جلسة 27 من سبتمبر سنة 2009
(الدائرة الخامسة)
الطعن رقم 7705 لسنة 53 القضائية عليا.
ضباط- تأديب- مدى صلاحية الشكاوى والتحريات كسند لتوقيع الجزاء التأديبي.
من المقرر أن الشكاوى والبلاغات والتحريات وإن كانت تصلح لأن تكون سندا لنسبة اتهام إلى من تشير إليه، إلا أن صلاحية هذا السند لتوقيع الجزاء التأديبي على مقترف الذنب الإداري مرهون بأن تقوم الجهة الإدارية بإجراء تحقيق تواجه فيه المتهم بما هو منسوب إليه وتحقيق دفاعه وفحص الأدلة، ثم استخلاص الذنب الإداري من أدلة قائمة وثابتة في حقه مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول موجودة لها مأخذها الصحيح من عيون الأوراق، والذي يشكل سببا يسوغ معه للسلطة المختصة بالتأديب الاعتماد عليه في توقيع الجزاء التأديبي- تطبيق.
ضباط- تأديب- مخالفات تأديبية- الانقطاع عن العمل دون عذر- رفض إجراء التحاليل الطبية.
أوجب المشرع على ضابط الشرطة مراعاة الأحكام الواردة بقانون هيئة الشرطة وتنفيذها، وفي مقدمة هذه الواجبات أداء العمل المكلف به بنفسه في الوقت المخصص له، وفي المقابل يحظر عليه الانقطاع عن العمل بغير عذر يبرر ذلك، كما أوجب عليه تنفيذ ما يصدر إليه من أوامر من جهة الإدارة بدقة وأمانة، وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها؛ حفاظا على حسن سير العمل بانتظام واضطراد في مرفق الشرطة، باعتبارها هيئة مدنية نظامية تقوم على الانضباط العسكري شأنها شأن القوات المسلحة- في حالة مخالفة الضابط لهذه الواجبات وعدم امتثاله لتنفيذ ما يصدر إليه من أوامر تتم معاقبته تأديبيا- تطبيقا لذلك: الضابط الذي يرفض إجراء التحاليل الطبية اللازمة بمستشفى الشرطة إعمالا للكتاب الدوري الذي يلتزم الضابط بمقتضاه بالاستجابة لأي تعليمات أو أوامر بشأن طلب إجراء فحص طبي أو معملي في الجهات الطبية المحددة والمعتمدة من قبل الإدارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية يعد مرتكبا مخالفة صريحة للتعليمات تستوجب مجازاته تأديبيا عنها- تطبيق.
فى يوم الاثنين الموافق 5/3/2007 أودع الأستاذ/ …المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 7705 لسنة 53 ق عليا طعنا على القرار الصادر عن مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة في الاستئناف والمقيد برقم 351 لسنة 2005 بجلسة 23/1/2007 القاضي منطوقه بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه إلى مجازاة الضابط المستأنف ضده بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلغاء كافة ما ترتب عليه من آثار وتحميل جهة الإدارة المصروفات والأتعاب.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق0
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/10/2008 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 23/3/2009 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الخامسة (موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 9/5/2009.
ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسة التالية المنعقدة بتاريخ 20/6/2009 وذلك على النحو المبين بمحضريهما وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/9/2009 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال شهر0
وبتاريخ 25/6/2009 أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة بدفاعه وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به0
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق الأخرى ــ في أنه بتاريخ 27/11/2004 صدر قرار وزير الداخلية رقم 459 لسنة 2004 بإحالة النقيب/ ياسر … الضابط بمديرية أمن مطروح (الطاعن) إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبيا؛ لأنه بوصفه موظفا عاما (ضابط شرطة) ارتكب ما يلي:
وبجلسة 3/7/2005 أصدر مجلس التأديب الابتدائي قراره القاضي بإدانة الضابط المحال في المخالفتين المنسوبتين إليه بقرار الإحالة، ومجازاته عنهما بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر0
وإذا لم يلق هذا القرار قبولا لدى وزارة الداخلية فطعنت عليه بالاستئناف المقيد برقم 351 لسنة 2005 كما لم يرتض الطاعن عن القرار فأقام عنه استئنافا مقابلاً. وبجلسة 23/1/2007 أصدر مجلس التأديب الاستنئافي لضباط الشرطة قراره المطعون فيه بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر.
وشيد المجلس قضاءه على أن المخالفتين المنسوبتين إلى الطاعن ثابتتان في حقه على النحو الوارد بالأسباب التي بني عليها القرار المطعون فيه وذلك على النحو الموضح بالأسباب الواردة بمدونات هذا القرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار الطعين قد شابه العوار لقصوره في البيان المتمثل في الرد بطريقة غير موضوعية على الدفوع التي طرحها الطاعن بمذكرة دفاعه أمام مجلس التأديب الاستئنافي، فضلا عن مخالفته للقانون وذلك على النحو الوارد تفصيلا بالأسباب التي اشتمل عليها تقرير الطعن.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الطعن أنه على إثر صدور القرار الوزاري رقم 387 لسنة 2004 بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبيا لخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة التعليمات والسلوك المعيب لثبوت تعاطيه المواد المخدرة ولرفضه إجراء التحاليل الطبية اللازمة بمستشفى هيئة الشرطة بالعجوزة، ولارتباطه بعلاقة صداقة بمن هم دون المستوي الوظيفي؛ تقرر وضعه تحت الملاحظة السرية اعتبارا من 18/9/2004 وإخطار جهة عمله للتنسيق مع الإدارة العامة للخدمات الطبية لإجراء تحاليل عشوائية دون علم مسبق وعلى فترات للتأكد من إقلاعه عن تعاطي المواد المخدرة من عدمه، وقد أفادت الإدارة العامة للخدمات الطبية بكتابها المؤرخ 12/10/2004 بأنه بتاريخ 29/9/2004 حضر الطاعن صحبة مأمورية لإجراء التحليل المطلوب(الكشف عن المواد المخدرة) بمستشفى الشرطة بالعجوزة، إلا أنه رفض إعطاء العينة على الرغم من إعلانه بالإجراءات الطبية الواجب اتباعها لمساعدته في إعطاء عينة لإجراء التحليل، وأنه قد وافق في بداية الأمر، وتم عمل أشعة على المثانة قبل وبعد تناوله جرعات ماء متذرعا برفضه للإجراءات المتبعة لأخذ العينة التي تتم تحت إشراف ضابط وفني معمل، وحرر إقرارا بذلك ضمنه عدم استطاعته إعطاء عينة لوجود الضابط المختص وفني معمل معه، وقد أشارت تحريات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات إلى أن الطاعن يتعاطى المواد المخدرة بحيطة وحذر شديدين وبصورة لا تصل إلى حد الإدمان، كما أفادت مديرية أمن مطروح قسم شئون الضباط بأمن مطروح بمذكرتها المؤرخة في 16/11/2004 بأن الطاعن أبلغ بتاريخ 20/4/2004 بمرضه وتم إحالته إلى المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة لتوقيع الكشف الطبي عليه، ومثل أمامه الطاعن بجلسته المنعقدة بتاريخ 27/5/2004 فقرر المجلس عدم احتساب الفترة من 20/4/2004 حتى 27/5/2004 إجازة مرضية، وبتاريخ 8/6/2004 أعلن الطاعن بقرار المجلس الطبي المشار إليه فتظلم منه وأرسل تظلما للإدارة العامة للخدمات الطبية وقررت لجنة فحص التظلمات بالإدارة المذكورة بجلستها المنعقدة بتاريخ 4/8/2004 رفض التظلم لعدم مثول الطاعن أمامها للنظر في تظلمه، وبالرغم من حضوره إلى الإدارة العامة للخدمات الطبية وانصرافه بدون العرض على اللجنة للنظر في تظلمه.
ومن حيث إنه بسؤال الطاعن وبمواجهته بما هو منسوب إليه في التحقيق الإداري الذي أجرى بمعرفة مفتش الداخلية اعترف برفضه إعطاء عينة بول لإجراء التحليل بسبب وجود الضابط المرافق معه الذي توجه لصحبته إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة يوم 29/9/2004 وضابط من الخدمات الطبية لا يعرف اسمه وفني معمل معه داخل دورة المياه فلم يستطع إعطاء العينة بهذا الشكل وأنه لا يتعاطى أية مواد مخدرة ومتأكد من سلامة موقفه كما اعترف الطاعن بتغيبه عن العمل لمدة 38 يوما اعتبارا من 20/4 حتى 27/5/2004 بسبب مرضه، وأنه قدم الأوراق للمجلس الطبي ولكنه لم يحتسب هذه المدة إجازة مرضية، وأنه تظلم من قراره إلا أنه لم يحضر أمام لجنة فحص التظلمات رغم توجهه إليها يوم جلسة فحص التظلم بتاريخ 4/8/2004 لأنه ليس معه مستندات جديدة يتقدم بها، فقررت عدم احتساب هذه المدة إجازة مرضية وأنه ليست لديه أية مستندات أو دفوع جديدة في هذا الشأن يستطيع من خلالها إثبات مرضه وانه لم يسبق توقيع أي جزاء عليه بسبب ذلك.
ومن حيث إنه من المقرر أن الشكاوى والبلاغات والتحريات وإن كانت تصلح لأن تكون سنداً لنسبة اتهام إلى من تشير إليه، إلا أن صلاحية هذا السند لتوقيع الجزاء التأديبي على مقترف الذنب الإداري مرهونة بأن تقوم الجهة الإدارية بإجراء تحقيق تواجه فيه المتهم بما هو منسوب إليه وتحقيق دفاعه وفحص الأدلة، ثم استخلاص الذنب الإداري من أدلة قائمة وثابتة في حقه مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول موجودة لها مأخذها الصحيح من عيون الأوراق، والذي يشكل سببا يسوغ معه للسلطة المختصة بالتأديب الاعتماد عليه في توقيع الجزاء التأديبي0
ومن حيث إنه من المسلم به أن العبرة في الإثبات في المواد التأديبية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، فله الأخذ بأي دليل يطمئن إليه إلا إذا قيده المشرع بدليل معين0
ومن حيث إنه -وطبقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- فإن المسئولية التأديبية لضباط الشرطة تستمد من الواجبات الوظيفية والمحظورات المنصوص عليها في قانون الشرطة رقم 109 سنة 1971 ومنها ما نصت عليه المادة 33 من أنه: “لا يجوز للضابط أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة مصرح بها في حدود الإجازات المقررة في هذا القانون.
وما نصت عليه المادة 41 من ذات القانون من أنه: “يجب على الضابط مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها وعليه كذلك 1-… 2-… 3- أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها، ويتحمل كل رئيس مسئولية الأوامر التي تصدر عنه وهو المسئول عن حسن سير العمل في حدود اختصاصه”.
ومن حيث إنه لما كان المشرع أوجب على ضابط الشرطة مراعاة الأحكام الواردة بقانون هيئة الشرطة وتنفيذها، وفى مقدمة هذه الواجبات أداء العمل المكلف به بنفسه في الوقت المخصص له، وفى المقابل يحظر عليه الانقطاع عن العمل بغير عذر يبرر ذلك، كما أوجب عليه تنفيذ ما يصدر إليه من أوامر من جهة الإدارة بدقة وأمانة وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها حفاظا على حسن سير العمل بانتظام واضطراد في مرفق الشرطة باعتبارها هيئة مدنية نظامية تقوم على الانضباط العسكري شأنها شأن القوات المسلحة نظرا لعظم وجلال المهام الملقاة على عاتقها في المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال، ودورها الوقائي في منع الجرائم قبل وقوعها وضبطها في حالة اقترافها، بالإضافة إلى المسئوليات الأخرى المنوطة بها في كافة المجالات، وعلى ذلك فإنه في حالة مخالفة الضابط لهذه الواجبات وعدم امتثاله لتنفيذ ما يصدر إليه من أوامر يتم معاقبته تأديبيا، وبالتالي يمكن أن يتم اتخاذ إجراء تأديبي قبل الضابط الذي يرفض إجراء التحاليل الطبية اللازمة بمستشفي الشرطة إعمالا للكتاب الدوري رقم 12 لسنة 2004 الصادر عن الإدارة العامة لشئون الضباط، والذي يلتزم الضابط بمقتضاه بالاستجابة لأية تعليمات أو أوامر بشأن طلب إجراء فحص طبي أو معملي، على أن يتم إجراء تلك الفحوص في الجهات الطبية المحددة والمعتمدة من قبل الإدارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية باعتبارها الجهة المختصة بتحديد ذلك، وأي تراخ أو تقاعس أو مخالفة لذلك بغير مبرر مقنع يعد مخالفة صريحة للتعليمات تستوجب مجازاته تأديبيا عنها.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة قرار مجلس التأديب الابتدائي ومن بعده قرار مجلس التأديب الاستئنافي أن المجلسين استخلصا بأسباب سائغة ما هو منسوب إلى الطاعن أخذا من اعترافه بالتحقيق الإداري الذي أجرى معه وتحريات الجهة الأمنية المختصة.
ومن حيث إنه متى ثبت من مطالعة الأوراق أنه خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وخالف التعليمات وأتى سلوكاً معيباً بعدم انتظامه في العمل بانقطاعه عنه بدعوى المرض، وأنه لم يثبت رسمياً صحة هذا الادعاء حيث بلغت مدة انقطاعه 38 يوما حال انتسابه إلى هيئة نظامية منوط بها إقرار الأمن العام وحماية حياة المواطنين وسلامة المنشآت والأموال العامة والخاصة من الاعتداء عليها، وهي رسالة جد عظيمة توجب على أفرادها الالتزام بالانضباط والانتظام في أداء العمل المنوط بهم دون تقاعس أو إهمال أو تكاسل وأن يكونوا على درجة عالية من الصدق والاستقامة والتزام مقومات السمعة الطيبة والسلوك الحميد والنأي عن الهوى، وعلى ذلك فإذا ما ثبت عدم اعتماد الجهات الطبية مدة انقطاع الطاعن إجازة مرضية، فإن هذا يدل على أن مسلكه شابه عدم الانتظام في ممارسة واجبات وظيفته واستمراره في نهجه المعوج غير عابئ بأداء العمل المنوط به الذي يقوم في أسسه وأساسه على الانضباط، وخاصة أن يديه خلت من أية مستندات تساند ادعاءه المرض، وبذلك يكون قد أخل بأهم واجباته الوظيفية مما يستوجب مساءلته تأديبياً عن ذلك الذنب الإداري.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة التحقيق الإداري المشار إليه أنه وردت معلومات من إحدى الجهات الأمنية عن تعاطي الطاعن المواد المخدرة في ضوء ما ثبت من إيجابية التحليل الذي أجري له بتاريخ 9/6/2004 لمادة الكنابيس (الحشيش أو البانجو)، ثم رفض إجراء التحليل بتاريخ 26/8/2004 وأحيل للمحاكمة التأديبية عن هذه الوقائع، وعلى إثر ذلك قررت الجهة الإدارية وضعه تحت الملاحظة السرية اعتبارا من 18/9/2004، وبناء على ذلك صدر أمر بالتنبيه على الطاعن بإجراء التحاليل الطبية اللازمة يوم 29/9/2004 للكشف عن المواد المخدرة، إلا أنه رفض تنفيذ هذا الأمر، ووقع على إقرار مؤرخ في ذات التاريخ برفضه إعطاء العينة بسبب وجود الضابط المرافق وضابط الخدمات الطبية وفني المعمل معه في دورة المياه، وحيث إن ما ساقه من أعذار لا يبرر امتناعه عن تنفيذ الأمر الصادر إليه بإجراء التحليل الطبي على النحو الموضح سلفا، وإنه لو كان يثق في سلامة موقفه لبادر بإجراء التحاليل المطلوبة منه دون ذلك الإصرار الشديد من جانبه على عدم إعطاء العينة، الأمر الذي يعد إخلالا بواجبات وظيفته وإتيانه أعمالاً يحظر عليه اقترافها مما يشكل في حقه مخالفة مسلكية ينبغي مساءلته تأديبياً عنها، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه وقد انتهى إلى ثبوت المخالفتين المنسوبتين إلى الطاعن يكون قد جاء متفقا وصحيح حكم القانون فيما قضى من إدانة الطاعن0
ومن حيث إنه بالنسبة لتقدير الجزاء فإنه لما كانت المادة 48 من قانون هيئة الشرطة سالف الذكر تنص على أن: “الجزاءات التي يجوز توقيعها على الضباط هي: 1-… 2- … 3- … 4- … 5– الوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة لا تجاوز ستة أشهر، ويشمل المرتب ما يلحقه من بدلات ثابتة”.
ولما كان من المقرر أن السلطة التأديبية المختصة سواء كانت رئاسية أو قضائية لا تملك توقيع عقوبة غير منصوص عليها صراحة قانونا.
ومن حيث إن القرار الطعين قد خلص إلى مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر دون تقرير صرف نصف المرتب، مما يتعين معه القضاء بإلغائه ومجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف المرتب، وهي إحدى العقوبات المقررة قانونا بمقتضى القانون رقم 109 لسنة 1971 سالف الذكر.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً بمجازاة الطاعن بعقوبة الوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف المرتب.