جلسة 28 من سبتمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ فاروق عبدالبر السيد.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبدالرحمن يوسف، وبخيت محمد محمد إسماعيل، ومحمود محمد صبح العطار، وبلال أحمد محمد نصار.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد محمد طلعت.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6084 لسنة 45 قضائية عليا
ـ أعضاء ـ التعيين في وظيفة مندوب مساعد ـ مفهوم المسابقة العامة ـ التعلل بالمركز الاجتماعى لأسرة المتقدم ـ حكمه.
المادتان (2)، (73) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
المادة (57) من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة.
اللائحة الداخلية لمجلس الدولة قررت أصلاً عاماً مؤداه أن يعين المندوبون المساعدون المستوفون للشروط المنصوص عليها فى المادة 73 من قانون مجلس الدولة حسب ترتيب درجاتهم وتقديراتهم فى شهادة الليسانس بحيث يتم تعيين الحاصلين على ممتاز ثم جيد جداً ثم جيد ـ استثناءً من الأصل العام أجازت اللائحة تعيين الحاصلين على تقدير مقبول فى إجازة ليسانس الحقوق فى وظائف مندوبين مساعدين بمجلس الدولة عن طريق مسابقة عامة يتحقق فيها التزاحم والتنافس بينهم بحسبانهم من ذوى المراكز المتماثلة وتمكيناً لكل منهم من إثبات جدارته وتفوقه ومن ثَمَّ استحقاقه أكثر من غيره من القرناء الظفر ونيل الوظيفة ـ الأصل أن يكون تعيين المندوبين المساعدين من بين الحاصلين فى ليسانس الحقوق على تقدير ممتاز ثم جيد جداً ثم جيد إذا توافر فى المتقدم لشغل هذه الوظيفة شرط الكفاءة العلمية المتمثل فى حصوله على أحد التقديرات السابقة، ويتعين كذلك أن يتوافر فيه شرط الصلاحية لتولى القضاء والمتمثل فى المقومات الشخصية اللازمة والمتطلبة فى القاضى وفى الوسط الاجتماعى والاقتصادى والثقافى الملائم لإفراز إنسان يصلح أن يكون قاضياً بحيث إذا تخلف شرط الصلاحية فى المتقدم، تخطى فى التعيين ليحل محله من يليه فى ترتيب الدرجات وهكذا حتى يتم تعيين العدد المطلوب تعيينه ـ فى حالة عدم توافر العدد المطلوب يمكن الالتجاء إلى تعيين الحاصلين على تقدير مقبول وفقاً للائحة الداخلية للمجلس التى تشترط نجاحهم فى مسابقة عامة يتحدد بمقتضاها مستوى كفاءتهم العلمية ومدى صلاحيتهم لتولى القضاء ـ المسابقة العامة تعنى مسابقة جادة تقرر من يصلح ومن لا يصلح للالتحاق بمجلس الدولة من الحاصلين على تقدير مقبول فى الليسانس، ويتساوى إزاءها جميع الذين يدخلونها، ولا يتحقق ذلك إلا بمنح جميع المتسابقين فرصًا متساوية فى إثبات حقيقة كفاءتهم العلمية ولا يتم ذلك إلا بإجراء امتحان تحريرى لهم فى المواد القانونية التى لها صلة بطبيعة العمل فى مجلس الدولة تكون الأسئلة فيه واحدة وتكون الدرجات التى يحصل عليها كل منهم هى المعول عليها فى اجتيازهم الامتحان التحريرى ـ لا يكفى أن تجرى لهم مسابقة شخصية؛ لأن المقابلة الشخصية لا تكشف فى الغالب عن المستوى العلمى الحقيقى للمتسابقين ولا تحقق المساواة بينهم، وقد يكون الشكل أو الهيئة أو المستوى الاجتماعى أو الاقتصادى دون العلم هو العامل المؤثر فى الدرجة التى يحصل عليها المتسابق ـ الامتحان التحريرى المذكور مقدمة لأن يجرى للناجحين اختبار شخصى يقاس فيه مدى صلاحيتهم لتولى القضاء وتكون نسبة درجاته إلى المجموع الكلى مبينة سلفاً وتكون عناصره محددة مسبقاً على نحو يراعى متطلبات الوظيفة من حيث المقومات الشخصية اللازمة فيمن يشغل الوظيفة والوسط الاجتماعى والاقتصادى والثقافى الملائم وغيرها من العناصر التى يجب أن تتوافر فى عضو مجلس الدولة، ويقدر لكل عنصر من هذه العناصر الدرجة المناسبة التى يوزن بها ـ من مجموع درجات الامتحان التحريرى والاختبار الشخصى التى يحصل عليها المتسابقون يعاد ترتيبهم بحسب المجموع الكلى الذى يحصل عليه كل متسابق، ويتم تعيين العدد المراد تعيينه منهم بحسب أولوية الترتيب ـ التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وإن كان أمراً تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية إلا أن السلطة التقديرية فى كل الأحوال ليست مطلقة تستعصى على الرقابة القضائية ـ التعلل بالمركز الاجتماعى البسيط لعائلة المتقدم لا يستقيم فى ذاته سبباً صحيحاً ومقبولاً لتخطيه فى التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ـ أساس ذلك ـ أن القيم الإنسانية من علم وخلق لا القيم الاجتماعية من مال ومنصب وجاه هى التى يجب أن تكون معيار التقييم ويعول عليها عند اختيار رجل الهيئات القضائية ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 17/6/1999 أودع الأستاذ/ أحمد محمد السيد الأخضر، المحامى، نائباً عن الأستاذ/ عطية الفقى المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/ فايز عبدالله أحمد محمد قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 6084/45 ق. عليا ـ ضد السادة/ 1ـ رئيس الجمهورية. 2ـ وزير العدل. 3ـ رئيس مجلس الدولة طلب فى ختامه ـ وللأسباب الواردة فيه ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية
رقم 87/1998 فيما تضمَّنه من استبعاده من التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار الجمهورى رقم 87/1998 فيما تضمَّنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت فى 22/6/2002 إصدار الحكم بجلسة 5/8/2002 ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوع، وبتاريخ 3/8/2002 تقدمت الجهة الإدارية بطلب لفتح باب المرافعة فى الطعن ـ تلتفت عنه المحكمة وأرفقت به حافظة ـ تعرضت لها المحكمة فى حكمها ـ طُويت على تحريات وحدة المباحث المختصة عن الطاعن انتهت فيها إلى عدم صلاحيته للتعيين فى وظيفة معاون نيابة عامة لضعف المستوى الاجتماعي للطاعن، حيث يعمل والده كاتب تحركات بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، ويعمل شقيقاه أمينى شرطة. وقد قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم ليصدر بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 16/3/1998، وتظلم منه الطاعن إلى الجهة المختصة بتاريخ 2/4/1998، ثم أقام الدعوى رقم 614 لسنة 45ق طعنًا على هذا القرار أمام المحكمة الإدارية للرئاسة التى قضت بجلسة 24/4/1999 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى، فأقام طعنه الماثل بتاريخ 17/6/1999 فيكون بذلك مقاماً خلال المواعيد القانونية، ومستوفياً أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام طعنه الماثل ابتغاء الحكم له بطلباته سالفة البيان، على سند من القول إنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس دور مايو 1993 بتقدير عام جيد، وكان تقديره فى امتحان الفرقة الرابعة جيد جداً، وحاصل على دبلوم القانون العام دور مايو 1996 بتقدير جيد، وعلى دبلوم القانون الإدارى دور مايو 1997 بتقدير جيد جداً، وقد أعلن مجلس الدولة عن قبول دفعة تكميلية من خريجى كليات الحقوق من دفعات: 1993، 1994، 1995، 1996 للتعيين فى وظيفة مندوب مساعد، فتقدم بأوراقه للتعيين فى هذه الوظيفة، واجتياز الاختبارات التى أجريت معه، إلا أنه فوجئ بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 87 بتاريخ 19/3/1998 متضمناً تعيين بعض زملائه بمن هم دونه فى التقدير فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، دون أن يشمله القرار بالتعيين، فتقدم بتظلم إلى الجهة الإدارية بتاريخ 2/4/1998، ولم يتلق رداً على تظلمه، فأقام الدعوى رقم 614 لسنة 45 ق أمام المحكمة الإدارية للرئاسة والتى قضت بجلسة 24/4/1999 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى مما حدا به إلى إقامة طعنه الماثل بغية الحكم له بطلباته المتقدمة.
ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته لنصوص الدستور، والقانون، وإخلاله بمبدأ المساواة بين المواطنين فضلاً عن صدوره مشوباً بالتعسف والانحراف، ومفتقدًا للسبب الصحيح.
وفى معرض الرد على الطعن ذكرت الجهة الإدارية أن الثابت أن الطاعن تقدم بطلب للتعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة بناءً على إعلان المجلس عن قبول دفعة تكميلية من خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون من دفعات: 93، 94، 95، 1996، وأجرى المجلس مقابلة لجميع المرشحين للتعيين فى الوظيفة، وتم اختيار أفضل العناصر المتقدمة ممن تتوافر فى شأنهم الشروط المطلوبة لشغل هذه الوظيفة، ولم يكن الطاعن من بينهم، وأن هذا الاختيار تم بما للمجلس من سلطة تقديرية فى هذا الشأن، ولم يقم دليل على إساءة السلطة، أو الانحراف بها، ومن ثَمَّ فإن القرار المطعون فيه يكون متفقاً وأحكام القانون.
وتعقيبًا على ذلك قدَّم الطاعن شهادات رسمية صادرة من جامعات القاهرة، عين شمس، والمنصورة، تفيد أن بعض المعينين بالقرار المطعون فيه حاصلون على شهادة ليسانس الحقوق بتقدير عام مقبول، ومنهم ………. ـ دور مايو 1995 ـ بتقدير مقبول، ……….. ـ دور مايو 1995 ـ بتقدير مقبول، …………… ـ دور مايو 1996ـ بتقدير مقبول، ……….. ـ دور مايو 1996ـ بتقدير مقبول، ……… ـ دور مايو 1996ـ بتقدير مقبول، و………..ـ دور مايو 1996ـ بتقدير مقبول. بل إن منهم من حصل على إجازة الليسانس ـ دور أكتوبر 1994 ـ بتقدير مقبول مثل السيد/ ………… .
ومن حيث إن المادة (2) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص فى فقرتها الأخيرة على أنه “……….. ويلحق بالمجلس مندوبون مساعدون تسرى عليهم الأحكام الخاصة بالمندوبين، عدا شرط الحصول على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا”. ونصت المادة 73 منه على أنه “يشترط فيمن يُعيَّن عضواً فى مجلس الدولة:1ـ أن يكون مصرياً متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة. 2 ـ أن يكون حاصلاً على درجة الليسانس من إحدى كليات الحقوق بجمهورية مصر العربية. 3ـ أن يكون محمود السيرة حسن السمعة. 4 ـ ألا يكون قد حُكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رُدّ إليه اعتباره………….”.
وقد نصت المادة (57) من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة على أن “يعيَّن المندوبون المساعدون من بين الحاصلين على درجة ممتاز فى ليسانس الحقوق، ثم من بين الحاصلين على درجة جيد جداً فمن بين الحاصلين على درجة جيد.
ويجوز تعيينهم ولو كانوا حاصلين على إحدى الدرجات المذكورة عن طريق مسابقة عامة تحدد شروطها بقرار من رئيس المجلس”.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المتقدمة أن اللائحة الداخلية لمجلس الدولة قررت أصلاً عاماً مؤداة أن يعيّن المندوبون المساعدون المستوفون للشروط المنصوص عليها فى المادة 73 من قانون مجلس الدولة حسب ترتيب درجاتهم وتقديراتهم فى شهادة الليسانس، بحيث يتم تعيين الحاصلين على ممتاز، ثم الحاصلين على جيد جداً، ثم الحاصلين على جيد، واستثناءً من هذا الأصل العام أجازت اللائحة تعيين الحاصلين على تقدير مقبول فى إجازة ليسانس الحقوق فى وظائف مندوبين مساعدين بمجلس الدولة عن طريق مسابقة عامة يتحقق فيها التزاحم والتنافس بينهم بحسبانهم من ذوى المراكز المتماثلة، وتمكينًا لكل منهم من إثبات جدارته وتفوقه، ومن ثَمَّ استحقاقه أكثر من غيره من القرناء بالظفر ونيل الوظيفة.
فالأصل طبقًا للمادة 57/2 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة أن يكون تعيين المندوبين المساعدين من بين الحاصلين فى ليسانس الحقوق على تقدير ممتاز ثم جيد جداً، ثم جيد فإذا توافر فى المتقدم لشغل هذه الوظيفة شروط الكفاءة العلمية المتمثل فى حصوله على أحد التقديرات السابقة، تعين كذلك أن يتوافر فيه شرط الصلاحية لتولى القضاء، والمتمثل فى المقومات الشخصية اللازمة والمتطلبة فى القاضى، وفى الوسط الاجتماعى والاقتصادى والثقافى الملائم لإفراز إنسان يصلح أن يكون قاضياً، بحيث إذا تخلف شرط الصلاحية فى المتقدم تخطى فى التعيين ليحل محله من يليه فى ترتيب الدرجات، وهكذا حتى يتم تعيين العدد المطلوب تعيينه وفى حالة عدم توافر العدد المطلوب تعيينه من الحاصلين فى الليسانس على التقديرات السابقة أمكن الالتجاء فى هذه الحالة إلى تعيين الحاصلين على تقدير مقبول وفقاً للمادة 57/2 من اللائحة الداخلية للمجلس التى تشترط نجاحهم فى مسابقة عامة يتحدد بمقتضاها مستوى كفاءتهم العلمية، ومدى صلاحيتهم لتولى القضاء.
والمسابقة العامة التى يعنيها نص المادة 57/2 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة تعنى مسابقة جادة تُقرر من يصلح ومن لا يصلح للالتحاق بمجلس الدولة من الحاصلين على تقدير مقبول فى الليسانس، ويتساوى إزاءها جميع الذين يدخلونها، ولا يتحقق ذلك إلا بمنح جميع المتسابقين فرصًا متساوية فى إثبات حقيقة كفاءتهم العلمية، ولا يتم ذلك إلا بإجراء امتحان تحريرى لهم فى المواد القانونية التى لها صلة بطبيعة العمل فى مجلس الدولة تكون فيه الأسئلة واحدة، وتكون الدرجات التى يحصل عليها كل منهم هى المعول عليها فى اجتيازهم الامتحان التحريرى، ولا يكفى أن تجرى لهم مقابلة شخصية، لأن المقابلة الشخصية لا تكشف فى الغالب عن المستوى العلمى الحقيقى للمتسابقين، ولا تحقق المساواة بينهم، فقد يسأل أحدهم سؤالاً بسيطاً ويسأل الآخر سؤالاً صعباً، وقد يعطى لأحدهم الوقت الكافى للإجابة على الأسئلة التى توجه إليه، ولا يعطى الآخر الوقت نفسه، وقد يكون الشكل أو الهيئة أو المستوى الاجتماعى أو الاقتصادى دون العلم هو العامل المؤثر فى الدرجة التى يحصل عليها المتسابق، لكن بالامتحان التحريرى تتم مقارنة علمية جادة بينهم، ويرتبون حسب درجاتهم الحاصلين عليها على أساس معيار منضبط ومنصف وموضوعى وعادل يساوى بين الجميع، ويكفل تكافؤ الفرص بينهم فى شغل الوظائف التى يتزاحمون عليها.
والامتحان التحريرى سالف الذكر يكون مقدمة لأن يجرى للناجحين فيه اختبار شخصى تقاس فيه مدى صلاحيتهم لتولى القضاء تكون نسبة درجاته إلى المجموع الكلى مبينة سلفاً، وتكون عناصره محددة مسبقاً على نحو يراعى متطلبات الوظيفة من حيث المقومات الشخصية اللازمة فيمن يشغل الوظيفة والوسط الاجتماعى والاقتصادى والثقافى الملائم وغيرها من العناصر التى يجب أن تتوافر فى عضو مجلس الدولة، ويقدر لكل عنصر من هذه العناصر الدرجة المناسبة التى يوزن بها.
ومن مجموع درجات الامتحان التحريرى والاختبار الشخصى التى يحصل عليها المتسابقون يعاد ترتيبهم بحسب المجموع الكلى الذى يحصل عليه كل متسابق، ويتم تعيين العدد المراد تعيينه منهم بحسب أولوية الترتيب.
ومن حيث إن التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وإن كان أمراً تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية،وذلك باختيار أفضل العناصر لتولى هذه الوظيفة والنهوض بأمانة المسئولية فيها، إلا أن هذا الاختيار مقيد بما نصت عليه المادة 57 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة.
ومن حيث إن الرقابة القضائية على تصرفات الإدارة ليست حقيقية على قدر واحد بالنسبة لجميع التصرفات الإدارية، وإنما تختلف درجاتها بحسب المجال الذى تتصرف فيه، ومدى
ما تتمتع به من حرية التقدير فى التصرف، فهذه الرقابة تضيق فى مجال السلطة التقديرية حين لا يلزم القانون الإدارة بنص يحد من سلطتها أو يقيد من حريتها فى وسيلة التصرف
أو التقدير، وتتسع حين يضيّق القانون من سلطتها التقديرية هذه بنصوص يوردها، فالسلطة التقديرية فى كل الأحوال ليست سلطة مطلقة تستعصى على الرقابة القضائية، إذ جميع تصرفات الإدارة ـ مقيدة وتقديرية ـ خاضعة للرقابة القضائية التى لا تختلف فى طبيعتها وإن تفاوتت فى مداها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن حصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس دور مايو 1993 بتقدير عام جيد، وكان تقديره فى الفرق الثلاث الأولى (جيد)، وفى الفرقة الرابعة جيد جداً، وقد أعلن مجلس الدولة عن حاجته لتعيين مندوبين مساعدين جدد (دفعة تكميلية) من خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون من دفعات 93، 94، 95، 1996، وتقدم الطاعن لشغل هذه الوظيفة غير أن قرار رئيس الجمهورية رقم 87/1998 صدر بتعيين بعض زملائه ممن هم أقل منه فى التقدير، بل والحاصلين على تقدير عام مقبول، ويزيد على ذلك الحاصلين على تقدير عام مقبول دور أكتوبر على النحو السالف بيانه، دون أن يشمله القرار بالتعيين.
ومن حيث إن الجهة الإدارية فى معرض ردها على الطعن قررت أن الطاعن تقدم بطلب للتعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة بناءً على إعلان المجلس عن قبول دفعة تكميلية من خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون من دفعات 93، 94، 95، 1996، وأجرى المجلس مقابلة لجميع المرشحين وتم اختيار أفضل العناصر المتقدمة ممن تتوافر فيهم الشروط المطلوبة لشغل هذه الوظيفة، ولم يكن الطاعن من بينهم. وأضافت الجهة الإدارية بأن هذا الاختيار قد تم بما للمجلس من سلطة تقديرية فى هذا الشأن، ولم يُقم الطاعن الدليل على إساءة السلطة أو الانحراف بها، مما مفاده عدم اعتداد الجهة الإدارية عند المفاضلة بين المرشحين بالتقدير الحاصل عليه المتقدم فى شهادة الليسانس، وذلك بالمخالفة لنص المادة 57/1 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة.
ومن حيث أنه فضلاً عما سبق ، وبغض النظر عن عدم الالتزام بما نصت عليه المادة 57 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة عند التعيين فى وظيفة مندوب مساعد، واتباع نظام المقابلة الشخصية للتعيين فى الوظيفة المذكورة مع كل المتقدمين لشغل هذه الوظيفة، سواء منهم الحاصلون على تقدير ممتاز، أو جيد جداً، أو جيد، أو مقبول فى الليسانس، فإن الجهة الإدارية لم تُبِنْ الدرجات الحاصل عليها الطاعن فى المقابلة الشخصية وفى الاختبار الشفهى الذى أجرى معه مقارنةً بزملائه، ولا الأسس الموضوعية لإجراء الاختبار مع المتقدمين، ولا العناصر التى قيمت فى المقابلة الشخصية، مما مؤداه أنه لم تجر مفاضلة حقيقية جادة بين المرشحين خاصة بين الطاعن والمعينين بتقدير عام مقبول، والذى لا يستساغ عقلاً ومنطقاً القول بتفوقهم على الطاعن فى الاختبار الشفهى وهو المتفوق عليهم علمياً فى مرحلة الليسانس وهى مرحلة تستغرق مدة طويلة يمكن من خلالها الكشف عن حقيقة المستوى العلمى والعقلى للمتقدم لشغل الوظيفة بحكم تعدد وتنوع المواد التى يؤدى فيها الامتحان والكفيلة بإظهار قدراته العلمية، وذلك على عكس الاختبار الشفهى الذى قد لا يستغرق سوى دقائق لا يكشف بأى حال من الأحوال عن المستوى العلمى والعقلى الحقيقى للمتقدم.
ومن حيث إنه وإن كانت وحدة المباحث المختصة قد انتهت فى تحرياتها عن الطاعن إلى عدم صلاحيته للتعيين فى وظيفة معاون نيابة عامة لضعف المستوى البيئى والاجتماعى وأيدها فى ذلك مكتب السيد المستشار/ المحامى العام لنيابة شرق القاهرة الكلية لكون والد الطاعن يعمل كاتب تحركات بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، ويعمل شقيقاه أمينى شرطة، مما اعتبرته الجهة الإدارية المطعون ضدها من أسباب استبعاد الطاعن من التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، فإن التحريات المشار إليها لم تنكر على الطاعن وعائلته التمتع بحسن السمعة، ومن ثَمَّ فإن التعلل بالمركز الاجتماعى البسيط لعائلته
لا يستقيم فى ذاته سببًا صحيحاً ومقبولاً لتخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، ذلك أن القيم الإنسانية من علم وخلق لا القيم الاجتماعية من مال ومنصب وجاه هى التى يجب أن تكون معيار التقييم، ويعول عليها عند اختيار رجل الهيئات القضائية، فهناك من بسطاء الناس من هو أكمل خلقاً وعلماً ممن يرتقون أعلى درجات السلم الاجتماعى، فالمكانة الاجتماعية البسيطة للأب ينبغى ألا تقف حائلاً بين الابن وبين أية وظيفة، مادام أنه مؤهل لها خلقاً وعلمًا، بمراعاة أن الأخذ بمعيار المكانة الاجتماعية العالية للوالد والعائلة من شأنه أن يجعل شغل الوظائف القضائية حكرًا على فئات معينة رغم أن هذه الفئات تنتمى فى معظمها إلى أصول تتقارب فى مراكزها الاجتماعية للطاعن، وبالتالى فإن تخطى الطاعن فى التعيين لضعف المركز الاجتماعى يشكل إخلالاً بالحكم الدستورى الذى يقضى بالمساواة فى الحقوق العامة، ومن بينها حق تولى الوظائف العامة.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم كله كان يتعين عند التعيين ترتيب الطاعن وفقاً لدرجات نجاحة فى الليسانس متقدماً فى ذلك على المعينين ممن يلونه فى ترتيب الدرجات، وكذلك على المعينين من الحاصلين على تقدير مقبول، وإذ اتضح من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد تضمَّن تعيين من هم أقل من الطاعن فى تقدير شهادة الليسانس، وكذلك الحاصلين على تقدير مقبول دور مايو ومنهم:السادة: خالد محمد فتحى محمد نجيب، محمد على شحاته محمد، ياسر محمود صفوت، مؤمن هانى الدرديرى، أحمد سرى محمد بدوى الجمل، سامح محمد حسين الوراق، بل ومن حصل على تقدير مقبول فى دور أكتوبر 1994 مثل السيد: على مكرم توفيق محمد، فى حين حصل الطاعن على ليسانس الحقوق دور مايو 1993 بتقدير عام جيد وكان تقديره فى الفرق الثلاث الأولى من الدراسة (جيد)، وفى الفرقة الرابعة جيد جداً لذا فإن القرار المطعون فيه فيما تضمَّنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، مما يتعين القضاء بإلغائه فيما تضمَّنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى الوظيفة المشار إليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 87 لسنة 1998 المطعون فيه فيما تضمَّنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.