جلسة 24 من مايو سنة 2009
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 8910 لسنة 48 القضائية عليا.
طوائف خاصة من العاملين– عاملون ببنك ناصر الاجتماعي–ضم مدة خبرة عملية– تطبق القواعد الواردة بقانون العاملين المدنيين بالدولة.
وردت لائحة نظام العاملين ببنك ناصر الاجتماعي خلوا من نص ينظم مسألة احتساب وضم مدد الخبرة السابقة المكتسبة عمليا، كما أن قانون نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه الذي نصت لائحة البنك المذكور على سريان أحكامه على العاملين بالبنك فيما لم يرد بشأنه نص فيها قد نص في المادة (23) منه على أن مسألة ضم مدد الخبرة يصدر بتنظيمها قرار عن مجلس إدارة الشركة، وهو ما لم يتم بالنسبة للعاملين ببنك ناصر الاجتماعي- ترتيبا على ذلك: العاملون ببنك ناصر الاجتماعي يفتقدون نصا تشريعيا أو لائحيا ينظم تلك المسألة بالنسبة لهم، بخلاف غيرهم من العاملين الخاضعين لأحكام قوانين أخرى تنظم المسألة المذكورة- لما كان قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة هو القانون أو الشريعة العامة لجميع الموظفين في الدولة، والذي ينظم جميع المسائل المتعلقة بشئون الموظفين ما لم تنص قوانين خاصة على تنظيم هذه المسائل وتكون خاصة بهم، فإنه في حالة ما إذا وجدت بعض المسائل لا تنظمها تلك القوانين الخاصة يُرجع إلى الأصل العام والشريعة العامة وهو قانون العاملين المدنيين بالدولة- ترتيبا على ذلك: تطبق أحكام ضم مدة الخدمة العملية الواردة في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة على العاملين ببنك ناصر الاجتماعي– تطبيق.
في يوم السبت الموافق 25/5/2002 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 8910 لسنة 48ق عليا طعنا في الحكم المشار إليه، فيما تضمنه من قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وخلص الطاعن بصفته –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– إرساء مبدأ قانوني جديد بشأن مدى جواز سريان أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المتعلقة بضم مدة الخبرة المكتسبة السابقة على العاملين ببنك ناصر الاجتماعي لحين صدور قرار من مجلس إدارة هذا البنك بتنظيم تلك المسألة.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في ضم مدة خدمته السابقة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصاريف عن درجتي التقاضي.
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/3/2004 والجلسات التالية، وبجلسة 20/10/2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 16/1/2005, وتدوول نظره بجلساتها على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 8/5/2005 أودع الحاضر عن البنك المطعون ضده مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم برفض الطعن، كما قدم الحاضر عن المدعي أصلا مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم له بطلباته في صحيفة دعواه المبتدأة، وبجلسة 10/2/2008 قدم الحاضر عن البنك مذكرة طلب في ختامها الحكم أصليا: بعدم قبول الطعن الماثل شكلا لرفعه بعد الميعاد، وبصفة احتياطية: رفض الطعن وإلزام المدعي أصلا المصروفات عن درجتي التقاضي، وبجلسة 1/3/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/5/2009 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
ومن حيث إن الدفع المبدي من البنك المطعون ضده بإقامة الطعن بعد الميعاد فلما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 24/3/2002، فيكون آخر ميعاد لإقامة الطعن 23/5/2002، ولما كان هذا اليوم صادف إجازة رسمية بمناسبة المولد النبوي الشريف، ومن ثم يمتد الميعاد لليوم التالي وصادف يوم جمعة (يوم إجازة), ومن ثم يمتد الميعاد لليوم التالي, أي يوم 25/5/2005، وإذ أقيم الطعن في هذا اليوم، فإنه يكون مقاما في الميعاد.
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 14/12/1997 أقام المدعي أصلا دعواه رقم 110 لسنة 45 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها، طالبا الحكم بضم مدة خدمته السابقة من 10/7/1972 حتى 26/2/1979 إلى مدة خدمته الحالية ببنك ناصر الاجتماعي وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 16/5/1999 قضت المحكمة المذكورة بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أساس أن مجلس إدارة البنك المدعى عليه لم يضع أية قواعد تجيز ضم مدد أو خبرات سابقة.
ولما لم يلق الحكم قبولا لدى الطاعن فأقام الطعن رقم 621/31 ق. س أمام محكمة القضاء الإداري (بهيئة استئنافية) طالبا الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بأحقيته في ضم مدة خدمته السابقة والتي تبلغ ست سنوات وسبعة أشهر ونصف تقريبا إلى مدة خدمته الحالية بالبنك المطعون ضده وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 24/3/2002 قضت هذه المحكمة بقضائها المشار إليه وشيدت قضاءها على أساس أن مجلس إدارة البنك لم يضع أية قواعد تجيز ضم مدد أو خبرات سابقة ولم يقدم المدعي ما يفيد عكس ذلك، وأضافت المحكمة أنه بناء على ذلك يكون تطبيق نص المادة (23) من قانون نظام العاملين بالقطاع رقم 48 لسنة 1978 غير ممكن لعدم وجود القواعد التي تطلبها المشرع لإعمالها، وخلصت إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن غير قائم على محله خليقا بالرفض.
وإذ لم يلق الحكم قبولا لدى هيئة مفوضي الدولة فأقامت الطعن الماثل إعمالا لنص المادة (23) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لتقرير مبدأ قانوني جديد بشأن مدى جواز سريان أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المتعلق بضم مدد الخبرة السابقة المكتسبة على العاملين ببنك ناصر الاجتماعي لحين صدور قرار عن مجلس إدارة هذا البنك بتنظيم تلك المسألة, وذلك على سند من القول إن لائحة بنك ناصر الاجتماعي والتي أقرها مجلس إدارته بجلسته رقم 48 في 6/1/1980 قد خلت من نص ينظم مسألة احتساب ضم مدد الخبرة السابقة المكتسبة عمليا، كما أن قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978-الذي تنص لائحة البنك على سريان أحكامه على العاملين بالبنك فيما لم يرد بشأنه نص فيها– نص في مادته رقم (23) على أن مسألة ضم مدد الخبرة السابقة يصدر بتنظيمها قرار عن مجلس إدارة الشركة، وهو ما لم يتم بالنسبة للعاملين ببنك ناصر الاجتماعي، ومن ثم فإن العاملين بهذا البنك يكونون مفتقدين لأي نص تشريعي أو لائحى ينظم هذه المسألة، الأمر الذي ينطوي على تمييز ليس له مقتضٍ، مما يبرز منه التساؤل عن مدى جواز تطبيق نصوص قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 التي تنظم المسألة المشار إليها على العاملين ببنك ناصر الاجتماعي لعدم وجود نص في لائحة البنك أو القانون رقم 48 لسنة 1978 ينظمها، وذلك لحين صدور قرار عن مجلس إدارة البنك في هذا الشأن، باعتبار أن القانون رقم 47 لسنة 1978 هو الأصل العام والشريعة العامة للموظفين.
ومن حيث إن المادة (5) من لائحة نظام العاملين ببنك ناصر الاجتماعي التي أقرها مجلس إدارة البنك بجلسته رقم 48 في 6/1/1980 وما ورد عليها من تعديلات بجلسته رقم 118 في 3/9/1992 تنص على أنه: “يجوز التعيين بغير امتحان أو اختبار في الأحوال الآتية:
أ– إذا توافر في المتقدم للتعيين مؤهلات لا تتوافر بالقدر الكافي في غيره.
ب– إذا توافرت في المتقدم للتعيين خبرات متميزة ويفضل من كان له خبرة في الجهاز المصرفي”.
وتنص المادة (9) من ذات اللائحة على أن: “تعتبر الأقدمية في الوظيفة من تاريخ صدور قرار التعيين فيها ويستحق العامل أجره اعتبارا من تاريخ تسلمه العمل…”.
وتنص المادة (104) من اللائحة المذكورة على أن: “تسري أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 والقوانين المعدلة له على العاملين بالبنك فيما لم يرد به نص في هذه اللائحة”.
ومن حيث إن المادة (1) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 تنص على أنه: “تسري أحكام القانون على العاملين في شركات القطاع العام…”.
وتنص المادة (23) من ذات القانون على أنه: “يصدر مجلس إدارة الشركة قرارا بنظام احتساب مدة الخبرة المكتسبة عمليا وما يترتب عليها من احتساب الأقدمية الافتراضية والزيادة في أجر بداية التعيين وذلك بالنسبة للعامل الذي تزيد مدة خدمته عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة مع مراعاة اتفاق هذه الخبرة مع طبيعة العمل”.
وتنص المادة (23) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أنه: “استثناءً من حكم المادة 17 يجوز إعادة تعيين العامل في وظيفته السابقة التي كان يشغلها أو في وظيفة أخرى مماثلة في ذات الوحدة أو في وحدة أخرى بذات أجره الأصلي الذي كان يتقاضاه، مع الاحتفاظ له بالمدة التي قضاها في وظيفته السابقة في الأقدمية، وذلك إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة لشغل الوظيفة التي يعاد التعيين عليها، على ألا يكون التقرير الأخير المقدم عنه في وظيفته السابقة بمرتبة ضعيف”.
وتنص الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه على أن: “ويجوز بقرار من السلطة المختصة تعيين العامل الذي تزيد مدة خبرته العملية التي تتفق وطبيعة العمل عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها بشرط ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر”.
ومن حيث إنه من مفاد ما تقدم، أن قانون بنك ناصر الاجتماعي ولائحة نظام العاملين به قد وردا خلوا من نص ينظم مسألة احتساب وضم مدد الخبرة السابقة المكتسبة عمليا، كما أن قانون نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه -الذي نصت لائحة البنك المذكور على سريان أحكامه على العاملين بالبنك فيما لم يرد بشأنه نص فيها- قد نص في المادة (23) منه على أن مسألة ضم مدد الخبرة السابقة يصدر بتنظيمها قرار عن مجلس إدارة الشركة، وهو ما لم يتم بالنسبة للعاملين ببنك ناصر الاجتماعي، ومن ثم فإن العاملين ببنك ناصر الاجتماعي يكونون مفتقدين إلى نص تشريعي أو لائحي ينظم تلك المسألة بالنسبة لهم، بخلاف غيرهم من العاملين المدنيين الخاضعين لأحكام قوانين أخرى تنظم المسألة المذكورة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 هو القانون أو الشريعة العامة لجميع الموظفين في الدولة، وأن هذا القانون ينظم جميع المسائل المتعلقة بشئون الموظفين ما لم تنص قوانين خاصة على تنظيم هذه المسائل وتكون خاصة بهم، وفي حالة ما إذا وجدت بعض المسائل لا تنظمها تلك القوانين الخاصة يرجع إلى الأصل العام والشريعة العامة وهو قانون العاملين المدنيين بالدولة لاستصحاب قواعده وأحكامه فيما لم يرد فيه نص بخصوص هذه المسائل وإلى أن تصدر في شأنها قواعد قانونية تنظم شئونها.
ومن حيث إنه وطبقا لما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف صحيح القانون، مما يقتضي الحكم بإلغائه وأمرت المحكمة بإعادة الطعن إلى محكمة القضاء الإداري – بدائرة استئنافية- للنظر في موضوعه حيث إنه غير مهيأ للفصل فيه بهيئة مغايرة وأبقت الفصل في المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأمرت بإعادة الطعن رقم 621 لسنة 31ق. س إلى محكمة القضاء الإداري – دائرة استئنافية – للفصل في موضوعه على الوجه المبين بالأسباب
بهيئة مغايرة، وأبقت الفصل في المصروفات.