جلسة 18 من يناير سنة 2012
الطعن رقم 22152 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– تحويل الوحدات السكنية إلى وحدات تجارية– لا يجوز تحويل الوحدات السكنية الاقتصادية التي أقامتها المحافظة إلى محلات تجارية– أساس ذلك أن تحويل تلك الوحدات لا يتفق مع الغرض الذي أنشئت هذه المساكن من أجله– يتعين على الجهة الإدارية اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالف- إذا سمحت الجهة الإدارية بتقنين وضع شاغلي تلك الوحدات التجارية فلا أقل من أن تتقاضى أثمان تلك الوحدات على وفق أثمان المحلات التجارية بالمنطقة أو المناطق المماثلة– هذا الثمن لا علاقة له بالرسوم المقررة لترخيص المحلات التجارية، وإنما هو مقابل تحويل الوحدات السكنية إلى محلات تجارية.
– قرار المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة رقم 181 لسنة 1996.
– المادة رقم (3) من قرار محافظ القاهرة رقم 263 لسنة 2001 بشأن تقنين أوضاع شاغلي الوحدات الاقتصادية التي أقامتها المحافظة، وتحولت إلى أنشطة تجارية.
في يوم الأحد الموافق 14/8/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 22152 لسنة 51 القضائية (عليا) في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 21/6/2005 في الدعوى رقم 10316 لسنة 56 القضائية، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، على النحو المبين بأسباب الحكم، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون –للأسباب المبينة بتقرير الطعن– أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلا، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن قانونا. وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 20/4/2010، وتدوول نظره أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حتى قررت بجلسة 2/11/2010 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة موضوع) لنظره أمامها بجلسة 15/12/2010 وبها نظر، وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها، وخلال الجلسات أودع الحاضر عن المطعون ضدهم حافظتي مستندات، ومذكرة دفاع انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن، وأودع الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة مذكرة انتهى فيها إلى التصميم على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 26/10/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 28/12/2011، وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء من الخصوم خلال أسبوعين، وانقضي هذا الأجل دون إيداع مذكرات وبجلسة 28/12/2011 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الجهة الإدارية الطاعنة أقامت الطعن الماثل بداءة ضد مورث المطعون ضدهم والذي توفي إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 25/4/2010 أثناء نظر الطعن، وطلبت الجهة الإدارية أجلاً لتصحيح شكل الطعن باختصام ورثته الذين يقومون مقامه، وكلفتها المحكمة بذلك، وقامت الجهة الإدارية بإعلان تقرير الطعن إلى الورثة إعلاناً صحيحاً، مما يتعين معه الاستمرار في السير في نظر الطعن في مواجهة الورثة عملاً بحكم المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإذ استوفى الطعن كافة أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 8/4/2002 أقام مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 10316 لسنة 56 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) ضد الطاعنين، طالبا فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن إصدار ترخيص له في نشاط بيع قطع غيار سيارات بالشقة رقم (2) مدخل (2) بلوك (22) بمساكن القبة الجديدة بعد تحويلها إلى محل تجاري، وذلك حتى يقوم بأداء مبلغ (28000) جنيه (ثمانية وعشرين ألف جنيه)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي بيانا لدعواه إنه اشترى الشقة المذكورة ممن يدعى… والذي كان قد اشتراها من محافظة القاهرة، ثم قام المدعي بعد شراء هذه الشقة بتحويلها إلى محل تجاري لبيع قطع غيار السيارات، وتقدم بطلب إلى الجهة الإدارية لإصدار ترخيص له في هذا النشاط، وافقت عليه الجهة الإدارية، وتم تحصيل مبلغ (2000) جنيه منه نظير تحويل هذه الشقة إلى محل تجاري؛ عملا بأحكام قرار محافظ القاهرة رقم 263 لسنة 2001، ثم فوجئ بكتاب الجهة الإدارية الذي تطالب فيه بأداء مبلغ (28000) جنيه بواقع (800 جنيه) للمتر مضروبا في مساحة الشقة البالغة (35) مترا، وإلا أوقفت السير في إجراءات الترخيص، ونعى المدعي على قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن السير في إجراءات الترخيص مخالفته للقانون، وخلص إلى طلب الحكم بطلباته المذكورة سالفا.
…………………………………
وبجلسة محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) المنعقدة بتاريخ 21/6/2005 أصدرت حكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها على أساس أن المشرع في القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية حدد الشروط والقواعد اللازمة لإصدار تراخيص المحال الخاضعة لأحكامه، وإذا ما توفرت هذه الشروط تعين إصدار الترخيص دون إضافة شروط أخرى لم ينص عليها في القانون، وبالتالي تكون مطالبة المدعي بأداء المبلغ المذكور للسير في إجراءات الترخيص والذي نتج عن إعادة تقدير ثمن الوحدة بعد تحويلها إلى محل تجاري هذه المطالبة تكون على غير أساس صحيح، وإذا كان هناك ما يدعو إلى إعادة تقدير ثمن الوحدة المطالب به فإن ذلك يكون في إطار عقد بيع الشقة، وبذلك يكون القرار المطعون فيه بامتناع الجهة الإدارية عن إصدار الترخيص للمدعي حتى يقوم بأداء المبلغ الناتج عن إعادة تقدير ثمن الوحدة بعد تحويلها إلى محل تجاري مخالف للقانون، وخلصت المحكمة إلى إصدار حكمها المتقدم في هذه الدعوى.
…………………………………
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن محافظ القاهرة أصدر القرار رقم 233 لسنة 1998، والقرار رقم 263 لسنة 2001 بشأن تقنين أوضاع شاغلي الوحدات الاقتصادية التي أقامتها المحافظة، وتحولت إلى أنشطة تجارية بالمخالفة للقوانين واللوائح، وعلى وفق أحكام هذين القرارين يتعين على المخالف أداء مبلغ معين نظير تحويل الوحدة إلى محل تجاري، وقد طالبت الجهة الإدارية مورث المطعون ضدهم بأداء هذا المبلغ نظير تحويل الوحدة السكنية محل التداعي إلى نشاط تجاري حتى يرخص له في هذا النشاط، وبذلك تكون هذه المطالبة صحيحة، ويكون امتناع الجهة الإدارية عن إصدار هذا الترخيص حتى يتم أداء هذا المبلغ في محله، وفضلا عن ذلك فإن المطالبة بهذا المبلغ تدخل في إطار الاشتراطات الخاصة اللازمة لإصدار الترخيص على وفق حكم المادة (7) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية، وانتهت الجهة الإدارية في تقرير طعنها إلى طلب الحكم بالطلبات المبينة سلفا.
…………………………………
وحيث إن محافظ القاهرة أصدر القرار رقم 263 لسنة 2001 ونص في المادة الثالثة منه على أن: “يسمح بتقنين أوضاع شاغلي الوحدات التجارية التي أقامها ذو الشأن عن طريق تحويل الوحدات السكنية أسفل عمارات مساكن المحافظة إلى محلات تجارية حتى 31/12/1999 وفقا للضوابط الآتية :
(أ) …
(ب) يحصل ثمن هذه المحلات وفقا للمعايير المنصوص عليها في قرار المجلس التنفيذي للمحافظة رقم 181 لسنة 1996 والذي سبق إصداره بشأن الحالات المماثلة.
(ج) …”.
وقد تضمن قرار المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة رقم 181 لسنة 1996 النص على أن “يتم التحديد على أساس أعلى سعر بيع بالمزاد العلني للمحلات المماثلة بالمنطقة، وإذا لم توجد محلات مماثلة بالمنطقة الواقع بها هذه الوحدات؛ فيحسب الثمن على أساس أعلى سعر مزاد في أية منطقة مماثلة في الظروف الاقتصادية والاجتماعية”.
وحيث إنه طبقا لذلك، ولما كان الثابت أن مورث المطعون ضدهم قام بتحويل الوحدة السكنية الكائنة بالبلوك رقم (22) مدخل (3) شقة (2) بمساكن القبة الجديدة إلى محل تجاري (بيع إطارات وبطاريات)، وقد وافقت الجهة الإدارية على تقنين وضع هذه المحال طبقا لقرار محافظ القاهرة رقم 263 لسنة 2001 آنف الذكر، وتوطئة لهذا التقنين قامت الجهة الإدارية بتحصيل مبلغ (2000) جنيه من مورث المطعون ضدهم، ولما كانت مساحة المحل (35) مترا، وكان سعر متر المحلات التجارية بالمناطق المماثلة في الظروف الاقتصادية والاجتماعية هو (800) جنيه، ومن ثم فقد طالبت الجهة الإدارية مورث المطعون ضدهم بأداء مبلغ (28000) جنيه حتى يرخص له في هذا المحل، ومتى كان ذلك يكون قرار الجهة الإدارية بمطالبة مورث المطعون ضدهم بهذا المبلغ نظير تحويل الوحدة السكنية المذكورة إلى محل تجاري، وأنها لن تسمح له بترخيص هذا المحل حتى يتم أداء هذا المبلغ -هذا القرار- يكون قد صدر صحيحا، ولا مطعن عليه، ومع مراعاة أن يخصم من هذا المبلغ ما سبق تحصيله لذات السبب.
وحيث إنه لا محاجة في هذا الشأن بما تضمنه الحكم المطعون فيه من أن القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية لم يفرض مثل هذا الرسم أو هذا المقابل حتى يتم الترخيص في المحل المذكور؛ ذلك لأن هذا المقابل النقدي ليس رسما يستأدى على وفق أحكام هذا القانون، وإنما هو مقابل تحويل الوحدة السكنية إلى محل تجاري طبقا لأثمان المحلات التجارية بالمنطقة أو المناطق المماثلة، إذ لا يقبل عقلا أو منطقا أن يتم تحويل تلك الوحدة السكنية إلى محل تجاري، وأن يصدر ترخيص هذا المحل دون أن يتم دفع ثمنه طبقا للأثمان التي بيعت بها المحلات التجارية بالمنطقة أو المناطق المماثلة، خاصة أن هذا المحل هو في الأساس وحدة من وحدات الإسكان الاقتصادي الشعبي الذي تبنيه الدولة ويتم توزيعه على ذوي الدخل المحدود بأثمان وشروط ميسرة لمواجهة أزمة الإسكان الطاحنة وإيواء المواطنين غير القادرين، ومواجهة الأزمات والكوارث، وأن تحويل تلك الوحدات السكنية بعد الحصول عليها إلى محلات تجارية هو أمر مرفوض وغير جائز، ولا يتفق مع الغرض الذي أنشئت من أجله هذه المساكن، وكان الأجدر بالجهة الإدارية اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال كل من يحصل على وحدة من هذه الوحدات السكنية ثم يقوم بتحويلها إلى محل تجاري، أما وأن الجهة الإدارية قد سمحت بتقنين وضع شاغلي هذه الوحدات التجارية، فلا أقل من رفع ثمنها على وفق أثمان المحلات التجارية بالمنطقة أو المناطق المماثلة، وعدم الموافقة على ترخيص هذه المحلات حتى يتم تملكها ودفع ثمنها بوصفها محلات تجارية، وليست وحدات سكنية، مع التأكيد على أن هذا الثمن لا علاقة له بالرسوم المقررة لترخيص المحلات التجارية المنصوص عليها بالقانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه، وإنما هو مقابل تحويل هذه الوحدات إلى محلات تجارية على النحو الموضح آنفا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا المذهب، أو أخذ بغير هذا النظر، فإنه يكون حريا بالإلغاء، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.