جلسـة 22 من أكتوبر سنة 2011
الطعـن رقم 26592 لسنة 54 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
– تكليف الأطباء- واجبات المكلف- يعد المكلف كمن عين بالوظيفة الحكومية سواء بسواء، فيجب عليه أن ينهض إلى العمل خلال الأجل المضروب، أو يقدم عذرا تقبله جهة الإدارة، فإن قعد عن ذلك عد مخالفا أحكام القانون رقم 29 لسنة 1974، واستوجب المؤاخذة.
– المواد (1) و(4) و(6) من القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين والفئات الطبية الفنية المساعدة.
في يوم السبت الموافق 24/5/2008 أودع وكيل الطاعنة قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالإسكندرية (الدائرة الثانية) بجلسة 26/3/2008 في الدعوى رقم 155 لسنة 50 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنة، القاضي بمعاقبتها بخصم شهر من أجرها.
وطلبت الطاعنة -استنادا إلى ما أوردته من أسباب- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
وجرى تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون، حيث قدم الحاضر عن النيابة الإدارية بجلسة 24/3/2010 مذكرة دفاع طلب فيها الحكم برفض الطعن، وبجلسة 28/4/2010 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، حيث جرى تداوله أمامها، وبجلسة 1/10/2011 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 155 لسنة 50 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية بتاريخ 13/1/2008 ضد… (الطاعنة) نسبت إليها أنها وبصفتها طبيبة بشرية بمديرية الشئون الصحية بالبحيرة بالدرجة الثالثة امتنعت بدءا من 6/5/2007 عن تسلم العمل المكلفة به بمديرية الصحة والسكان بالبحيرة حال كونها من المخاطبات بأحكام القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض وخريجي المعاهد الصحية، وارتأت النيابة الإدارية أن المحالة قد ارتكبت المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمادتين 77/1 و78/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978)، معدلا بالقانون رقم 115 لسنة 1983، والمادتين 4 و6 من القانون رقم 29 لسنة 1974 المشار إليه، وطلبت محاكمتها تأديبيا.
……………………………………….
وجرى تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية المذكورة، وبجلسة 26/3/2008 أصدرت حكمها المتقدم، وشيدته على أن الثابت من الأوراق أن المخالفة قد امتنعت عن تسلم العمل المكلفة به بمديرية الصحة والسكان بالبحيرة بموجب القرار رقم 205 لسنة 2007، رغم إخطارها بذلك القرار علي محل إقامتها، مما يشكل مخالفة لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1974 المشار إليه، وهو ما تأيد بشهادة/… مسئولة تكليف الأطباء البشريين بالمديرية نفسها، وأن هذا المسلك من جانب المخالفة يشكل خروجا على واجبات وظيفتها على نحو يستوجب مؤاخذتها تأديبيا، دون أن يغير من ذلك صدور القرار رقم 583 لسنة 2007 بتعديل تكليفها إلى مديرية الشئون الصحية بالقاهرة بدءا من 26/6/2007؛ بحسبان أن ذلك لا يرفع وصف المخالفة عن مسلكها بشأن الامتناع عن تسلم العمل طيلة المدة السابقة على ذلك التعديل.
……………………………………….
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه، ذلك أن الطاعنة لم تمتنع عن تسلم العمل المكلفة به –على نحو ما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه–، بل قدمت تظلما لعدم ملاءمة قرار تكليفها بالبحيرة لظروفها الاجتماعية، مما أدى إلى صدور القرار رقم 583 لسنة 2007 بتعديل تكليفها إلى مديرية الصحة والسكان بالقاهرة بدءا من 26/6/2007 مراعاة لظروفها الاجتماعية، بالإضافة إلى صدور هذا القرار بعد الاطلاع على القانونين رقمي 47 لسنة 1978 و29 لسنة 1974، وقد نص القرار المذكور في المادة (2) منه على عدم حساب المدة من تاريخ تكليفها الأول حتى التاريخ السابق لتسلمها العمل من مدة تكليفها، مما يعني قبول التظلم وكأن التكليف الأول لم يكن، وحساب مدة التكليف من القرار الجديد، لذا كان يتعين صدور الحكم برفض الدعوى.
……………………………………….
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين والفئات الطبية الفنية المساعدة تنص على أن: “لوزير الصحة تكليف خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان… المتمتعين بجنسية جمهورية مصر العربية للعمل في الحكومة أو في وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة… وذلك لمدة سنتين، ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة، ويتم التكليف أو تجديده بناء على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن…”.
وتنص المادة الرابعة على أن: “يصدر وزير الصحة قرارات تكليف الخاضعين لأحكام هذا القانون، ويعتبر المكلف معينا في الوظيفة التي كلف للعمل فيها من تاريخ صدور القرار، وعليه أن يتسلم العمل خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ إخطاره به بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول”.
وتنص المادة السادسة على أن: “على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقي التكليف، وفي جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف أو إنهاء الخدمة أثناءه من وزير الصحة”.
ومفاد النصوص المتقدمة أن المشرع خول وزير الصحة سلطة تكليف خريجي كليات الطب وغيرها من الكليات والمعاهد الوارد النص عليها بالقانون رقم 29 لسنة 1974 للعمل بالحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة، واعتبر المكلف كمن عين بالوظيفة الحكومية سواء بسواء، وأوجب عليه تسلم العمل المكلف به خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إخطاره، وأن يظل قائما بعمله ما بقي التكليف، ومؤدى ذلك ولازمه أن المكلف وهو بمثابة المعين في الوظيفة لزام عليه أن ينهض إليها تسلما وأداء لواجباتها، فإن استدبرها وأعرض بجانبه عنها، فقد خالف أحكام القانون، وخرج على مقتضياته، ومن ثم فقد حقت مؤاخذته تأديبيا.
وحيث إنه إعمالا لما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة حاصلة على بكالوريوس الطب والجراحة، وبموجب القرار رقم 205 لسنة 2007 تم تكليفها للعمل طبيبة بشرية بمديرية الصحة والسكان بالبحيرة بدءا من 11/3/2007، وأخطرت على عنوانها الثابت بالأوراق بموجب كتاب المديرية المؤرخ فى 16/4/2007 لتسلم العمل، لكنها أعرضت وامتنعت، فمن ثم فقد لزم مؤاخذاتها تأديبيا، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة بمجازاتها بخصم شهر من أجرها، فإنه يكون قد استمد من أصول ثابتة بالأوراق نتيجة حقا وعدلا.
ولا يسعف الطاعنة حجاجها بصدور قرار عن جهة الإدارة برقم 583 لسنة 2007 بتعديل تكليفها من مديرية الصحة بالبحيرة إلى مديرية الصحة بالقاهرة وتسلمها العمل بدءا من 26/6/2007؛ فذلك مردود بأن التعديل قد يستوي ذريعة للقول بانتهاء انقطاعها أو امتناعها عن التكليف بدءا من هذا التاريخ، إلا أنه لا يستقيم حجة لرفع هذه المخالفة أو درئها طيلة الفترة السابقة على التاريخ المشار إليه، إذ إن على المكلف بمجرد إخطاره بقرار التكليف أن ينهض إليه خلال الأجل المضروب، أو يقدم عذرا تقبله جهة الإدارة، فإن قعد عن ذلك عد مخالفا أحكام القانون رقم 29 لسنة 1974 واستوجب المؤاخذة، وتبعا لذلك يبيت الطعن الماثل غير مصادف محله، جديرا برفضه.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.