جلسـة 1 من يوليو سنة 2012
الطعـن رقـم 19004 لسنـة 55 القضائية (عليـا)
(الدائرة السابعة)
– شئون الضباط– إنهاء الخدمة بالاستقالة الصريحة- الاستقالة تعد سببا مستقلا بذاته لإنهاء الخدمة، ويتعين أن تكون صريحة ومكتوبة، وتقوم على الإرادة الصريحة للضابط في الاستقالة من الخدمة بهيئة الشرطة، وفي الوقت الذي يريده- لا تتمتع الجهة الإدارية بأية سلطة تقديرية في قبولها أو عدم قبولها.
– شئون الضباط– إعادة التعيين– تجوز إعادة تعيين الضابط الذي استقال من الخدمة، أو الذي نقل من هيئة الشرطة- يجب عرض طلب إعادة التعيين على المجلس الأعلى للشرطة قبل قيام جهة الإدارة بإصدار قرارها.
– شئون الضباط– إعادة التعيين– لا يجوز لمن أنهيت خدمته للإحالة إلى المعاش أن يطلب إعادة تعيينه بقالة إنه كان قد أبدى رغبته في عدم الاستمرار في الخدمة، وهو ما يعد في حكم الاستقالة؛ ذلك أن استطلاع رأي الضباط قبل قيام الجهة الإدارية بممارسة سلطتها المخولة لها قانونا بالمد لهم في الخدمة، أو إنهاء خدمتهم بالإحالة للمعاش، هو إجراء لا يقيد الجهة الإدارية عند اتخاذ قرارها، فتظل متمسكة بسلطتها التقديرية المخولة لها في هذا الخصوص دون التزام بالرغبة التي أبداها الضابط– هناك فرق بين إبداء الرغبة على هذا النحو والاستقالة كسبب مستقل بذاته لإنهاء الخدمة.
– المواد رقم (11) و(19) و(71) من قانون هيئة الشرطة، الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971، معدلا بالقانون رقم 20 لسنة 1998.
بتاريخ 11/5/2009 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة السابعة) بجلسة 22/3/2009 في الدعوى رقم 44676 لسنة 59 ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار السلبي المطعون فيه برفض إعادة تعيين الطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضده (بصفته) المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن خلصت فيه -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت المحكمة الطعن -بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون- على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم الحاضر عن الطاعن ثلاث حوافظ مستندات ومذكرات دفاع.
وبجلسة 12/2/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/5/2012 مع التصريح بمذكرات في أسبوعين، وقد انقضى هذا الأجل دون تقديم مذكرات، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 44676 لسنة 59ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 28/9/2005 طالبا الحكم بإلغاء قرار وزير الداخلية السلبي برفض إعادة تعيينه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر شرحا لدعواه أنه تخرج في كلية الشرطة عام 1981، وتدرج في المناصب حيث عمل ضابط مباحث بقسم شبين الكوم بالمنوفية عام 1983، ثم رئيسا لمباحث إيتاي البارود بمديرية أمن البحيرة، ثم رئيسا لمباحث شرطة الخانكة بالقليوبية، ثم أعير إلى هيئة الطاقة من عام 1992 حتى 1995، ثم عمل بقسم سيدي براني، ثم عمل بأقسام مديرية أمن القاهرة المختلفة، وكانت جميع تقاريره السرية ممتازة خلال عمله بالجهات المختلفة بالوزارة، وأنه في غضون مايو سنة 2004 أبدى رغبته في التقرير الخاص بالتقييم للضباط عن نفسه بعدم الاستمرار في الخدمة، مما ترتب عليه أن استجابت الوزارة لرغبته بإحالته للمعاش (رغبة) اعتبارا من 1/8/2004؛ وذلك كنتيجة لحالة نفسية انتابته نتيجة الإحباط الذي أصابه بالرغم من ماضيه المشرف بجهاز الشرطة، ولما هدأت نفسه ورغب في العودة للخدمة بجهاز الشرطة تأكيدا للانتماء والإصرار على مواصلة الخدمة به على وفق المادة رقم 11 من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة تقدم بطلب في 18/7/2005 أي قبل مرور عام على خروجه، وبتاريخ 26/7/2005 أنذر المدعي الوزارة بإنذار رسمي على يد محضر برغبته في العودة للعمل، غير أن الجهة الإدارية لم ترد عليه، مما حداه على التقدم بطلب إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات برقم 28370 لسنة 2005 ثم أقام دعواه الماثلة بطلباته المبينة سالفا.
………………………………………
وبجلسة 22/3/2009 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها -بعد أن استعرضت حكم المادة رقم (11) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971- على أسباب حاصلها أن مدى ملاءمة إعادة المدعي للخدمة تندرج ضمن السلطة التقديرية، وتتقيد بأمرين هما: التقارير السابقة، والمدة التي يجوز فيها استخدام هذه السلطة في ضوء ما تراه محققا للمصلحة العامة، وأنه لا تعقيب على جهة الإدارة مادام تقديرها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة، ومن ثم فإنه لا يجوز للمدعي المطالبة بإلزام الوزارة إعادته للخدمة بدعوى تطبيق نص المادة رقم (11) المشار إليه، مادام أن سلوك جهة الإدارة قد بَعُد في هذا الصدد عن الانحراف بالسلطة ولم يكن القصد هو تنكب المصلحة العامة، وهذا ما لم يثبت من الأوراق، كما أنه ليس للقضاء الإداري أن يحل نفسه محل جهة الإدارة فيما هو متروك لتقديرها فيتدخل في الموازنة والترجيح فيما قام لدى الإدارة من دلائل وبيانات بخصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب، ومن ثم يكون قرارها المطعون فيه قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويتعين بالتالي رفض الدعوى.
………………………………………
ولما كان القضاء السابق لم يصادف قبولا لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك لأسباب حاصلها:
(أولا) أن طلب إعادة التعيين المقدم من الطاعن لم يتم عرضه على المجلس الأعلى للشرطة على الرغم من وجوب عرض هذا الطلب عليه؛ بحسبان أن إعادة التعيين تأخذ حكم التعيين فيما يتعلق بكل ما يتصل به من أحكام وإجراءات، وهذا الإجراء يعد من الإجراءات الجوهرية اللازمة قبل صدور القرار في شأن طلب إعادة التعيين.
(ثانيا) أن قرار رفض إعادة تعيين الطاعن بوظيفته السابقة قد صدر مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة؛ لأن الجهة الإدارية المطعون ضدها قد أصدرت العديد من القرارات بإعادة تعيين بعض زملاء الطاعن على الرغم من مرور أكثر من عام على تقديم استقالتهم بالمخالفة لنص المادة رقم (11) من قانون هيئة الشرطة.
وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
………………………………………
وحيث إن المادة رقم (11) من قانون هيئة الشرطة تنص على أن: “الضابط الذي نقل من هيئة الشرطة أو استقال من الخدمة يجوز إعادة تعيينه بها إذا كان التقريران السنويان الأخيران المقدمان عنه في وظيفته السابقة بتقدير جيد على الأقل، ويشترط لإعادة تعيينه ألا يكون قد مضى على نقله أو استقالته مدة تزيد على سنة ميلادية، ويوضع في أقدميته السابقة”.
وتنص المادة رقم (19) من هذا القانون (المستبدلة بموجب نص المادة الأولى من القانون رقم 20 لسنة 1998) على أن: “تكون الخدمة في رتبة عقيد لمدة سنتين يجوز مدها لمدة مماثلة مرة واحدة أو أكثر حتى حلول الدور في الترقية إلى رتبة عميد…”.
وتنص المادة رقم (71) من ذلك القانون (المستبدلة فقرتها الثانية بنص المادة الأولى من القانون رقم 20 لسنة 1998) على أن: “تنتهي خدمة الضابط لأحد الأسباب التالية:
(1) بلوغ السن المقررة لترك الخدمة وهي ستون سنة ميلادية.
(2) إذا أمضى الضابط في رتبة عقيد سنتين من تاريخ الترقية إليها أو أمضى سنة واحدة في أي من رتبتي عميد أو لواء من تاريخ الترقية إليها، وذلك ما لم تمد خدمته أو تتم إحالته إلى المعاش طبقا لأحكام المادة 19 من هذا القانون… (3)… (4) الاستقالة…”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن خدمة الضابط تنتهي بأحد الأسباب المبينة بالمادة رقم (71) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971، ومن ضمن هذه الأسباب إنهاء خدمة الضابط بإحالته إلى المعاش إذا أمضى في رتبة (عقيد) سنتين من تاريخ الترقية إليها، أو أمضى سنة واحدة في أي من رتبتي (عميد) أو (لواء) من تاريخ الترقية إليها ما لم تمد خدمته، ومن ضمن هذه الأسباب أيضا الاستقالة الصريحة المقدمة من الضابط، وأن الضابط الذي استقال من الخدمة أو الذي نقل من هيئة الشرطة يجوز إعادة تعيينه بها طبقاً لحكم المادة رقم (11) من القانون المشار إليه، ومؤدى ذلك أن مناط تطبيق حكم هذه المادة هو تحقيق أي من الحالتين المشار إليهما (النقل أو الاستقالة)، أما في غير هاتين الحالتين فإن مناط تطبيق حكم هذه المادة يكون منتفيا، ومن ثم فلا يجوز تطبيقها.
وحيث إنه بالتطبيق مما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يشغل وظيفة ضابط شرطة برتبة عقيد، وأنهيت خدمته بالإحالة للمعاش في رتبة عقيد اعتبارا من 1/8/2004 بموجب القرار رقم 1034 لسنة 2004 الصادر بشأن الطاعن وآخرين طبقا لنص المادة رقم (19) والبند الثاني من المادة رقم (71) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه، وتقدم الطاعن بطلب إلى جهة الإدارة لإعادة تعيينه بوظيفته السابقة طبقا لنص المادة رقم (11) من القانون المشار إليه، إلا أن جهة الإدارة رفضت طلبه، ولما كان الثابت أن الطاعن قد أنهيت خدمته بالإحالة للمعاش برتبة (عقيد) ضمن الذين شملهم القرار رقم 1034 لسنة 2004 فمن ثم ينتفي بشأنه مناط تطبيق المادة رقم (11) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه التي تجيز إعادة التعيين في حالتي النقل أو الاستقالة فقط حسبما سلف بيانه، ومن ثم فإن رفض الجهة الإدارية لطلبه المشار إليه يكون متفقا وصحيح حكم القانون، وهو ما تكون معه دعواه غير قائمة على سند صحيح جديرة بالرفض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة- وإن كانت على أسباب أخرى- فإنه يكون فيما انتهى إليه قد صادف وجه الحق والصواب.
وحيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن من أن إنهاء خدمته كان بسبب استقالته من الخدمة لأنه أبدى رغبته بعدم الاستمرار في الخدمة قبل إنهاء خدمته، إذ إن ذلك مردود عليه بأن هناك فرقا بين إبداء الرغبة على هذا النحو والتي لا تعدو أن تكون استطلاعا لرأي ورغبات الضباط قبل قيام الجهة الإدارية بممارسة سلطتها المخولة لها قانونا بالمد لهم في الخدمة أو إنهاء خدمتهم بالإحالة للمعاش طبقا للبند رقم (2) من المادة رقم (71) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه، وبين الاستقالة المنصوص عليها في البند رقم (4) من هذه المادة كسبب مستقل بذاته لإنهاء الخدمة، وهذه الاستقالة يجب أن تكون صريحة ومكتوبة ولا تقوم على مبادرة من جهة الإدارة قبل قيامها بممارسة سلطتها في مد الخدمة أو إنهائها بالإحالة للمعاش، بل تقوم على الإرادة الصريحة للضابط في استقالته من الخدمة بهيئة الشرطة وفي الوقت الذي يريده، وبالإضافة إلى ذلك فإن إبداء الضابط لرغبته في عدم الاستمرار في الخدمة لا يقيد الجهة الإدارية عند إصدار قرارها بالمد أو إنهاء الخدمة بالإحالة إلى المعاش، بل تظل الجهة متمسكة بسلطتها التقديرية المخولة لها في هذا الخصوص دون التزام بالرغبة التي أبداها الضابط، ولا يحدها في ذلك سوى مراعاة مصلحة العمل واستهداف تحقيق المصلحة العامة، في حين أنه في حالة قيام الضابط بتقديم استقالته من الخدمة طبقا للبند رقم (4) من المادة رقم (71) المشار إليها فإن الجهة الإدارية ملزمة بقبول الاستقالة ولا تتمتع بأية سلطة تقديرية في قبولها أو عدم قبولها، وبناء على ما تقدم فإن إبداء الضابط لرغبته على النحو سالف البيان لا يعد استقالة من الخدمة طبقا للبند المذكور، ومن ثم فإن طلب إعادة تعيينه لا يسري في شأنه حكم المادة رقم (11) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه.
ولا وجه أيضا لما ورد بتقرير الطعن من عدم عرض طلب إعادة التعيين على المجلس الأعلى للشرطة، إذ إن ذلك مردود عليه بأن العرض على المجلس الأعلى للشرطة لا يثار إلا إذا كان الأمر متعلقا بطلب إعادة تعيين الضابط الذي استقال من الخدمة، أو نقل من هيئة الشرطة، وهو الأمر غير المتحقق في الحالة الماثلة للطاعن حسبما سلف بيانه.
وحيث إنه بالترتيب على ما تقدم فإن الطعن الماثل يكون غير قائم على سند صحيح، وهو ما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة رقم (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.