جلسة 14 من ديسمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود عطا الله، ويحيى خضرى نوبى محمد، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن، وعمر ضاحى عمر ضاحى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 9437 لسنة 46 قضائية. عليا:
تنفيذ العقد ــ العقد شريعة المتعاقدين ــ وجوب تنفيذه طبقًا لما اشتمل عليه بما يتفق ومبدأ حسن النية.
وفقًا لحكم المادتين (147)، (148) من القانون المدنى، يجب تنفيذ العقد بما اشتملت عليه شروطه بما يتفق ومبدأ حسن النية طبقًا للأصل العام ــ مقتضى ذلك:ــ أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته تتحدد طبقًا لشروط العقد الذى يربطه بجهة الإدارة ــ مؤدى ذلك:ــ أن ما اتفق عليه طرفا التعاقد هو شريعتهما التى تلاقت عندها إرادتهما ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته، ينطبق ذلك على حق المتعاقد فى المقابل المالى سواء تعلق ذلك بكيفية تحديد هذا المقابل فى أية صورة تم الاتفاق عليها وفقًا لطبيعة العقد أو حالات وأساليب ومواعيد وإجراءات الوفاء به ــ تطبيق.
فى يوم الأربعاء 26/7/2000 أودع الأستاذ/ حسن جمعة عبد الجواد (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومى تحت رقم 9437/46 ق ع فى الحكم من محكمة القضاء الإدارى “الدائرة العاشرة” فى الدعوى رقم 4464/40 ق بجلسة 28/5/2000 والقاضى منطوقه “أولاً:(أ) بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة بالنسبة للشركة الأجنبية “واى. آر .إم” الدولية “المدعى الثانى” وإلزام رافعها المصروفات “. (ب) بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته “وزير البترول”.
ثانيًا: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لورثة المرحوم/ جلال حسن إبراهيم مؤمن المدعى “الأول” ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول “المدعى عليه الثانى” بصفته وبرفضها موضوعًا وإلزام المدعين بالمصروفات.
وطلب الطاعنون ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين بكافة أجزائه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار رقم 1038/1979 فيما يترتب عليه من إنهاء العقد وأحقية الطاعنين فى مبلغ وقدره (2021049جنيهًا مصريًا، 1392158جنيهًا إسترلينيًا، 2000 دولار أمريكى قيمة أتعاب مورثهم جلال مؤمن وفقًا لعقد الهندسة والتصميم والإشراف المؤرخ 15/5/1978 مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة ليندب بدوره أحد خبرائه الهندسيين لمباشرة المهمة المبينة تفصيلاً بذلك التقرير.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 17/4/2002 وتدوول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 18/9/2002 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى (المحكمة الإدارية العليا) الدائرة الثالثة/ موضوع وحددت لنظره جلسة 22/4/2003 ونظرته بهذه الجلسة والجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضرها حتى قررت إصدار الحكم بجلسة 14/12/2004 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة سبق بيانها بالحكم المطعون فيه فتحيل إليه هذه المحكمة فى شأن هذه الوقائع وتعتبره مكملاً لقضائها تفاديًا للتكرار فيما عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصله فى أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 10752مدنى كلى شمال القاهرة بموجب صحيفة مودعة قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 11/11/1982 مجددًا طلباته الختامية فيها بطلب الحكب بأحقيته فى مبلغ 2021049ج مصريًا و 1392158ج استرلينيًا و20000دولار، وذلك قيمة أتعاب عن مصاريف إعداد الرسومات النهائية والمشروع النهائى والرسومات التنفيذية وقوائم الكميات ومستندات العقد للمناقصة طبقًا لعقد الهندسة والتصميم والإشراف بتاريخ 15/5/1978 لإقامة مبنى دار البترول والمصاريف والأتعاب على سند من القول أن هيئة البترول أعلنت بتاريخ 17/10/1976 عن مسابقة لتصميم دار البترول بميدان كوبرى الجلاء، كما أعلنت بتاريخ 28/11/1976 عن إمكانية اشتراك مكاتب أجنبية وعلى المكاتب الأجنبية المشتركة لزامًا عليها اختيار مكاتب مصرية معها للاشتراك فى هذه المسابقة، حيث فاز مكتب المدعى بالاشتراك مع شركة (واى. آر. إم) الدولية بالمسابقة التى أعلنت نتيجتها 30/9/77 ثم أعلنت بتاريخ 28/11/1977 عن إجراء مناقصة عامة بين القطاع العام والخاص عن أبحاث التربية للأرض الواقعة بميدان الجلاء والتى تم تصميم المشروع عليها وبذلك بدأت الأعمال التنفيذية للمشروع حيث كلف مكتبه بإعداد المواصفات الفنية على أعلى مستوى علمى للأبحاث المطلوبة لهذه الأرض الخاصة بالمشروع والتى تقع على مقربة من النيل، كما نفذ كل الدراسات اللازمة، وقام بإعداد المواصفات وطبع كراسة المواصفات من 100 نسخة مرفق بها صور كافية للمستندات اللازمة للعطاء المعلن عنه وتقدمت أكثر من 50 شركة من الشركات المصرية والعالمية لهذه المناقصة، وقام مكتبه بتفريغ العطاءات وحضر مندوب المكتب الأجنبى المشترك مع المدعى للاطلاع على التقرير الفنى الذى أعده مكتبه لمساعدة لجنة البت بهيئة البترول وأقره وعلى أساس هذا التقرير الذى أعده لترسية العطاء تحت ممارسة كالشركات المتقدمة، ورسى العطاء على شركة “بالاست فونديشن” مقدمة أقل العطاءات وقدره (131403388دولارًا أمريكيًا)، كما قام بتنفيذ كافة الأعمال المسندة إليه طبقًا لعقد الهندسة والتصميم والإشراف المبرم بين الطرفين بتاريخ 15/5/1978 وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بعريضة دعواه إلا أنه قد فوجئ بالهيئة تقوم بإبلاغه بتأجيل العملية إلى أجل غير مسمى، ثم ألغت العملية نهائيًا بعد ذلك مما حدا به إلى إقامة دعواه للمطالبة بقيمة أتعابه عن تلك العملية طبقًا لما تقدم.
وبجلسة 29/11/1983 أصدرت المحكمة المذكورة وقبل الفصل فى الدفوع أو الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة ليندب بدوره (أحد خبرائه المختصين) للقيام بالمأمورية المبينة تفصيلاً بأسباب هذا الحكم.
وقد باشر الخبير المهمة المسندة إليه وأودع تقريره ملف الدعوى.
وبجلسة 29/4/1986 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى وتركت الفصل فى المصروفات لمحكمة الاختصاص ونفاذًا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها برقم 4464/40 ق.
ونظرت الدعوى بجلسات المرافعة على النحو الموضح بمحاضرها وبجلسة 17/9/1989 قضت محكمة القضاء الإدارى “دائرة العقود والتعويضات” (أولاً) بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً لتقديمه بعد الميعاد. (ثانيًا) بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعى المصروفات.
ورفع المدعى الطعن رقم 128/36 ق.ع طعنًا على هذا الحكم، وبجلسة 2/11/1993 قضت المحكمة الإدارية العليا فى هذا الطعن “بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فى شقه الخاص بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا وإعادة الدعوى فى هذا الشق فيها لمحكمة القضاء الإدارى “دائرة العقود الإدارية والتعويضات للفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى وأبقت الفصل فى المصروفات”.
ونفاذًا لهذا الحكم أعيدت الدعوى لمحكمة القضاء الإدارى “دائرة العقود الإدارية والتعويضات” للفصل فى موضوعها بهيئة أخرى.
وبتاريخ 14/1/1996 أودع ورثة المدعى صحيفة معلنة بتصحيح شكل الدعوى لوفاة مورثهم واستمرارهم فى الدعوى والحكم بالطلبات الواردة بأصل الصحيفة، كما أودع الأستاذ/ عدلى أحمد المولد (المحامى) صحيفة إعلان ورثة المدعى/ جلال حسن إبراهيم مؤمن، وهم: عصام ومجدى ونجوى والسيدة/ برلنتى محمد بهحت ليتقدموا بإعلان الوراثة الدال على وفاة مورثهم وللاستمرار فى الدعوى بصفته وكيلاً عن شركة (واى. آر. إم) الدولية، وطلب فى ختامها الحكم بالطلبات الواردة بعريضة الدعوى وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل، وذلك مناصفةً بين المدعين ورثة المرحوم الدكتور/ جلال حسن إبراهيم مؤمن، وشركة (واى آر .إم) الدولية.
وقد حددت تلك المحكمة لنظر الدعوى جلسة 10/3/1996؛ للفصل فى موضوعها بهيئة أخرى نفاذًا لحكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر وتداولت نظرها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها.
وبجلسة 28/5/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى “الدائرة العاشرة” حكمها المطعون فيه، وشيّدت المحكمة قضاءها فى البند ثانيًا من حكمها الطعين، بعد استعراض نص المادة (660) مدنى والبنود (9، 17، 16، 14، 19) من عقد الهندسة والتصميم والإشراف المبرم بين الطرفين بتاريخ 15/5/1978 على أن نصوص هذا العقد نظمت الأساس الذى يتم عليه محاسبة الطرف الثانى فى العقد وكيفية المحاسبة والنسب التى تدفع له كثمن للعقد وذلك بالمادتين (19)، (17) منه وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الهيئة المدعى عليها صرفت للطرف الثانى فى العقد “المدعى” مقابل المشروع الابتدائى مبلغ (48000 ج) وعن المشروع النهائى مبلغ 72000ج، وعن الرسومات التنفيذية (بعد خصم نسبة 20% من ثمنها مقابل ما كان سيقدمه الطرف الثانى من رسومات تنفيذية عند تنفيذ المبنى ولم يقدمه) ليصبح المستحق له نسبة 80×4و2×24 مليون=460800ج، ومن قوائم الكميات ومستندات العقد والمناقصة مبلغ 120000ج وبذلك يكون إجمالى ما صرف له عن ثمن العقد فيما قام به من أعمال منصوص عليها بالمادة (17/3) من العقد هى مبلغ ( 700000ج ) بالإضافة إلى نسبة 5% من قيمة عقد أبحاث التربة، حيث صرف له مبلغ 710و2653ج وعن عملية تطهير الموقع نسبة 5% من قيمتها وتعادل 781230ج ليكون إجمالى ما صرف كقيمة ما قام به الطرف الثانى من العقد من أعمال مبلغا مقداره 704234.940 ج وذلك حتى المستخلص رقم 3 وبنسبة 60% بالجنيه الإسترلينى ونسبة 40% بالجنيه المصرى وبالتالى تكون جهة الإدارة قد أعملت نصوص العقد وأوفت بكامل مستحقات الطرف الثانى (المهندس)، الأمر الذى يكون طلب المدعين غير قائم على أساس سليم من أحكام العقد ولا يكون لهم حق فى صرف أية مبالغ أخرى.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاموا الطعن الماثل ناعين على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، كما شَابَه الخطأ فى الاستنباط وعدم استخلاص وقائع الطعن استخلاصًا سائغًا وذلك على الوارد تفصيلاً بأسباب الطعن وتوجز:
1-إن الحكم الطعين انتهى فى قضائه إلى عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته وزير البترول، فى حين أن الوزير هو الذى يمثل الدولة فى الشئون المتعلقة بوزارته والمصالح والفروع التابعة للوزارة، وحيث إن الهيئة المطعون ضدها الثانية تتبع إداريًا المطعون ضده الأول بصفته وزيرًا للبترول، ومن ثَمَّ يكون اختصام وزير البترول بصفته قد جاء وفقًا لصحيح القانون.
2-إن الحكم الطعين استند فى تحديد قيمة أتعاب مورث الطاعنين على أساس أن قيمة تكلفة المبنى الأولية المنصوص عليها فى العقد هى ( 24000000ج ) على الرغم من أن نص المادة (16) من العقد سالف الذكر واضح الدلالة والمعانى فى أن أدلتهما قد انصبت على أن مقابل ما يقوم به مورث الطاعنين من خدمات هو 5% من المبالغ التى تدفع للمقاولين كتكاليف الأعمال ولم تنصب إرادتهما على الميزانية الأولية المذكورة فى العقد سالف الذكر، وإنه لو كانت إرادة المتعاقدين انصبت على تحديد قيمة العقد بمبلغ
(24000000ج) المنصوص عليها بالعقد بالمادة (17/4) لما كان هناك أى داعٍ لذكر المادة (16/أ، ب، ج) ولكان قد حدد قيمة العقد على أساس أربعة وعشرين مليونًا والذى تم كتقدير جزافى مبدئى وليس كميزانية نهائية والهيئة المطعون ضدها الثانية تعلم بهذا وقت تحرير هذا العقد من أن تكاليف المبنى سوف تتعدى هذا المبلغ بكثير وثابت ذلك من مذكرة مورث الطاعنين المرسلة إلى الهيئة المطعون ضدها والمؤرخة 7/2/1992 من أن تكاليف المشروع بالوضع الجديد هو مبلغ (10072500دولار) وليس 24000000ج تصرف وأن هذا المبلغ سيزيد على ذلك كثيرًا ولم تعترض الهيئة المطعون ضدها ووافقت على هذه المواصفات.
3-إنه تم إرساء العطاء المطروح بتاريخ 20/12/1987 على الشركة النمساوية الإيطالية الدولية آنفة الذكر فى 20/3/1979 باعتبارها أنها صاحبة أقل عطاء وهو مبلغ 131403388 دولارًا أمريكيًا فكان من المتعين محاسبة مورث الطاعنين على هذا المبلغ وهو المبلغ التقديرى النهائى لتكلفة إقامة المبنى وخاصة أن المطعون ضده الثانى كان قد أصدر بتاريخ 17/9/1978 خطابًا لمورث الطاعنين جاء فيه إقرار الهيئة بأنه سيتم تسوية المبالغ المعلقة وفقًا لقيمة الحساب النهائى وعلى أساس نسبة 5% المتعاقد عليها والمقدم بحافظة المستندات المقدمة أمام الخبير فى الدعوى رقم 10752/84 مدنى كلى شمالى القاهرة المقدمة بجلسة 9/5/1984.
4-استناد الحكم الطعين إلى المادة (19/3) من العقد سالف الذكر مردود عليه بأنه استنباط خاطئ لأن هذه المادة غير محددة المبانى وغير واضحة الدلالة فهى فضفاضة تحمل فى معانيها طرقًا كثيرة لتحديد قيمة أتعاب مورث الطاعنين خاصة وأن ما يراه مورث الطاعنين مناسبًا قد يراه الطرف الثانى غير مناسب والثابت أن مورث الطاعنين قد قام بكافة التزاماته تجاه الهيئة المطعون ضدها الثانية حسبما انتهى تقرير الخبير بعد بحثه لأوجه عناصر الدعوى، ومن ثَمَّ فإن مورث الطاعنين يستحق كافة حقوقه المالية، فضلاً عن ذلك فإن المقصود بالظروف القائمة وقت صدور القرار الطعين بتأجيل المشروع إلى أجل غير مسمى، ففى ظل هذه الظروف تم تحديد قيمة التكلفة النهائية للمشروع والتى حددتها الشركة المذكورة سلفًا بمبلغ وقدره 131403388دولارًا أمريكيًا ومن ثَمَّ فإن تحديد الحساب الواجب تصفيته بين الطرفين على أساس قيمة التكلفة النهائية للمشروع.
5-أنه كان يجب على المحكمة أن تقضى بإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعنين 5% من قيمة التكلفة النهائية بعد خصم أربعة ملايين جنيه المنصوص عليها بالمادة (16/1/ج) وخصم ما قام مورث الطاعنين باستلامه من المطعون ضده (الثانى) وذلك وفقًا لما تنص عليه المادة (17/3/ فقرة أ،ب ،ج، د) ويتبقى الفقرة (هـ) الخاصة بالإشراف على الأعمال والتى حدد لها ما يعادل 6و1 % من التكلفة النهائية للمشروع التى لم تنفذ من التزامات مورث الطاعنين وليس له يد فيه، حيث إنه قد صدر قرار بتأجيل المشروع لأجل غير مسمى، وعليه يستحق مورث الطاعنين هذه النسبة كلها أو على أقل القليل الحكم بنسبة منها على اعتبار أنه لا دخل لمورث الطاعنين فيه وأن التأجيل جاء بناءً على رغبة المطعون ضدهما كتعويض عما لحق مورث الطاعنين من خسارة وما فاته من كسب وذلك إعمالاً للمادة (14/أ) من لائحة نقابة المهندسين؛ ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن المتعلق بأن الحكم الطعين أخطأ بقضائه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير البترول بصفته بدعوى أن الهيئة المدعى عليها الثانية تتبع وزارة البترول إداريًا فإنه لما كان من المقرر أن توافر صفات الخصوم شرط من شروط قبول الدعوى، ومن ثَمَّ فإن البحث فى صفة رافع الدعوى أو المرفوعة عليه من النظام العام تتعرض له المحكمة من تلقاء نفسها وعلى ذلك فإن الدفع بعدم قبول الدعوى سواء لرفعها من غير ذى صفة أو على غير ذى صفة من الدفوع المتعلقة بالنظام العام والتى تعتبر مطروحة دائمًا على المحكمة فيجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة الطعن وتقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يثره أحد الخصوم، ولما كان من المسلم به أن الأصل فى الاختصام فى الدعوى الإدارية أن توجه ضد الجهة الإدارية ذات الصلة بموضوع النزاع كالجهة المتعاقدة أو التى أصدرت القرار الإدارى المطعون فيه باعتبارها الأدرى بمضمونه وأسبابه ولتتولى الدفاع عن قرارها الإدارى وتنفيذ ما تقضى به المحكمة فى شأنه وإذ ثبت من مطالعة الأوراق أن عقد هندسة وتصميم وإشراف لإقامة مبنى دار البترول مثار النزاع الماثل أبرم بتاريخ 15/5/1978 بين الهيئة المصرية العامة للبترول ومورث الطاعنين بالاشتراك مع شركة (واى. آر. إم) الدولية ويطلق عليهما مجتمعين “المهندس” ولما كانت الهيئة المذكورة ذات شخصية اعتبارية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وفى صلاتها بالغير تطبيقًا لنص المادة (13) من قانون إنشائها رقم 20/76 ومن ثَمَّ تكون الدعوى الماثلة بالنسبة للمدعى عليه الأول (وزير البترول بصفته) مقامة على غير ذى صفة ويتعين إخراجه من الدعوى بلا مصروفات، ومن ثَمَّ يكون هذا النعى فى غير محله جديرًا بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع النزاع فإنه لما كان الثابت أن الطلبات الختامية للطاعنين التى حوتها مذكرة دفاعهم المودعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 27/8/2002 انحصرت فى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلزام الهيئة المطعون ضدها بأداء مبلغ 674ر952529ج استرلينى و55و824960 للطاعنين وذلك طبقًا لما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى هذا الطعن ينحصر فى بيان ما إذا كانت التسوية المالية لمستحقات مورث الطاعنين مقابل الخدمات التى قام بها تنفيذًا للعقد سالف الذكر تتم على أساس التكلفة التقديرية الأولية للمشروع والتى حددتها الهيئة المطعون ضدها بمبلغ 24مليون جنيه أم على أساس التكلفة التقديرية النهائية للمشروع طبقًا لقيمة العطاء الذى أوصت لجنة البت بقبوله ومقدارها 131403388 دولارًا أمريكيًا كما ذهب الخبير المنتدب فى تقريره.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أنه بتاريخ 15/5/1978 أبرم بين كل من الهيئة المطعون ضدها ومورث الطاعنين بالاشتراك مع شركة (واى. آر إم) الدولى ويطلق عليهما مجتمعين “المهندس” عقد هندسة وتصميم وإشراف لإقامة مبنى برج البترول وباستقراء مواد هذا العقد يبين أن المادة التاسعة تناولت الخدمات التى يلتزم المهندس بتأديتها مقابل ثمن العقد كما حددت المادة (16) ثمن العقد حيث جرى نصها كالآتى: (16-1): مع مراعاه أية تسوية تتم بمقتضى هذا العقد فإن على الهيئة فى مقابل تأدية جميع الخدمات المبينة فى هذا العقد بشكل مُرضٍ عليها أن تدفع للمهندس خمسة فى المائة (5%) من المبالغ التى تدفع للمقاولين كتكاليف للأعمال وذلك على النحو التالى:
أ-فى حالة ما إذا كانت هذه التكالف أقل من اثنين وعشرين (22) مليونًا من الجنيهات المصرية فإن كافة المبالغ التى يستحقها المهندس تكون هى خمسة فى المائة (5%) من التكاليف الفعلية.
ب-وفى حالة ما إذا كانت هذه التكاليف هى اثنين وعشرين (22) مليونًا من الجنيهات المصرية أو أكثر ولكن لا تتجاوز (28) مليونًا من الجنيهات المصرية فإنه لأغراض تحديد قيمة المبلغ المستحق للمهندس ستعتبر تلك التكاليف أربعة وعشرين (24) مليونًا من الجنيهات المصرية وبالتالى يكون للمهندس خمسة فى المائة (5%) من تلك الأربعة والعشرين مليون جنيه مصرى وذلك بصرف النظر عن التكاليف الفعلية.
ج-وفى حالة ما إذا تجاوزت هذه الكاليف بالفعل مبلغ الثمانية والعشرين (28) مليونًا من الجنيهات المصرية فإنه لأغراض تحديد قيمة المبلغ المستحق للمهندس ستعتبر تلك التكاليف هى التكاليف الفعلية منقوصًا منها أربعة (4) ملايين من الجنيهات المصرية.
كما حددت المادة (17) من ذات العقد كيفية دفع ثمن العقد، حيث نصت على أنه
(17ــ1) يدفع ثمن العقد على النحو التالى:
أ ــ 40% بالجنيه المصرى.
ب ــ 60% بالجنيه الإسترلينى.
17ــ2 تحسب قيمة الجنيه الإسترلينى على أساس سعر الصرف التشجيعى المحدد والمعلن عنه بواسطة البنك المركزى فى يوم توقيع هذا العقد وقيمته129.911 قرشًا.
17ــ3 تدفع الهيئة للمهندس ثمن العقد المستحق والمذكور أعلاه على أقساط كالآتى:
أ- المشروع الابتدائى الأول: 2و0 % على أساس ميزانية الهيئة الأولية.
ب-المشروع النهائى3 و0% من الميزانية الأولية للهيئة.
ج -الرسومات التنفيذية: 4و2 % من الميزانية الأولية للهيئة.
د-قوائم الكميات ومستندات العقد والمناقصات: 5و0% من تكلفة العقد أو التكلفة التقديرية للمشروع النهائى.
هـ-الإشراف على الأعمال:6و1% من المستخلصات التى يتم تنفيذها للمشروع، بحيث إن المبالغ المتعلقة للمهندس تسوى بعد التسليم الابتدائى للمشروع وفقًا لقيمة الحساب النهائى.
17ــ 4 ولأغراض المسابقة وكنتيجة لتقدير هيئة التحكيم لما قدم فى المسابقة، فقد خصصت الهيئة ميزانية تبلغ 24مليون جنيه مصرى، وسوف تستخدم فى أغراض حساب قيمة المبالغ التى تؤدى كدفعات من الأجر خلال فترة التنفيذ. كما تناولت المادة (19) من العقد سالف الذكر مدة سريان العقد، حيث نصت على الآتى:
19ــ 1 يسرى هذا العقد ويكون ملزمًا للطرفين اعتبارًا من تاريخ التوقيع عليه.
19ــ 2 مدة سريان هذا العقد أربع (4) سنوات تبدأ من تاريخ التوقيع عليه، ويتعين أن تؤدى جميع الخدمات خلال هذه المدة.
19ــ3 إذا حدث لأىّ سبب من الأسباب أن أنهت الهيئة هذا العقد فيكون للمهندس الحق فى أجر معقول ومناسب مقابل الخدمات التى قام بها مع مراعاة الظروف القائمة.
وإذ ثبت من مطالعة الأوراق وأخصها تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى أن مورث الطاعنين بدأ فى تنفيذ الأعمال المكلف بها طبقًا للعقد الهندسى سالف الذكر وأنهى كافة الرسومات والتصميمات والمواصفات اللازمة لطرح العملية فى مناقصة عالمية، وبتاريخ 20/12/1978 وأعلنت الهيئة عن مناقصة عامة بين المقاولين والشركات المصريين والأجانب لتنفيذ مشروع مبنى برج البترول وحددت جلسة فتح المظاريف بتاريخ 20/3/1979 وبتاريخ 19/3/1979 صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها رقم 22/1979 متضمنًا فى مادته الأولى تشكيل لجنة لفتح المظاريف المقدمة لعملية تنفيذ هذا المشروع على أن تقوم اللجنة بتسليم العطاءات بعد فضها إلى لجنة الدراسة والبت ويحضر عملية فتح المظاريف المهندس، كما نصت مادته الثانية على تشكيل لجنة للدراسة والبت فى العطاءات، ويضم إلى هذه اللجنة المهندس على أن تقوم لجنة البت بتقديم توصياتها إلى لجنة مشتريات السلع الاستثمارية بعد تفريغ العطاءات ودراستها وذلك لاعتمادها.
وتقدمت أربع شركات عالمية لتنفيذ هذا المشروع حسبما ثبت من مطالعة كشف تفريغ العطاءات بجلسة 20/3/1979 وقررت لجنة البت بجلستها المنعقدة فى 16/8/1979 بأن العطاء المقدم من مجموعة (إيه. آى. سى) النمساوية الإيطالية هو أنسب العطاءات وأرخص العروض بقيمة إجمالية ثابتة طوال مدة التنفيذ قدرها (131043388دولارًا أمريكيًا)، وأوصت بترسية العملية على هذه المجموعة؛ وحيث إنه لا خلاف بين أطراف الخصومة بأن السلطة المختصة بالتعاقد لم تعتمد توصية لجنة البت.
وإذ ثبت أن نائب رئيس الهيئة المطعون ضدها للتخطيط والمشروعات أعد مذكرة برقم 13/79 بخصوص إنشاء مبنى دار البترول تضمنت تطورات هذا المشروع منذ موافقة مجلس إدارة الهيئة بجلسته رقم 2 بتاريخ 29/6/1978 على هذا المشروع للاعتبارات المشار إليها بتلك المذكرة والتى تناولت ــ أيضًا ــ تكلفة المشروع وكان التقدير المبدئى لتكلفة المشروع فى حدود مبلغ 28 مليون جنيه مصرى، وكذا تعديل برنامج المشروع لتحقيق أفضل عائد اقتصادى مختتمة باقتراح بالموافقة على تنفيذ المشروع طبقًا لما ورد بهذه المذكرة على إدخال التعديلات المشار إليها.
وبعرض تلك المذكرة على مجلس إدارة الهيئة بجلسته الرابعة المنعقدة بتاريخ 19/9/1979 فقرر إيقاف العمل بمشروع دار البترول للأسباب الآتية:
أ ــ زيادة السعر عن التقديرات المبدئية.
ب ــ تأخر التنفيذ الذى قد يصل إلى أربع سنوات دفع الشركات التى ستؤجره إلى إيجاد أماكن أخرى لها ولا ينتظر استثماره بواسطة شركات البترول بل سيكون قاصرًا على الهيئة والوزارة والمحتمل من الشركات مستقبلاً.
وبتاريخ 26/9/1979 صدر قرار وزير البترول بوقف العمل بمشروع دار البترول ويلغى من الخطة للأسباب التى أبداها مجلس الإدارة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يجب تنفيذ العقد بما اشتملت عليه شروطه بما يتفق ومبدأ حسن النية طبقًا للأصل العام والمقرر فى الالتزامات عمومًا، ومقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته تحدد طبقًا لشروط العقد الذى يربطه بجهة الإدارة والنص الذى يتحدد باتفاق المتعاقدين فى العقد الإدارى يقيد طرفيه كأصل عام ويصبح واجب التنفيذ ويمتنع الخروج عليه ومرد ذلك أن ما اتفق عليه طرفا التعاقد هو شريعتهما التى تلاقت عندها إرادتهما ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته ولعل أهم حق للمتعاقد مع الإدارة هو المقابل المالى وهو دافعه إلى التعاقد، ويختلف المقابل باختلاف العقود الإدارية وتتنوع صوره حسب طبيعة العقد ففى عقود الأشغال العامة والتوريد يكون المقابل هو الثمن المتفق عليه فى العقد، أما فى عقود الالتزام فيتمثل فى الرسوم التى يحصل عليها الملتزم من المنتفعين بخدمات المرفق العام على أساس قائمة الأسعار التى يحددها عقد الالتزام، ومن المسلم به أن الشروط المتصلة بالمقابل النقدى فى العقود الإدارية تتسم بالطابع التعاقدى أى تولد مراكز ذاتية تتحدد باتفاق الطرفين معا ولا يملك أى طرف التحلل منها أو الخروج على أحكامها أو إجراء أى تعديل من جانبه فى العناصر التعاقدية لهذا المقابل دون موافقة الطرف الآخر أو بناءً على نص فى القانون نفاذًا لمبدأ ثبات أو جمود الشروط التعاقدية المتعلقة بالمقابل النقدى المستحق للمتعاقد سواء تعلقت تلك الشروط بكيفية تحديد هذا المقابل فى أية صورة تم الاتفاق عليها وفقًا لطبيعة العقد أو حالات وأساليب ومواعيد وإجراءات الوفاء به.
ومن حيث إن نصوص العقد مثار النزاع الماثل جاءت صريحة وواضحة مبينة لنية المتعاقدين فى بيان أحكام ثمن العقد حيث حددت المادة (16) منه الحد الأقصى للثمن المستحق للمهندس وهو 5% من قيمة التكاليف الفعلية للأعمال التى تمت على أن يتم الوفاء بهذا الثمن بأحد ثلاثة أساليب فى ضوء الافتراضات المنصوص عليها فيها كالآتى:
الأول: إذا كانت التكاليف الفعلية أقل من 22مليون جنيه مصرى فيستحق المهندس 5% من تلك التكاليف الفعلية. الثانى: إذا كانت التكاليف الفعلية 22 مليون جنيه أو أكثر ــ ويشترط ألا تتجاوز 28 مليون جنيه مصرى ــ اعتبرت التكاليف الفعلية 24مليون جنيه مصرى ويستحق المهندس 5% من قيمتها وذلك بصرف النظر عن التكاليف الفعلية.
الثالث: إذا تجاوزت التكاليف الفعلية مبلغ 28 مليون جنيه اعتبرت قيمة الأعمال التى تمت فعلاً هى التكاليف الفعلية التى يحسب على أساسها الثمن المستحق للمهندس منقوصًا منها 4 ملايين من الجنيهات المصرية فيستحق المهندس5% من الباقى من هذه التكاليف.
وعلى ذلك فإن المادة (26) سالفة الذكر واجهت حالة إتمام تنفيذ عقد المهندس المشار إليه وعقد مؤقتًا وتحرير الكشوف الختامية بقيمة الأعمال التى تمت فعلاً أى التصفية المالية النهائية لحساب المهندس؛ حيث نصت المادة الرابعة/3 من العقد المشار إليه على أنه “المقابل الذى يتقاضاه المهندس من الهيئة طبقًا لنص المادة السادسة عشرة هو كل ما يتقاضاه فيما يتعلق بهذا العقد وذلك بعد أن ينجز جميع التزاماته”. كما واجهت المادة (17/3 – أ،ب،ج،د،هـ) حالات الوفاء بجزء من الثمن المتفق عليه لحين إجراء الحساب الختامى لمستحقات المهندس حيث قسمت الثمن المستحق للمهندس وهو 5% من التكاليف الفعلية إلى نسب معينة تكون فى مجموعها نسبة الـ 5% المذكورة حسب نوع الخدمة التى أنجزها المهندس بحسبان أن هذا الدفع لا يكون إلا بعد أداء الخدمة وبمراعاة أن الخدمات التى يلتزم المهندس بأدائها طبقًا للمادة التاسعة من العقد آنف الذكر تنقسم إلى:
1ــ خدمات سابقة على إبرام عقد مقاولة الأعمال المنوه عنه سلفًا.
2ــ وخدمات لاحقة على إبرامه تمثل فى الإشراف على الأعمال، حيث تضمنت المادة (17/3 – أ، ب، ج، د) حالات دفع جزء من الثمن مقابل الخدمات الأولى، كما تضمنت المادة (17/3) حالات سداد جزء من الثمن مقابل الخدمات الأخيرة وذلك على النحو المنصوص عليه فى تلك المادة طبقًا لما سلف بيانه، حيث خصصت الهيئة طبقًا لنص المادة (17/4) فى ميزانيتها مبلغ 24 مليون جنيه يستخدم فى أغراض حساب قيمة المبالغ التى تؤدى كدفعات من الأجر خلال فترة تنفيذ العقد، ومن ثَمَّ يلتزم طرفا العقد بهذا الأساس فى المحاسبة عند تطبيق نص المادة (17/3) من العقد والتى تناولت تنظيم مسألة صرف دفعات بنسب محددة مقابل خدمات معينة طبقًا لما هو موضح سلفًا.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم، فإن المادة (17) سالفة الذكر قد نظمت حالات دفع جزء من الثمن للمهندس أثناء تنفيذ العقد على أقساط على النحو الوارد بأحكامها، كما واجه المتعاقدان ــ طبقًا لحكم المادة (19/3) سالفة الذكر ــ حالة إنهاء العقد من قبل الهيئة أثناء مدة سريانه لأىّ سبب من الأسباب، فأنشأت تلك المادة للمهندس الحق فى أجر معقول ومناسب مقابل الخدمات التى أنجزها بالفعل، بمراعاة الظروف القائمة فى مرحلة التنفيذ التى تم فيها هذا الإلغاء.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع الماثل فإنه لما كان الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن الهيئة المطعون ضدها قررت بتاريخ 19/9/1979 إلغاء المناقصة العامة التى طرحتها لعملية بناء برج البترول بعد البت فيها وقبل اعتماد السلطة المختصة لتوصية لجنة البت، ولما كان عقد الهندسة والتصميم والإشراف المحرر بتاريخ 15/5/1978 يرتبط ــ وجودًا وعدما ــ بعقد المقاولة المشار إليه الذى تم الاستغناء عنه نهائيًا ومن ثم أصبح العقد مثار النزاع الماثل لا محل له اقتصر سريانه على مدة 4 أيام 4 أشهر 1 سنة فقط، ومن ثَمَّ يكون نص المادة (19/3) من العقد هو الذى يحكم تقدير مستحقات المهندس عن الأعمال التى قام بها خلال هذه المرحلة من التنفيذ وبمراعاة الظروف القائمة عند إلغاء هذا العقد. والمتمثلة فى أن القيمة الفعلية للعقد لم تتحدد نظرًا للاستغناء عن المشروع المذكور نهائيًا، ولذلك لم تكتشف التكاليف الفعلية له، ومن ثَمَّ يكون المعول عليه فى حساب حق المهندس فى الحصول على أجره عن الأعمال التى أنجزها على أساس القيمة التقديرية للعقد طبقًا لحكم المادة (17/3) من العقد وبمراعاة أن الخدمات التى قام بها المهندس سابقة على مرحلة الإشراف على الأعمال.
وحيث إنه لا منازعة بين أطراف الخصومة بشأن تحديد الأعمال التى قام بها المهندس أو قيمة المبالغ التى صرفتها له الهيئة كمقابل للخدمات التى أنجزها والمتمثلة فى الآتى:
بيان الأعمال التى نفذها بالفعل المهندس قيمة الأقساط المسددة للمقاول
1ــ المشروع الابتدائى الأول= 2و0 % × 24 مليون جنيه (القيمة التقديرية للعقد)= 000و48000 ج
2ــ المشروع الابتدائى النهائى = 3و0%× 24 مليون جنيه (القيمة التقديرية للعقد) = 000و72000 ج
3ــ عملية أبحاث التربة = 5و0%×200و53074 (قيمة ختامى هذه العملية) = 710و2653 ج
4ــ عملية تطهير الموقع = 5و0%× 200و53074 (قيمة ختامى هذه العملية)= 230و781 ج
5ــ الرسومات التنفيذية= 8و0%× 2و4 مليون جنيه (القيمة التقديرية للعقد)= 000و460800 ج
6-قوائم الكميات ومستندات العقد والمناقصة= 5و0%× 24 مليون جنيه (القيمة التقديرية للعقد)= 000و120000ج.
ومن حيث إنه ترتييًا على ما تقدم يكون إجمالى ما تم صرفه للمهندس كمقابل للخدمات التى أنجزها بالفعل مبلغا وقدره 940و704234ج وبنسبة 60% بالجنيه الاسترلينى، ونسبة 40% بالجنيه المصرى إعمالاً لنص المادة (17) من العقد الواجب التطبيق على النزاع الماثل وذلك حتى المستخلص رقم 3 فى 31/1/1979.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم تكون الهيئة المطعون ضدها أعملت صحيح أحكام العقد على النزاع الماثل وأوفت بالتزامها بسداد الثمن المستحق للمهندس المقابل للخدمات التى أداها بالفعل فلا مطعن على مسلكها.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعنون بخصوص تحديد قيمة أتعاب المهندس عن الخدمات التى نفذها طبقًا للعقد وتصفية الحساب بين الطرفين على أساس اعتبار قيمة العطاء الذى أوصت لجنة البت بالترسية عليه على النحو الموضح سلفًا ومقدارها 131403388 دولارًا أمريكيًا القيمة النهائية للمشروع طبقًا لما ذهب إليه الخبير فى تقريره ذلك أنه من المقرر أن الثمن المتفق عليه فى العقد يقيد طرفيه ولا يجوز الرجوع إلى نص خارج نصوص العقد ويكون دائمًا نص العقد هو الواجب التطبيق، ولما كان تحديد الأجر المعقول والمناسب للمهندس مقابل الخدمات وفقًا لنص المادة (19/3) يحدد طبقًا لنصوص العقد وتحكمه المادة (17/3) سالفة الذكر وأنه لا مجال لتطبيق نص المادة (16) من العقد لعدم إمكانية تحديد قيمة العقد بعد العدول عن مشروع مبنى البترول طبقًا لما سبق ذكره كما أنه لا يجوز الاستناد إلى قيمة أقل عطاء كأساس للمحاسبة لأن ذلك الأمر لا سند له من العقد أو القانون كما أن قيمة العطاء المقبول لا يتحدد على أساسها قيمة العقد والتى لا يتم تحديدها إلا بعد تسليم الأعمال مؤقتًا وتحرير الكشوف الختامية بقيمة الأعمال المنفذة بالفعل على الطبيعة وقد تقل الكميات المنفذة عن الكميات الواردة بالمقايسة محل العطاء أو تزيد عنها، فضلاً عن أن توصية لجنة البت بالترسية على هذا العطاء غير ملزمة للسلطة المختصة باعتمادها ومجرد إجراء تمهيدى فى عملية التعاقد وإذ ثبت أن الهيئة المطعون ضدها عدلت عن هذه المناقصة نهائيًا، ومن ثَمَّ لا يترتب على تلك التوصية أى أثر قانونى، ومن ثَمَّ لا يجوز الاستناد إلى قيمة هذا العطاء فى تحديد مستحقات المهندس كما ذهب الخبير المنتدب فى تقريره.
ومن حيث إنه ومن جهة أخرى فإن تقرير الخبير المنتدب من عناصر الإثبات التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع وأن نتيجته لا تقيد المحكمة، فلها أن تأخذ به محمولاً على أسبابه أو تأخذ ببعضه أو تطرحه جانبًا إذا استبان لها عدم قيامه على أسس سليمة بحسبان أن المحكمة هى صاحبة الرأى الأول والأخير فى التقدير الموضوعى لكل ما يعرض عليها من أقضية ومنازعات باعتبارها الخبير الأعلى.
ومن حيث إنه متى ثبت من الاطلاع على تقرير الخبير المرفق بالأوراق ــ والذى يرتكن إليه الطاعنون فى طلباتهم الختامية ــ أنه قد استند فى حساب أتعاب المهندس إلى قيمة أقل العطاءات المقدمة لتنفيذ عملية مبنى دار البترول وكذلك استناده إلى المادة (14) من لائحة أتعاب نقابة المهندسين لتحديد التعويض المستحق للمهندس عما فاته من كسب بسبب إلغاء العقد ولما كان من المقرر أن حقوق المتعاقدين والتزاماتهما إنما يحددها العقد المبرم بينهما وفى ضوء تنظيم هذا العقد لمستحقات المهندس وأسس تصفية الحساب بنصوص صريحة وواضحة فلا يجوز الخروج عنها إلى أمر أو نصوص خارج نصوص العقد فالعبرة دائمًا بنصوص العقد والتى التقت عليها إرادة طرفيه، فضلاً عن أنه من المقرر أن لجهة الإدارة فى مجال تطبيق المادة (7) من القانون رقم 236/1954والتى تم طرح المناقصة العامة المنوه عنها سلفًا فى ظل المجال الزمنى لسريان أحكامه إلغاء المناقصة سواء قبل البت فيها أو بعده وظاهر أن هدف المشرع من تقدير حق الإدارة على هذا النحو مقصود به تغليب المصلحة العامة ورعاية خزانة الدولة فإذا ما تغيت جهة الإدارة هذه الغاية وحققت هذا الهدف كان قرارها فى هذا الشأن سليمًا مطابقًا للقانون، فضلاً عن أنه من المقرر أن لجهة الإدارة المتعاقدة دائمًا سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن ظروفًا تستدعى هذا الإنهاء، كما إذ أصبح العقد غير ذى فائدة للمرفق العام أو أضحى لا يحقق المصلحة العامة المقصودة فى ظل من تغير ظروف الحال عنها وقت التعاقد وليس للطرف الآخر فى العقد إلا الحق فى التعويض إن كان له مقتضى وتوافرت الشروط الموجبة لاستحقاق التعويض، وإذ ثبت انصراف إرادة طرفى العقد مثار النزاع عند إبرامه إلى حق جهة الإدارة فى إنهاء هذا العقد لأى سبب من الأسباب، فضلاً عن أن حق الإدارة فى تعديل العقد بما يشمله من إنهائه مقرر بغير حاجة إلى النص عليه فى العقد أو موافقة الطرف الآخر عليه بل لا يجوز لجهة الإدارة أن تتنازل عن ممارسة هذه السلطة لأنها تتعلق بكيان المرفق العام وعلى ذلك فإنه متى ثبت أن إلغاء العقد موضوع النزاع لم يكن مفاجأة للطرف الآخر وكان متفقًا عليه بنص فى العقد وأن الهيئة عدلت نهائيًا عن المشروع ولم تقم بإعادة طرحه فى مناقصة جديدة، ومن ثَمَّ فإنه لا وجه للمطالبة بتعويض مورث الطاعنين عما أصابه من خسارة وما فاته من كسب عن الأعمال التى لم يقم بالإشراف عليها نتيجة عدول الهيئة المطعون ضدها عن تنفيذ باقى بنود العقد، ومن ثَمَّ يتعين طرح تقرير الخبير جانبًا وعدم التقيد به.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك للأسباب التى أوردها فإنه يضحى ــ والحال هذه ــ قد أصاب فى النتيجة التى تضمنها منطوقه والتى تتفق مع صحيح أحكام القانون لما سلف بيانه من أسباب، ومن ثَمَّ يكون الطعن على هذا الحكم بالإلغاء على غير سند صحيح من القانون واجب الرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.