جلسة 28 من فبراير سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / إسماعيل صديق راشد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى أحمد عبدالمجيد، ويسرى هاشم الشيخ، وحسن كمال أبوزيد، وأحمد إبراهيم زكى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / معتز أحمد شعير
مفوض الدولة
وحضور السيد / يحيى سيد على
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 54 لسنة 43 قضائية. عليا:
ـ تأديب المكلف ـ مدى جواز توقيع عقوبة الفصل.
المواد (1) ، (4)، (6) من القانون رقم 29 لسنة 1974 فى شأن تكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض.
انقطاع المكلف عن عمله أو عدم استلامه بدون مبرر أو مقتضى قانونى يعد إخلالاً بالالتزام القانونى المفروض عليه وتخليًا عن أداء واجب التكليف والمساهمة فى خدمة الوطن خلال فترة التكليف ـ توقيع عقوبة الفصل من الخدمة على المكلف يؤدى إلى تحقيق مقصوده وغرضه من التهرب من أداء واجب الخدمة فـى الوظيفة المكلف بها، وعليه فلا مشروعية فى توقيع هذه العقوبة لانحرافها عن غرضها وغايتها الطبيعية، إذ إنها تمكن المكلف من التخلف عن أداء الواجب ـ مؤدى ذلك ـ أن صحيح حكم القانون وإعمال هدفه وغايته يوجب توقيع جزاء مناسب على من يمتنع عن التكليف من بين الجزاءات الأخرى المقررة قانوناً غير الفصل من الخدمة ـ تطبيق.
بتاريخ 3/10/1996 أودعت الأستاذة/ فهيمة سعد الدين الحكيم نائباً عن السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 54 لسنة 43ق.ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 25/8/1996فى الدعوى رقم 332 لسنة 24ق والذى قضى منطوقه بمجازاة المطعون ضده بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن بنهاية تقرير طعنه ـ للأسباب الواردة به ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجددًا بمجازاة المطعون ضده بالعقوبة المناسبة.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت بنهايته للأسباب الواردة به ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضده بخصم أجر شهرين من راتبه.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/7/2002 وتم تداوله على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 27/11/2002 قررت المحكمة إحالة الطعن لدائرة الموضوع لنظره بجلسة 4/1/2003 وتم تداوله بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 22/11/2003 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به..
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون عليه قد صدر بتاريخ 25/8/1996 وقد أقام الطاعن طعنه الماثل بتاريخ 3/10/1996 أى خلال المواعيد المقررة قانونًا وقد استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فيتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن موضوع الطعن الماثل يخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 1/1/1996 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 332 لسنة 24ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بإيداع تقرير اتهام قلم كتاب تلك المحكمة ضد/ ………………… المطعون ضده الطبيب بقطاع الريف بمديرية الشئون الصحية بدمياط درجة ثالثة لأنه خلال المدة من 1/3/1995 حتى 30/11/1995 بدائرة مديرية الشئون الصحية بدمياط بوصفه السابق قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفى وخالف أحكام القانون ولم ينفذ الأوامر الصادرة اليه بأن امتنع عن استلام العمل بالمديرية تنفيذًا لحركة تكليف الأطباء الصادرة من وزارة الصحة دفعة ديسمبر 1993 اعتبارا من 1/3/1995.
وارتأت النيابة أن المتهم بذلك قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمادتين (76/8، 78/1) من القانون رقم 47 لسنة 78 بنظام العاملين المدنيين بالدولة والمادتين (6، 8) من القانون رقم29 لسنة1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض وطلبت محاكمته بالمواد سالفة الذكر والمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وتم تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية، وبتاريخ 25/8/1996صدر الحكم المطعون عليه بمجازاة المطعون ضده بالفصل من الخدمة.
وقد أقام الحكم المطعون عليه قضاءه ـ سالف الذكر ـ على أساس أن الثابت أن المتهم تم تكليفه للعمل بمديرية الشئون الصحية بدمياط بناءً على حركة تكليف الأطباء عن شهر ديسمبر 1993اعتبارًا من 1/3/1995 بعد أن امتنع عن التنفيذ على نحو ما شهدت به منى أحمد عبده كاتبة شئون العاملين بمديرية الشئون الصحية بدمياط، ومن حيث إن القانون رقم 29 لسنة 1972 قد أجاز لوزير الصحة تكليف الأطباء فى الحكومة أو فى وحدات الإدارة المحلية وألزمهم بأن يقوموا بأعمال وظيفتهم ما بقى التكليف، وإذ امتنع المتهم عن استلام عمله فإنه يكون قد خالف أحكام القانون ويتعين مجازاته بالفصل من الخدمة حيث لن يجدى معه أى جزاء آخر.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون عليه قد صدر مشوبًا بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ أن قانون تكليف الأطباء رقم 74129 قد نص على جواز تكليف الأطباء بقرار من وزير الصحة، ويعتبر الطبيب معينا بصدور هذا القرار ويتعين عليه القيام بأعباء وظيفته خلال مدة التكليف ولا يجوز الامتناع عن أدائها أو إنهاء التكليف إلا للأسباب المحددة بالقرار رقم 334 لسنة 79، كما أن أحكام المحكمة الإدارية العليا قد استقرت على أن عقوبة الفصل من الخدمة للمكلف تؤدى الى تحقيق مقصده وغرضه من التهرب من أداء واجب الخدمة فى وظيفته جبرًا عنه والحكم المطعون عليه بفصله للمتهم يكون قد صدر مخالفًا لأحكام القانون وأحكام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض تنص على أنه “لوزير الصحة تكليف خريجى كليات الطب… وذلك لمدة سنتين ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة ويتم التكليف أو تجديده بناءً على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن ووفقًا للإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون.
وتنص المادة الرابعة من ذات القانون على أن “يصدر وزير الصحة قرارات تكليف الخاضعين لأحكام هذا القانون ويعتبر المكلف معينًا فى الوظيفة التى كلف للعمل فيها من تاريخ صدور القرار وعليه أن يتسلم العمل خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول”.
وتنص المادة السادسة على أنه “على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقى التكليف وفى جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف وإنهاء الخدمة أثناءه من وزير الصحة”.
ومن حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا قد استقرت على أن انقطاع المكلف عن عمله أو عدم استلامه بدون مبرر أو مقتضى قانونى لا يكون بذلك قد أدى الالتزام القانونى المفروض عليه وتخلى عن أداء واجب التكليف والمساهمة فى خدمة الوطن خلال فترة التكليف، وأن توقيع عقوبة الفصل من الخدمة على المكلف يؤدى إلى تحقيق مقصوده وغرضه من التهرب من أداء الواجب والخدمة فى الوظيفة المكلف بها جبرا عنه وفقا للقانون وللمدة المحددة لذلك، وعليه فلا مشروعية فى توقيع هذه العقوبة لانحرافها عن غرضها وغايتها الطبيعية إذ إنها تمكن المكلف من التخلف عن أداء الواجب ومن ثم فإن صحيح حكم القانون وإعمال هدفه وغايته يوجب توقيع جزاء مناسب على من يمتنع عن التكليف من بين الجزاءات الأخرى المقررة قانونًا غير الفصل من الخدمة.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم ومتى كان الثابت امتناع المطعون ضده عن استلام عمله وفقًا لقرار وزير الصحة بتكليفه ضمن دفعة ديسمبر 1993اعتبارًا من 1/3/1995حتى 30/11/1995 فإنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية الواردة بتقرير الاتهام ويتعين مجازاته عن هذه المخالفة بالجزاء المناسب غير عقوبة الفصل والذى تقدره المحكمة بمجازاته بخصم شهر من أجره.
واذ ذهب الحكم المطعون عليه الى غير ذلك بمجازاة المطعون ضده بالفصل من الخدمة فإنه يكون قد صدر مخالفًا للقانون متعينًا إلغاؤه والقضاء مجددا بمجازاة المطعون ضده بالعقوبة المشار اليها آنفاً.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بمجازاة المطعون ضده بخصم شهر من أجره.