جلسـة 19 من فبراير سنة 2012
الطعـن رقـم 13446 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة السابعة)
– الحكم في الدعوى- تسبيب الأحكام- تجوز الإحالة إلى الأسباب الواردة في حكم أول درجة، واعتبارها أسبابا للحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا.
– الحكم في الدعوى- حجية الأحكام- اعتبارات العدالة تسمو على استقرار الأحكام- اعتناق المحكمة الإدارية العليا اتجاها جديدا في بعض الأحكام الصادرة عن دوائرها يغاير ما كانت تسير عليه من قبل، يترتب عليه أن الأثر المترتب على الاتجاه الجديد لا يبدأ إلا من تاريخ علم صاحب الشأن به؛ لكونه خروجا على استقرار شبه دائم على المبادئ المستقرة لأحكام المحكمة الإدارية العليا.
– تقرير الكفاية– طبيعته والتظلم منه– طبقا لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فإن تقرير الكفاية باعتباره قرارا إداريا لا يعد نهائيا إلا بانقضاء ميعاد التظلم منه، أو بعد البت فيه- هناك اتجاه آخر سايرته بعض الأحكام الصادرة عن دوائر هذه المحكمة مفاده إعمال قرينة الرفض الضمني المستفادة من المادة (24) من قانون مجلس الدولة، ومؤداه أن عدم الرد على التظلم من تقرير الكفاية خلال ستين يوما من تقديمه دون البت فيه يكسبه وصف النهائية، ومن ثم لا تقبل الدعوى بشأنه إذا ما أقيمت بعد المواعيد المقررة لدعوى الإلغاء- أساس هذا الاتجاه: أنه يتعين الالتزام بتطبيق أحكام قانون مجلس الدولة بحسبانه القانون الخاص المنظم لإجراءات التقاضي أمام مجلس الدولة- نزولا على اعتبارات العدالة التي تسمو على استقرار الأحكام، فإن الأخذ بهذا الاتجاه يستوجب القول بأنه لا يجوز أن يبدأ ميعاد الطعن في قرار تقرير الكفاية إلا من تاريخ علم صاحب الشأن بهذا الاتجاه الأخير للمحكمة؛ لكونه خروجا على استقرار شبه دائم على المبادئ المستقرة لأحكام المحكمة الإدارية العليا([1]).
– المادة (41) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية.
في 18/5/2005 أقام وكيل الطاعن الطعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة مقررا الطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلسة 22/3/2005 في الدعوى رقم 3122 لسنة 4ق، الذي انتهى إلى عدم قبول الطلب الأول وقبول الطلب الثاني شكلا ورفضه موضوعا وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بقبول الدعوى والحكم له بتعديل تقرير الكفاية عن عام 1997 إلى مرتبة ممتاز بدلا من جيد جدا، وترقيته إلى الدرجة الأولى اعتبارا من حركة ترقيات 1/4/1998 بصفة أصلية، وبصفة احتياطية: ترقيته إلى الدرجة الأولى اعتبارا من حركة الترقيات الصادرة بالقرار رقم 175 في 15/11/1998، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وانتهت هيئة مفوضي الدولة إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
وحيث إن واقعات الحكم المطعون فيه تخلص -حسبما يظهر من الأوراق- في أن المدعي قد أقام الدعوى رقم 3122 لسنة 4ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بتاريخ 28/7/1996، وطلب في ختامها الحكم (أولا) بإلغاء القرار الصادر بتقدير كفايته عن عام 1997 بمرتبة جيد جدا، وما يترتب على ذلك من آثار، (ثانيا) بترقيته إلى الدرجة الأولى اعتبارا من 1/4/1998 بصفة أصلية، واحتياطيا: بإلغاء القرار رقم 175 لسنة 1998 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى في 15/11/1998، وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعي شرحا لدعواه أنه حاصل على بكالوريوس هندسة عام 1980، وعين به بالهيئة العامة للأبنية التعليمية اعتبارا من 31/12/1992، وقد نقل إلى منطقة شمال سيناء في الفترة من 27/10/1997 حتى 30/10/1998 ثم عاد إلى منطقة بورسعيد مرة أخرى، وقد صدر ضده القرار رقم 2539 بتاريخ 21/9/1997 بمجازاته بخصم سبعة أيام من راتبه، فطعن عليه أمام المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بالطعن رقم 75 لسنة 3ق، وحكم بإلغاء هذا القرار بجلسة 6/1/1999، وأنه قد ترتب على توقيع الجزاء عليه تخفيض تقرير كفايته عن عام 1997 إلى مرتبة جيد جدا، وبعد تنفيذ الحكم الصادر بإلغاء قرار الجزاء لم تقم الهيئة بتعديل تقرير الكفاية ، ومن ثم لم تقم بترقيته إلى الدرجة الأولى، وخلص إلى طلب الحكم بطلباته المبينة سالفا.
……………………………..
وبجلسة 22/3/2005 انتهت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه، وأقامته على أن المدعي يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع: (أولا) الحكم بإلغاء القرار الصادر بتقدير كفايته عن عام 1997 بمرتبة جيد جدا، مع ما يترتب على ذلك من آثار. (ثانيا) الحكم بإلغاء القرارين رقمي 52 و175 لسنة 1998 فيما تضمناه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
– وحيث إنه عن شكل الطلب الأول المتعلق بإلغاء القرار الصادر بتقدير كفاية المدعي فإن الثابت من الأوراق أن المدعي أخطر بهذا القرار في 1/6/1998، وتظلم منه في التاريخ نفسه، ومن ثم كان يتعين عليه إقامة دعواه لإلغاء هذا القرار خلال مئة وعشرين يوما من تاريخ تظلمه، أي في ميعاد غايته 29/9/1998، إلا أنه لم يقم برفع الدعوى لإلغاء القرار المشار إليه إلا في 28/7/1999، أي بعد المواعيد المقررة، ومن ثم يكون طلبه في هذا الشأن غير مقبول شكلا لرفعه بعد الميعاد.
– وحيث إنه عن شكل الطلب الثاني المتعلق بإلغاء القرارين رقمي 52 و157 لسنة 1998 فإن الثابت من الأوراق أن هذين القرارين صدر أولهما في 21/4/1998، وصدر الثاني في 15/11/1998، ولم يثبت علم المدعي بهما قبل تظلمه منهما في 24/5/1999، وإذ أقام طلبه الماثل في 28/7/1999 فإنه يكون قد أقيم خلال المواعيد المقررة، وإذ استوفى الطلب جميع أوضاعه الشكلية فيكون مقبولا شكلا.
– وحيث إنه عن الموضوع فإن المادة (41) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية تنص على أن: “تكون الترقية إلى وظائف الإدارة العليا بالاختيار… وتكون الترقية إلى الدرجة الأولى بنسبة 100% بالاختيار… وفي جميع الأحوال يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية، ويشترط للترقية بالاختيار في غير وظائف الإدارة العليا أن يكون العامل حاصلا على تقدير كفاية بدرجة ممتاز في العامين الأخيرين…”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع وضع ضوابط لترقية العاملين بالهيئة سواء في الترقية إلى وظائف الإدارة العليا أو ما دونها من وظائف، وقرر أن تكون الترقية إلى الدرجة الأولى بنسبة 100% بالاختيار، على أن يبدأ بالجزء المخصص للأقدمية متى تساوت مراتب الكفاية، واشترط للترقية ضرورة حصول العامل على تقدير كفاية بمرتبة ممتاز عن العامين الأخيرين.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن الهيئة المدعى عليها أصدرت القرارين رقمي 52 و175 لسنة 1998 بترقية بعض العاملين بها إلى الدرجة الأولى المستوفين لشروط الترقية لهذه الدرجة، ولم تدرج المدعي بين هؤلاء المرقين نظرا إلى حصوله على تقرير كفاية بمرتبة جيد جدا عن عام 1997 (العام السابق على الترقية مباشرة)، إذ إنه لم يكن مستوفيا لشروط الترقية لهذه الدرجة طبقا للمادة (41) من اللائحة المشار إليها، والتي اشترطت حصول العامل على تقدير كفاية بمرتبة ممتاز عن العامين الأخيرين، ومن ثم فإن القرارين المطعون عليهما يكونان قد صدرا متفقين وصحيح حكم القانون، ويضحى طلب إلغائهما غير قائم على سند صحيح من القانون، ويتعين الحكم برفضه، وانتهى الحكم إلى منطوقه المبين سالفا.
……………………………..
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ ذلك أن الطاعن قد أقام دعواه في الميعاد المقرر لها بوصف أن الجهة الإدارية لم تقم بالرد على تظلمه إلا بعد مضي أكثر من عام على تقديمه، وقد أقام دعواه طعنا على هذا القرار في الميعاد المقرر له ويكون طعنه على تقرير كفايته قد أقيم في الميعاد المقرر، وبخصوص تخطيه في الترقية فإن تقرير كفايته قد تم خفضه إلى جيد جدا؛ لأنه قد وقع عليه جزاء تأديبي بخصم سبعة أيام من راتبه، إلا أن هذا الجزاء قد تم إلغاؤه من المحكمة التأديبية، ومن ثم فهو يستحق الحصول على تقدير ممتاز، وفي هذه الحالة، ولأنه أقدم من المرقين بالقرارين المطعون عليهما، فإنه يستحق الترقية بدلا منهما، وانتهى إلى طلباته المبينة سالفا.
……………………………..
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر منذ أمد بعيد على أن التظلم من تقرير الكفاية من شأنه أن يجعل القرار الصادر في خصوص التقرير غير نهائي إلا بالرد على التظلم، ولا تقبل الدعوى طعنا على هذا التقرير إلا بعد البت في التظلم، ورغم هذا إلا أن هناك اتجاها آخر اعتنقته بعض الأحكام الصادرة عن دوائر هذه المحكمة ذهب إلى أنه في مجال الإجراءات القضائية أمام محاكم مجلس الدولة يتعين الالتزام بتطبيق أحكام قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972؛ بحسبان أنه القانون الخاص المنظم لتلك الإجراءات الواجب اتباعها، ومن ثم جعلت القرار الصادر بالبت في التظلم نهائيا بفوات ستين يوما على تقديم التظلم دون البت فيه، ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة شكلا إذا ما أقيمت بعد المواعيد المقررة، وهو ما سار عليه الحكم الطعين.
وحيث إنه ولئن كان ما تقدم، بيد أنه نزولا على اعتبارات العدالة التي تسمو على استقرار الأحكام فإن الأثر المترتب على هذه الأحكام الأخيرة لا يجوز أن يسري إلا من تاريخ علم صاحب الشأن بها؛ لكونها خروجا على استقرار شبه دائم على المبدأ المشار إليه.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تقدم بتظلم من تقرير كفايته الطعين في 16/6/1998، ولم تقم الجهة الإدارية بالرد عليه إلا في 18/7/1999 برفض تظلمه، فأقام دعواه طعنا على ذلك في 28/7/1999، فإنها تكون قد أقيمت في المواعيد المقررة، حيث لم يتيسر علمه بالأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا معتنقة مبدأً جديدا يغاير ما كانت تسير عليه من قبل، في تاريخ سابق على إقامته لدعواه، ومن ثم يضحى الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى عدم قبول الدعوى مخالفا للقانون متعين الإلغاء.
وحيث إنه وعن صحة هذا التقرير فالثابت بالاطلاع عليه أن التقرير المطعون فيه قد صدر عن الرئيس المباشر بتقدير جيد جدا، وسار في مراحله بهذا التقدير، ولم تتم الإشارة فيه من قريب أو بعيد إلى أن سبب التقدير يرجع إلى توقيع جزاء تأديبي عليه، وإنما يدخل تقييم الطاعن في السلطة التقديرية للإدارة، والتي لم يدلل الطاعن على وجود انحراف في استعمالها، وعليه فإن تقدير الكفاية يكون صحيحا مطابقا للقانون، ويكون الطعن عليه جديرا بالرفض.
وحيث إنه وعن تخطيه في الترقية بالقرارين المطعون عليهما أصليا واحتياطيا فإن المحكمة تؤيد الحكم الطعين فيما انتهى إليه من رفض الدعوى بالنسبة لهما للأسباب الواردة به والتي تعتبرها هذه المحكمة أسبابا لها، ومن ثم يتعين تعديل الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الطعن على القرار الأول، والقضاء برفض الطعن عليه.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات عن الدرجتين.
([1]) راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 4590 لسنة 49 القضائية عليا بجلسة 25/11/2006 (منشور بمجموعة السنة الثانية والخمسين- مكتب فني، المبدأ رقم 13 ص 81) حيث ذهبت المحكمة إلى أن النص في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة على عدم نهائية تقرير الكفاية إلا بعد انقضاء ميعاد التظلم منه أو البت فيه، مُخصَّص بما نص عليه قانون مجلس الدولة من اعتبار مضي ستين يوما على تقديم التظلم دون رد الإدارة عليه بمثابة رفض له، ومن ثم يتعين إعمال قرينة الرفض الضمني حال عدم الرد على التظلم خلال ستين يوما، وإقامة الدعوى طعنا عليه في الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء.