المحكمة إعمال قاعدة التقادم الثلاثى والحكم بانقضاء الحق فى المطالبة بالمبالغ التى تم سدادها قبل تاريخ 3/1/1995 والتى سقط الحق فى استردادها بالتقادم الثلاثى قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه فى 3/1/1998.
ومن حيث إن أسباب الحكم المطعون فيه تضمنت الرد الكافى على الوجهين الأول والثانى من وجوه الطعن إذ تضمنت هذه الأسباب أن الحاضر عن المدعى الثانى عشر الأستاذ/ … المحامى قرر بتنازله عن الدعوى إلا أنه تبين للمحكمة بالاطلاع على سند الوكالة المقدم منه تبين أنه قد صدر لمحامٍ آخر, فطلبت المحكمة من الحاضر عن المدعى الثانى عشر تقديم سند وكالته فطلب إمهاله أجلا لتقديمه, وتأجلت الدعوى أكثر من مرة لهذا السبب, إلا أنه لم يقدمه الأمر الذى حدا المحكمة على الالتفات عن طلب ترك الخصومة بالنسبة لهذا المدعى, وهو قضاء سديد فى ضوء ما أثبت بمحضر الجلسة فى هذا الخصوص والذى خلا من الإشارة أن المحامى الحاضر عن المدعى الثانى عشر يحضر عن محام آخر, كما أن ما انتهى إليه الحكم من أن المدعين يملكون مخابز بمحافظة الفيوم وأن عمولة التوزيع التى قاموا بسدادها استندت إلى ذات القرارات الصادرة عن محافظ الفيوم فتكون لهم مصلحة واحدة فى إقامة دعواهم هو قضاء بصحيح حكم القانون ولا مطعن عليه فى هذا الخصوص.
ومن حيث إن المدعين حددوا طلباتهم ببطلان قرار محافظ الفيوم رقم 48 لسنة 1990 والقرارات المكملة والمعدلة رقم 78 و 427 لسنة 1990 وكذلك القرار رقم 59 لسنة 1995 وإلزام الجهة الإدارية برد ما تم تحصيله منهم من مبالغ بموجب هذه القرارات.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلستها المنعقدة فى 3/1/1998 فى القضية رقم 36 لسنة 18 القضائية دستورية بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية, وبسقوط الأحكام التى تضمنتها المادة الرابعة من قانون إصدار قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 وهى النصوص التى استندت إليها القرارات المطعون فيها وكان الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة إذ هى لا تســـتحدث جديداً ولا تنشئ مراكز وأوضاعاً لم تكن موجودة من قبل, بل إنها تكشف عنها حكم الدستور أو القانون, الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما نشأ من واقع قانونى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه, تكون قرارات محافظ الفيوم المطعون فيها قد افتقدت السند القانونى الذى مصدره نصوص تشريعية قضى بعدم دستوريتها مما يتعين معه إلزام الجهة الإدارية بعد أن قامت بإلغاء هذه القرارات برد ما قامت بتحصيله من مبالغ من المدعين استناداً إلى هذه القرارات.
ومن حيث إنه عن مدى تقادم حق المدعين (المطعون ضدهم) فى استرداد ما دفعوه فقد استقر الفقه والقضاء على أن الحكم بعدم دستورية نص ما مؤداه عدم تطبيق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص, على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم فإن كان الحق المطالب به قد انقضى بالتقادم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا انتفى بشأنه مجال إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية.
ومن حيث إن المـــــادة 377 من القـــــانون المدنى تنص على أنه: “1-…2- ويتقادم بثلاث ســــنوات أيضا الحق فى المطالبة بالضرائب والرسوم التى دفعت بغير حق”.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد حصلت من المطعون ضدهم رسوماً محلية عن أجولة الدقيق البلدى , وكان ما تم تحصيله من رسوم على هذا النحو يخضع للتقادم الثلاثى ومن ثم يتعين تعديل الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص ومراعاة التقادم الثلاثى فيما يتم رده إلى المطعون ضدهم من هذه الرسوم.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بأن التقادم لا يسرى إلا بعد صدور الحكم بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية , بحسبانه كان يشكل مانعاً قانونيا من المطالبة بهذه الرسوم؛ إذ لم يكن هناك ما يحول مادياً وقانونيا دون المطالبة بهذه الحقوق, وولوج طريق الطعن بعدم دستورية القرار سالف الذكر, من قبل ذوى الشأن, حتى يتسنى لهم الحصول على ما يرونه حقاً لهم.
ومن حيث إنه ولئن كانت الجهة الإدارية قد أخفقت فى بعض طلباتها وأخفق المطعون ضدهم فى بعض طلباتهم إلا أن المحكمة تلزم الجهة الإدارية بالمصروفات وفقا لحكم المادة 186 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي إلى المطعون ضدهم المبالغ التى تم تحصيلها منهم كعمولة توزيع، مع مراعاة التقادم الثلاثى على النحو المبين تفصيلا فى الأسباب, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
([1]) راجع كذلك المبدأ رقم (43/أ) في هذه المجموعة.
([2]) قارن بالمبدأ رقم (48) بهذه المجموعة، حيث انتهت المحكمة إلى أن التقادم لا يسري في هذه الحالة إلا على المبالغ التي سددت بعد صدور الحكم.