جلسة 9 من مايو سنة 2009
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 29380 لسنة 54 القضائية عليا.
تخصيص الأراضي– إجراءاته- مناط تحقق الإيجاب والقبول.
نظمت اللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كيفية حجز وتخصيص الأراضي والعقارات بهذه المجتمعات- التصرف في أملاك الدولة الخاصة شأنه شأن عقد البيع يقتضى انعقاده اقتران الإيجاب بقبول مطابق له- الإيجاب هو العرض الذى يعبر به الشخص الصادر عنه على وجه الجزم والقطع عن إرادته في إبرام عقد معين، بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق انعقد العقد- القبول الصادر عن جهة الإدارة البائعة يمر في تكوين صدوره بمراحل متعاقبة تحددها القوانين واللوائح المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة تتوج بالإفصاح عنه وإعلانه- إخطار جهة الإدارة طالب التخصيص للتقدم بطلبه لتحديد قطعة الأرض المراد تخصيصها لا يعتبر إيجابا منها وإنما هو دعوة للتعاقد- تسلم جهة الإدارة طلب التخصيص مقترناً بنسبة من مقدم الثمن تكون به قد أفصحت عن إرادتها ورغبتها في قبول عرض التخصيص المقدم من الطالب، ولا يتبقى من بعد إلا استكمال الإجراءات المقررة – ترتيبا على ذلك: لا يجوز لجهة الإدارة بعد ذلك رفض التخصيص بعدما كانت الداعية إليه وقطعت مرحلة من مراحل إجراءاته– تطبيق.
فى يوم الاثنين الموافق 16/6/2008 أودع الأستاذ/ … المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 29380 لسنة 54 ق. عليا فى الحكم المشار إليه الصادر بقبول دعواه شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزامه بمصروفاتها.
والتمس الطاعن – لما ورد بتقرير طعنه من أسباب – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بطلباته الواردة بصحيفة دعواه, مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتيهما على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا, وفى الموضوع برفضه, وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/11/2008 وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 2/3/2009 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى – موضوع) لنظره بجلسة 28/3/2009 وبها قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص –حسبما يبين من الأوراق– فى أن الطاعن تقدم للجهاز المطعون ضده بتاريخ 5/6/2005 بطلب لتخصيص قطعة الأرض رقم (20/MC3) بمركز المدينة بمساحة 5359.70 متراً مربعا ً لإقامة مبنى إداري تجارى سكنى عليها.
وبتاريخ 29/10/2005 قام الجهاز المذكور بمخاطبة الطاعن لسداد مبلغ جدية الحجز بما يعادل نسبة 5% من قيمة الأرض واستكمال باقى المستندات المطلوبة وبناء عليه تقدم الطاعن بتاريخ 12/11/2005 بطلب أرفق به الشيك رقم 10705000006190 المؤرخ 10/11/2005 بمبلغ 91654.50 جنيها لأمر جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان (المطعون ضده). بيد أن الجهاز لم يمض فى اتخاذ إجراءات التخصيص بسند من أن مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها قد استن بجلسته المنعقدة بتاريخ 5/4/2006 ضوابط جديدة للتصرف فى الأراضى المخصصة للأنشطة الاستثمارية والتجارية تقتضى الإعلان عن بيعها بالمزايدة بنظام المظاريف المغلقة، وبناء عليه قام رئيس الجهاز المطعون ضده بإخطار الطاعن بكتابه المؤرخ 11/7/2006 بالتقدم لحجز قطعة الأرض محل التداعى وفقاً للشروط المعلن عنها بالصحف القومية، الأمر الذى حدا الطاعن على التظلم من ذلك، حيث خلصت لجنة بحث التظلمات بالهيئة المطعون ضدها بجلستها رقم 176 المنعقدة بتاريخ 3/9/2006 إلى رفض تظلمه، ومن ثم فقد أقام الطاعن دعواه محل الطعن الماثل بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بتاريخ 8/10/2006 التمس فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن تخصيص قطعة الأرض المشار إليها بصفة عاجلة, وفى الموضوع بإلغائه, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ناعياً على قرارها مخالفته للقانون والانحراف فى استعمال السلطة.
وبجلسة 19/4/2008 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها برفض الدعوى، وأقامت قضاءها على أن الطاعن قد تقدم فى 6/6/2005 بطلب إلى الجهاز المطعون ضده لتخصيص قطعة الأرض محل التداعى, وبتاريخ 29/10/2005 أخطره الجهاز بالحضور إلى مقره خلال خمسة عشر يوماً لتحرير استمارة الحجز وسداد مبلغ 5% جدية حجز وهى تعادل مبلغ 91651.04 جنيهاً قام الطاعن بسدادها بتاريخ 12/11/2005 إلا أن الهيئة المطعون ضدها أخطرته برفضها استكمال السير فى إجراءات تخصيص قطعة الأرض المشار إليها له تمهيداً لبيعها بالمظاريف المغلقة. ولما كان الطاعن لم يقدم أي دليل على أنه واضع اليد على هذه الأرض, وخلت الأوراق من ذلك, كما أن بيع الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة هو أمر تقديرى لها دون معقب عليها إلا إذا شاب تصرفها انحراف بالسلطة وهو ما خلت منه الأوراق، الأمر الذى يغدو معه رفض بيع الأرض للطاعن قد صدر صحيحاً وموافقاً للقانون, وخلصت المحكمة إلى قضائها الطعين.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد خالف القانون ولا سند له منه إذ إن قانون المجتمعات العمرانية الجديدة قانون خاص تسرى أحكامه على التصرفات فى الأراضى الواقعة فى المجتمعات العمرانية الجديدة, ونص على حق الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة فى التعاقد مباشرة مع الأشخاص والشركات والمصارف والهيئات المحلية والأجنبية طبقاً للقواعد التى تقررها اللائحة الداخلية للهيئة, ولما كانت اللائحة العقارية تتضمن قواعد عامة مجردة تطبق على ما يجرى فى ظلها من تصرفات ولا تسرى بأثر رجعي, وكان الثابت من الأوراق أن المركز القانونى للطاعن قد استقر فى ظل اللائحة المذكورة التى تحدد أساليب الانتفاع بالأراضى الواقعة فى المجتمعات العمرانية الجديدة بالحجز والتخصيص ومن ثم فلا يجوز للهيئة المذكورة التمسك بالقاعدة التى استحدثت المزايدة أسلوباً للانتفاع بالأراضى المشار إليها وإعمال حكمها بأثر رجعى على المركز القانونى للطاعن، الأمر الذى يغدو معه الحكم الطعين قد صدر مشوباً بمخالفة القانون.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن المادة (4) من قرار رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة رقم 3 لسنة 2001 تنص على أن: “يكون حجز وتخصيص الأراضى والعقارات العمرانية الجديدة عن طريق اللجان المشكلة والمحددة اختصاصاتها طبقاً لأحكام هذه اللائحة”، وتنص المادة (5) على أن: “تشكل لجنة عقارية فرعية بكل جهاز مجتمع عمرانى برئاسة رئيس الجهاز وعضوية نواب رئيس الجهاز ورؤساء الشئون المالية والمشروعات والعقارية والقانونية والتنمية, وتختص اللجنة بما يأتى:.00 7- التوصية بتخصيص الأراضى الملائمة بحسب نوع الاستخدام والمناطق المحددة له فى ضوء المخطط العام للمجتمع”, كما تنص الماد (9) على أن: “يلتزم الطالب عند تقديم طلب الحجز بأداء مبلغ 5% (خمسة بالمائة) من قيمة الأرض تحت حساب مقدم الثمن, وفى حالة الموافقة المبدئية على الطلب يلتزم باستكمال مقدم الثمن إلى ما يعادل (25%) من القيمة الإجمالية للأرض أو العقار شاملة نسبة التميز…”, وتنص المادة (11) من ذات اللائحة على أن: “تعرض طلبات الحجز على اللجنة الفرعية بجهاز المجتمع لإصدار توصياتها بشأنها… وبالنسبة لطلبات المشروعات الصناعية والخدمية تعرض على اللجنة المختصة بالحجز المشكلة بالهيئة (مجموعة العمل) كمجموعة عمل للدراسة وعند الموافقة على الحجز يخطر جهاز المدينة لاستكمال الإجراءات طبقاً للقواعد”.
ومفاد ما تقدم أن اللائحة العقارية الصادرة بقرار رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة رقم 3 لسنة 2001 نظمت كيفية حجز وتخصيص الأراضى والعقارات بهذه المجتمعات واتخذت هذه اللائحة من التخصيص سبيلاً للتعاقد على الأراضى الواقعة بها.
ومن حيث إنه من المقرر أن التصرف فى أملاك الدولة الخاصة شأنه شأن عقد البيع يقتضى انعقاده اقتران الإيجاب بقبول مطابق له, وأن الإيجاب هو العرض الذى يعبر به الشخص الصادر عنه –على وجه الجزم والقطع– عن إرادته فى إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق انعقد العقد، بيد أن القبول الصادر عن جهة الإدارة البائعة يمر فى تكوين صدوره بمراحل متعاقبة تحددها القوانين واللوائح المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة تتوج بالإفصاح عنه وإعلانه.
ومن حيث إن البين مما سبق أن الجهة المطعون ضدها قد اتخذت من التخصيص سبيلاً للتعاقد على بيع الأراضى الواقعة بالمجتمعات العمرانية الجديدة، بيد أن الجهة المذكورة وإن أخطرت طالب التخصيص للتقدم بطلبه لتحديد قطعة الأرض المراد تخصيصها لا يعتبر إيجاباً منها، وإنما هو فى التكييف القانونى الصحيح دعوة للتعاقد, وأن الإيجاب يقع من الطالب مقدم طلب التخصيص ويكون القبول من الجهة المطعون ضدها, بيد أنه بتسلمها طلب التخصيص مقترناً بنسبة من مقدم الثمن، تكون قد أفصحت عن إرادتها ورغبتها فى قبول عرض التخصيص المقدم من الطالب، ولا يتبقى من بعد إلا استكمال الإجراءات المقررة بما لا يجوز لها رفض التخصيص بعدما كانت الداعية إليه وقطعت مرحلة من مراحل إجراءاته, ولا يكون لها من بعد ذلك عدم استتمام هذه المراحل التى بدأت منها واستكملت من جانب الطالب بما ترتب عليه من أثر قانونى بوجود مركز قانونى يجب حمايته بعد دفع مبلغ جدية الحجز وتحديد قطعة الأرض محل التخصيص، ولا يسوغ للجهة المطعون ضدها الرجوع عن إجراءاتها وعدم إتمام التخصيص إلا لأسباب مشروعة تبرر ذلك تكون بها تغيت المصلحة العامة، حيث إن رفض استتمامها إجراءات التخصيص دون سند من المصلحة العامة يعد تعسفاً ينبئ عن انحراف فى استعمال السلطة؛ إذ من حق المواطن أن يثق فى مشروعية التصرفات التى تجريها جهة الإدارة مادامت قد جاءت متوافقة مع الدستور أو مطابقة لأحكام القانون أو لم تقم على غش من جانبه، وللمواطن أن يرتب أحواله وأوضاعه على ما أجرته جهة الإدارة من تعاقد أو ما أصدرته من تخصيص أو ما أعملته من تصرفات أو توصيات فى شأنه، مما لا يجوز لها أن تتسلب منها للنيل من المركز القانونى للمواطن الذى اكتسبه والذى يتعين عليها إنزاله منزلة الاحترام إعمالاً للاستقرار الواجب للعلاقات مع جهة الإدارة ولعدم زعزعة الثقة المشروعة للأفراد فى تصرفاتها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تقدم للجهاز المطعون ضده بطلب مؤرخ 5/6/2005 لتخصيص قطعة الأرض رقم (20/MC3) بمركز مدينة العاشر من رمضان بمساحة 5359.70 متراً مربعاً لإقامة مبنى إداري تجارى سكنى عليها.
وبتاريخ 29/10/2005 قام الجهاز المذكور بمخاطبة الطاعن لسداد مبلغ جدية الحجز بما يعادل نسبة 5% من ثمن الأرض واستكمال باقى المستندات المطلوبة للتخصيص، وبناء عليه تقدم الطاعن بتاريخ 12/11/2005 بطلب للجهاز المذكور أرفق به الشيك رقم 10705000006190 المحرر فى 10/11/2005 بمبلغ 91654.50 جنيها لأمر جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان وذلك على النحو الثابت من كتاب فرع البنك الأهلى المصرى بالمدينة والمودع بحافظة مستندات الطاعن المقدمة للمحكمة المطعون على حكمها بجلسة 3/2/2007، كما خاطب نائب رئيس الهيئة للمتابعة الفنية رئيس جمعية مستثمرى المدينة المذكورة بتاريخ 27/2/2008 بأن طلب الطاعن قيد العرض على السلطة المختصة للموافقة عليه, الأمر الذى لا يجوز معه للهيئة المطعون ضدها أن تتسلب من استتمام إجراءات تخصيص قطعة الأرض المشار إليها دون سند من القانون أو من المصلحة العامة.
الأمر الذى يغدو معه امتناعها عن تخصيص قطعة الأرض محل التداعى لا سند له من القانون ومكوناً لقرار سلبى واجب الإلغاء، وإذ خالف الحكم الطعين ذلك فإنه يكون قد خالف القانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من أصابه الخسر فى طعنه يلزم بالمصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبإلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها السلبى بالامتناع عن تخصيص قطعة الأرض محل التداعى للطاعن، وألزمتها المصروفات.