جلسة 16 من مارس سنة 2010
الطعن رقم 23065 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
انعقاده– التحفظ– متى تضَمَّن العطاء تحفظًا أو شرطًا ليس فيه خروج على النظام العام في الدولة أو في العقود الإدارية، وجاء قرار لجنة البت خاليا من أي تعليق أو رفض له، ووافقت الجهة المختصة على هذا القرار، فإنه بإرساء العطاء يكون قد تم قبول الإيجاب المقدم من المتعاقد بالوضع الذي تقدم به، ويكون التعاقد قد تم فعلا على أساس الشروط التي تقدم بها، بما فيها ذلك التحفظ، ولو تم تحرير العقد لاحقا خاليا منه؛ حيث لا يعدو العقد أن يكون تسجيلا لما تم الاتفاق عليه بموجب رسو العطاء– التنازل عن شرط من الشروط عمل إرادي، يشترط فيه اتجاه الإرادة بصورة مباشرة وصريحة إلى هذا التنازل.
تقرير الخبرة– لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتقرير الخبير محمولا على أسبابه، دون أن تسرد في حكمها بصورة تفصيلية أسباب أخذها بما انتهى إليه.
في يوم الأحد الموافق 21/8/2005 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه، طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الأولى) في الدعويين رقمي 1425و 1488 لسنة 7 ق، القاضي في منطوقه بقبول الدعويين شكلا، وفي الموضوع:
أولا– برفض الدعوى رقم 1488 لسنة 7 ق.
ثانيا– في الدعوى رقم 1425 لسنة 7 ق ببراءة ذمة المدعي من قيمة غرامة التأخير، وأحقيته في صرف قيمة التأمين النهائي والفوائد القانونية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثًا– إلزام جهة الإدارة المصروفات في الدعويين.
وطلب الطاعن بصفته –للأسباب المبينة بتقرير الطعن– قبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع هذا الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى رقم 1425 لسنة 6ق، وفي الدعوى رقم 1488 لسنة 7 ق بإلزام المطعون ضده أن يؤدي للجامعة مبلغًا مقداره 7004 جنيهات، والفوائد القانونية، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم –بعد مراعاة إعلان الطعن– بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 2/4/2008 وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالأوراق، وبجلستها المعقودة في 4/6/2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14/10/2008، وبهذه الجلسة وما تلاها من جلسات نظرت المحكمة الطعن، ثم قررت بجلستها المعقودة في 15/12/2009 إصدار الحكم بجلسة 16/3/2010 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع، وقد انصرم هذا الأجل دون أن يتقدم أحد من طرفي الطعن بشئ، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية –بعد إعلانه على النحو الثابت بالأوراق– فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة في الطعن الماثل تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المدعي في الدعوى رقم 1425 لسنة 7 ق كان قد أقام دعواه هذه أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 24/7/1996، طلب في ختامها الحكم: (أولا) ببراءة ذمته من قيمة غرامة التأخير الموقعة عليه بمبلغ مقداره 24517 جنيهًا، و(ثانيًا) أحقيته في استرداد قيمة التأمين النهائي المقدم منه ومقداره 17513 جنيهًا، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذلك تأسيسًا على أن المدعي كان قد تعاقد وجامعة الأزهر على عملية إصلاح وتلافي ملاحظات إسكان 1و 2 مبنى الطالبات بجامعة الأزهر بأسيوط، وأنه نظرًا لوجود بعض الصعوبات من جانب الجهة الإدارية فقد أضحى موعد إنهاء الأعمال هو 25/1/1994، وأنه قام بتسليم الأعمال بتاريخ 26/1/1994، أي بدون تأخير.
كما أقام رئيس ونائب رئيس جامعة الأزهر أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط الدعوى رقم 1488 لسنة 7 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 5/8/1996، طلبا في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه في هذه الدعوى بسداد مبلغ 7004 جنيهات، والفوائد القانونية، مع إلزامه المصروفات، وذلك تأسيسًا على أنه تأخر في تنفيذ الأعمال في العملية محل التداعي بعد إضافة مدد التوقف، ومن ثم تستحق عليه غرامة تأخير بمبلغ 24517 جنيها، وقد خصم منه قيمة التأمين النهائي ومقداره (17513) جنيهًا، ومن ثم أصبح المتبقى عليه مبلغ 7004 جنيهات، امتنع عن سدادها، مما حدا المدعيين بصفتيهما على إقامة هذه الدعوى.
وقد جرى تحضير الدعويين بهيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم أعدت الهيئة تقريرًا بالرأي القانوني فيهما ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلا، وفي الموضوع برفض الدعوى رقم 1488 لسنة 7 ق وإلزام جامعة الأزهر المصروفات، وبراءة ذمة المدعي في الدعوى رقم 1425 لسنة 7 ق من غرامة التأخير، وإلزام جهة الإدارة أن تؤدي للمدعي مبلغًا مقداره (17133) جنيهًا، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% من تاريخ المطالبة مع إلزامها المصروفات.
وبجلسة 2/12/2003 حكمت المحكمة تمهيديًا وقبل الفصل في موضوع الدعوى بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لمباشرة المأمورية المبينة بأسباب الحكم، وقد باشر الخبير مأموريته المنتدب لها وقدم تقريره الذي أودع ملف الدعوى.
……………………………………………………………………..
وتداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو الثابت بمحضر الجلسات، وبجلسة 22/6/2006 حكمت المحكمة بقبول الدعويين شكلا، وفي الموضوع: (أولا) برفض الدعوى رقم 1488 لسنة 7 ق. (ثانيًا) في الدعوى رقم 1425 لسنة 7ق ببراءة ذمة المدعي من قيمة غرامة التأخير، وأحقيته في صرف قيمة التأمين النهائي، والفوائد القانونية بواقع 5%، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات في الدعويين.
وشيدت المحكمة قضاءها على الأسباب والأسانيد الآتية:
وحيث إنه على وفق مقتضى نص المادة 226 من القانون المدني، وكان محل الالتزام مبلغا من النقود ومعلوم المقدار، وتأخر المدين في الوفاء به فإنه يحق للمدعي اقتضاء فوائد قانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
……………………………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن بصفته فقد طعن فيه بالطعن الماثل، تأسيسًا على أسباب وأسانيد حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف التطبيق الصحيح لحكم القانون وأخطأ في تفسيره، ذلك أنه:
أولا– بالنسبة للدعوى رقم 1425 لسنة 7 ق: اعتمد الحكم المطعون فيه على النتيجة التي خلص إليها تقرير الخبير، وقد أسس الخبير هذه النتيجة على أن مدة التأخير في إنجاز الأعمال عبارة عن المدد التي تأخر فيها صرف الدفعات، والتي كان المقاول قد تحفظ في عطائه عليها بأن أي تأخير في صرف الدفعات لمدة أسبوع من تاريخ تقديم مستخلص الدفعة تضاف مدة التأخير إلى مدة تنفيذ العملية؛ حيث اعتبر الخبير قيام لجنة البت بمفاوضة المقاول في التحفظات المبداة، والتوقيع على ذلك من دون هذا التحفظ موافقةً ضمنية من قبل لجنة البت على هذا التحفظ، ونعت الجامعة الطاعنة على ذلك أوجه النعي الآتية:
ثانيا– بالنسبة للدعوى رقم 1488 لسنة 7 ق: فإنه وقد ثبت مما تقدم أحقية الجامعة في توقيع غرامة التأخير، التي كانت تطالب بالجزء الباقي منها بعد خصم التأمين النهائي بموجب هذه الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب في فهم الحقيقة واستند إلى تقرير الخبير الذي تعارض في أسبابه مع النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يكون بجميع أجزائه خليقًا بالإلغاء.
……………………………………………………………………..
ومن حيث إنه من المقرر قانونا أنه متى ضمَّن مقدم العطاء عطاءه تحفظًا أو شرطًا ليس فيه خروج على النظام العام في الدولة أو في العقود الإدارية، وجاء قرار لجنة البت خاليا من أي تعليق أو رفض لهذا التحفظ، ووافقت الجهة المختصة على هذا القرار، فإنه بإرساء العطاء على المقاول يكون قد تم قبول الإيجاب المقدم منه بالوضع الذي تقدم به، ويكون التعاقد قد تم فعلا على أساس الشروط التي تقدم بها، بما فيها ذلك التحفظ.
ولا يغير من ذلك تحرير عقد لاحق لم يرد به الشرط الوارد بالتحفظ؛ ذلك أن هذا العقد لا يعدو أن يكون تسجيلا لما تم الاتفاق عليه بموجب رسو العطاء.
وفي ضوء ما تقدم يغدو لا صحة للقول بأنه كان يتعين على المطعون ضده حتى يحق له التمسك بتحفظه الذي ضمَّنه عطاءه المتعلق بإضافة مدة التأخير في صرف المستخلصات إلى مدة تنفيذ العملية –الذي بنى عليه تقرير الخبير النتيجة التي خلص إليها وسايره فيها الحكم المطعون فيه– أن يطلب موافقة لجنة البت عليه؛ ذلك أن الأصل بقاء ما كان على ما كان إلى أن يرد ما ينقضه، بما مؤداه أن يندرج هذا الشرط ضمن شروط التعاقد، وأن يدخل في نسيج الاتفاق، فينتج أثره ويؤتي أكله، ما لم يكن قد تم التنازل عنه صراحة؛ فالتنازل عن شرط من الشروط هو عمل إرادي، يشترط فيه –شأنه في ذلك شأن جميع الأعمال الإرادية– اتجاه الإرادة بصورة مباشرة وصريحة إلى هذا التنازل، وهو ما خلت الأوراق مما يفيد تحققه من قبل المطعون ضده.
ومن حيث إنه عما ساقته الجامعة الطاعنة في نعيها على الحكم من أن تقرير الخبير باعتماده في النتيجة التي انتهى إليها على تحفظ المطعون ضده السالف البيان يكون قد خاض في مسألة قانونية تخرج عن حدود اختصاصه، كما وأن المحكمة المطعون في حكمها لم تقل كلمتها في هذه المسألة القانونية، فمردود عليه بأن ما تضمنه تقرير الخبير من الإشارة إلى أن عطاء المطعون ضده قد احتوى على تحفظ بإضافة مدد تأخير صرف المستحقات إلى مدة تنفيذ العملية، وحساب مدد التأخر في صرف المستحقات، هو من مسائل الواقع التي كان من الضرورة أن يتطرق في تقريره لبحثها؛ أداء لمأموريته المكلف بها، وهي بيان ما إذا كان ثمة تأخير تستحق عنه غرامة تأخير من عدمه.
كما أنه لا تثريب على المحكمة –حسبما هو مقرر قانونا– إن هي أخذت بتقرير الخبير محمولا على أسبابه من دون أن تسرد في حكمها بصورة تفصيلية أسباب أخذها بما انتهى إليه تقرير الخبرة، ومن ثم يغدو ما ساقته الجهة الإدارية الطاعنة من نعي على الحكم المطعون فيه على النحو السالف بيانه في غير محله خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه – بالنسبة للدعويين الصادر فيهما– وجه الحق والصواب، وجاءت أسباب وأسانيد الطعن عليه متهاوية لا أساس لها من الصحة، فمن ثم يكون الطعن عليه مفتقرًا لما يبرره قانونا، ويتعين لذلك القضاء برفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته، عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجامعة الطاعنة المصروفات.