جلسة 30 من أكتوبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد ماجد محمود، وأحمد محمد حامد،
وعادل سيد عبد الرحيم بريك ، وسراج الدين عبد الحافظ
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد عبد المجيد إسماعيل
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد حسين
أمين السر
الطعن رقم 1714 لسنة 44 قضائية. عليا:
طلب وقف التنفيذ ــ عدم جدوى الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بعد تمام تنفيذه.
تنفيذ القرار المطعون فيه يعد ركنًا أساسيًا فى تقدير توافر شرط الاستعجال، وذلك على اعتبار أنه إذا كان تنفيذ القرار المتنازع عليه “كلية” لا يحول دون قبول طلب إلغائه والحكم به، فإن الأمر على العكس من ذلك فى حالة الحكم الصادر بوقف التنفيذ، إذ إن هذا الحكم ليس له أثر رجعى، ومن ثَمَّ عندما ينتج القرار المتنازع بوقف كل آثاره القانونية، فإنه لن يكون هناك سبب للقضاء بوقف التنفيذ، بحسبان أن حكم وقف التنفيذ يرمى إلى شل آثار القرار المتنازع عليه مؤقتًا بالنسبة للمستقبل والحفاظ على الوضع الراهن كما هو لحين الفصل بالإلغاء، بينما يترتب على الحكم بالإلغاء تعديل المراكز القانونية التى نشأت على أثر صدور القرار الـمُلغَى ــ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق8/1/1998 أودع الأستاذ/ عبد العزيز إبراهيم ــ المحامى ــ نائبًا عن الأستاذ/ عبد العزيز جمال الدين ـ المحامى ـ بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة ــ تقرير الطعن الماثل ــ فى الحكم المشار اليه بعاليه والذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفاته. وطلب الطاعن ــ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ــ الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقيته فى إلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن إصدار الترخيص له وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم فى مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 92 لسنة 1994 والقضاء مجددًا بوقف تنفيذه، ورفض ماعدا ذلك من طلبات، مع إلزام الجهة الإدارية والطاعن المصروفات مناصفةً.
ونُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المثبت بمحاضر جلساتها؛ حيث أودع الطاعن مذكرة دفاع، وبجلسة 23/5/2000 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة “موضوع” لنظره بجلسة 30/7/2000 والتى نظرته بتلك الجلسة وماتلاها من جلسات؛ حيث أودع الطاعن أربع حوافظ مستندات ومذكرة دفاع. كما أودعت هيئة قضايا الدولة حافظتى مستندات ومذكرتى دفاع، وبجلسة 9/10/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثَمَّ فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع، تتحصل ــ حسبما يبين من سائر الأوراق والحكم المطعون فيه ــ فى أنه بتاريخ 2/10/1994 أقام المدعى (الطاعن) الدعوى رقم 164 لسنة 46ق، وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ضد المطعون ضدهم بصفاتهم، طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن منحه ترخيص بناء بالتعلية طبقًا لقرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة 1991، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعى شرحًا لدعواه، إنه حصل على ترخيص المبانى رقم 35 لسنة 1992 لبناء بدروم وأرضى وأربعة أدوار متكررة ودور خامس خدمات فوق الأرضى على قطعة الأرض المملوكة له برقم 61 تقسيم معادى السرايات، وبتاريخ13/12/1992تقدم إلى الإدارة الهندسية بحى المعادى للحصول على رخصة بتعلية العقار، وذلك ببناء الأدوار من الخامس حتى التاسع طبقًا لقرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة 1991 الذى أجاز التعلية مرة وربع عرض الطريق بما لا يجاوز ثلاثين مترًا؛ حيث إن عرض الطريق الذى يقع به العقار يسمح بهذه التعلية، إلا أن الحى رفض استلام الطلب فتقدم بشكوى إلى المستشار القانونى لمحافظة القاهرة الذى أخطر رئيس الحى بتطبيق قرار المحافظة عليه، إلا أنه فوجىء وباقى ملاك العقار بتحرير محضر جنحة مبانى برقم 435 لسنة 1994 ضدهم وإيقاف الأعمال المخالفة، كما علموا مصادفة بصدور قرارى الإيقاف رقمى 125 و178 لسنة 1994، وقرارى الإزالة رقمى 209 لسنة 1993 و92 لسنة 1994. وأضاف المدعى بأنه نظرًا لعدم علمه شيئًا عن ترخيص التعلية المشار إليه، فقد اضطر إلى تقديم طلب إلى رئيس حى المعادى وطره برقم 709 فى 15/6/1994 مرفقًا به كافة المستندات اللازمة للترخيص إلا أن الحى لم يخطره حتى الآن بما يفيد البت فى طلب الترخيص هذا، مما يعد بمثابة موافقة ضمنية على هذا الطلب طبقًا لحكم المادة (7) من القانون رقم 106 لسنة 1976 ويكون قد نشأ له مركز قانونى وحق مكتسب فى الحصول على ترخيص تعلية عقاره مرة وربع عرض الطريق طبقًا لقرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة 1991 الملغى من 28/12/1992، ولما كان استمرار هذا الوضع يلحق به أضرارًا مادية جسيمة نتيجة ما أنفقه من مبالغ فى سبيل إنشاء الأعمدة والهياكل والأساسات اللازمة للارتفاع بالبناء إلى التعلية المطلوبة الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه بطلب الحكم له بطلباته سالفة البيان ……… ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بجلساتها، وبجلسة 11/11/1997 أصدرت الحكم المطعون فيه الذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ……… وشيدت المحكمة قضاءها بعد استعراضها لنصوص المواد (4، 5، 6، 7) من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 على أسباب حاصلها أن المشرع قد حظر إنشاء مبانٍ أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، كما حدد إجراءات وشروط الحصول على هذا الترخيص، وألزم الجهة الإدارية البت فى طلب الترخيص خلال مدة لا تزيد على ستين يومًا من تاريخ تقديمه، واعتبر مضى هذه المدة دون طلب بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات من صاحب الشأن بمثابة موافقة ضمنية على طلب الترخيص. ولما كان البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى حصل على الترخيص رقم 35 لسنة 1992 بتاريخ 31/3/1992 بإقامة بناء على قطعة الأرض رقم 61 تقسيم معادى السرايات مكون من بدروم وأرضى وأربعة أدوار متكررة ودور خامس خدمات، ثم تقدم بتاريخ 13/12/1992 بطلب إلى حى المعادى للحصول على ترخيص بتعلية هذا العقار للأدوار من الخامس إلى التاسع، ولم يقدم المستندات التى تطلبها القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه للموافقة على الترخيص ومنها الرسومات الهندسية إلا بتاريخ 10/11/1994حسبما يبين من الإنذار الموجه منه إلى جهة الإدارة فى هذا التاريخ لاستلام هذه الأوراق، كما لم يقم بسداد الرسوم المقررة إلا بتاريخ 13/12/1994 حسب الثابت بقسيمة السداد رقم 547913 / 358 ، ومن ثَمَّ فإنه لا يجوز اعتبار مضى المدة المقررة للبت فى طلب الترخيص السالف المقدم فى 13/12/1992 وهى ستون يومًا من تاريخ تقديمه بمثابة موافقة ضمنية على الترخيص، إذ إنه يشترط لإعمال هذه القرينة القانونية أن يكون طلب الترخيص المقدم إلى جهة الإدارة مرفقًا به كافة الأوراق والمستندات، وأن يكون مستوفيًا للبيانات والاشتراطات المقررة قانونًا، وهو ما لم يتحقق فى شأن المدعى على نحو ما تقدم، ومن ثَمَّ ولما كانت القواعد المعمول بها فى شأن قيود الارتفاع والتعلية الواردة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2104 لسنة 1996 الصادر تنفيذًا لأحكام القانون رقم 101لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976، تقتضى بأن الحد الأقصى للارتفاع فى منطقة المعادى الكائن بها العقار محل الدعوى مثل عرض الطريق، وهذا الشرط لا ينطبق على التعلية التى يطالب بها المدعى على أساس مرة وربع عرض الشارع، ومن ثَمَّ فإنه لا يجوز له قانونًا إقامة هذه التعلية، وبالتالى يكون امتناع جهة الإدارة عن منحه الترخيص بها قد جاء بحسب الظاهر من الأوراق ودون المساس بأصل الإلغاء ــ متفقًا وصحيح حكم القانون، دون أن ينال من ذلك ما ذكره المدعى من أن قرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة1991 والذى تقدم بطلب التعلية فى ظله كان يجيز تعلية العقارات مرة وربع عرض الشارع، ذلك أن الثابت من الأوراق أن هذا القرار قد ألغى بموجب قرار محافظ القاهرة رقم 806 الصادر فى 28/12/1992 قبل أن ينشأ للمدعى مركز قانونى مستقر فى الحصول على الترخيص، بحسبان أن تقديم هذا الطلب بتاريخ 23/12/1992 فى ظل العمل بالقرار السالف الذى أُلغى بعد خمسة أيام فقط من تقديم ذلك الطلب كان غير مشفوع بالأوراق والمستتدات المطلوبة قانونًا وبالتالى فإنه بحسب الظاهر من الأوراق لا يكسب المدعى حقًا فى الحصول على الترخيص على ما سلف بيانه، الأمر الذى يكون معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مفتقرًا مما يتعين معه رفض هذا الطلب دون حاجة إلى التصدى لركن الاستعجال لعدم جدواه …. وعليه خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطا فى تطبيق القانون، فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع، وصدوره مشوبًا بالقصور فى التسبيب على النحو التالى.
أولاً: فى شأن الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الجهة الإدارية قد نسبت إلى الطاعن مخالفة أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 بقيامه بصب سقف الدور الخامس فوق الأرضى وصب أعمدة الدور السادس فوق الأرضى بدون ترخيص ــ بالمخالفة لاشتراطات شركة المعادى والارتفاع المسموح به، وهذه المخالفة من المخالفات التى يقتصر إزالتها على المحافظ المختص دون جواز تفويض غيره فى ذلك، ولما كانت قرارات الإزالة موضوع الدعوى الماثلة صادرة من رئيس حى المعادى وطره استنادًا إلى التفويض الصادر له من محافظ القاهرة بالقرار رقم 199 لسنة 1991، مما يجعل هذه القرارات مخالفة للقانون وبالتالى يتوافر ركن الجدية بشأن طلب وقف تنفيذها، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذها من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى هدم العقار وحرمان المدعى من الانتفاع به، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون متعينًا إلغاؤه.
ثانيًا: فى شأن الإخلال بحق الدفاع، فالثابت شيوع المخالفة فى المنطقة التى يقع فيها العقار محل الدعوى بشأن القواعد الخاصة بالارتفاع ومخالفة شركة المعادى ذاتها لهذه القواعد والتى حددتها لارتفاعات المبانى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفع، فمن ثَمَّ فإنه قد صدر مخلاً بحق الدفاع مما يبطله.
ثالثًا: فى شأن القصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد جاء غامضًا ومجملاً وغير مدعم بدليل، فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تقدم بطلب ترخيص بتعلية العقار من الدور الخامس حتى التاسع بتاريخ 13/12/1992 مرفقًا به شهادة تتضمن أن الهيكل الإنشائى وأساساته تسمح بالتعلية مما يكسبه الحق فى التعلية طبقًا لقرار محافظ القاهرة رقم 17 لسنة 1991 وبالتالى لا يجوز المساس به بقرارات لاحقة، الأمر الذى يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الطاعن لم يقدم المستندات اللازمة للترخيص إلا فى 10/11/1994 لا سند له من الأوراق وصدر مشوبًا بالقصور فى التسبيب متعينًا إلغاؤه … وخلص الطاعن بتقرير الطعن إلى طلب الحكم له بطلباته المسطرة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إنه من الموضوع، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه طبقًا لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 يشترط لوقف تنفيذ القرار الإدارى المطعون فيه ضرورة توافر ركنين مجتمعين معًا أولهما: ركن الجدية بأن يكون القرار مرجح الإلغاء لدى نظر موضوع الدعوى، وثانيهما: ركن الاستعجال بأن يكون من شأن الاستمرار فى تنفيذ القرار المطعون فيه ترتيب آثار يتعذر تدارك نتائجها فيما لو قضى بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية بشأن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والمتمثل أساسًا فى طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص بتعلية عقار الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى انتفاء ركن الجدية بشأن هذا الطلب للأسباب التى ساقها والمشار إليها آنفًا، ولما كانت هذه الأسباب ــ حسب الظاهر من الأوراق ــ قد جاءت قائمة على أسس سليمة من صحيح الواقع والقانون، فمن ثَمَّ فإن هذه المحكمة تأخذ بهذه الأسباب أسبابًا لقضائها الماثل وتخلص إلى القضاء بانتفاء ركن الجدية بشأن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، دون أن ينال من ذلك ما أورده الطاعن بتقرير الطعن من إغفال الحكم المطعون فيه الرد على طلب وقف تنفيذ القرار الصادر بإزالة الأعمال المخالفة المتجاوزة لقواعد الارتفاع والصادر من رئيس الحى، إذ إن الثابت أن هذا القرار لم يكن معروضًا بالطريق القانونى أمام محكمة أول درجة، ومن ثَمَّ فإن إغفال الحكم المطعون فيه التعرض له صراحة قد صدر صحيحًا، فضلاً عن ذلك فإن الأحكام التى أودعها الطاعن بإلغاء قرارات الإزالة للأدوار المخالفة لعقاره محل طلب التعلية كانت لعيب فى الاختصاص لعدم صدورها من المحافظ المختص وهو ما لا يمنع من صدور قرارات جديدة بالإزالة من المختص قانونًا، وبالتالى فإن إلغاء هذه القرارات لا يكسبها شرعية ما تبرر وقف تنفيذ القرار السلبى محل النزاع، الأمر الذى تلتفت معه المحكمة عما أورده الطاعن فى هذا الخصوص والأوجه الأخرى للطعن لعدم قيامها على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الاستعجال بشأن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه من المسلم به أن إجراءات وقف تنفيذ القرارات الإدارية تعد إحدى طوائف الإجراءات المستعجلة أمام القضاء الإدارى، والعلاقة بين إجراءات وقف التنفيذ وفكرة الاستعجال مسألة منطقية وذلك مرجعه للعلاقة الوثيقة بين الضرر غير القابل للإصلاح أو الذى يصعب إصلاحه والاستعجال، فهما يعبّران فى الحقيقة عن وجود مركز مؤقت يستلزم التدخل بإجراءات سريعة، ولذلك فإن الاستعجال يعبّر عنه فى إجراءات وقف التنفيذ بوجود ضرر جسيم من جراء تنفيذ القرار المطعون فيه أو ضرر يتعذر أو يستحيل إصلاحه. وعلى هدى ما تقدم فإن تنفيذ القرار المطعون فيه يعد ركنًا أساسيًا فى تقدير توافر شرط الاستعجال، وذلك على اعتبار أنه إذا كان تنفيذ القرار المتنازع عليه (كلية) لا يحول دون قبول طلب إلغائه والحكم به، فإن الأمر على العكس من ذلك فى حالة الحكم الصادر بوقف التنفيذ، إذ إن هذا الحكم ليس له أثر رجعى، ومن ثَمَّ عندما ينتج القرار المتنازع بوقف كل آثاره القانونية، فإنه لن يكون هناك سبب للقضاء بوقف التنفيذ بحسبان أن حكم وقف التنفيذ يرمى إلى شل آثار القرار المتنازع عليه مؤقتًا بالنسبة للمستقبل والحفاظ على الوضع الراهن كما هو لحين الفصل بالإلغاء، بينما يترتب على الحكم بالإلغاء تعديل المراكز القانونية التى نشأت على أثر صدور القرار الملغى “الطعن رقم 5421 لسنة 42ق جلسة 22/2/2003” وعلى هذا الأساس قضت المحكمة الإدارية العليا بانتفاء ركن الاستعجال فى طلب وقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن منح صاحب الشأن ترخيص التعلية بعد أن ثبت للمحكمة قيام الطاعن بتنفيذ كامل الأدوار محل طلب التعلية فإنه بتنفيذ هذه الأعمال فلم تعد هناك ثمة نتائج يتعذر تداركها مما ينتفى معه ركن الاستعجال فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه “الطعن رقم 5392 لسنة 44ق جلسة 5/7/2003″، كما قضت كذلك بانتفاء ركن الاستعجال فى طلب وقف تنفيذ القرار الصادر برفض الموافقة على طلب هدم عقار لكونه قصرًا، وذلك على اعتبار أنه يتعين ألا يترتب على الحكم بوقف التنفيذ زوال محل القرار الإدارى المطعون فيه بحيث لا يتبقى للمحكمة عند نظر الشق الموضوعى لدعوى الإلغاء ما تفصل فيه، ولذلك فإنه إذا كان المقصود بوقف التنفيذ فى هذه الحالة هو هدم العقار، فإن تنفيذ الحكم على هذا النحو يترتب عليه نتائج خطيرة “الطعن رقم 11263 / 46 ق ــ جلسة 31/5/2003” إعماله على نحو صحيح “الطعن رقم 2262/48ق ــ جلسة 13/4/2003”.
وبتطبيق المبدأ السابق فى خصوص الواقعة محل النزاع وبالقدر اللازم للفصل فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه دون المساس بأصل طلب الإلغاء، يبين أن هدف الطاعن من إقامة الدعوى المطروحة إنما هو استصدار حكم بوقف تنفيذ القرار السلبى المطعون فيه، ومؤدى ذلك إلزام الجهة الإدارية بمنحه ترخيصًا بتعلية البناء إلى الحد الأقصى المطلوب للارتفاع، وهو ما يترتب عليه زوال محل القرار المطعون فيه تبعًا لزوال حظر البناء بحيث لن يتبقى للمحكمة ما تقضى به عند نظر الشق الموضوعى من دعوى الطاعن، وهو ما يتعارض مع النهج القضائى الواجب إعماله على نحو صحيح، الأمر الذى ينتفى معه ركن الاستعجال بشأن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبالتالى يكون من المتعين القضاء برفض طلب وقف تنفيذه، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون بلا مطعن عليه، مما يتعين معه رفض الطعن الماثل مع إلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.