جلسة 17 من أبريل سنة 2004م
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / إسماعيل صديق راشد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى أحمد عبد المجيد، وحسن كمال أبوزيد،
ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، ود. محمد أبوالعينين.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / معتز أحمد شعير.
مفوض الدولة
وحضور السيد / يحيى سيد على.
أمين السر
الطعن رقم 8377 لسنة 47 قضائية. عليا:
ـ الدعوى التأديبية ـ أثر صدور حكم بالبراءة ـ إهمال الدفوع الشكلية والموضوعية.
البحث فى سقوط المخالفات التأديبية وبطلان قرار الإحالة يسبق فى الترتيب البحث فى صحة الاتهام المنسوب للمتهمين أمام المحاكم التأديبية بوصف أن سقوط المخالفة أو بطلان قرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية من شأن أيهما أن ينهى صحة إجراءات الدعوى التأديبية، وهما من الدفوع المتعلقة بقبول الدعوى التأديبية والتى يجب البحث فيها أولاً قبل التطرق إلى موضوع الدعوى التأديبية، إلا أنه فى المجال التأديبى وهو أشبه فى ذلك بالمجال الجنائى إذا ثبت للمحكمة عند بحث هذه الدفوع ومن موضوع الدعوى التأديبية براءة المتهمين من الاتهامات المنسوبة إليهم كان عليها الحكم بذلك دون الحكم فى قبول الدعوى التأديبية تحقيقًا للعدالة التى تتأبى الحكم بعدم صحة إجراءات إقامة الدعوى فى حين أن المتهم برىء مما هو منسوب إليه فالحكم بالبراءة يوجب إهمال الدفوع الشكلية أو الموضوعية والعكس غير صحيح، حيث لا يجوز تجاهل الدفوع المتعلقة بقبول الدعوى التأديبية وصولاً إلى إثبات صحة الاتهامات المنسوبة للمتهم حيث يقع فى هذه الحالة فى حالة من حالات بطلان التسبيب ـ تطبيق.
فى2/6/2001 أقام وكيل الطاعن “………………” الطعن رقم 8377/ 47ق. ع فى الحكم سالف البيان والذى انتهى إلى مجازاته بغرامة مقدارها ثلاثون جنيهًا عما ثبت فى حقه وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم أصليًا: ببراءته مما هو منسوب إليه واحتياطيًا: بسقوط الدعوى التأديبية عن هذه المخالفة ومن باب الاحتياط الكلى ببطلان إحالته للمحاكمة التأديبية عن هذه المخالفة.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الوارد بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وفى 14/7/2001 أقام وكيل الطاعن “……………….” الطعن رقم 9710/47 ق. ع طعنًا فى الحكم سالف البيان والقاضى بمجازاة الطاعن بغرامة مقدارها خمسون جنيهًا.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن الحكم أصليا ببطلان إحالته إلى المحاكمة التأديبية وبسقوط الدعوى التأديبية قبله بمضى المدة وعلى سبيل الاحتياط الكلى ببراءته مما هو منسوب إليه وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها إلى أنها ترى الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن والقضاء بسقوط الدعوى التأديبية قبله.
وتدوول الطعنان على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث تقرر ضمهما أمام دائرة فحص الطعون وأمام هذه المحكمة حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة.
ومن حيث إن واقعات الحكم المطعون فيه تخلص فى أنه:
بتاريخ 4/9/2000 أقامت النيابة الإدارية الدعوى الماثلة بإيداع أوراقها سكرتارية المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا متضمنة تقريرًا باتهام كل من :
١ـ “………………” رئيس الإدارة المركزية للشئون الإدارية بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة سابقا وحاليا بالمعاش اعتبارا من 7/2/1995 ـ درجة عليا.
2ـ ………………………… .
3 ـ “……………..” رئيس جهاز الشباب بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة سابقا وحاليًا بالمعاش اعتبارا من 18/10/1997 درجة ممتازة.
لأنهم خلال الفترة من 19/12/1990 وحتى 20/12/1998 بدائرة عملهم بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة لم يؤدوا العمل المنوط بهم بأمانة وخالفوا القواعد والأحكام المنصوص عليها فى القوانين واللوائح وأتوا ما ترتب عليه ضياع حق مالى للدولة وذلك على النحو التالى:
الأول: 1ـ ضمن القرار التنفيذى رقم 773/90 الصادر بتاريخ 23/12/1990 بندب المحال السابع الطبيب “…………………..” من بنك الدلتا الدولى “قطاع خاص” للعمل بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة لمدة عام اعتباراً من 20/12/1990 حتى 19/12/1991 بالمخالفة لأحكام المادة 56 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين بالدولة الأمر الذى ترتب عليه صرف مبلغ مالى مقداره 5231.95 جنيه كمكافآت للطبيب المذكور دون وجه حق.
2ـ ضمن مذكرته المؤرخة 26/12/1991 للعرض على رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة والقرار التنفيذى رقم822/1991 الصادر بتاريخ 26/12/1991 بتجديد ندب المحال السابع لمدة عام اعتبارا من 20/12/1991حتى 19/12/1992 بالمخالفة لنص المادة 56 من القانون رقم 47/78 الأمر الذى ترتب عليه صرف مبلغ 6755جنيها كمكافآت للمحال السابع دون وجه حق.
3ـ ضمن مذكرته المؤرخة 17/12/1992 للعرض على رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة والقرار التنفيذى رقم 773/92 الصادر بتاريخ 23/12/1992 بتجديد ندب المحال السابع لمدة عام ثالث اعتبارا من20/12/1992حتى 19/12/1993 بالمخالفة لنص المادة 56 من القانون رقم 47/1978 الأمر الذى ترتب عليه صرف مبلغ 9002 جنيهاً كمكافآت للمحال السابع بدون وجه حق.
4ـ ضمن مذكرته المؤرخة 14/12/1993 للعرض على رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة والقرار التنفيذى رقم 2/1994 الصادر بتاريخ 3/1/1994 بتجديد ندب المحال السابع لمدة عام رابع اعتبارا من 20/12/1993 حتى 19/12/1994 بالمخالفة لنص المادة 56 من القانون رقم 47/1978 المشار إليه الأمر الذى ترتب عليه صرف مبلغ 15669 جنيها كمكافآت للمذكور دون وجه حق.
5 ـ ضمن القرار التنفيذى رقم 655 الصادر بتاريخ 25/12/1994 بتجديد ندب المحال السابع لمدة عام خامس اعتباراً من 21/12/1994 حتى 20/12/1995 بالمخالفة لنص المادة 56 من القانون رقم 47/1978 المشار إليه والمادة 45 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الأمر الذى ترتب عليه صرف مبلغ 30038 جنيها كمكافآت للمذكور دون وجه حق.
الثانى :……………… .
الثالث: ………………
1ـ أشر بتاريخ 1/12/1994 على الطلب المقدم من المحال السابع بالموافقة على تجديد ندبه لمدة عام خامس اعتباراً من 21/12/1994 حتى 20/12/1995 رغم عدم اختصاصه بذلك وبالمخالفة لنص المادة 56 من القانون رقم 47/1978 والمادة 45 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
2ـ ضمن مذكرته المحررة فى غضون شهر ديسمبر عام 1996 للعرض على رئيس الجهاز التنفيذى بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة بطلب الموافقة على تجديد ندب المحال السابع لمدة عام اعتباراً من 21/12/1996 حتى 20/12/1997 بالمخالفة لنص المادة 56 من القانون رقم 47/78 والمادة (45) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الأمر الذى ترتب عليه إلحاق ضرر مالى بالدولة.
3 ـ ضمن مذكرته المؤرخة 29/9/1997 للعرض على رئيس الجهاز التنفيذى بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة طلب الموافقة على تجديد ندب المحال السابع لمدة عام ثامن اعتبارا من 21/12/1997 حتى 21/12/1998 بالمخالفة للمادة 56 من القانون رقم47/1978 والمادة 45 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الأمر الذى ترتب عليه إلحاق ضرر مالى بالدولة.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين تأديبيًا طبقا لنصوص المواد القانونية المشار إليها بالأوراق.
تدوولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 16/5/2001 أصدرت المحكمة حكمها القاضى ضمن ما قضى به بمجازاة المحال الأول “…………….” بغرامة مقدارها ثلاثون جنيها عما ثبت فى حقه ومجازاة المحال الثالث “…………………..” بغرامة مقدارها خمسون جنيها.
وأسست قضاءها السالف أولا بالنسبة للمحال الأول على أن المخالفات المنسوبة له من الأولى حتى الرابعة سقطت بمضى المدة لمرور أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ ارتكابها وبالنسبة للمخالفة الخامسة وهى تجديد ندب الطبيب “………………..” من بنك الدلتا الدولى للعمل بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة بالقرار التنفيذى رقم 655 الصادر بتاريخ 25/12/1994لمدة عام خامس اعتبارا من 21/12/1994 حتى 20/12/1995 بالمخالفة لأحكام القانون فإن هذه المخالفة تمت بتاريخ 25/12/1994 وبدأ التحقيق فيها خلال شهر أكتوبر 1997ـ قبل انقضاء المدة المقررة لسقوط الدعوى التأديبية وقد اعترف المحال بهذه المخالفة وأنه هو الذى أصدر القرار التنفيذى بتجديد ندب المذكور ومن ثم تكون المخالفة ثابتة فى حقه، كما أسست قضاءها السالف بالنسبة للمحال الثالث على أساس أنه بالنسبة للمخالفة الأولى المنسوبة له فالثابت من التحقيقات واعترافه بالتأشير على الطلب المقدم من المخالف السابع بالموافقة على تجديد ندبه لمدة عام خامس اعتبارا من 21/12/1994 حتى 20/12/1995 رغم عدم اختصاصه بذلك فمن ثم يكون مخلاً بواجباته الوظيفية ويتعين مؤاخذته تأديبيًا بالنسبة للمخالفتين الثانية والثالثة المنسوبتين له فإن الثابت من الأوراق أن المذكور قد اعترف بتضمينه مذكرتيه المؤرختين خلال شهرى ديسمبر عام 96، 29 سبتمبر عام 97 طلب الموافقة على تجديد ندب المخالف السابع لمدة عامين سابع وثامن فمن ثم يكون مخلاً بواجباته الوظيفية ويتعين مؤاخذته تأديبيًا وانتهت المحكمة إلى حكمها المتقدم.
ويقوم الطعنان على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المخالفات المنسوبة للطاعنين قد تم البدء فيها بعد خروجهم على المعاش بما يجعل إقامة الدعوى التأديبية قبلهما باطلة وإنهما فقط سلطة اعتماد للمذكرات المرفوعة لهما بهذا الخصوص فضلا عن أنه بالنسبة للطاعن الثانى فلم يتم مواجهته بالاتهام فى النيابة الإدارية وهو ما يبطل إجراءات إقامة الدعوى التأديبية قبله والتى لا يصححها حضوره أمام المحكمة التأديبية.
وانتهى تقرير الطعن إلى الطلبات سالفة البيان.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق والتحقيقات أن أساس الاتهامات الموجهة للطاعنين قد ارتبط بالكشف عن واقعة تزوير الطبيب “………………” لأوراق ومحررات تفيد قيامه بالعمل ببنك الدلتا الدولى على خلاف الحقيقة حيث كان يعمل بعقد مؤقت وتم إنهاؤه وقد استخدم هذا الطبيب هذه الأوراق والمستندات للتقدم لندبه بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة اعتبارا من19/12/1990 حتى20/12/1998 والثابت من الأوراق أن تجديد ندب الطبيب المذكور كان بناء على طلب من مدير عام الطب الرياضى وبمعرفة “……………………” المنتدب بالمجلس وتم تحرير المذكرات بطلب ندب الطبيب المذكور وتجديد ندبه من “…………” رئيس القسم الرياضى بالمجلس وقد اعترفا بذلك فى التحقيقات كما أظهرت التحقيقات أن أول موافقة على ندب الطبيب المذكور كانت قد تمت بمعرفة الدكتور “………………….” رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة فى 19/12/1990 وكانت بناء على أوراق قدمها الطبيب المذكور مباشرة للدكتور “………..” وأن سائر التجديدات تمت بعد ذلك بصفة تلقائية بل والثابت أن الدكتور “……………….” رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة أصدر قراره رقم 661/91 فى 23/10/1991 متضمنا النص على إلغاء ندب جميع السادة المنتدبين من الخارج للعمل بالمجلس وعودتهم إلى جهات عملهم ومع ذلك استثنى الدكتور الطبيب المذكور من عدم تجديد ندبه.
ومن حيث إنه كذلك فإن المنسوب للطاعنين وفقا للحكم المطعون فيه لا يجد له سندًا من الواقع حيث إنهما كانا بمثابة سلطة اعتماد للمذكرات المرفوعة لهما بطلب تجديد ندب الطبيب المذكور من الإدارة الصحية بالمجلس وكانا يقومان برفع المذكرات لرئيس المجلس الأعلى للشباب ولا يمكن مساءلتهما عن مخالفات تجديد ندبه حيث تبين وجود موظف مختص بإعداد قرارات الندب وإدارة تطلب ندبه وقد قدم هذا الموظف ومدير إدارته للمحاكمة وصدر الحكم بمجازاة الثانى باللوم وبسقوط الدعوى التأديبية قِبل الأول بمضى المدة وعليه وإذا لم يظهر من الأوراق ـ وجود أى خطأ ارتكبه الطاعنان خاصة وأنهما يشغلان أعلى منصب إدارى قبل منصب رئيس المجلس الأعلى للشباب وأن مشروعية قرارات تجديد الندب من الناحية القانونية تدخل فى اختصاص مدير عام الشئون الإدارية ورئيس قطاع الشئون المالية بالمجلس وقد تم مجازاتهما عن هذه المخالفة، وعليه فلا يكون هناك مخالفة يتعين مجازاة الطاعنين عنها وهو ما يوجب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاتهما والقضاء مجدداً ببراءتهما مما هو منسوب إليهما.
ومن حيث إنه كذلك فإن هذه المحكمة تود أن تشير إلى أن البحث فى سقوط المخالفات التأديبية أو بطلان قرار الإحالة يسبق فى الترتيب البحث فى صحة الاتهام المنسوب للمتهمين أمام المحاكم التأديبية بوصف أن سقوط المخالفة أو بطلان قرار الإحالة للمحاكمة التأديبية من شأن أيهما أن ينهى صحة إجراءات الدعوى التأديبية، فهما من الدفوع المتعلقة بقبول الدعوى التأديبية والتى يجب البحث فيها أولا قبل التطرق إلى موضوع الدعوى التأديبية، إلا أنه فى النظام التأديبى وهو أشبه فى ذلك بالمجال الجنائى إذا ثبت للمحكمة عند بحث هذه الدفوع ومن موضوع الدعوى التأديبية براءة المتهمين من الاتهامات المنسوبة إليهم كان عليها الحكم بذلك دون الحكم فى قبول الدعوى التأديبية تحقيقاً للعدالة التى تتأبى الحكم بعدم صحة إجراءات إقامة الدعوى فى حين أن المتهم برىء مما هو منسوب إليه، فالحكم بالبراءة يوجب إهمال الدفوع الشكلية أو الموضوعية والعكس غير صحيح، حيث لا يجوز تجاهل الدفوع المتعلقة بقبول الدعوى التأديبية وصولاً إلى إثبات صحة الاتهامات المنسوبة للمتهم، حيث يقع الحكم فى هذه الحالة فى حالة من حالات بطلان التسبيب .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين والقضاء مجددًا ببراءتهما مما هو منسوب إليهما.