جلسة 17 من أبريل سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5280 لسنة 48 قضائية. عليا:
ـ الترخيص بها ـ جزاء إلغاء الترخيص ـ ضوابطه.
المواد (2)، (6)، (7) من القانون رقم 38 لسنة 1994 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبى.
والمواد (1)، (2)، (4)، (13)، (14) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 331 لسنة 1994 المعدل بالقرار الوزارى رقم 103 لسنة 2001.
المشرع فى القانون سالف الذكر قد أحال إلى لائحته التنفيذية فيما يتعلق بالقواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق الصرف الأجنبى بالتنسيق مع البنك المركزى المصرى فى إطار السياسة العامة للدولة دون إخلال بالأحكام الواردة فى هذا القانون ـ أجاز المشرع لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية والتابع له قطاع النقد الأجنبى باعتباره الوزير المختص أن يرخص فى التعامل فى النقد الأجنبى لجهات أخرى غير المصارف المعتمدة والتى تتعامل فيه بحسب الأصل وألزم المشرع تلك الجهات باتباع قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى ـ تناول المشرع بالتنظيم حالة مخالفة تلك الجهات لقواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وحالة العود إلى مخالفة تلك القواعد فخول الوزير المختص سلطة توقيع جزاء إيقاف الترخيص لمدة لا تجاوز سنة، وفى حالة تكرار المخالفة لأى من قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى أعطى للوزير المختص سلطة توقيع جزاء إلغاء الترخيص الممنوح للشركة ـ مؤدى ذلك ـ أن سلطة الوزير المختص فى توقيع جزاء إلغاء الترخيص ليست مطلقة بل إن المشرع تقديراً منه لجسامة هذا الجزاء من ناحية وأخذاً بمبدأ التدرج فى العقوبة من ناحية أخرى اشترط لتوقيع جزاء إلغاء الترخيص شرطين مجتمعين ومتتاليين:
أولهما : سبق ثبوت مخالفة الشركة لأى من قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وصدور قرار نهائى حصين من السحب والإلغاء من الوزير المختص بإيقاف ترخيصها لمدة لا تجاوز سنة جزاء على ارتكابها تلك المخالفة ـ تجدر الإشارة فى هذا المقام إلى أنه يلزم لتحقق هذا الشرط أن يكون قرار الإيقاف قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون بعد ثبوت المخالفة فى جانب الشركة ثبوتًا يقينيًا، وأى قرينة يستدل منها على عكس ذلك مؤداها تخلف الشرط الثانى من شروط توقيع جزاء إلغاء الترخيص، والقول بغير ذلك مؤاده مخالفة قصد المشرع من تطلبه إيقاف الترخيص قبل توقيع جزاء إلغاء الترخيص، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى استفادة جهة الإدارة من خطئها بأن تصدر قراراً خاطئاً بإيقاف الترخيص تتخذه ذريعة فيما بعد لإصدار قرار بإلغاء الترخيص.
وثانيهما: تكرار الشركة المخالفة لأى من قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى، وفى هذه الحالة يحق للوزير المختص استعمال سلطته المخولة له قانوناً بإلغاء ترخيص الشركة ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 21/3/2002 أودع الأستاذ الدكتور/ سامى جمال الدين المحامى نائباً عن الأستاذ الدكتور/ عوض محمد عوض المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 5280 لسنة 48ق. عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 22/1/2002 فى الدعوى رقم 12057 لسنة 55 ق والقاضى منطوقه “بقبول تدخل البنك المركزى المصرى فى الدعوى خصما منضماً للجهة المدعى عليها وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً على الوجه المبين بالأسباب وألزمت المدعى المصروفات”.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ أولاً: وبصفة أصلية الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 647 لسنة 2001 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بإلغاء ترخيص الشركة التى يمثلها الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار. ثانيًا وبصفة احتياطية: قبول الدفع بعدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى فيما تضمنه من تخويل واضع اللائحة التنفيذية لهذا القانون سلطة وضع القواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق الصرف الأجنبى فى إطار السياسة العامة للدولة وذلك لمخالفتها لنصوص المواد 64 و65 و66 و67 و69 و86 و108 و144 و156 و157 من الدستور على النحو الوارد بالأسباب وكذلك قبول الدفع بعدم دستورية نص المادة الأولى من القرار الوزارى رقم 103لسنة 2001 بتعديل اللائحة التنفيذية المشار إليها لمخالفتها نصوص المادة 86 و132 و144 و156 و157 من الدستور على النحو الوارد فى الأسباب مع منح الطاعن أجلاً لرفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا.
وقد تم إعلان الطعن للمطعون ضدهم بصفتهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضده المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 7/7/2003 وبجلسة 1/12/2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ـ موضوع) لنظره بجلسة 27/12/2003 حيث جرى تداوله بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث حضر الخصوم وبجلسة 7/2/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/4/2004 ومذكرات فى شهر.
وخلال الأجل أودع الطاعن مذكرة دفاع ثم أعقبها بمذكرة ختامية وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات و المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
وتخلص وقائع هذا النزاع ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإدارى وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1227لسنة 2001 الصادر من رئيس مجلس الوزراء فى 23/8/2001 بإلغاء الترخيص للشركة المدعية وفروعها بالتعامل فى النقد الأجنبى مع ما يترتب على ذلك من آثار وكذلك القرار رقم 647 لسنة 2001 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية فى 28/8/2001 بإلغاء الترخيص للشركة المدعية وفروعها فى التعامل فى النقد الأجنبى مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ونعى المدعى على القرار رقم 1227 لسنة 2001 المطعون فيه الصادر من رئيس مجلس الوزراء صدوره مشوبا بعيب عدم الاختصاص إذ لم يخوله القانون سلطة إلغاء الترخيص الصادر بشركات الصرافة، حتى ولو توافرت شروط الإلغاء، إذ المختص قانونا بذلك هو وزير الاقتصاد ونعى على القرار الثانى الصادر من وزير الاقتصاد استناده إلى تقرير التفتيش المؤرخ فى 19/7/2001 والذى خلا من صفة من قام بإعداده وبيان ما إذا كان أحد العاملين بالبنك المركزى من عدمه وهى أمور لازمة لخطورة إجراءات التفتيش وما يترتب عليها من جزاءات توقع على شركات الصرافة فضلا عن خلو الأوراق من وجود تحقيق بشأن ما نسب للشركة المدعية حتى تتمكن من الدفاع فضلا عن صدور القرارين المطعون فيهما خلوًا من التسبيب.
وبجلسة 22/1/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها ـ بعد أن استعرضت نصى المادتين 153 و157 من الدستور ونصى المادتين 2 و16 من القانون 38 لسنة 1994 وكذا نصى المادتين 3 و4 من اللائحة التنفيذية له ـ على أساس أن الثابت من الأوراق أن أحد مفتشى البنك المركزى تقدم إلى الشركة المدعية طالباً شراء 500 دولار أمريكى وعرض عليها بيع 300 ريال سعودى حيث قام الصراف بحساب القيمة المعادلة لمبلغ الدولار الأمريكى على أساس 424 قرشا للدولار وعند تنفيذ العملية تلقى أحد مسئولى الشركة اتصالا تليفونياً فامتنع عن إتمام عملية الاستبدال، كما لاحظ مفتش البنك وجود كونتر على نافذة الاستبدال يوجد به مسئول عن الشركة يقوم بدفع فروق أسعار الشراء للعملاء وآخر يقوم بتحصيل فروق أسعار البيع فتحفظ المفتش على إيصالات البيع إلا أن رئيس مجلس إدارة الشركة انتزعها بالقوة من يده وخرج بها من الشركة، وتم إثبات هذه الوقائع بمحضر إثبات الحالة على الوجه المبين بأوراق الدعوى، ولما كانت هذه المخالفة ثابتة فى جانب الشركة ثبوتاً يقينياً مع تكرار المخالفة فإن هذه المخالفات مشفوعة بالتعدى على مفتش البنك المركزى تبرر إصدار القرار المطعون فيه ولا ينال من صحة القرار وسلامته ما نعاه المدعى من أن الجهة الإدارية لم تجر تحقيقاً مع الشركة إذ إن قانون العقوبات قد كفل حماية للموظف العام حال تأدية أعمال وظيفته بحسبان أن الشركة قد مكنت حال إثبات الحالة من إبداء دفاعها ولم يتضمن القانـــــون تنظيما خاصا لإجراء تحقيق مع الشركات المخالفة كما أن التعدى على أحد مفتشى البنك المركزى أثناء قيامه بالتفتيش يمثل ذروة المخالفة لأحكام القانون المنظم للتعامل في النقد الأجنبى وإهداراً من جانب الشركة لقواعد وأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية ومن ثم فإن قرار وزير الاقتصاد المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء الترخيص قد جاء محمولاً على أسبابه متفقاً وأحكام القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما انتهى من عدم وجوب التحقيق مع الشركات المخالفة فضلا عن أن القرار رقم 103 لسنة 2001 لم يشر من قريب أو بعيد إلى فرض سعر إلزامى لبيع وشراء النقد الأجنبى وكل ما جاء به هو إلزام المصارف وشركات الصرافة بإبلاغ الغرفة المركزية التى أنشأها القرار ببيانات معينة أما ما قرره من قيام الغرفة المركزية بإعلان متوسط أسعار الصرف فإن هذا ليس فيه ما يدل على أن هذا المتوسط هو سعر ملزم للجهات المتعاملة فى النقد الأجنبى لأن الغرفة لا تنشئ هذا السعر إنشاءً بل تستخلصه من مجمل الأسعار التى تم التعامل بها فعلا من قبل تلك الجهات فضلا عن أنه لو صح جدلاً ما ذهب إليه الحكم الطعين فإنه يشترط لصحة ما قضي به أمران: أولهما: أن يكون البنك المركزى قد أصدر بالفعل قراراً حدد فيه سعراًَ للدولار الأمريكى ولغيره من العملات الأجنبية وألزم به المصارف وشركات الصرافة وثانيهما: أن يكون البنك المركزى مختصاً بإصدار هذا القرار، وكل من الأمرين متخلف فى الطعن الماثل وأنه لو صح تأويل الحكم الطعين للقرار رقم 103 لسنة 2001 بتخويل البنك المركزى سلطة تحديد سعر ملزم للعملات الأجنبية فإن الشركة تدفع بعدم مشروعية وعدم دستورية المادة الأولى من القرار المذكور لأن هذه المادة من مواد اللائحة التنفيذية تخالف القانون التى صدرت هذه اللائحة لتنفيذه وذلك لتعديلها للسياسة العامة.
كما أنه من المسلم به دستورياً وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ سيادة القانون أن السلطة التشريعية تتولي وحدها سلطة التشريع وأن السلطة التنفيذية تختص بوضع ما تصدره السلطة الأولى موضع التنفيذ وذلك من خلال اللوائح التنفيذية التى يقتصر دورها على وضع الأحكام التفصيلية لتنفيذ المبادئ التى تضمنها القانون دون تعديل أو تعطيل وإلا تجاوزت حدودها واغتصبت سلطة غيرها واختصاصها ولا يقتصر القيد الوارد فى المادة (144) من الدستور على السلطة التنفيذية وحدها عند قيامها بإصدار اللوائح التنفيذية، بل إن هذا القيد ملزم للسلطة التشريعية نفسها، إذ لا يجوز لها أن تتنازل عن وظيفتها التشريعية للسلطة التنفيذية، ولا شك أن تخلى القانون رقم 38 لسنة 1994عن تحديد “القواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق الصرف الأجنبى” وتخويل اللائحة التنفيذية القيام بهذه المهمة هو نزول صريح عن سلطة التشريع بالمخالفة للدستور، كذلك أخطأ الحكم المطعون فيه فى تأويله لعبارة تكرار المخالفة الواردة فى المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1994 وشابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
ومن حيث إن حقيقة طلبات الطاعن بصفته والواردة بعريضة دعواه هى الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1227 لسنة 2001 الصادر من رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 23/8/2001 بإلغاء الترخيص للشركة المدعية وفروعها بالتعامل فى النقد الأجنبى وكذا القرار رقم 647 لسنة 2001 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية فى 28/8/2001 بإلغاء الترخيص للشركة المذكورة بالتعامل فى النقد الأجنبى وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1994 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبى والذى صدر القراران المطعون فيهما فى ظل العمل به كانت تنص على أنه “تضع اللائحة التنفيذية لهذا القانون القواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق الصرف الأجنبى وذلك بالتنسيق مع البنك المركزى وفى إطار السياسة العامة للدولة وبما لا يحل لأحكام هذا القانون.
وللمصارف المعتمدة القيام بأية عملية من عمليات النقد…
ويجوز للوزير المختص أن يرخص فى التعامل فى النقد الأجنبى لجهات أخرى غير المصارف المعتمدة ويحدد قرار الوزير المختص الصادر فى هذا الشأن قواعد وإجراءات هذا التعامل، وله فى حالة مخالفة هذه الجهات للقواعد والإجراءات المشار إليها إيقاف الترخيص لمدة لا تجاوز سنة كما يكون له إلغاؤه فى حالة تكرار المخالفة وفى هذه الحالة يتم شطب قيدها من السجل المقيدة فيه فى البنك المركزى”.
وتنص المادة (6) من ذات القانون على أنه “على المصارف المعتمدة والجهات الأخرى المرخص لها فى التعامل فى النقد الأجنبى أن تقدم للوزير المختص والبنك المركزى المصرى بياناً عما تباشره من عمليات النقد الأجنبى وفقاً للنظم والقواعد التى يصفها البنك المركزى المصرى.
ويقوم البنك المركزى المصرى بمراقبة تنفيذ عمليات النقد الأجنبى وفقاً لأحكام هذا القانون والقرارات التى يصدرها الوزير المختص”.
وتنص المادة ٧ من هذا القانون على أنه “….. ويكون للعاملين بالبنك المركزى المصرى الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع محافظ البنك صفة مأمورى الضبط القضائى فيما يختص بتنفيذ أحكام المادة (6) من هذا القانون”.
ومن حيث إن المادة الأولى من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 38 لسنة1994 المشار إليه والصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 331 لسنة 1994 تنص على أن “يكون التعامل فى النقد الأجنبى فى مصر فى إطار سوق حرة للنقد الأجنبى ويتم التعامل من خلال الجهات الآتية:
أـ البنك المركزى المصرى.
ب ـ المصارف المعتمدة المنصوص عليها فى المادة ٦ من هذه اللائحة.
ج ـ الجهات غير المصرفية التى يرخص لها فى التعامل فى النقد الأجنبى بقرار من الوزير المختص.
وتقوم الجهات المشار إليها بالبندين (ب) و(ج) بالتعامل فى النقد الأجنبى لحسابها
أو لحساب غيرها وتحت مسئوليتها”.
وتنص المادة ٣ من هذه اللائحة على أن “يكون للبنك المركزى والمصارف المعتمدة والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل فى النقد الأجنبى والمنصوص عليها فى المادة ٩ من هذه اللائحة حرية تحديد أسعار الشراء والبيع للنقد الأجنبى فى إطار السوق الحرة للنقد الأجنبى على أن يتم الإعلان عن هذه الأسعار بطريقة واضحة”.
وتنص المادة ٤ من هذه اللائحة والمستبدلة بالمادة الأولى من القرار الوزارى رقم 103 لسنة 2001 على أنه “ينشأ بالبنك المركزى غرفة مركزية تتولى تجميع إحصاءات سوق الصرف الأجنبى وتكوين سوق للنقد الأجنبى فيما بين البنوك وتنظمه، وتلزم كافة المصارف المعتمدة والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل فى النقد الأجنبى بإبلاغ تلك الغرفة بالحجم الإجمالى لعمليات الشراء والبيع التى تمت عن طريقها والأسعار التى تمت بها فى إطار السوق الحرة للنقد الأجنبى وفقاً للقواعد والترتيبات التى يصدرها البنك المركزى المصرى فى هذا الشأن.
وتعلن الغرفة المذكورة بصفة دورية متوسط أسعار الصرف لمختلف العملات الأجنبية وفقاً للعمليات الفعلية وكذا موارد واستخدامات السوق الحرة”.
وتنص المادة 13 منها على أن “تخضع الجهات غير المصرفية المرخص لها بالتعامل فى النقد الأجنبى لرقابة البنك المركزى المصرى وتلتزم هذه الجهات بالنظام الإحصائى والإجراءات التى يقررها البنك المركزى المصرى فى هذا الشأن وتقديم البيانات الإجمالية لعمليات الشراء والبيع للنقد الأجنبى التى تمت عن طريقها والأسعار التى تمت بها فى إطار السوق الحرة للنقد الأجنبى”.
كما تنص المادة 14 من تلك اللائحة على أنه “مع عدم الإخلال بحكم المادة ٨ من القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى، يجوز للوزير المختص فى حالة مخالفة الجهات غير المصرفية المرخص لها بالتعامل فى النقد الأجنبى للشروط والأوضاع الواردة فى هذه اللائحة إيقاف الترخيص لمدة لا تجاوز سنة أو إلغاؤه فى حالة تكرار المخالفة، وفى هذه الحالة يتم شطب قيد الجهة غير المصرفية من السجل المنصوص عليه فى المادة العاشرة من هذه اللائحة”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع فى القانون رقم 38 لسنة 1994 سالف الذكر قد أحال إلى لائحته التنفيذية فيما يتعلق بالقواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق الصرف الأجنبى بالتنسيق مع البنك المركزى المصرى فى إطار السياسة العامة للدولة دون إخلال بالأحكام الواردة فى هذا القانون وأجاز المشرع لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية والتابع له قطاع النقد الأجنبى باعتباره الوزير المختص أن يرخص فى التعامل فى النقد الأجنبي لجهات أخرى غير المصارف المعتمدة ـ والتى تتعامل فيه بحسب الأصل ـ وألزم المشرع تلك الجهات باتباع قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى كما تناول المشرع بالتنظيم فى المادة ٦ من القانون حالة مخالفة تلك الجهات لقواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وحالة العود إلى مخالفة تلك القواعد فخول الوزير المختص سلطة توقيع جزاء إيقاف الترخيص لمدة لا تجاوز سنة وفى حالة تكرار المخالفة لأى من قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى أعطى للوزير المختص سلطة توقيع جزاء إلغاء الترخيص الممنوح للشركة بالتعامل فى النقد الأجنبى ومؤدى ذلك أن سلطة الوزير المختص فى توقيع جزاء إلغاء الترخيص ليست مطلقة بل إن المشرع تقديراً منه لجسامة هذا الجزاء من ناحية وأخذاً بمبدأ التدرج فى العقوبة من ناحية أخرى اشترط لتوقيع جزاء إلغاء الترخيص شرطين مجتمعين ومتتاليين أولهما: سبق ثبوت مخالفة الشركة لأى من قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وصدور قرار نهائى حصين من السحب والإلغاء من الوزير المختص بإيقاف ترخيصها لمدة لا تجاوز سنة جزاءً على ارتكابها تلك المخالفة، وتجدر الإشارة فى هذا المقام إلى أنه يلزم لتحقق هذا الشرط أن يكون قرار الإيقاف قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون بعد ثبوت المخالفة فى جانب الشركة ثبوتاً يقينياً وأى قرينة يستدل منها على عكس ذلك مؤداها تخلف الشرط الثانى من شروط توقيع جزاء إلغاء الترخيص والقول بغير ذلك مؤداه مخالفة قصد المشرع من تطلبه إيقاف الترخيص قبل توقيع جزاء إلغاء الترخيص من ناحية، ومن ناحية أخرى استفادة جهة الإدارة من خطئها بأن تصدر قراراً خاطئاً بإيقاف الترخيص تتخذه ذريعة فيما بعد لإصدار قرار بإلغاء الترخيص وثانيهما: تكرار الشركة للمخالفة لأى من قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وفى هذه الحالة يحق للوزير المختص استعمال سلطته المخولة له قانوناً بإلغاء ترخيص الشركة.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه فى خصوصية الحالة المعروضة وإذ أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1227 لسنة 2001 بتاريخ 23/8/2001 ـ القرار المطعون فيه الأول ـ بإلغاء القرار الوزارى رقم 642 لسنة 1991فيما تضمنه من الترخيص للشركة الطاعنة وفروعها والتى يمثلها الطاعن بصفته بالتعامل فى النقد الأجنبى لما نسب إليها من مخالفات وحيث إن المختص بإصدار مثل هذه القرارات وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1994 المشار إليه هو وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية عند تحقق الشروط المنصوص عليها قانوناً ومن ثَمَّ يضحى القرار رقم 1227 لسنة 2001 المطعون فيه قراراً صادراً من غير مختص قانوناً بإصداره ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الثابت أيضًا من الأوراق أنه بتاريخ 28/8/2001 أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار المطعون فيه رقم 647 لسنة 2001 متضمنًا إلغاء القرار الوزارى رقم 642 لسنة 1991 فيما تضمنه من الترخيص لشركة الأطباء للصرافة ش. م وفروعها فى التعامل فى النقد الأجنبى مستنداً فى ذلك إلى التفتيش الذى تم على الشركة الطاعنة يوم 19/7/2001 فضلاً عن تكرار المخالفات المنسوبة إليها وسبق توقيع جزاء إيقاف الترخيص على الشركة.
ومن حيث إنه بالتحقق عن مدى توافر الشرطين اللذين تطلبهما القانون رقم 38 لسنة 1994 المشار إليه فى مادته السادسة لإلغاء الترخيص على النحو السالف بيانه، وبالاطلاع على المخالفات التى نُسب للشركة الطاعنة إتيانها والجزاءات التى تم توقيعها عليها يبين ما يلى:
أولاً: بتاريخ 17/5/1999 أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية قرارًا بإيقاف الترخيص الممنوح للشركة الطاعنة لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 18/5/1999 وتنتهى يوم 18/8/1999 وذلك لما نُسب إليها من مخالفتها للقواعد القانونية والتعليمات المنظمة لنشاط الصرافة، فأقامت الشركة الدعوى رقم 3566 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طعناً على هذا القرار، وقضى فيها بجلسة 5/8/1999بوقف تنفيذه وكان وزير الاقتصاد قد وافق بتاريخ2/8/1999 على تعديل عقوبة الإيقاف إلى الاكتفاء بتوجيه إنذار للشركة بضرورة الالتزام بالتعليمات مقابل تنازل الشركة عن دعواها المشار إليها.
فإنه يتضح من ذلك أنه فضلاً عن تعديل قرار الإيقاف إلى الإنذار ـ وهى عقوبة لم ترد فى نصوص القانون رقم 38 لسنة 1994 المشار إليه أو لائحته التنفيذية فإن صدور الحكم سالف الذكر بوقف تنفيذ قرار الإيقاف يعد قرينة على عدم ثبوت المخالفة فى جانب الشركة الطاعنة وهو الأمر الذى لا يجوز معه الاستناد لتلك الواقعة للتدليل على مخالفة الشركة الطاعنة لقواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وبطبيعة الحال لا يصلح الاستناد لمثل هذا القرار للتدليل على سبق إيقاف الترخيص حتى يمكن إصدار القرار المطعون فيه.
ثانياً: بتاريخ 26/9/1999أوقف ترخيص الشركة لمدة 15 يوماً تبدأ من 3/10/1999 وتنتهى فى 18/10/1999، وذلك بسبب وجود زيادة بالخزينة مقدارها900 ريال سعودى عن أرصدة السجلات، ووجود عجز قدره 250 جنيهًا مصريًا،وذلك بالمخالفة للقواعد القانونية والتعليمات المنظمة لنشاط الصرافة وتظلمت الشركة من قرار الإيقاف، ونتيجة لهذا التظلم وافق وزير الاقتصاد بتاريخ 3/10/1999على الاكتفاء بتوجيه إنذار للشركة بضرورة الالتزام بالقواعد والتعليمات التى تحكم نشاط الصرافة وإذ إن قيام جهة الإدارة بإنذار الشركة على النحو السالف ذكره لا يعد بمثابة توقيع جزاء عليها بحسبان أن الإنذار ليس من العقوبات المنصوص عليها فى قانون التعامل فى النقد الأجنبى ومن ثَمَّ لا يمكن القول بأن جزاء إيقاف ترخيص الشركة فى هذه الحالة قائم أو بتوافر إحدى الحالات المبررة قانوناً لإصدار القرار المطعون فيه.
ثالثًا: بتاريخ 15/2/2000 أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية قراره بإيقاف الترخيص الممنوح للشركة وفروعها لمدة 15يوماً تبدأ من 22/2/2000 ونتيجة لتظلم الشركة الطاعنة من هذا القرار وافق وزير الاقتصاد على توصية لجنة تظلمات شركات الصرافة بسحب قرار العقوبة الموقعة على الشركة، ومن ثم فإن سحب قرار إيقاف الشركة يعد كأن لم يكن ولا تعد هذه الواقعة إحدى الحالات المشترطة قانوناً لإصدار القرار المطعون فيه بإلغاء ترخيص الشركة من التعامل فى النقد الأجنبى.
رابعاً: بتاريخ 29/1/2001 أصدر وزير الاقتصاد قراراً بإيقاف الترخيص الممنوح للشركة الطاعنة لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من30/1/2001 وتنتهى فى 30/4/2001 وذلك لعدم قيام الشركة بالإعلان عن الأسعار على شاشة وكالات الأنباء العالمية وطبعها بالمخالفة لأحكام قانون النقد ولائحته التنفيذية فأقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 2289 لسنة ٥٥ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طعنا على هذا القرار، وبجلسة 5/4/2001 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ومن ثم فإن صدور هذا الحكم يعد قرينة على عدم ثبوت هذه المخالفة فى حق الشركة وهو الأمر الذى لا يجوز معه الاستناد لتلك الواقعة للتدليل على مخالفة الشركة الطاعنة لقواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وبطبيعة الحال لا يصلح الاستناد لمثل هذا القرار للتدليل على سبق إيقاف الترخيص لإصدار القرار المطعون فيه ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم وإنه حتى تاريخ صدور قرار وزير الاقتصاد رقم 647 لسنة 2001 المطعون فيه بإلغاء ترخيص الشركة الطاعنة فى التعامل فى النقد الأجنبى فإنه لم يثبت يقيناً فى حق الشركة الطاعنة ارتكابها لمخالفة قواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وصدور قرار نهائى حصين من السحب والإلغاء من وزير الاقتصاد بإيقاف ترخيص الشركة لمدة لا تجاوز سنة ومن ثم ينتفى شرط سبق صدور قرار صحيح بإيقاف ترخيص الشركة الطاعنة.
ومن حيث إنه بتاريخ 19/7/2001 نسب إلى الشركة الطاعنة امتناعها عن بيع النقد الأجنبى، وكذا لعدم التزامها بالأسعار المعلنة بالشركة للعملات الأجنبية فى تعاملاتها فى النقد الأجنبى بالمخالفة للمادة الرابعة من اللائحة التنفيذية فضلاً عن تعدى موظفى الشركة على مفتش البنك المركزى وعدم تمكينه من أداء عمله وأيا كان وجه الرأى فى ثبوت هذه المخالفات من عدمه وعلى أثر ذلك صدر القرار المطعون فيه بإلغاء ترخيص الشركة ولما كان هذا القرار الطعين يتطلب لصحة صدوره وحتى يستوفى شرائطه القانونية سبق مخالفة الشركة لقواعد وإجراءات التعامل فى النقد الأجنبى وصدور قرار صحيح ـ على النحو السالف تفصيله بإيقاف الترخيص لمدة لا تجاوز سنة وإذ انتفى هذا الشرط فى خصوصية الحالة المعروضة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر دون اتباع الإجراءات القانونية المتطلبة قانوناً لإصداره مفتقداً لشرط جوهرى من شروط صحته، مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه عكس هذا المذهب، فإنه قد جانب الصواب مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرارين المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.