جلسة 22 من نوفمبر سنة 2009
الطعن رقم 7097 لسنة 54 القضائية عليا
(الدائرة السابعة)
لجان التوفيق في بعض المنازعات– لا يلزم اللجوء إلى اللجنة بشأن الطلبات المعدلة إذا كانت مرتبطة ارتباطا مباشرا بالطلبات الأصلية([1]).
المواد (1) و (4) و (11) من القانون رقم (7) لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارت والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها.
الطعن في الأحكام– إذا لم تكن الطلبات المعدلة أمام محكمة القضاء الإداري قد عرضت على هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، ولم تتعرض محكمة القضاء الإداري للموضوع، تعين على المحكمة الإدارية العليا إعادة الدعوى إليها مرة أخرى لاستيفائها من جانب هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوع الطلبات المعدلة، ثم الفصل من جانب المحكمة في الموضوع.
في يوم السبت الموافق 26/1/2007 أودع الأستاذ/ … المحامي بصفته وكيلا عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه أعلاه، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 2195 لسنة 59ق بجلسة 16/12/2007، القاضي بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإرجاع أقدمية الطاعنة في درجة (أستاذ) إلى 20/7/2004 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المقرر قانونا.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، وإحالة الطعن إلى محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة– ترقيات) للفصل في الموضوع وإبقاء الفصل في المصروفات.
وتدوول الطعن أمام الدائرة السابعة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 21/1/2009 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة المذكورة، وتم تداوله بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بالدفاع خلصت فيها إلى طلب الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الأول (وزير الثقافة بصفته).
وبجلسة 18/10/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 22/11/2009 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنة قد أقامت الدعوى رقم 2195 لسنة 59ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 10/1/2005، وطلبت في ختام عريضة دعواها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع رئيس أكاديمية الفنون عن إحالة تقرير اللجنة العلمية إلى مجلس الأكاديمية لإصدار قرار ترقية المدعية (الطاعنة) إلى درجة أستاذ مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت شرحًا لدعواها إنها تشغل وظيفة (أستاذ مساعد) بالمعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون بالهرم اعتبارًا من 10/5/1999، وترغب في ترقيتها إلى درجة أستاذ، وقد تقدمت بأبحاثها التي تؤهلها لذلك، وتم عرض هذه الأبحاث على اللجنة الفنية المشكلة بقرار وزير الثقافة رقم 448 لسنة 2003 الخاص بتشكيل اللجان العلمية الدائمة الخاصة بفحص وتقييم الأعمال الفنية للمتقدمين لوظائف الأساتذة أو الأساتذة المساعدين، وتم إحالة الأبحاث للجنة المذكورة طبقًا للقانون رقم 158 لسنة 1981 بإصدار قانون تنظيم أكاديمية الفنون، وقد انتهت اللجنة من فحص الإنتاج العلمي للمدعية وقدمت تقريرها الذي خلص إلى أحقيتها (المدعية) في الدرجة العلمية بعد توافر الشروط القانونية وذلك بتاريخ 13/7/2004، وأصبح من المتعين على عميد المعهد ورئيس الأكاديمية إحالة التقرير إلى مجلس المعهد والأكاديمية طبقًا لحكم المادة 54 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات.
وأضافت المدعية أنه قد تم إرسال قرار اللجنة العلمية لأكاديمية الفنون بتاريخ 13/7/2004 ولم يقم رئيس الأكاديمية بإحالة التقرير للعرض على مجلس الأكاديمية المنعقد بجلسة 6/8/2004 أو جلسة 8/9/2004 بدون أي مبرر قانوني، مما يشكل قرارًا سلبيًا بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات التي نص عليها القانون لاستصدار قرار ترقيتها إلى درجة أستاذ، مما حداها على إقامة دعواها للحكم لها بطلباتها سالفة الذكر.
ثم أودع وكيل المدعية صحيفة بتعديل طلباتها إلى الحكم بترقيتها إلى درجة أستاذ بالمعهد العالي للفنون الشعبية اعتبارًا من 20/7/2004 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتم إدخال خصم جديد في الدعوى هو … بصفته مقررًا للجنة العلمية الدائمة في تخصص الفنون الشعبية لوظائف الأساتذة.
…………………………………………………………………….
وبجلسة 16/12/2007 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حكمها المطعون فيه المتضمن عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون وألزمت المدعية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها –بعد أن استعرضت نص المواد الأولى والرابعة والحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها– على أن المدعية لم تلجأ إلى لجنة التوفيق بالنسبة لطلبها المعدل.
…………………………………………………………………….
ولم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنة فأقامت طعنها الماثل بغية الحكم لها بطلباتها سالفة الذكر، ونعت على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال؛ ذلك أنها قد لجأت إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بوزارة الثقافة، وقيد طلبها تحت رقم 35 لسنة 2004 وتم رفضه، وذلك طبقًا لطلباتها الأصلية في الدعوى، وأثناء نظر الدعوى الماثلة استجابت الجهة الإدارية لطلباتها استجابة منقوصة، وقامت بإصدار القرار رقم 134 لسنة 2007 بترقيتها اعتبارًا من 28/2/2007، وإذ قامت بتعديل طلباتها إلى الحكم بإرجاع أقدميتها في درجة أستاذ إلى 20/7/2004 فقد اعتبرت المحكمة أن تعديل الطلبات على النحو المذكور يوجب اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة طبقا للقانون، مع أن الطلب المعدل متصل اتصالا مباشرًا بالطلب الأصلي للدعوى.
…………………………………………………………………….
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها تنص على أن: “ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة”.
وتنص المادة الرابعة من ذات القانون على أنه: “عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتهما طرفا فيها، وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية، أو يتفق على فضها عن طريق هيئات تحكيم؛ تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه. ويكون اللجوء إلى هذه اللجان بغير رسوم”.
وتنص المادة الحادية عشرة من القانون المشار إليه على أنه: “عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ، والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ؛ لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة، وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقًا لحكم المادة السابقة”.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع أوجب اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة التي تنشأ على وَفق أحكام القانون المشار إليه للتوفيق في المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون، ولا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن هذه المنازعات قبل اللجوء للجنة المذكورة.
وقد أنشئت هذه اللجان – على وفق ما تضمنته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المشار إليه– انطلاقا من اهتمام الدولة بتحقيق عدالة ناجزة تصل بها الحقوق إلى أصحابها، دون الاضطرار إلى ولوج سبيل التقاضي وما يستلزمه في مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية، وما يصاحبه في أحيان كثيرة من إساءة استغلال ما وفره القانون من أوجه الدفاع والدفوع، واتخاذها سبيلا للكيد ووسيلة لإطالة أمد الخصومات على نحو يرهق كاهل القضاة ويلحق الظلم بالمتقاضين، مادامت حقوقهم –نتيجة تلك الإساءة– لا تصل إليهم إلا بعد الأوان، وحرصًا من الدولة على أن تأخذ زمام المبادرة في تبسيط إجراءات حصول المتخاصمين معها على حقوقهم من خلال أداة سهلة وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا تلوذ به إلا صونا لضمانات الدفاع ومبادئه الأساسية وبمراعاة إرادة طرفي الخصومة، ودون المساس بحق التقاضي الذي يكفله الدستور في المادة 68 منه، والذي لا ينال منه –وفق ما قضت به المحكمة الدستورية العليا– الإلزام بعرض الطلبات في شأن بعض الحقوق على لجنة ينص عليها القانون، وذلك قبل تقديمها إلى القضاء لطلبها، فالمشرع يكفل بذلك مصالح أصحاب هذه الحقوق التي قد تعرضها للخطر خصومة قضائية تبعد بطبيعتها عن مواطن التوفيق، وقد تأكل حطبها من خلال حدتها، وإن تسوية الحقوق المتنازع عليها وديًا من خلال هذه اللجنة قد ييسر أمرها لأصحابها. (حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6 من يونيو 1998 في القضية رقم 145 لسنة 19ق دستورية).
وانطلاقًا من تلك المعاني وتوفيرًا للوقت والجهد لأطراف المنازعات المدنية والتجارية والإدارية الناشئة بين الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة والعاملين بها وجميع الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وما يتأدى عن ذلك من تخفيف للعبء عن القضاة نتيجة الحد من المنازعات التي تطرح على المحاكم، فقد أُعد مشروع القانون المشار إليه الذي يستحدث آلية جديدة للتوفيق بين أطراف تلك المنازعات تتمثل في لجان تكون رئاستها لأحد رجال القضاء أو أحد أعضاء الهيئات القضائية السابقين، يلزم عرض تلك المنازعات عليها بطلبات من ذوي الشأن وذلك قبل اللجوء إلى القضاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد لجأت إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة بوزارة الثقافة قبل إقامتها لدعواها رقم 2195 لسنة 59ق، وقيد طلبها تحت رقم 35 لسنة 2004 وأصدرت اللجنة توصيتها في هذا الطلب بالرفض بجلستها المنعقدة بتاريخ 9/2/2005، وأثناء نظر الدعوى أصدرت الجهة الإدارية قرارها رقم 134 بتاريخ 4/3/2007 بتعيين المدعية (الطاعنة) في وظيفة أستاذ بالمعهد العالي للفنون الشعبية اعتبارًا من 28/2/2007، وهي الوظيفة التي كانت تطالب بها الطاعنة عند إقامتها لدعواها المشار إليها، مما حدا الطاعنة على تعديل طلباتها إلى إرجاع أقدميتها في درجة أستاذ إلى 20/7/2004 بدلا من 28/2/2007؛ ولذا تكون طلباتها المعدلة متصلة اتصالا مباشرًا بطلباتها الأصلية فيما يتعلق بالدرجة الوظيفية التي تطالب بها، ويضحى النزاع قاصرًا على تاريخ استحقاق هذه الدرجة، ومن ثم لا يكون من المقبول قانونا ضرورة لجوء المدعية إلى لجنة فض المنازعات بالنسبة لطلبها المعدل؛ إذ لا يتفق ذلك مع واقع الدعوى الراهنة، كما لا يتفق مع حكمة وغاية القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه على النحو سالف البيان.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد جاء مخالفًا لصحيح أحكام القانون وحريًا –والحالة هذه– بالإلغاء، والقضاء بقبول الدعوى شكلا.
وحيث إنه لم يتم عرض الطلبات المعدلة على هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها ولم تتعرض محكمة القضاء الإداري للموضوع؛ فإنه لا مناص من إعادة الدعوى إليها مرة أخرى لاستيفائها من جانب هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوع الطلبات المعدلة ثم الفصل من جانب المحكمة في الموضوع.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل في موضوعها بهيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
([1]) المبدأ ذاته قررته المحكمة الإدارية العليا في حكمها في الطعن رقم 26769 لسنة 52 ق ع بجلسة 11/11/2008 ، حيث قررت المحكمة أنه إذا قام المدعي باللجوء الى لجنة التوفيق المختصة بشأن الطلب الأصلي، فإنه لا جدوى من مطالبته باللجوء مرة أخرى إلى تلك اللجنة قبل تعديل طلباته أمام المحكمة، حال كون هذه الطلبات المعدلة مجرد طلبات مكملة للطلب الأصلي فى الدعوى أو مترتبة عليه أو متصلة به اتصالا لا يقبل التجزئة (منشور بمجموعة س 54 مكتب فني رقم 8 ص 98).