جلسة 22 من يونيه سنة 2008
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 9968 لسنة 53 القضائية عليا.
– شئون الأعضاء- مدى جواز احتفاظ عضو النيابة بمرتبه الذي كان يتقاضاه من وظيفته السابقة قبل التحاقه بالنيابة.
المادة (38) مكررا من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وتعديلاته- المادتان (1) و (25) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
أحال المشرع في شأن تعيين أعضاء النيابة الإدارية ومرتباتهم وبدلاتهم وقواعد ترقياتهم وندبهم وإعاراتهم وإجازاتهم واستقالاتهم ومعاشاتهم إلى الأحكام المطبقة في هذا الشأن على أعضاء النيابة العامة- لما كان قانون السلطة القضائية قد خلا من تنظيم مدى جواز احتفاظ عضو النيابة العامة بمرتبه الذي كان يتقاضاه من وظيفته السابقة قبل التحاقه بالنيابة فمن ثم يتعين الاستعانة بالقواعد العامة التي تحكم شئون الوظيفة العامة- جعل المشرع احتفاظ العامل الذي يعاد تعيينه في وظيفة أخرى دون فاصل زمني بمرتبه السابق أصلا يهيمن على الوظيفة العامة، سواء تعلق الأمر بالعاملين في الكادر العام أو في الكادر الخاص- أثر ذلك: وجوب احتفاظ هذا العامل بمرتبه الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة، ولو كان يزيد على أول مربوط الفئة التي أعيد تعيينه عليها، وبشرط ألا يجاوز نهاية مربوطها([1])– تطبيق.
– شئون الأعضاء- تقيد الطعن على قرار التعيين فيما تضمنه من عدم الاعتداد بحساب مدة الخبرة العملية في الوظيفة السابقة بقيود طلبات الإلغاء([2]).
الطعن على قرار تعيين عضو النيابة الإدارية فيما تضمنه من عدم الاعتداد بحساب مدة الخبرة العملية في الوظيفة السابقة التي كان يشغلها المعين ورد أقدميته فيها تبعا لذلك، يعد من طلبات الإلغاء التي تتقيد بشرط التظلم الوجوبي- أساس ذلك: أن هذا الطلب يعد طعنا في قرار التعيين الذي يجب التظلم منه قبل رفع الدعوى- تطبيق.
إنه في يوم السبت الموافق 31/3/2007 أودع الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 9968 لسنة 53 ق. عليا طالبًا -على نحو ما سطره بمذكرته الختامية المقدمة إلى المحكمة بجلستها المؤرخة 2/12/2007- قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع:
1- أحقيته في حساب مدة خدمته السابقة بكلية الشريعة والقانون ضمن مدة خدمته بهيئة النيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إرجاع أقدميته بالهيئة إلى 14/11/1994.
2- أحقيته في الاحتفاظ بأجره السابق الذي كان يتقاضاه قبل تعيينه بهيئة النيابة الإدارية ومقداره (393,71 جنيهًا) مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم:
1- بالنسبة إلى إلغاء القرار رقم 391 لسنة 1994 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية بهيئة النيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها اعتباره معينًا بتلك الوظيفة اعتبارًا من 14/11/1994: عدم قبول الطعن شكلاً لعدم سابقة التظلم ورفع الطعن بعد فوات المواعيد المقررة قانونًا.
2- بالنسبة إلى الاحتفاظ بالمرتب السابق: قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بأحقية الطاعن في الاحتفاظ بالمرتب الذي كان يتقاضاه بجامعة الأزهر عند إعادة تعيينه بوظيفة معاون نيابة إدارية شريطة ألا يجاوز نهاية مربوط الوظيفة التي عُين عليها مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إنه وكما استقر قضاء هذه المحكمة فإن تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساتها، وذلك دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب.
وإذ كان ما تقدم فإن حقيقة طلبات الطاعن على نحو ما سطره في مذكرته الختامية المقدمة إلى المحكمة بجلستها المنعقدة بتاريخ 2/12/2007 هي الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع:
أولا- إلغاء القرار الجمهوري رقم 230 لسنة 2000 الصادر بتعيينه معاونًا للنيابة الإدارية فيما تضمنه من عدم الاعتداد بحساب مدة خبرته العملية في وظيفته السابقة التي كان يشغلها (معيد بكلية الشريعة والقانون بأسيوط) وعدم رد أقدميته إلى تاريخ 14/11/1994.
ثانيا- أحقيته في الاحتفاظ بأجره السابق الذي كان يتقاضاه قبل تعيينه بهيئة النيابة الإدارية ومقداره (393,71 جنيهًا) مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن حصل على ليسانس الشريعة والقانون في كلية الشريعة والقانون بأسيوط– جامعة الأزهر عام 1992 بتقدير جيد جدًا، وعُين معيدًا بالكلية في شهر أكتوبر عام 1994 وظل بها حتى تاريخ 2/6/2000 اليوم السابق على تسلمه العمل في وظيفة معاون نيابة إدارية بتاريخ 3/6/2000 إعمالا للقرار الجمهوري رقم 230/2000، وقد حصل على درجة الماجستير من كلية الشريعة والقانون بالقاهرة عام 2001 وعلى درجة الدكتوراه عام 2007 من ذات الكلية. ويستطرد الطاعن أن عمله معيدًا بكلية الشريعة والقانون يعد مماثلاً لعمل النيابة، كما ورد بنص المادة (34) من القانون رقم 117 لسنة 1958، وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات المشار إليها.
وحيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء القرار الجمهوري رقم 230 لسنة 2000 الصادر بتعيينه معاونًا للنيابة الإدارية فيما تضمنه من عدم الاعتداد بحساب مدة خبرته العملية في وظيفته السابقة (معيد بكلية الشريعة والقانون بأسيوط)، وكذا من عدم رد أقدميته إلى تاريخ 14/11/1994، فإن المادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية… ثالثًا: الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات”.
وتنص المادة (12) من ذات القانون على أنه: “لا تقبل الطلبات الآتية:… (ب)الطلبات المقدمة رأسًا بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثًا ورابعًا وتاسعًا من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية، وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم. وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة”.
ومفاد ما تقدم – في خصوص النزاع الماثل– أن المشرع حدد على سبيل الحصر القرارات التي لا تقبل أمام المحكمة قبل التظلم منها وجوبًا إلى الهيئة مصدرة القرار أو الهيئات الرئاسية لها، ومنها القرارات الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة.
وحيث إن أوراق الدعوى جاءت خلوًا مما يقوم شاهدًا على أن الطاعن تظلم من القرار المطعون عليه رقم 230 لسنة 2000 وذلك بالمخالفة لحكم المادة (12) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي اشترطت التظلم الوجوبي لقبول دعوى إلغاء قرارات التعيين، فمن ثم يتخلف عن الطعن في هذا الشق منه شرط قبوله من الناحية الشكلية، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بعدم قبول الطعن لعدم سابقة التظلم.
وحيث إنه عن طلب الطاعن الاحتفاظ بأجره السابق الذي كان يتقاضاه قبل تعيينه بهيئة النيابة الإدارية ومقداره (393,71 جنيهًا) مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفروق مالية.
وحيث إن أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية وتعديلاته لم تتناول بالتنظيم هذا الأمر.
وحيث إن المادة (38) مكررًا من القانون المشار إليه المضافة بالقانون رقم 39 لسنة 1974 تنص على أن: “يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب والإعارة والإجازات والاستقالة والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة”.
ومفاد ما تقدم أن المشرع أحال في شأن تعيين أعضاء النيابة الإدارية ومرتباتهم وبدلاتهم وقواعد ترقيتهم وندبهم وإعارتهم وإجازاتهم واستقالتهم ومعاشاتهم إلى الأحكام المطبقة في هذا الشأن على أعضاء النيابة العامة.
وحيث إن نصوص قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 142 لسنة 2006 المنظمة لشئون النيابة العامة جاءت خلوًا من أحكام تنظم مدى جواز احتفاظ عضو النيابة العامة بمرتبه الذي كان يتقاضاه من وظيفته السابقة قبل التحاقه بالنيابة العامة، ومن ثم يتعين الاستعانة بالقواعد العامة التي تحكم شئون الوظيفة العامة.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1978 في شأن نظام العاملين المدنيين بالدولة اعتنق ما درجت عليه التفسيرات التشريعية لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن العاملين المدنيين بالدولة (الملغى)، فقد نص التفسير التشريعي رقم (5) لسنة 1965 على أن العامل الذي يعاد تعيينه في الكادر العالي أو الكادر المتوسط أو في درجة أعلى يحتفظ بالمرتب الذي كان يتقاضاه في الكادر أو الدرجة الأولى ولو كان يزيد على أول مربوط الدرجة المعاد تعيينه فيها، بشرط ألا يجاوز نهاية مربوطها.
ثم صدر التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1969 ناصًا على سريان التفسير السابق على العاملين الذين يتم تعيينهم في إحدى الوظائف التي تنظمها قوانين خاصة ما لم يكن هناك فاصل زمني بين ترك الوظيفة والتعيين في الوظيفة الجديدة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه تنص على أن: “… وتسري أحكامه على: 1- … 2- العاملين بالهيئات العامة فيمالم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم. ولا تسري هذه الأحكام على العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين والقرارات… “.
ومن حيث إنه متى كان ما سبق وكانت المادة (25) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه تنص على أنه:”يستحق العامل عند التعيين بداية الأجر المقرر لدرجة الوظيفة طبقًا لجدول الأجور رقم (1) المرافق لهذا القانون. ويستحق العامل أجره اعتبارًا من تاريخ تسلمه العمل… واستثناءً من ذلك إذا أعيد تعيين العامل في وظيفة من مجموعة أخرى في نفس درجته أو في درجة أخرى احتفظ له بالأجر الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة إذا كان يزيد على بداية الأجر المقرر للوظيفة المعين عليها، بشرط ألا يجاوز نهايته وأن تكون مدة خدمته متصلة…”.
ومن حيث إن مسلك المشرع على النحو سالف الذكر يجعل من احتفاظ العامل الذي يعاد تعيينه في وظيفة أخرى دون فاصل زمني بمرتبه السابق أصلاً يهيمن على الوظيفة العامة، سواء تعلق الأمر بالعاملين بالكادر العام أو في الكادر الخاص؛ وذلك حرصًا على الحفاظ على مستوى معيشة العامل، ومن ثم فإنه يتعين القول بوجوب الاحتفاظ لهذا العامل بمرتبه الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة ولو كان يزيد على أول مربوط الفئة التي أعيد تعيينه فيها وبشرط ألا يجاوز نهاية مربوطها. (يراجع في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 275 لسنة 37 القضائية عليا بجلسة 12/7/1997).
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم ولما كان الثابت أن الطاعن كان يشغل وظيفة معيد بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وكان آخر أجر أساسي يتقاضاه بها مبلغا قدره (393.71 جنيها) ثم عُين بعد ذلك بوظيفة معاون نيابة إدارية بالقرار الجمهوري رقم 230 لسنة 2000 المؤرخ 14/5/2000. وقد صدر الأمر التنفيذي عن مدير عام الشئون الإدارية بجامعة الأزهر رقم 1375 بتاريخ 24/6/2000 بعد موافقة الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة بتاريخ 22/6/2000 برفع اسم الطاعن من عداد العاملين بجامعة الأزهر اعتبارًا من 14/5/2000 (تاريخ صدور القرار الجمهوري بتعيينه بهيئة النيابة الإدارية) مع اعتبار الفترة من تاريخ رفع اسم الطاعن وحتى تاريخ 2/6/2000 تاريخ اليوم السابق لتسلمه العمل بالنيابة الإدارية بأجر نظير عمل، الأمر الذي يفصح عن أنه ليس هناك فاصل زمني بين ترك الطاعن لوظيفته السابقة كمعيد بكلية الشريعة والقانون وتسلمه العمل في وظيفته الجديدة بهيئة النيابة الإدارية، فمن ثم يكون من حق المذكور أن يستصحب معه في هذه الوظيفة الأخيرة المرتب الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة بجامعة الأزهر وهو (393,71 جنيهًا) شهريًا ما دام لا يزيد على نهاية الربط المقرر للوظيفة المعين عليها بالنيابة الإدارية، وبالتالي يتعين الاحتفاظ براتبه الذي وصل إليه قبل التحاقه بالوظيفة الجديدة وذلك اعتبارًا من تاريخ تسلمه العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفروق مالية.
حكمت المحكمة:
1- بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الجمهوري رقم 230 لسنة 2000 الصادر بتعيين الطاعن معاونًا للنيابة الإدارية فيما تضمنه من عدم الاعتداد بحساب مدة خدمته العملية في وظيفته السابقة بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فرع أسيوط، وكذا من عدم رد أقدميته إلى تاريخ 14/11/1994: بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم سابقة التظلم.
2- بالنسبة إلى طلب احتفاظ الطاعن بأجره السابق الذي كان يتقاضاه قبل تعيينه بهيئة النيابة الإدارية ومقداره (393.71 جنيهًا): بأحقية الطاعن في استصحاب المرتب الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة ومقداره (393.71 جنيهًا) شهريًا مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفروق مالية.
[1]) ) على خلاف ذلك قضت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بأنه لا يجوز لمن يعين في أدنى الوظائف القضائية أن يحتفظ بأجره الأساسي الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة على تعيينه. (حكمها في الطعن رقم 12361 لسنة 53 القضائية عليا بجلسة 6/2/2010).
([2]) قارن بما انتهت إليه المحكمة في حكمها في الطعن رقم 26610 لسنة 52 القضائية عليا بجلسة 25/5/2008 المنشور بهذه المجموعة برقم 168/أ، حيث قررت المحكمة أن طلب ضم مدة الخبرة العملية السابقة يعد من طلبات التسوية التي لا تتقيد بمواعيد وإجراءات طلبات الإلغاء.