جلسة 28 من يناير سنة 2012
الطعن رقم 6283 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة الخامسة)
– ضمانات وحوافز الاستثمار- الإعفاء من رسوم الدمغة والتوثيق والشهر– تعفى من تلك الضرائب والرسوم عقود تأسيس الشركات والمنشآت وما تبرمه من عقود القروض والرهون المرتبطة بأعمال هذه الشركات والمنشآت- ناط المشرع بالهيئة العامة للاستثمار تقرير ما إذا كانت عقود تأسيس هذه الشركات مرتبطة بتنفيذ المشروع من عدمه، وتحديد تاريخ تمام تنفيذه– ليس بلازم أن يكون هذا التقرير أثناء مرحلة الإنشاء، وإنما يجوز أن يكون بعدها من واقع العقود والمستندات والموافقات الاستيرادية وغير ذلك من معالم لا تندثر ويقع عبء إثباتها على طالب هذا الإعفاء- الواقعة المنشئة لحق الإعفاء هي تحرير العقد قبل تمام التنفيذ، بقطع النظر عن واقعة التقدم إلى مأمورية الشهر العقاري التي قد تتراخى إلى ما بعد تمام التنفيذ– لم يحدد المشرع موعدا لسقوط الحق في المطالبة بهذا الإعفاء، ومن ثم لا يجوز للهيئة العامة للاستثمار رفض منح تلك الشركات شهادة بهذا الإعفاء تعللا بتراخيها عن تقديم طلب الإعفاء إلى ما بعد تنفيذ المشروع وبدء الإنتاج.
– المادة (14) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم .23 لسنة 1989 (الملغى لاحقا –عدا الفقرة الثالثة من المادة 20 منه- بموجب قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، المعدل لاحقا بموجب القرار بقانون رقم 17 لسنة 2015).
في يوم السبت الموافق 10/2/2007 أودع وكيل الشركة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) بجلسة 16/12/2006، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلبت الشركة الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلزام المطعون ضدهما الثالث والرابع بالتضامن فيما بينهما ردَّ مبلغ 227921,50 جنيها للشركة الطاعنة التي سددته خصما من حسابها لدى البنك المطعون ضده الثاني كرسوم شهر وتوثيق على عقد القرض المضمون برهن تجاري، والمحرر مع هذا البنك في 27/11/1996، مع الفوائد البنكية التي قام البنك بحسابها على الشركة لهذا الغرض، مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتي التقاضي، وجميع الخسائر التي قد تتحملها الشركة.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المقرر قانونا.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الخامسة فحص بهذه المحكمة وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدمت الشركة الطاعنة مذكرة، كما قدمت الهيئة المطعون ضدها حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وبجلسة 28/2/2011 قررت هذه الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع، وتدوول بالجلسات أمامها على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدمت الهيئة المطعون ضدها مذكرة دفاع، وبجلسة 10/12/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/1/2012 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد إتمام المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
وحيث إن وقائع الطعن تخلص -حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه- في أن الشركة الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 4199 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) بصحيفة أودعت قلم كتابها بتاريخ 13/2/1999 اختصمت فيها (ابتداء) رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلي سوسيتيه جنرال، طالبة في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه الأول إصدار التوصية إلى الجهات المختصة بإعفائها من رسم الدمغة ورسوم التوثيق والشهر بالنسبة لعقد القرض وعقد الرهن التجاري والعقود الأخرى المرتبطة بالمشروع وإلزام الهيئة المصروفات، وذكرت الشركة شرحا لدعواها أنه بتاريخ 29/7/1995 صدر قرار الهيئة المدعى عليها بالموافقة على مشروع الشركة بمدينة السادس من أكتوبر برأس مال قدره 15 مليون جنيه بغرض إنتاج العبوات من البروبلين، كما صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الدولي رقم 114 لسنة 1996 بتاريخ 15/2/1996 بالترخيص بتأسيس الشركة (شركة مساهمة مصرية) على وفق أحكام القانونين رقمي 230 لسنة 1989 و95 لسنة 1992، وبتاريخ 27/11/1996 تعاقدت الشركة مع البنك الأهلي سوسيتيه جنرال على منحها قرضا مقداره خمسة عشر مليون جنيه، وطبقا لأحكام المادة 14 من قانون الاستثمار طلبت الشركة من الهيئة العامة للاستثمار بتاريخ 18/1/1998 تشكيل لجنة لتحديد بدء الإنتاج لإمكان التمتع بالإعفاءات المقررة بقانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، وتم تشكيل اللجنة التي رأت أن بداية تاريخ الإنتاج 1/1/1998، وأضافت الشركة أنها تقدمت بتاريخ 22/12/1998 إلى الهيئة العامة للاستثمار بطلب مرفقا به العقد المبرم مع البنك للحصول على خطاب يفيد أن عقد القرض وعقد الرهن والعقود المرتبطة بالمشروع تتمتع بالإعفاء من رسم الدمغة ورسوم التوثيق والشهر، إلا أن الهيئة ردت بأن التمتع بالإعفاء يكون حتى تمام تنفيذ المشروع، وقد بدأت الشركة الإنتاج اعتباراً من 1/1/1998 قبل التقدم بطلب الإعفاء، وأضافت الشركة أن عقد القرض أبرم في 27/11/1996، فضلا عن أن نص المادة 14 من القانون رقم 230 لسنة 1989 جاء خاليا من تحديد موعد لسقوط الحق في المطالبة بالإعفاء.
واختصمت الشركة بصحيفة معلنة بتاريخ 31/8/2004 كلاً من وزير العدل، ورئيس مصلحة الشهر العقاري، وحددت طلباتها بإلغاء قرار رفض منحها الشهادة المشار إليها وإلزام الهيئة أن تؤدي للشركة قيمة الرسوم التي تحملتها وهي (227212,5) جنيها.
……………………………………
وبجلسة 16/12/2006 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، وشيدت قضاءها -بعد استعراض نص المادة 14 من القانون رقم 230 لسنة 1989 المشار إليه على أن المشرع حدد النطاق الزمني لسريان الإعفاء سالف الذكر حتى تمام تنفيذ المشروع، وقد تراخت الشركة عن تقديم طلب الإعفاء إلى ما بعد تمام تنفيذ المشروع وبدء الإنتاج في 1/1/1998.
……………………………………
ولم يصادف هذا القضاء قبولا لدى الشركة الطاعنة فأقامت الطعن الماثل تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، على سند من أنها تقدمت بطلب في 24/1/1998 بتشكيل لجنة لتحديد ميعاد بدء الإنتاج حتى يمكنها التمتع بالإعفاء وهو ما يثبت عدم تراخيها في هذا الطلب، فضلا عن أن مهمة الهيئة تنحصر في أمرين: (الأول) هو تحديد تاريخ تمام التنفيذ، و(الثاني) تحديد ما إذا كانت العقود مرتبطة بتنفيذ المشروع من عدمه حتى ولو قدم الطلب بعد ذلك.
ودفعت الهيئة المطعون ضدها الطعن بطلب الحكم برفضه وبعدم استحقاق الشركة استرداد قيمة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر المشار إليها.
– وحيث إن المادة 14 من قانون الاستثمار (الصادر بالقـانون رقم 230 لسنة 1989، الذي نشأت الشركة في ظل العمل بأحكامه) كانت تنص على أن: “تعفى من رسم الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر عقود تأسيس المشروعات وكذلك جميع العقود المرتبطة بالمشروع حتى تمام تنفيذه، وتحدد الهيئة ما يعتبر من العقود مرتبطاً بالمشروع وكذلك تاريخ تمام تنفيذه”.
ويستفاد من هذا النص أن المشرع رعاية منه لمناخ الاستثمار وتشجيعا لإقامة المشروعات الاستثمارية، وفي إطار السياسة العامة للدولة التي ترمي إلى تشجيع هذا الاستثمار؛ حبا المشرع مثل هذه المشروعات بالعديد من المزايا والإعفاءات، ومن بينها إعفاء عقود تأسيس الشركة والمنشآت الخاضعة لأحكامه وما تبرمه من عقود مرتبطة بأعمالها من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر، وأناط بالهيئة العامة للاستثمار تقرير ما إذا كانت هذه العقود مرتبطة بتنفيذ المشروع من عدمه وتحديد تاريخ تمام تنفيذه، ودور الهيئة العامة للاستثمار في تحديد العقود المرتبطة بتنفيذ المشروع، ومن ثم استحقاقها للإعفاء، هو تحديد يكشف عن الصفة اللصيقة المستتبعة للإعفاء، بما يجعله إعفاءً ثابتا منذ البداية، أي منذ تاريخ تحرير العقد ونشوئه لبيان ما إذا كان داخلا في المشروع قبل تمام تنفيذه أم بعد ذلك، ومن ثم فإن الواقعة المنشئة لحق الإعفاء هي تحرير العقد قبل تمام التنفيذ بغض الطرف عن واقعة التقدم إلى مأمورية الشهر العقاري التي قد تتراخى إلى ما بعد تمام التنفيذ؛ نظرا إلى أن عقود القرض والرهن عادة ما يمتد سدادها إلى ما بعد التشغيل، ولو أراد المشرع أن يجعل من اللجوء إلى الشهر العقاري قبل تمام التنفيذ شرطا للإعفاء لما أعوزه النص على ذلك صراحة، ولا شك أن وقت الحاجة إلى الشهادة من هيئة الاستثمار يكون أوجب عند اللجوء للشهر العقاري الذي لم يضع له المشرع وقتا معينا، والمناط والمرجع في اعتبار العقد مرتبطا بمرحلة الإنشاء هو تحرير العقد في هذه المرحلة وما تقرره الهيئة من الارتباط بمرحلة الإنشاء من عدمه، وليس بلازم أن يكون هذا التقرير أثناء مرحلة الإنشاء وإنما يجوز أن يكون بعدها من واقع العقود والمستندات والموافقات الاستيرادية وغير ذلك من معالم لا تندثر، ويقع عبءُ إثباتها على طالب هذا الإعفاء.
وعلى هدي ما تقدم ولما كان الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 29/7/1995 وافقت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على إقامة مشروع شركة… بمدينة السادس من أكتوبر بغرض إنتاج العبوات من البروبلين، وبتاريخ 15/2/1996 صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الدولي رقم 114 لسنة 1996 بالترخيص بتأسيس الشركة بنظام الاستثمار الداخلي على وفق قانون الاستثمار رقم 230 لسنة 1989، وفي سبيل تنفيذ الشركة المرخص بها، أبرمت مع البنك الأهلي سوسيتيه جنرال عقد قرض بتاريخ 27/11/1996 بمبلغ 15 مليون جنيه، وأفاد البنك في شهادة له قدمها ضمن حافظة مستنداته أن استخدام التمويل بدأ بتاريخ 28/11/1996، وتعضيدا لذلك حررت الشركة بتاريخ 12/12/1996 توكيلا موثقا للبنك بالرهن لمصلحة هذا القرض، وتقدمت الشركة بتاريخ 18/1/1998 بطلب إلى هيئة الاستثمار لتشكيل لجنة لتحديد بدء الإنتاج لإمكان التمتع بالإعفاءات المنصوص عليها في القانون رقم 230 لسنة 1989، وتم تحديد بدء الإنتاج في 1/1/1998، أي في تاريخ سابق على التقدم بالطلب، وبناءً على ذلك تقدمت الشركة للهيئة بتاريخ 22/12/1998 بطلب منحها شهادة إعفاء هذا العقد من رسوم التوثيق والشهر باعتباره مرتبطا بالإنشاء، فرفضت الهيئة استنادا إلى أن هذا الطلب قدم بعد تمام التنفيذ مما يسقط حق الشركة في طلب الإعفاء.
وحيث إن المشرع لم يحدد موعدا لسقوط الحق في المطالبة بهذا الإعفاء، وإنما ناط بالهيئة تحديد ما إذا كان العقد مرتبطا بتنفيذ المشروع من عدمه، وما إذا كان قد أبرم قبل تمام المشروع أم بعده، ولما كانت الهيئة لا تماري في أن العقد أبرم قبل تمام التنفيذ وأنه يرتبط بتنفيذ المشروع؛ ومن ثم فقد بات لزوماً عليها منح الشركة شهادة بذلك، دون التعلل بأن الطلب قدم بعد تمام التنفيذ، ذلك أن هذا السبب لا يستقيم صحيحا في التفسير السليم والمنطق القويم لنص المادة 14 المذكورة سالفا، وفيه تخصيص لعباراته بغير مخصص، لأن المشرع لم يحدد في هذا النص أي مواعيد لسقوط الحق في المطالبة بالإعفاء المشار إليه، مما يضحى معه قرار الهيئة المطعون ضدها برفض منح الشركة شهادة بهذا الإعفاء قد وقع مخالفا للقانون متعين القضاء بإلغائه، وما ترتب عليه من آثار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا المذهب مخالفا بذلك صحيح حكم القانون، فإنه يتعين الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الصادر عن الهيئة المطعون ضدها برفض منح الشركة الطاعنة ما يفيد أن عقد القرض المشار إليه يرتبط بإنشاء الشركة وأنه يستحق الإعفاء من رسوم الشهر والتوثيق.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 270 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها برفض منح الشركة الطاعنة الشهادة المطالب بها، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.