جلسة ٥ من فبراير سنة ٢٠٠٥م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم ٥٥٨٥ لسنة ٤٦ قضائية . عليا:
للوزير المختص سلطة تحديد ميعاد الانتهاء من إعداد ميزانية الشركة بما يتلاءم مع المصلحة العامة وأنظمة السوق.
خوَّل قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ وزير الاقتصاد عند إصداره اللائحة التنفيذية لهذا القانون أن يبين الأوضاع والشروط اللازمة لإعداد ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر، وأن يقدم تقريرًا عن نشاط الشركة ومركزها المالى فى موعد يسمح بعقد الجمعية العامة للمساهمين خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ انتهاء السنة المالية، بما مفاده أن للوزير المختص أن يحدد الموعد خلال هذه الشهور الستة بما يتلاءم مع المصلحة العامة وأنظمة السوق، وإذ عدل وزير الاقتصاد بقراره المطعون فيه موعد إعداد هذه المستندات والتقارير فأوجب أن يتم ذلك خلال شهرين على الأكثر من انتهاء السنة المالية للشركة، وهو ما يتفق مع نصوص القانون ومع الموعد المضروب فى هذه النصوص دون تجاوز ــ مفاد ذلك: أن تحديد هذا الميعاد من الملاءمات المتروكة لجهة الإدارة مادام يهدف إلى المصلحة العامة ــ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق ٢٠/٤/٢٠٠٠ أودع الأستاذ زغلول نصيف فهمى (المحامى) نائبًا عن الأستاذ على العزيز أحمد (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعن ــ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم ٥٥٨٥ لسنة ٤٦ق.ع فى الحكم المشار إليه والقاضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء القرار الوزارى رقم ٤٧١ لسنة ١٩٩٧ وما ترتب عليه من آثار، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة ٤/١١/٢٠٠٢، وبجلسة ١/٣/٢٠٠٤ قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ ١٣/١١/١٩٩٧ وطلب فى ختامها الحكم بإلغاء قرار وزير الاقتصاد رقم ٤٧١ لسنة ١٩٩٧ الصادر بتاريخ ١٤/٩/١٩٩٧ بشأن تعديل نصى المادتين (١٨٩) و(٢١٨) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذكر ــ شرحاً لدعواه ــ أن وزير الاقتصاد أصدر قراره المطعون فيه عدل فيه المادة (١٨٩) من اللائحة التنفيذية المشار إليها بأن جعل إعداد ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر وتقرير مجلس الإدارة خلال شهرين على الأكثر من إنهاء السنة المالية مع وضع هذه الوثائق تحت إشراف مراقبى الحسابات خلال تلك الفترة، وهى فترة قصيرة لاتكفى لقيام المحاسبين بمسئولياتهم التى تتطلب منهم العمل من خلال جملة تقارير وليس من تقرير محاسبى واحد، وفى هذا إثقال وتحميل أعباء أكثر مما هو مطلوب منهم، وسيترتب على تقصير هذه المدة بجعلها شهرين بدلاً من أربعة أشهر تغيير جذرى فى الحياة الشخصية والعملية للمحاسبين، حيث لا يستطيعون أمام الكم الهائل من أعمالهم كتابة التقارير المطلوبة فى هذه المهلة القصيرة، فضلاً عن أن القرار لم يعرض على الهيئات والمؤسسات صاحبة الرأى كنقابة التجاريين أو جمعية المحاسبين لإبداء رأيها.
وبجلسة ٢٢/٢/٢٠٠٠ صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر عن السلطة المختصة بإصداره، وفيما يتعلق بموضوعه وتحديد المدة المشار إليها فإنه يدخل فى نطاق الملاءمات التى تتمتع فيها الجهة الإدارية بسلطة تقديرية بما لامعقب عليها مادامت تتوخى المصلحة العامة وتجرد قرارها عن الغرض، وقد أصدرت قرارها بناءً على ما ارتأته من ضرورة مواكبة التطور فى التعامل فى سوق رأس المال وخاصة فيما يتعلق بتوافر عنصر الشفافية اللازم لإجراء التعاملات فى بورصة الأوراق المالية، حيث أصبح توافر المعلومات عن الشركات التى تطرح أوراقها للتداول فى الوقت المناسب أمرًا حتميًا لازمًا لجمهور المتعاملين حتى يكونوا على بينة كاملة بأوضاع الشركة التى يتم التعامل على أوراقها، فضلاً عما فى الوقت من عنصر أساسى لسوق رأس المال وأداة مهمة من أدوات السوق.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح القانون؛ ذلك أنه وفقاً للقرار المطعون فيه فإن على المحاسب أن يعد التقرير ويقوم بمراجعة الحسابات وإعداد الميزانية النهائية للشركة طبقًا لأصول المراجعة والمحاسبة الدولية خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام وهى مدة غير كافية، حيث يقوم المحاسب بمطابقة التقرير عن مراجعة الميزانية وحساب الأرباح والخسائر على ما هو وارد من دفاتر ومستندات ومصادقات من الجهات التى يجب أن يرسل لها خطابات للتعرف على حقيقة حساباتها وأرصدتها لدى الشركة سواء كانت مدينة أو دائنة وهو ما يتطلب وقتًا لا يقل عن عشرين يومًا، وذلك حتى تخرج هذه البيانات سليمة ودقيقة تحقيقًا للمصلحة العامة، أما القرار الطعين فقد خرج عن المصلحة العامة ولم يصدر إلا لمصلحة فئة من المحاسبين. كما أن وزير المالية هو المختص فى مهنة المحاسبة والمراجعة ويعتبر الرئيس الأعلى للجنة قيد المحاسبين والمراجعين بوزارة المالية التى تمنح ترخيص مزاولة المهنة للمحاسبين ومن ثَمَّ فلا يجوز لوزير الاقتصاد التدخل فى عمل وزير المالية، كما أن القرار معيب لعدم عرضه على الهيئات صاحبة الرأى كجمعية المحاسبين القانونية وكذلك نقابة التجاريين.
ومن حيث إن القانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة ينص فى المادة (٦٤) منه على أنه “على مجلس الإدارة أن يعد عن كل سنة مالية ــ فى موعد يسمح بعقد الجمعية العامة للمساهمين خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ انتهائها ــ ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر وتقريرًا عن نشاط الشركة خلال السنة المالية وعن مركزها المالى فى ختام السنة ذاتها، وذلك كله طبقًا للأوضاع والشروط والبيانات التى تحددها اللائحة التنفيذية”. وتنص المادة (٦٥) من ذات القانون على أنه “يجب على مجلس الإدارة أن ينشر الميزانية وحساب الأرباح والخسائر وخلاصة وافية لتقريره والنص الكامل لتقرير مراقب الحسابات قبل اجتماع الجمعية العامة. وتحدد اللائحة التنفيذية وسائل النشر ومواعيده …”.
وتنص اللائحة التنفيذية للقانون المذكور والصادرة بقرار وزير شئون الاستثمار والتعاون الدولى رقم ٩٦ لسنة ١٩٨٢ فى المادتين (١٨٩) و(٢١٨) على التوالى قبل تعديلهما بالقرار المطعون فيه على أنه “يجب أن يكون حساب الأرباح والخسائر وتقرير مجلس الإدارة معدًا قبل الموعد المقرر لاجتماع الجمعية العامة بشهرين على الأقل، ويتعين وضع الوثائق السابقة تحت تصرف مراقبى الحسابات خلال الفترة المذكورة”، “ويجب على مجلس الإدارة أو الشريك أو الشركاء المديرين ــ حسب الأحوال ــ أن ينشر الميزانية وحساب الأرباح والخسائر وخلاصة وافية لتقريره والنص الكامل لتقرير مراقب الحسابات فى صحيفتين يوميتين، وذلك قبل تاريخ عقد الجمعية العامة المقرر نظر الميزانية بها بعشرين يومًا على الأقل …”.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم ٤٧١ لسنة ١٩٩٧ الصادر من وزير الاقتصاد بتاريخ ١٤/٩/١٩٩٧ ــ بعد أن حلت وزارة الاقتصاد محل وزارة شئون الاستثمار والتعاون الدولى ــ قد عدل النصين المشار إليهما على النحو التالى: مادة (١٨٩) وتنص على أنه “يجب أن تكون ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر وتقرير مجلس الإدارة معدًا خلال شهرين على الأكثر من انتهاء السنة المالية للشركة، ويتعين وضع هذه الوثائق تحت تصرف مراقبى الحسابات خلال تلك الفترة”. والمادة (٢١٨) تنص على أنه “يجب على مجلس الإدارة أو الشريك أو الشركاء المديرين ــ حسب الأحوال ــ أن ينشر الميزانية وحساب الأرباح والخسائر وخلاصة وافية لتقريره والنص الكامل لتقرير مراقب الحسابات فى صحيفتين يوميتين خلال ثلاثة أشهر من انتهاء السنة المالية على الأكثر …..”.
ومن حيث إن القانون المشار إليه قد خوَّل وزير الاقتصاد عند إصداره اللائحة التنفيذية لهذا القانون أن يبين الأوضاع والشروط والبيانات اللازمة لإعداد ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر أن يقدم عن نشاط الشركة ومركزها المالى فى موعد يسمح بعقد الجمعية العامة للمساهمة خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ انتهاء السنة المالية بما مفاده أن لوزير الاقتصاد أن يحدد الموعد خلال هذه الشهور الستة بما يتلاءم مع المصلحة العامة وأنظمة السوق، وإذ عدل وزير الاقتصاد بقراره المطعون فيه موعد إعداد هذه المستندات والتقارير فأوجب أن يتم ذلك خلال شهرين على الأكثر من انتهاء السنة المالية للشركة وهو ما يتفق مع نصوص القانون ومع الموعد المضروب فى هذه النصوص دون تجاوز. ولما كان تحديد هذا الميعاد من الملاءمات المتروكة لجهة الإدارة ممثلة فى وزير الاقتصاد مادام يهدف إلى المصلحة العامة الذى أفصحت عنه الأوراق بأن ذلك تم لمواكبة التطور فى التعامل فى سوق المال وخاصة فيما يتعلق بتوافر عنصر الشفافية اللازم لإجراء المعاملات فى بورصة الأوراق المالية؛ حيث أصبح توافر المعلومات عن الشركات التى تطرح أوراقها للتداول فى الوقت المناسب أمراً حتميًا ولازمًا لجمهور المتعاملين حتى يكونوا على بينة كاملة بأوضاع الشركة التى يتم التعامل على أوراقها، فضلاً عن أن الواقع العملى لسوق رأس المال أثبت أن الوقت عنصر أساسى لسوق رأس المال وأداة مهمة من أدوات هذه السوق، وأنه كان من الضرورى النظر فى تعديل المدة المشار إليها تمكينًا لمراقبى الحسابات من أداء مهمتهم فى وقت مناسب، ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه متفقاً وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه لا يحاج فى هذا الصدد بما ساقه الطاعن من أن القرار يهدف إلى مصلحة فئة معينة من المحاسبين وإنه لم يستطلع بشأنه رأى نقابة التجاريين وجمعية المحاسبين القانونيين، ولما كان القول بمحاباة فئة من المحاسبين ورد مرسلاً لا دليل عليه، فضلاً عن أن القانون لم يوجب استطلاع رأى جهة أخرى بخلاف الهيئة العامة لسوق المال وهو ما تم فعلا كما يبين من ديباجة القرار المطعون فيه.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى فإنه يكون متفقًا وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (١٨٤) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.