جلسة 15 من أبريل سنة 2009
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 4406 لسنة 39 القضائية عليا.
الطعن فى الأحكام- الأحكام التي يجوز الطعن فيها- لا يجوز لطالب التدخل فى الدعوى أن يطعن على استقلال في الحكم التمهيدي بندب خبير، المتضمن في حيثياته عدم قبول تدخله.
قرر المشرع قاعدة تقضى بعدم جواز الطعن على استقلال فى الأحكام الصادرة أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى أو التى تصدر فى شق منها وتكون قابلة للتنفيذ الجبرى – غاية ذلك: الرغبة فى منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما يؤدي إلى تعويق الفصل فى موضوعها– الحكم المنهي للخصومة هو الحكم الذى ينهي النزاع برمته بالنسبة لجميع أطرافه، وليس الحكم الذى يصدر فى مسألة عارضة أو فرعية متعلقة بالإثبات فى موضوع الدعوى– ترتيباً على ذلك: الحكم التمهيدي الذي يتضمن فى حيثياته عدم قبول التدخل فى الدعوى لا يكون قد أنهى الخصومة، ومن ثم لا يقبل الطعن فيه استقلالا من طالب التدخل- تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 1/9/1993 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 286 لسنة 46ق بجلسة 8/7/1993 الذي قضى في منطوقه تمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة القاهرة للقيام بالمهمة المحددة بأسباب الحكم وحددت مبلغ 300 جنيه على ذمة أتعاب الخبير وجلسة 23/9/1993 لنظر الدعوى وجلسة 4/11/1993 في حالة سداد الأمانة،0
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول طلب تدخله منضما للجهة الإدارية المدعى عليها وبإعادة القضية إلى محكمة القضاء الإداري بهيئة مغايرة للفصل في طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني المصروفات0
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجددا بهيئة مغايرة مع إبقاء الفصل في المصروفات0ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره.
ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا0
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 13/10/1990 أودع المطعون ضدهما الأول والثانية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 286 لسنة46ق وطلبا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ القاهرة رقم 39 لسنة 90 وإلزام المدعى عليهم المصروفات.وذكر المدعيان شرحا لدعواهما أن المدعية الثانية تملك العقارين رقمي 4و6 حارة القديسة بربارا ماري جرجس قسم مصر القديمة بمحافظة القاهرة وكانا مكونين من دور أرضى وصدر القرار رقم 65 لسنة 89 بهدمه حتى سطح الأرض وتنبه على المالكة بتنفيذه حيث بدأت هي في تنفيذه، كما تلقت خطابا من تفتيش آثار مصر القديمة لإزالة الأتربة خلف هذين العقارين مع عمل سور حول العقارين بارتفاع مترين لمنع أي تعديات أو إلقاء مخلفات من سكان الدير، غير أن المدعيين فوجئا بصدور القرار المطعون فيه رقم 39 لسنة 90 بإزالة التعديات على أرض الدولة بهذا الموقع، فأقاما هذه الدعوى لمخالفة هذا القرار للقانون؛ حيث إن المدعية الثانية هي مالكة العقار بموجب مستندات رسمية وإن الدولة لا تملك أية أرض في هذه المنطقة، وإنها لم تتعد على أملاك الدولة وإنما قامت بتنفيذ قرار الهدم. وأثناء تداول الدعوى بالجلسات طلب القس … بصفته رئيس مجلس كنيسة بابي سرجة والمندوب البابوي لكنائس مصر القديمة والوكيل عن طائفة الأقباط الكاثوليك (الطاعن) التدخل في الدعوى انضمامياً إلى جهة الإدارة في طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 8/7/1993 أصدرت المحكمة حكمها التمهيدي المطعون فيه بندب خبير في الدعوى تعرضت في حيثياته إلى طلب تدخل القس … وقررت أنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة لقبول تدخله كما لم يقدم مذكرة شارحة بأسباب هذا التدخل ولم يوضح وجه المصلحة في تدخله، رغم أن المحكمة منحته أجلاً لذلك؛ لهذا قضت المحكمة بعدم قبول تدخله واكتفت المحكمة بإيراد ذلك ضمن أسباب الحكم دون الإشارة إليه في منطوق هذا الحكم التمهيدي0
أقام الطاعن طعنه الماثل لعدم قبول تدخله في الدعوى خصما منضما لجهة الإدارة ناعيا على الحكم التمهيدي المطعون فيه الخطأ مبيناً مصلحته وصفته في التدخل وأنه أوضح ذلك في مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة حيث إن المطعون ضدهما الأول والثانية تعديا على قطعة الأرض رقم (8) المملوكة للكنيسة.
واختتم الطاعن تقرير طعنه بطلب الحكم بطلباته.
ومن حيث إنه لم تضم المفردات إلى هذا الطعن لتداول الدعوى أمام محكمة أول درجة إلا أن الطاعن قدم صورة للحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة (212) من قانون المرافعات المستبدلة بالقانون رقم 23 لسنة 92 تنص على أنه: “لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة”0
ومن حيث إن هذا النص على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية يدل على أن المشرع وضع قاعدة تقضى بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم المنهي لها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى أو التي تصدر في شق منها وتكون قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما يؤدى إلى تعويق الفصل في موضوعها، وما يترتب على ذلك حتما من زيادة نفقات وإطالة أمد التقاضي. والحكم المنهي للخصومة في مفهوم تلك المادة هو الحكم الذي ينهي النزاع برمته بالنسبة لجميع أطرافه، ولا يعتد في هذا الخصوص بانتهاء الخصومة طبقا لهذه المادة إلا بالخصومة الأصلية المنعقدة بين طرفي التداعي، والحكم الذي يجوز الطعن فيه هو الحكم الختامي الذي ينتهي به موضوع هذه الخصومة برمته، وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو في مسـألة عارضة عليها أو فرعية متعلقة بالإثبات فيها.
وحيث أكدت هذه المحكمة هذا النظر بموجب حكمها الصادر في الطعن رقم 5072 لسنة 52 ق عليا بجلسة 24/3/2007 بقولها لا يجوز اتباع طريق الطعن إلا في الأحوال التي نص عليها المشرع، حيث إن جواز أو عدم جواز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هو أمر متصل بالنظام العام مما يتعين معه التصدي له حتى ولو لم يتعرض له أي من ذوي الشأن، ومن بين الطعون التي تختص بنظرها المحكمة الإدارية العليا الطعون في الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري، ويقصد بها الأحكام المنهية للخصومة وكذلك الأحكام الصادرة في طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية، أما القرارات التي تصدر أثناء سير الخصومة دون أن تنهيها كلها، سواء تعلقت بالإجراءات أو بمسألة متعلقة بالإثبات، فإنها لا تقبل الطعن الفوري، بل يمكن الطعن فيها فقط مع الحكم المنهي للخصومة أو بعده، فإذا ما تم الطعن فيها استقلالا قبل صدور الحكم المنهي للخصومة أو دون الطعن فيه وجب على محكمة الطعن أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم جواز هذا الطعن.
لما كان ما تقدم وكان موضوع المنازعة هو طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 39 لسنة 90 فيما تضمنه من إزالة التعديات على أملاك الدولة، وكان الحكم المطعون فيه مجرد حكم تمهيدي بندب خبير في الدعوى لأداء المأمورية المكلف بها، تضمن في حيثياته عدم قبول تدخل الطاعن في الدعوى لعدم اتخاذه الإجراءات القانونية للتدخل كما لم يبين صفته ومصلحته فيه، فإن هذا الحكم والحال كذلك لا يكون قد أنهى الخصومة وإنما ما زالت الدعوى مطروحة على محكمة القضاء الإداري لم تفصل فيها بعد صدور هذا الحكم ولم تقل كلمتها فيها،كما لم يكن هذا الحكم من تلك الأحكام المستثناة بنص المادة (212) المذكورة على سبيل الحصر والتي أجازت الطعن عليها استقلالا قبل صدور حكم فيها منه للخصومة كلها، ومن ثم فإنه لا يقبل الطعن عليه إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة حيث لا يعد هذا الحكم بحسب طبيعته القانونية منهياً لها.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصاريفه عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن على النحو المبين بالأسباب وألزمت الطاعن المصروفات.