جلسة 24 من مايو سنة 2009
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 6392 لسنة 47 القضائية عليا.
دعوى الإلغاء– ميعادها– وقف الميعاد بسبب الإصابة بالمرض العقلي.
يعتبر المرض العقلي من الأعذار التى ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة فى مجال منع المصاب به من مباشرة دعوى الإلغاء فى ميعادها القانوني، الأمر الذى يجعل هذا الميعاد موقوفاً بالنسبة له، وعلى ذلك فلا يكون ثمة محل للقول بفوات ميعاد رفع دعوى إلغاء القرار المطعون فيه طيلة ملازمة هذا المرض إياه– وقف الميعاد لعذر المرض إنما هو رخصة لمن لحقه لا تنفك عنه إلا بزواله- لا يُتخذ قيام المريض بإجراء لازم ومراعاته لميعاد حجةً عليه– تطبيق.
ترقية– موانع الترقية– الإحالة إلى المحاكمة الجنائية– ليس كل ما يرتكبه العامل خارج العمل من جرائم يعد مانعا من ترقيته- ضابط ذلك.
أوجب المشرع على جهة الإدارة وقف أو إرجاء ترقية العامل الذى اتخذت ضده أحد الإجراءات الواردة بالنص، ومن بينها إحالته إلى المحاكمة الجنائية حتى تنتهى محاكمته، فإذا انتهت خلال سنة وثبت عدم إدانته رقي إلى الوظيفة المحجوزة له في ذات أقدميته، فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وانتهت إلى عدم إدانته وجب عند ترقيته إلى الوظيفة المتخطى فيها إرجاع أقدميته فيها إلى ذات الأقدمية المستحقة لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية- ليس كل ما يقارفه العامل خارج نطاق الوظيفة أو العمل من جرائم مما يؤثر في مركزه القانوني فيها ترقيا، إلا أن ينطوي على مخالفة لنظمها أو خروج على مقتضياتها أو بما يشكل إخلالا بواجباتها– مؤدى ذلك: جريمة ضرب العامل لمواطن خارج نطاق العمل وإن كانت توقعه تحت طائلة القانون الجنائي، إلا أنها لا تعد بحال مخالفة لواجبات الوظيفة أو إخلالا بمقتضياتها– تطبيق.
في يوم السبت الموافق 7/4/2001 أودع الأستاذ/ … المحامى، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 6392 لسنة 47ق ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 11/2/2001 في الدعوى رقم 7777 لسنة 53 ق، القاضي بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 665 لسنة 1995 شكلا لرفعه بعد الميعاد، وبقبول طلب التعويض شكلا ورفضه موضوعا،وإلزام المدعى المصروفات0
وطلب الطاعن -استنادا إلى ما أورده من أسباب- الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أولا- بقبول الدعوى شكلا بشقيها. وثانيا- بتعديل أقدميته في الدرجة الثانية المكتبية وإرجاعها إلى 9/10/1995 تاريخ صدور القرار رقم 665 لسنة 1995 ضمن المرقين بالاختيار، مع الاحتفاظ بأقدميته بذات القرار تاليا لزميله/… وسابقا على زميلته/ … مع ما يترتب على ذلك من آثار، بدلا من ترقيته بالرسوب بالقرار 92/1999. وثالثا– احتياطيا: الحكم له بالتعويض المناسب عن حرمانه من الترقية للدرجة الثالثة المكتبية حتى صدور قرار ترقيته بالرسوب الرقيم 62/1999 خلافا لحرمانه من الترقية بالقرارات التالية وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
وإذ أحيل الطعن من دائرة فحص الطعون إلى هذه المحكمة فقد جرى تداوله أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 8/2/2009 قررت إصدار الحكم بجلسة 17/5/2009 وضربت للمذكرات أجلا لم تقدم خلاله، وبالجلسة المحددة للحكم قررت إتماما للمداولة مد أجل النطق به لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به0
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 7777 لسنة 53 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة الترقيات بتاريخ 12/6/1999، طالبا الحكم: أولا- بإلغاء القرار رقم 665 لسنة 1995 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية مع ما يترتب على ذلك من آثار. وثانيا- إلزام الجهة الإدارية أن تؤدى له تعويضا عما أصابه من أضرار نتيجة تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالقرارات أرقام 665 لسنة 1995 و 56 لسنة 1996 و 369 لسنة 1997 و 141 لسنة 1998.
وقال شرحا لدعواه إنه يعمل بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وبتاريخ 6/2/1999 صدر القرار رقم 62 لسنة 1999 بترقيته إلى الدرجة الثانية المكتبية من 1/1/1999 فتظلم من هذا القرار في 24/2/1999 طالبا إرجاع أقدميته في الدرجة الثانية إلى 9/10/1995 تاريخ صدور القرار رقم 665 لسنة 1995 ليكون تاليا لزميله/ … وسابقا على زميلته/ … إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن إجابته إلى طلبه على سند من أنه كان محالا إلى المحاكمة الجنائية بتهمة تعديه على … التي قضى فيها بتغريمه مبلغا مقداره خمسون جنيها في القضية رقم 12286 لسنة 1995 جنح مدينة نصر، وهي لا تعد من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة مما لا يسوغ حرمانه من الترقية.
وجرى تداول الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قدم المدعى (الطاعن) مذكرة طلب فيها الحكم بذات طلباته الأصلية والاحتياطية الواردة بختام تقرير طعنه.
وبجلسة 11/2/2001 أصدرت المحكمة حكمها المتقدم وشيدته بالنسبة لطلب الإلغاء بعد استعراض حكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 665 لسنة 1995 صدر بتاريخ 9/10/1995 وتظلم منه المدعى بتاريخ 23/10/1995 مما كان يتعين عليه إقامة دعواه خلال الستين يوما التالية للستين يوما المقررة للبت في التظلم أي خلال ميعاد أقصاه 20/2/1996 وإذ أقيمت الدعوى بتاريخ 12/6/1999 بعد الميعاد المقرر لذلك قانونا ومن ثم تكون الدعوى في هذا الشق غير مقبولة شكلا.
وبالنسبة لطلب التعويض فقد شيدت المحكمة حكمها برفضه على أن الثابت بالأوراق أن المدعى في 9/10/1995 (تاريخ صدور القرار رقم 665 لسنة 1995) كان محالا إلى المحاكمة الجنائية في القضية رقم 12286 لسنة 1995 جنح مدينة نصر والتي قضى فيها بإدانته وتغريمه مئة جنيه، عُدل بعد ذلك إلى خمسين جنيها، ومن ثم لا تجوز ترقيته متى ثبتت إدانته جنائيا؛ إعمالا لحكم المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 الذي قضى بعدم جواز ترقية العامل المحال للمحاكمة الجنائية مدة الإحالة حتى تنتهي محاكمته بعدم الإدانة، ومن ثم فإن من تمت إدانته لا يجوز ترقيته، وهذا ما تم بالنسبة للقرارين رقمي 665 لسنة 1995 و 59 لسنة 1996 مما يجعل تخطيهما إياه قائما على أساس صحيح قانونا، وأما بالنسبة للقرارين رقمي 369 لسنة 1997 و 414 لسنة 1998 فإنه لا تثريب على جهة الإدارة إن أخذت في الاعتبار عند تخطيها المدعى بهذين القرارين الحكم الجنائي الصادر بإدانته، ويكون ركن الخطأ في طلب التعويض غير متوافر خليقا برفضه.
ومن حيث إن مبنى الطعن القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع لأسباب حاصلها أن الحكم قد أورد في أسبابه أن الطاعن أقام دعواه طعنا في القرار رقم 62 لسنة 1999 الصادر في 6/2/1999 بترقيته بالرسوب الوظيفي من 1/1/1999، ومع ذلك انتهى في منطوقه إلى عدم قبول طلب الطاعن إلغاء القرار رقم 665 لسنة 1995 شكلا لرفعه بعد الميعاد مما يعد تناقضا بين الأسباب والمنطوق، فضلا عن أن الحكم الطعين أخطأ في تكييف طلبه بإرجاع أقدميته في الدرجة الثانية إلى 9/10/1995 (تاريخ صدور القرار رقم 665 لسنة 1995)، إذ اعتبره طعنا في قرار إداري طلبا لإلغائه، كما أحال الحكم المطعون في أسبابه إلى حكم آخر صادر ضده (أي الطاعن) وهو الأمر غير الجائز قانونا، كذلك فإنه لم يكن محالا إلى المحاكمة الجنائية في القضية رقم 12286 لسنة 1995 جنح مدينة نصر وقت تخطيه في الترقية، إضافة إلى أن الحكم بإدانته وتغريمه في جريمة ضرب لا تعد سببا مانعا من الترقية طبقا لحكم المادة (87) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه فذلك لا يتحقق إلا في حالة الإدانة في الدعوى التأديبية كما أن الحكم لم يَرد على دفاع الطاعن أو مذكراته.
ومن حيث إن المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به.
وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يوما من تاريخ تقديمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا، ويعتبر مضي ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة”.
ومفاد النص المتقدم أن المشرع أوجب إقامة الدعوى خلال ستين يوما من تاريخ تحقق العلم بالقرار الإداري، وقرر انقطاع هذا الميعاد بالتظلم منه إلى الجهة الإدارية التي أصدرته أو إلى الجهة الرئاسية لها، واعتبر مضي ستين يوما على تقديمه دون رد جهة الإدارة بمثابة رفضه، ومن ثم وجب إقامة الدعوى طعنا في هذا القرار خلال الستين يوما التالية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المرض العقلي يعتبر من الأعذار التي ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة في مجال منع العامل من مباشرة دعوى الإلغاء في ميعادها القانوني الأمر الذي يجعل هذا الميعاد موقوفا بالنسبة له وعلى ذلك فلا يكون ثمة محل للقول بفوات ميعاد رفع دعوى إلغاء القرار المطعون فيه طيلة ملازمة هذا المرض إياه
(في هذا المعنى: حكم المحكمة في الطعن رقم 352 لسنة 23 ق بجلسة 30/12/1971 مج الموسوعة الإدارية الحديثة الجزء الخامس عشر ص 183)
ومن حيث إنه إعمالا لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن -طبقا للتقارير والمكاتبات المتبادلة بين الجهة المطعون ضدها والإدارة العامة للخدمات الطبية بذات الجهة والمجلس الطبي العام بالقاهرة- مصاب بمرض عقلي (انفصام ذهانى مزمن) وذلك منذ سنة 1989، واستمر هذا المرض ملازما له دون أن تنطق الأوراق ببرئه أو شفائه منه، وقد أعملت في شأنه أحكام قرار وزير الصحة رقم 695 لسنة 1984 بشأن الأمراض المزمنة.
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه الرقيم 665 لسنة 1995 قد صدر بتاريخ 9/10/1995 وتظلم منه الطاعن بتاريخ 23/10/1995 ولما كان قد أدركه مرض عقلي على النحو السالف الإلماح قبل صدور القرار واستمر ملازما له بعد صدوره فمن ثم يستقيم هذا المرض عذرا يرقى إلى مرتبة القوة القاهرة الموقفة لميعاد رفع الدعوى، وإذ أقامها بتاريخ 13/6/1999 فمن ثم تكون مقامة في الميعاد، وإذ استوفت أوضاعها الشكلية فمن ثم فهي مقبولة شكلا، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى نتيجة مغايرة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يستوجب الحكم بإلغائه والقضاء بقبول الدعوى شكلا، دون أن يغير من ذلك أن المطعون ضده رغم ما أدركه من مرض عقلي قد فطن إلى التظلم من القرار المطعون فيه كإجراء واجب استيفاؤه قبل رفع الدعوى بل وقدمه خلال ستين يوما من تاريخ صدور القرار، وبما لا يسوغ بعد ذلك معاودة تذرعه بالمرض العقلي؛ فذلك مردود بأن وقف الميعاد لعذر المرض إنما هو رخصة لمن لحقه لا تنفك عنه إلا بزواله، فلا يتخذ قيام المريض بإجراء لازم أو مراعاته لميعاد حجة عليه، فهو في فسحة الرخصة حتى البرء من المرض.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة قد أفصحت عن سبب تخطيها الطاعن في الترقية المطعون في قرارها وهو أنه كان محالا إلى المحاكمة الجنائية التي أسفرت عن إدانته تغريما بخمسين جنيها ومن ثم كان لازما عليها ــ على نحو ما قررت ــ وقف ترقيته طيلة المحاكمة حتى إذا أسفرت عن الإدانة حق عليه التخطي فيها.
ومن حيث إن المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه: “لا يجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف.
وفى هذه الحالة تحجز للعامل الوظيفة لمدة سنة فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من ذلك وثبت عدم إدانته أو وقع عليه جزاء الإنذار أو الخصم أو الوقف عن العمل لمدة خمسة أيام فأقل وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الوظيفة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية ويمنح أجرها من هذا التاريخ”.
ومفاد هذا النص أن المشرع أوجب على جهة الإدارة وقف أو إرجاء ترقية العامل الذي اتخذت ضده أحد الإجراءات الواردة بالنص، ومن بينها إحالته إلى المحاكمة الجنائية حتى تنتهي محاكمته، فإن انتهت خلال سنة وثبت عدم إدانته رقي على الوظيفة المحجوزة له في ذات أقدميته، فإذا استطالت المحاكمة لأ كثر من سنة وانتهت إلى عدم إدانته وجب عند ترقيته إلى الوظيفة المتخطى فيها إرجاع أقدميته فيها إلى ذات الأقدمية المستحقة لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية.
ومن حيث إن الترقية هي ضرب من إثابة العامل بل وتكريمه على ما قدم للمرفق من جهد وما أسدى إليه من فكر ومقترحات ساهمت في دفعه قدما ومكنته من الانتظام والاضطراد قياما على الخدمة المنوطة به، وهو في هذا الفكر أو ذلك الجهد يعمل في إطار من احترام واجبات الوظيفة مستقاة من قوانينها ولوائحها وتعليماتها، فلا يخالفها أو يخرج على مقتضياتها، فعندئذ يكون ثم وجه التكريم أو الإثابة، فإذا خالف شيئا مما ذكر أو خرج على مقتضياته كان مخلا بواجبات الوظيفة، ومن ثم حقت عليه المؤاخذة، ومن توابعها وضروراتها تأخير الترقية أو ذهابها؛ إذ لا يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات والنور ولا الظل ولا الحرور.
وتبعا لذلك يتعين فهم مقصود المشرع من التسوية بين المحاكمة التأديبية والمحاكمة الجنائية في تأجيل ترقية العامل الخاضع لأيهما؛ إذ إنه ليس كل ما يقارفه العامل خارج نطاق الوظيفة أو العمل من جرائم مما يؤثر على مركزه القانوني فيها ترقيا إلا أن ينطوي على مخالفة لنظمها أو خروجا على مقتضياتها أو بما يشكل إخلالا بواجباتها، وتبعا لذلك فإن الجريمة أو التهمة المسندة إلى العامل إن لم يتوافر فيها هذا الوصف وهي كونها مخلة بواجبات الوظيفة لا يصح أن تتخذ ذريعة لإيقاف ترقيته التي حل دورها وما يتبع ذلك ويعقبه من ذهاب أو فوت هذه الترقية حال إدانته، والقول بغير ذلك فضلا عن مجافاته لحكمة النص المشار إليه فإن من شأنه تحميل العامل فوق طاقته ومؤاخذته على كل صغيرة وكبيرة خارج نطاق العمل ومن ثم يستغلق عليه أو يكاد باب الأمل في الترقي، وتلك نتيجة تخرج عن نطاق المألوف والمجرى العادي للأمور، إذ كل ابن آدم خطاء، فلا يؤاخذ في مجال وظيفته على أفعاله الشخصية إلا ما يلقي منها بظلال على الوظيفة إخلالا بواجباتها؛ وجهة الإدارة وهى تمارس سلطتها في التحقق من هذا الإخلال تخضع لرقابة المحكمة.
ومن حيث إنه إعمالا لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة أوقفت ترقية الطاعن إلى الدرجة الثانية محل المنازعة متخطية إياه فيها بموجب القرار المطعون فيه الرقيم 665 لسنة 1995 على سند من أنه كان وقت صدوره محالا للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 12286 لسنة 1995 جنح مدينة نصر بتهمة ضرب أحد المواطنين، ولما كانت جريمة ضرب العامل لمواطن خارج نطاق العمل، وإن كانت توقعه تحت طائلة القانون الجنائي، إلا أنها لا تعد بحال مخالفة لواجبات الوظيفة أو إخلالا بمقتضياتها، ومن ثم لا تكون المحاكمة الجنائية الماثلة من بين المحاكمات المعنية بنص المادة (87) المشار إليه، وتبعا لذلك تكون جهة الإدارة وإذ لم تُهون من كفاية الطاعن وتوافر الشرائط المقررة قانونا في شأنه إذ تخطت الطاعن في الترقية لهذا السبب فإن القرار المطعون فيه يكون قد خالف صحيح أحكام القانون، مما يجعله خليقا بالإلغاء وهو ما تقضى به المحكمة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بأحكام المادتين 184و 27 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه،وبقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 665 لسنة 1995 فيما تضمنه من تخطى الطاعن في الترقية إلى الدرجة الثانية المكتبية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين.