جلسة 30 من مايو سنة 2012
الطعن رقم 11500 لسنة 51 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– نقل الانتفاع بها- الأصل المقرر أن نقل الانتفاع بالمال العام بين أشخاص القانون العام يتم بنقل الإشراف الإداري فقط دون مقابل.
– الترخيص في الإعلان على جانبيها، وإزالته- الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى من المرافق ذات الطبيعة الخاصة، ويخضع لإدارة وإشراف الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري، لا وحدات الإدارة المحلية بالمحافظات- يَبطل قرار محافظة الجيزة بإزالة إعلان مرخص فيه من الهيئة المذكورة على الطريق الدائري، ولو كان هناك اتفاق على ذلك؛ إذ إنه لا يجوز قانونا النزول أو التفويض في الاختصاص المخول لجهة إدارية معينة إلى جهة إدارية أخرى إلا إذا وجد نص صريح يسمح بذلك([1]).
– المواد أرقام (1) و(10) و(11) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة، معدلا بموجب القانون رقم 229 لسنة 1996.
– المادة رقم (2) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979.
– المادتان رقما (1) و(3) من قرار رئيس الجمهورية رقم 379 لسنة 1998 بشأن الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى.
– قرارات وزير النقل أرقام 263 لسنة 1998، و411 لسنة 2003، و412 لسنة 2003، و194 لسنة 2004.
– لا يجوز قانونا النزول أو التفويض في الاختصاص المخول لجهة إدارية معينة إلى جهة إدارية أخرى إلا إذا وجد نص صريح يسمح بذلك- تطبيق: لا يجوز للهيئة العامة للطرق والكباري أن تبرم اتفاقا مع المحافظات تنقل بموجبه اختصاصها بالتعامل على الطرق الداخلة تحت ولاية الهيئة فيما يخص عقود الامتياز للإعلانات على جانبي الطريق، مادام لا يوجد نص صريح يسمح ذلك.
في يوم السبت الموافق 23/4/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 11500 لسنة 51ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) بجلسة 22/2/2005 في الدعوى رقم 32060 لسنة 58ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعنون -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى محكمة الموضوع لتقضي فيه بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 6/7/2010، وقد تدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18/4/2012، وقد مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/5/2012، وفيها مد أجل النطق به إداريا لجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده بصفته سبق أن أقام الدعوى رقم 32060 لسنة 58ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 26/8/2004 طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإزالة الصادر عن اللجنة العليا للإعلانات بمحافظة الجيزة بتاريخ 4/8/2004، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحا للدعوى: إن القرار المطعون فيه صدر متضمنا إزالة الإعلان الخاص بالشركة المقام بأرض خلاطة عثمان منزل كوبري المنيب بالطريق الدائري، وقد صدر هذا القرار على سند من عدم حصوله على ترخيص في ذلك من حي جنوب الجيزة، باعتبار أن الطريق داخل في اختصاصه، وأن مدينة الجيزة تسلمت الطريق من جهاز تعمير القاهرة بمحضر رسمي، رغم أن الطريق خاضع لإشراف الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري بقرار رئيس الجمهورية رقم 379 لسنة 1998 وتم الحصول على الترخيص من الهيئة المختصة.
وبجلسة 22/2/2005 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها -بعد أن استعرضت نص المادتين (2) و(8) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 في شأن الطرق العامة، والمادة رقم (2) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979- على أنه بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 379 لسنة 1998 باعتبار الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى من المرافق ذات الطبيعة الخاصة، وتتولى الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري إدارته والإشراف عليه وإصلاحه واستكماله، وتتحمل الخزانة العامة للدولة جميع تكاليف الأعمال الصناعية اللازمة لاستكماله وصيانته والحفاظ عليه، فإن هذه الهيئة تكون هي المختصة بمنح تراخيص ووضع لافتات على هذا الطريق على النحو المبين في المادة (8) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 المشار إليه، ولا يكون للمحليات الحق في منح هذه التراخيص، وأنه لما كان الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر استنادا إلى أن الطريق محل الإعلان خاضع لإشراف مدينة الجيزة، فإنه يكون قد صدر -بحسب الظاهر من الأوراق- مخالفا للقانون، وهو ما يتوفر معه ركن الجدية، وأن ركن الاستعجال متوفر أيضا لما يترتب على إزالة الإعلان الخاص بالمدعى من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في حرمان الشركة من مصدر رزقها ودخلها الذي تقوم عليه وهو الإعلانات، وانتهت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
…………………………………………
وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن الإعلان محل النزاع مقام على أرض الدولة وليس على حرم الطريق الدائري، وأن هذه الأرض (أرض خلاطة عثمان) مجاورة لجسم الطريق، بما ينعقد الاختصاص معه للإدارة المحلية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن مضمون الإشراف المقرر في قرار رئيس الجمهورية بشأن الطريق الدائري هو صيانة جسم الطريق وتكملة إنشاءاته فقط، آية ذلك أن القرار المذكور جعل ميزانية الصيانة من خزانة الدولة وليس من موارد الإعلانات، وهو ما يعنى أن الإعلانات لا تدخل في مضمون الإشراف على الطريق.
…………………………………………
وحيث إن المادة رقم (1) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 في شأن الطرق العامة، معدلا بالقانون رقم 229 لسنة 1996 تنص على أن: “تنقسم الطرق العامة إلى الأنواع الآتية:
أ- طرق حرة. ب- طرق سريعة. جـ- طرق رئيسية. د- طرق محلية.
وتنشأ الطرق الحرة والسريعة والرئيسية وتعدل وتحدد أنواعها بقرار من وزير النقل وتشرف عليها الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البرى، أما الطرق المحلية فتشرف عليها وحدات الإدارة المحلية”.
وتنص المادة (10) من هذا القانون (الواردة بالباب الثالث منه والمعَنوَن بالقيود المفروضة على الأراضي الواقعة على جانب الطرق العامة) على أن: “تعتبر ملكية الأراضي الواقعة على جانب الطرق العامة لمسافة خمسين مترا بالنسبة للطرق السريعة، وخمسة وعشرين مترا بالنسبة للطرق الرئيسية، وعشرة أمتار بالنسبة إلى الطرق المحلية، وذلك خارج الأورنيك النهائي المحدد بحدائد المساحة طبقا لخرائط نزع الملكية المعتمدة لكل طريق، محملة لخدمة أغراض هذا القانون بالأعباء الآتية: …”.
وتنص المادة رقم (11) منه على أنه: “يجوز للجهة المشرفة على الطريق الترخيص في إقامة لافتات أو إعلانات على جانبيه، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات الترخيص وشروطه والجعل المستحق”.
وتنص المادة رقم (2) من قانون نظام الإدارة المحلية (الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979) على أن: “تتولى وحدات الإدارة المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها، وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية…”.
وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 379 لسنة 1998 تنص على أن: “يعتبر الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى من المرافق ذات الطبيعة الخاصة، وتتولى الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري إدارته واستكماله وإصلاحه والإشراف عليه، وتتحمل الخزانة العامة جميع تكاليف الأعمال الصناعية اللازمة لاستكمال هذا الطريق وصيانته والحفاظ عليه”.
وتنص المادة الثالثة منه على أن: “ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية وعلى الجهات المختصة تنفيذه”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى أصبح بموجب أحكام القرار الجمهوري رقم 379 لسنة 1998 من المرافق ذات الطبيعة الخاصة، وأن الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري هي الجهة المختصة بإدارته واستكماله وإصلاحه والإشراف عليه، وأنه فيما عدا ذلك يخضع للأحكام العامة الواردة بالقرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 المشار إليه.
وحيث إن وزير النقل والمواصلات أصدر القرار رقم 263 لسنة 1998 ونص في مادته الأولى على أنه في تطبيق أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 379 لسنة 1998 المشار إليه تعتبر ملكية الأراضي الواقعة على جانبي الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى لمسافة خمسين مترا خارج الأورنيك النهائي المحدد طبقا للخرائط المساحية المعتمدة محملة لخدمة الطريق، ولا يجوز استغلال هذه الأراضي في غير الزراعة، بما مفاده اعتبار هذا الطريق من الطرق السريعة طبقا لأحكام المادة (10) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 المشار إليه، إلا أنه صدر بعد ذلك قرار وزير النقل رقم 411 لسنة 2003 ونص في مادته الأولى على إلغاء القرار رقم 263 لسنة 1998 بفرض قيود على الأراضي الواقعة على جانبي الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى، ثم صدر قرار وزير النقل رقم 412 لسنة 2003 ونص في مادته الأولى على اعتبار الطريق المذكور من الطرق السريعة، وأخيرا صدر قرار وزير النقل رقم 194 لسنة 2004 في 5/6/2004 ونص في مادته الأولى على أن يلغى قرار وزير النقل رقم 412 الصادر في 1/9/2003 باعتبار الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى من الطرق السريعة.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه الصادر عن اللجنة العليا للإعلانات بمحافظة الجيزة بتاريخ 4/8/2004 وتضمن إزالة الإعلان الخاص بالشركة المطعون ضدها، الكائن بأرض خلاطة عثمان منزل كوبري المنيب بالطريق الدائري.
وحيث إن الثابت من الأوراق المقدمة من الجهة الإدارية والرسم الكروكي المقدم منها أن الإعلان محل المنازعة يقع على بُعدِ عشرة أمتار من شارة الأسفلت من قاعدة العامود، وعلى بُعدِ خمسة أمتار من حافة الإعلان حتى شارة الأسفلت، ولما كان الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى يخضع لإدارة وإشراف الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري طبقا للقرار الجمهوري رقم 379 لسنة 1998، فإن الهيئة المذكورة تكون هي الجهة المختصة بالترخيص بالإعلان محل المنازعة، وأيا كان نوع هذا الطريق الدائري (سريعا أو رئيسا أو محليا) مادام أنه يقع داخل حدود العشرة أمتار الواقعة على جانبي الطريق، وهي أقل المسافات المحملة بالقيود على جانبي الطرق العامة والمخصصة للطرق المحلية على وفق أحكام المادة رقم (10) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة.
ولما كان الإعلان محل المنازعة صادر به ترخيص عن الهيئة العامة للطرق والكباري، وتم تجديده لمدة عام من 30/6/2004 حتى 30/6/2005، ومن ثم فإن قرار الإزالة المطعون فيه الصادر عن اللجنة العليا للإعلان بمحافظة الجيزة بتاريخ 4/8/2004 يكون صادرا عن جهة غير مختصة وعلى غير أسباب تبرره وتنتجه قانونا، مما يجعله مخالفا للقانون، ومن المرجح القضاء بإلغائه عند الفصل في موضوع الدعوى، وهو ما يتوفر معه ركن الجدية، كما أن ركن الاستعجال متوفر أيضا؛ بحسبان أن استمرار القرار المطعون فيه يترتب عليه حرمان الشركة المطعون ضدها من مصدر دخلها الذي يقوم عليه نشاطها وهو الإعلانات، ولا يجدي الجهة الإدارية ما أثارته من أن الإعلان مقام على أملاك الدولة، إذ لم تقدم ما يثبت ذلك، فضلا عن أنه على فرض ثبوته لا يخول محافظة الجيزة أي اختصاص في الترخيص بالإعلان، علاوة على أن المقرر أن نقل الانتفاع بالمال العام بين أشخاص القانون العام يتم بنقل الإشراف الإداري فقط دون مقابل.
كما لا ينال مما تقدم ما أثارته الجهة الإدارية الطاعنة من وجود اتفاق مبرم بين محافظة الجيزة والهيئة العامة للطرق والكباري في 31/8/2004، تضمن اختصاص محافظة الجيزة وحدها دون غيرها بالتعامل على الطريق الدائري الأول الداخل في حدود نطاق محافظة الجيزة، بدءا من كوبري المنيب جنوبا حتى كوبري الوراق غربا، فيما يخص عقود الامتياز للإعلانات على جانبي الطريق في ضوء ما تقوم به من أعمال الإنارة وصيانتها وصيانة الفواصل المعدنية للكباري، وذلك اعتبارا من تاريخ التوقيع على هذا الاتفاق؛ وذلك لأن هذا الاتفاق غير جائز، إذ لا يجوز قانونا النزول أو التفويض في الاختصاص المخول لجهة إدارية معينة إلى جهة إدارية أخرى إلا إذا وجد نص صريح على ذلك، وقد خلا القرار الجمهوري رقم 379 لسنة 1998 المشار إليه من أية إشارة إلى ذلك، فضلا عن أن هذا الاتفاق تم في تاريخ تالٍ لصدور القرار المطعون فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بوجهة النظر هذه، فإنه يكون قد صادف صحيح أحكام القانون، وهو ما تقضي معه المحكمة برفض الطعن المعروض وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملا بأحكام المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
[1])) راجع: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2874 لسنة 48ق.ع بجلسة 17/1/2007، (منشور بمجموعة السنة 52 مكتب فني، المبدأ رقم 43 ص294) في شأن اختصاص الوحدات المحلية بإزالة التعدي على الطرق الإقليمية (المحلية).