جلسة 23 من فبراير سنة 2012
دعوى البطلان الأصلية رقم 10149 لسنة 55 القضائية (عليا)
(الدائرة الثامنة)
– دعوى البطلان الأصلية- مناط قبولها- دعوى البطلان الأصلية لها طبيعة خاصة، فهي توجه إلى الأحكام الصادرة بصفة نهائية، وفي غير حالات البطلان المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، فهي طريق طعن استثنائي لا يتوسع فيه، يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جوهري جسيم يصيب كيان الحكم ويفقده صفته كحكم، كأن يصدر عن مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية للفصل في الطعن، أو أن يقترن الحكم بعيب يمثل إهدارا للعدالة- إذا قامت دعوى البطلان الأصلية على أسباب موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله، فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدارا للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته، ومن ثم لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام، وهو مناط قبول تلك الدعوى.
– الطعن في الأحكام- الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- دائرة فحص الطعون- تشكل هذه الدائرة من ثلاثة من مستشاري المحكمة، ولا تعد درجة من درجات التقاضي– المنازعة المطروحة أمام المحكمة الإدارية العليا تمر بمرحلتين: تبدأ أمام دائرة فحص الطعون، فإذا تبين لها أن الطعن غير مقبول شكلا، أو أنه باطل، أو غير جدير بالعرض على دائرة الموضوع، فإنها تحكم بإجماع الآراء برفض الطعن، ويعد حكمها في هذه الحالة منهيا للمنازعة- إذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن مرجح القبول، أو أن الفصل فيه يتطلب تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة الإدارية العليا تقريره، فإنها تحيله إلى دائرة الموضوع المشكلة من خمسة من مستشاري المحكمة– هذا القرار لا ينهي النزاع، بل ينقله برمته تلقائيا إلى دائرة الموضوع لتبسط رقابتها على المنازعة برمتها، بما في ذلك التعرض لشكل الطعن- إذا شاب أي من الإجراءات التي تمت أمام دائرة فحص الطعون عيب أمكن تصحيحه أمام دائرة الموضوع، فإذا زال العيب استمرت المحكمة في نظر الطعن إلى أن يتم الفصل في المنازعة بحكم يصدر عنها.
– المواد (44) و(46) و(47) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
– دعوى البطلان الأصلية- ما لا يعد من حالاتها- إذا قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع، فتعرضت الأخيرة لشكل الطعن، فإنه ليس من شأن هذا تحقق مناط دعوى البطلان الأصلية؛ بحسبان أن قرار دائرة فحص الطعون بإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لا ينهي النزاع، بل ينقله إلى تلك الدائرة لتبسط رقابتها على المنازعة برمتها.
في يوم الأحد الموافق 22/2/2009 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثامنة) بجلسة 22/1/2009 في الطعن رقم 2494 لسنة 49ق.ع، الذي قضى في منطوقه بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، مع إلزام المحامي رافع الطعن مصروفاته.
وطلب الطاعنون -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بطلباتهم الواردة بصحيفة الطعن.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات.
وتدوول نظر الدعوى أمام دائرة فحص الطعون التي أمرت بإحالتها إلى هذه المحكمة، حيث تدوول نظرها أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 22/12/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية فهي مقبولة شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 9/5/2000 أقام الطاعنون وآخرون ابتداء الدعوى رقم 7860 لسنة 54ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السابعة)، طالبين الحكم بأحقيتهم في صرف بدل ظروف ومخاطر الوظيفة بنسبة 50% من الأجر الأساسي ومقابل وجبة غذائية بواقع خمسة عشر جنيها شهريا طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 711 لسنة 1986، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وذلك على سند من أنهم من العاملين بمديرية الشئون الصحية بالبحيرة على وفق أحكام القانون رقم 26 لسنة 1983 بشأن العاملين بالمجاري والصرف الصحي (المعدل بالقانون رقم 16 لسنة 1985)، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 711 لسنة 1986، ومن ثم يستحقون صرف بدل ظروف ومخاطر الوظيفة بنسبة 50% من الأجر الأساسي المقرر لوظيفة كل منهم ومقابل نقدي عن وجبة غذائية بواقع خمسة عشر جنيها شهريا، اعتبارا من تاريخ العمل بالقرار المشار إليه.
……………………………..
وبجلسة 28/10/2002 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها في الدعوى المشار إليها بعدم قبولها لجماعيتها، وشيدت قضاءها على أساس أن المدعين يشغلون وظائف مختلفة على نحو يؤدى إلى اختلاف مراكزهم القانونية، وهو ما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى لجماعيتها.
– وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين فقد أقاموا طعنهم رقم 2494 لسنة 49ق.ع أمام هذه المحكمة، ناعين عليه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، تأسيسا على أن أحكام مجلس الدولة قد تواترت على قبول دعاوى متعددين في الدعوى الواحدة، مادامت الدعوى موجهة ضد قرار إداري واحد تربطهم به رابطة واحدة، وهو ما يتفق في الطاعنين.
……………………………..
وبجلسة 22/1/2009 أصدرت هذه المحكمة (المحكمة الإدارية العليا) حكمها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، وشيدت قضاءها -بعد استعراض نص المادة (44) من قانون مجلس الدولة– على أن الثابت من الأوراق أن التقرير بالطعن أودع من الأستاذ/… المحامي دون أن يرافقه ما يفيد وجود وكالة له من قبل الطاعنين تسمح له بالتقرير بالطعن، وقد تعهد في محضر الإيداع بتقديم سند وكالته خلال أربع وعشرين ساعة، إلا أنه لم يتقدم بسند وكالته على النحو الذي تعهد به في محضر الإيداع، ومن ثم فإن الطعن الماثل يغدو غير مقبول؛ للتقرير به من غير ذي صفة، بما يتعين معه القضاء بعدم قبوله.
ولا يغير من ذلك صدور وكالة لاحقة من الطاعنين؛ ذلك أن هذه الوكالة صادرة أولا لمصلحة محامٍ آخر هو الأستاذ/…، وهو غير المحامي الذي أودع التقرير، وفضلا عن ذلك فإن التوكيلات الصادرة لمصلحة الأستاذ المذكور صدرت بعد انقضاء ميعاد الطعن، ومن ثم فإن صدور هذه التوكيلات ليست من شأنها تصحيح العيب الذي لازم إيداع تقرير الطعن.
– وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين فقد أقاموا دعوى البطلان الماثلة ناعين عليه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وذلك تأسيسا على أن الطعن رقم 2494 لسنة 49 ق. ع قد رفع من ذوي الشأن بموجب توكيلات صادرة في تواريخ سابقة على تاريخ تقديم الطعن لسكرتارية المحكمة، ومن ثم فإن الحكم المطعون عليه بدعوى البطلان الماثلة يكون قد وقع في خطأ جسيم مما يصم الحكم بالبطلان، إضافة إلى أن دائرة فحص الطعون قد سبق لها أن أحالت الطعن إلى دائرة الموضوع بعد أن ارتأت أن الطعن مرجح القبول، ومن ثم ما كان على دائرة الموضوع ألا تتعرض لشكل الطعن.
……………………………..
وحيث إنه يجدر التنويه بادئ ذي بدء إلى أنه لا يجوز الطعن في أحكام المحكمة الإدارية العليا بأي طريق من طرق الطعن إلا إذا انتفت عنها صفة الأحكام القضائية، كَأَنْ يصدر الحكم عن مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية للفصل في الدعوى، أو أن يقترن الحكم بعيب يمثل إهدارا للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته وتقوم به دعوى البطلان الأصلية.
وحيث إن الطعن الماثل ينصب على طلب الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثامنة) الصادر في الطعن رقم 2494 لسنة 49 ق. ع المقام من الطاعنين على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة السابعة) بجلسة 28/10/2002 في الطعن رقم 7860 لسنة 54ق.ع.
وحيث إن من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنها تختص بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر عنها إذا ما شابه عيب جسيم –على نحو ما تقدم– يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية، وكان البين من الأسباب التي أقام عليها الطاعنون دعوى البطلان الماثلة والمشار إليها آنفا أنها تتعلق بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتهدف إلى إعادة مناقشة ما قام عليه قضاء الحكم المطعون فيه، وهو ما لا تتوفر معه شرائط دعوى البطلان الأصلية، إذ ليس فيما ذكره الطاعنون ما يجرد الحكم من أركانه الأساسية ويفقده وظيفته كحكم، أو ما يمثل إهدارا للعدالة وينحدر بالحكم إلى درجة الانعدام، ومن ثم لا يكون هناك وجه للطعن بالبطلان بدعوى البطلان الأصلية على الحكم المشار إليه ويتعين الحكم برفض الدعوى الماثلة.
ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعنون بتقرير الطعن الماثل من أنه وقد سبق لدائرة فحص الطعون أن أحالت الطعن الصادر فيه الحكم المطعون فيه إلى دائرة الموضوع، ومن ثم ما كان يجب على الأخيرة أن تتعرض لشكل الطعن؛ لأن ذلك مردود بأن البين من جماع نصوص المواد (44) و(46) و(47) من قانون مجلس الدولة أن المنازعة المطروحة أمام المحكمة الإدارية العليا تبدأ بطعن يقدم من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتابها وتنتهي بصدور حكم عن هذه المحكمة، إما عن دائرة فحص الطعون المشكلة من ثلاثة من مستشاري المحكمة الإدارية العليا، وإما عن إحدى دوائر المحكمة المشكلة من خمسة من مستشاريها، وسواء صدر الحكم عن هذه الدائرة أو عن تلك فإن حكمها في كل من الحالتين يعد صادرا عن المحكمة الإدارية العليا، فإذا رأت دائرة فحص الطعون بإجماع الآراء أن الطعن غير مقبول شكلا، أو أنه باطل، أو غير جدير بالعرض حكمت برفضه، ويعد حكمها في هذه الحالة منهيا للمنازعة أمام المحكمة الإدارية العليا.
أما إذا رأت أن الطعن مرجح القبول، أو أن الفصل فيه يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره، فإنها تصدر قرارا بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، وقرارها في هذه الحالة لا ينهي النزاع، بل ينقله تلقائيا برمته إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المشكلة من خمسة من مستشاريها لتواصل نظر المنازعة التي بدأت مرحلتها الأولى أمام دائرة فحص الطعون، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الدائرة الخماسية لتستمر في نظرها إلى أن تنتهي بحكم يصدر فيها، وإذا كانت المنازعة لا تنتهي بالقرار الصادر عن دائرة فحص الطعون بالإحالة، بل تستمر أمام الدائرة الأخرى التي أحيلت إليها، فإن إجراءات نظر المنازعة في مرحلتيها تعد متصلة ومتكاملة في درجة واحدة من درجات التقاضي.
(الطعن رقم 737 لسنة 24 ق. ع بجلسة 26/12/1982)
وحيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن القرار الصادر عن دائرة فحص الطعون بإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لا يمنع هذه الأخيرة من بسط رقابتها على المنازعة برمتها، بما في ذلك التعرض لشكل الطعن؛ وذلك بحسبان أن ما يصدر عن دائرة فحص الطعون في هذه الحالة لا يعدو أن يكون قرارا غير منهٍ للنزاع، بل ينقله تلقائيا برمته إلى دائرة الموضوع لتواصل نظر المنازعة التي بدأت مرحلتها الأولى أمام دائرة فحص الطعون، وكذلك –وعلى نحو ما استقرت عليه هذه المحكمة- فإذا كانت المنازعة لا تنتهي بالقرار الصادر عن دائرة فحص الطعون بالإحالة، بل تستمر أمام الدائرة الأخرى التي أحيلت إليها، فإن إجراءات المنازعة في مرحلتيها –كما سلف البيان- تعد متصلة ومتكاملة، بحيث إذا شاب أي إجراء من الإجراءات التي تمت فيها عيب أمام دائرة فحص الطعون أمكن تصحيحه أمام الدائرة الأخرى، بل إن هذه مهمتها، فإذا مازال العيب استمرت المحكمة في نظر الطعن إلى أن يتم الفصل في المنازعة بحكم يصدر عن المحكمة المذكورة.
(الطعن رقم 348 لسنة 9ق بجلسة 3/11/1968)
وحيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول دعوى البطلان الأصلية شكلا، ورفضها موضوعا، وألزمت الطاعنين المصروفات.