جلسة 11 من فبراير سنة 2012
الطعن رقم 5863 لسنة 57 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– دفوع في الدعوى- الدفع بعدم الاختصاص، ولائيا كان أو نوعيا، يتعلق بالنظام العام، الذي يتعين على المحكمة البت فيه بداية، وإن لم يُثَر أمامها؛ صدعا بحكم القانون، وإقصاء لما يخرج عن اختصاصها ولائيا أو نوعيا.
– هيئة مفوضي الدولة– دورها في تحضير الدعوى وإبداء الدفوع– أناط المشرع بالهيئة تحضير الدعوى الإدارية وتهيئتها للمرافعة باعتبارها أمينة على الدعوى الإدارية، معتصمة في القيام بوظيفتها بحكم القانون؛ إعلاء لكلمته وتوطئة للحكم بما تبديه من رأى قانوني متفق مع حكم القانون وصائب تطبيقه- يحق لها إبداء الدفوع المتعلقة بالنظام العام، دون تعليق مبادرتها إلى ذلك على إثارة الدفع من أي من الخصوم.
– الطعن في الأحكام- التماس إعادة النظر- يجوز الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجــــارية، وبما لا يتعارض مع المنازعة الإدارية- عدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا نوعيا بنظر الالتماس المرفوع أمامها بشأن حكم صادر عن محكمة القضاء الإداري- تختص محكمة القضاء الإداري بنظر الالتماس في الحكم الصادر عنها.
– المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
– المادة (51) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
بتاريخ 30/11/2010 أودع الأستاذ/… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 5863 لسنة 57 القضائية عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار) في الدعوى رقم 4861 لسنة 65 ق بجلسة 27/11/2010، فيما قضى به من رفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم (7/36/2010) الصادر عن مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة الإعلامية بتاريخ 11/10/2010 فيما تضمنه من إيقاف قرار الترخيص بمزاولة النشاط الصادر لفرع شركة… ، وإيقاف البث لقنوات (… و… و…).
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن: (أولا) الحكم بقبول الالتماس شكلا. (ثانيا) في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، (ثالثا) القضاء مجددا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم (7/36/2010) الصادر عن مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة الإعلامية بتاريخ 11/10/2010 فيما تضمنه من إيقاف الترخيص بمزاولة النشاط الصادر لفرع شركة…، وإيقاف البث لقنوات (…و… و…) واعتباره كأن لم يكن، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة إشارة البث الفضائي للقنوات الثلاثة المشار إليها وتنفيذ الحكم بالنسبة لهذا القرار بموجب مسودته، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات. (رابعا) إلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/1/2011، وفيها مثل خصوم الطعن وقررت المحكمة إحالته إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا في هذا الطعن –وطعون أخرى–، حيث ارتأت الحكم في هذا الطعن بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظره، وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار) للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ونظر الطعن ثانية أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 21/3/2011، وتدوول نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 2/5/2011 قررت إصدار الحكم بجلسة 2/7/2011 ومذكرات خلال شهر للطرفين، وقد انقضى هذا الأجل دون إيداع أية مذكرات، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 22/10/2011، وفيها نظر أمام هذه الدائرة، وتدوول نظره على وفق الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 10/12/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/2/2012، ثم مّد أجل النطق به لجلسة اليوم؛ نظرا إلى أن اليوم الذى كان محددا لإصداره صادف إجازة رسمية بمناسبة المولد النبوي الشريف، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن وقائع النزاع تخلص في أن المطعون ضده الأول كان قد أقام الدعوى رقم 4836 لسنة 65 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 3/11/2010، طالبا الحكم بقبولها شكلا وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بوقف وإغلاق قنوات (… و… و… و… و… و… و… و… و…)، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة البث لهذه القنوات مع إلزام جهة الإدارة المصروفات، على سند من أن هذه القنوات صدر لها ترخيص عن الجهات الإدارية المختصة بالانطلاق وبثت برامجها منذ عدة سنوات وباشرت عملها بوسطية واعتدال، إلا أنها فوجئت بالقرار المطعون فيه لأسباب ومبررات منها مخالفة الترخيص الممنوح لها كقنوات منوعات وليس كقنوات دينية، وهذا مخالف للحقيقة، حيث تبث هذه القنوات إلى جانب البرامج الدينية برامج طبية وعلمية وتعليمية وترفيهية للأطفال محكومة بضوابط الإسلام.
– وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/11/2010 صدر الحكم المطعون فيه على أساس مخالفة الشركة الطاعنة الترخيص الصادر لها.
– وقد أقام الطاعن بصفته الطعن الماثل التماسا بإعادة النظر في هذا الحكم على سند من المادة (241) مرافعات، بحسبان أن الشركة التي يمثلها لم تعلم بالدعوى الصادر بشأنها الحكم الملتمس بإعادة النظر فيه، ولم تعلم بالحكم إلا عن طريق الصحف اليومية، ومن ثم لم تمثل في الدعوى ولم تختصم فيها أو تدخل من جانب أي من الخصوم، ومن ثم لم يتح لها إبداء أي دفع أو دفاع للحفاظ على حقوقها، وقد اختتم الطاعن صحيفة التماسه بطلب نظره أمام دائرة فحص الطعون لإعادة النظر في الحكم الملتمس فيه والحكم بطلباته المبينة في نهاية الصحيفة للأسباب الموضحة بها.
– وحيث إنه عن الدفع المثار من قبل هيئة مفوضي الدولة بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الالتماس، فإنه وبحسبان أن الهيئة المذكورة هي الأمينة على الدعوى الإدارية معتصمة في القيام بوظيفتها بحكم القانون إعلاء لكلمته وتوطئة للحكم بما تبديه من رأى قانوني متفق مع حكم القانون وصائب تطبيقه؛ يحق لها الدفع بتلك الدفوع المتعلقة بالنظام العام دون تعليق مبادرتها إلى ذلك على إثارة الدفع من أي من الخصوم، لاسيما أنه ليس هناك ريب في أن الدفع بعدم الاختصاص -ولائيا كان أو نوعيا- متعلق بالنظام العام الذي يتعين على المحكمة البت فيه بداية، وإن لم يثر أمامها صدعا بحكم القانون وإقصاء لما يخرج عن اختصاصها ولائيا أو نوعيا.
– وحيث إن المادة (51) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه: “يجوز الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية و… بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية… وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحاكم”، وتنص المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن: “يرفع الالتماس أمام المحكمة التي أصدرت الحكم بصحيفة تودع قلم كتابها وفقا للأوضاع المقررة لرفع الدعوى… “.
ومؤدى ذلك أن المشرع بنص خاص في قانون مجلس الدولة قد أجاز الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر، محيلا فيما يتعلق بمواعيد الطعن بهذا الطريق وأحواله إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية، وبما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة الإدارية التي تنظر أمام هذه المحاكم، وقد حدد هذا القانون المحكمة التي تختص بنظر الالتماس بأنها هي المحكمة التي أصدرت الحكم الذي يلتمس ذو الشأن إعادة النظر فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بالالتماس الماثل صادر عن محكمة القضاء الإداري، فمن ثم تكون هذه المحكمة هي المختصة نوعيا بنظر الالتماس بإعادة النظر في هذا الحكم، ولا تنفك المحكمة الإدارية العليا غير مختصة نوعيا بنظره، وهو ما يتعين القضاء به وبإحالة الالتماس إلى محكمة القضاء الإداري على وفق المادة (110) مرافعات.
وحيث إن هذا الحكم غير منهٍ للخصومة، فمن ثم تعين إبقاء الفصل في المصروفات.
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الالتماس، وأمرت بإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار) للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.