جلسـة 23 من سبتمبر سنة 2012
الطعـن رقـم 7856 لسنـة 53 القضائية )عليـا(
(الدائرة السابعة)
– اختصاصاتها- تتولى المرافعة، ومباشرة الدعاوى، والمنازعات التي تكون المؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها طرفا فيها أمام المحاكم- أجاز المشرع لمجلس إدارة الهيئة العامة إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون الهيئة طرفا فيها إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرتها بسبب أهميتها- يستوجب ذلك أن تكون الإحالة بناء على اقتراح الإدارة القانونية بالهيئة- هذا الإجراء جوهري يتعين استيفاؤه قبل قيام مجلس إدارة الهيئة بالإحالة إلى هيئة قضايا الدولة.
– المادتان رقما (1) و(6) من قانون هيئة قضايا الدولة، الصادر بالقانون رقم (75) لسنة 1963، معدلا بالقانون رقم (10) لسنة 1986.
– المادتان رقما (1) و(3) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بإصدار قانون الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها.
– المادة رقم (8) من قانون المحاماة، الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1983.
بتاريخ 7/3/2007 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الاداري في الدعويين رقمي 531 لسنة 59ق و17025 لسنة 59ق، القاضي بقبول الدعويين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- قبول الطعن شكلا ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، وبرفض الدعويين، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن خلصت فيه- للأسباب الواردة به- إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظرت المحكمة الطعن بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة 1/4/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات في أسبوعين، وقد انقضى هذا الأجل دون تقديم مذكرات، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 531 لسنة 59ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7/10/2004 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 38 لسنة 2004، وما تم من أعمال تمهيدية سابقة ولاحقة على صدوره، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكروا شرحا لدعواهم أنهم محامون بإدارة القضايا بالإدارة القانونية بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية (المدعى عليها الرابعة)، وبتاريخ 23/9/2004 صدر قرار رئيس هيئة قضايا الدولة المطعون فيه بأن يضاف إلى اختصاصات قسم الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية المنشأ بالقرار رقم 41 لسنة 2002 مباشرة قضايا الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والبحيرة، فيما عدا طعون المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض فتحال إلى الأقسام المختصة بهيئة قضايا الدولة لمباشرتها، ونعى المدعون على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون على سند من أنه صدر مشوبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم، إذ لا اختصاص لمصدره بأي شأن من شئون الهيئة المذكورة على وفق أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973، وما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا واضطرد في هذا الشأن على النحو الوارد تفصيلا بعريضة الدعوى التي اختتمها المدعون بطلب الحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان.
وبتاريخ 13/3/2005 أقام المدعون في الدعوى رقم 17025 لسنة 59ق هذه الدعوى بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 192 لسنة 2004 المعتمد من وزير الزراعة بتاريخ 15/1/2005 وما تلاه من إجراءات وقرارات تنفيذية مع إلزام جهة الإدارة المصروفات. وذكروا شرحا لأسانيد الدعوى أنه بتاريخ 27/12/2004 صدر محضر اجتماع وقرارات مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية رقم 192 لسنة 2004 المعتمد من وزير الزراعة في 15/1/2004، والذي تضمن الموافقة على قيام الهيئة بإحالة بعض القضايا المقامة منها أو ضدها أمام جميع المحاكم بالمحافظات المختلفة إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرتها حماية للمصلحة العامة والأموال العامة ملك الهيئة، مع استمرار الإدارة القانونية بالهيئة في مباشرة الدعاوى الأخرى، ويفوض مجلس إدارة الهيئة رئيس مجلس الإدارة في إحالة بعض القضايا المقامة من أو ضد الهيئة إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرتها في جميع محافظات الجمهورية نيابة عن الهيئة تحقيقا للمصلحة العامة، مع استمرار الإدارة القانونية بالهيئة في مباشرة الدعاوى الأخرى، مع إخطار مجلس إدارة الهيئة بالقضايا التي تتولى هيئة قضايا الدولة مباشرتها حاليا خلال الاجتماع القادم.
وتدوول نظر الدعويين أمام محكمة القضاء الإداري على النحو الثابت بمحاضر جلساتها.
…………………………………….
وبجلسة 30/1/2007 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه القاضي بقبول الدعويين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرارين المطعون فيهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها -بعد أن ردت على الدفوع المثارة في الدعويين، وبعد أن استعرضت المادتين رقمي (1) و(6) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 معدلا بالقانون رقم 10 لسنة 1986، والمادة رقم (3) من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، والمادتين رقمي(1) و(3) من هذا القانون، والمادة رقم (8) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983- على أن الثابت من الأوراق أن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية طلب من وزير الزراعة مخاطبة رئيس هيئة قضايا الدولة لإنشاء قسم لمباشرة قضايا وطعون الهيئة بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والبحيرة، وعليه طلب وزير الزراعة من رئاسة هيئة قضايا الدولة مباشرة القضايا والطعون الخاصة بالهيئة في المحافظات المذكورة، وبناء على ذلك صدر القرار المطعون فيه رقم 38 لسنة 2004 محل الدعوى رقم 531 لسنة 59ق دون مراعاة القيود والضوابط المنصوص عليها بالقانون رقم 47 لسنة 1973، والتي تتمثل في سابقة اقتراح الإدارة القانونية بالهيئة بإحالة بعض القضايا الهامة وموافقة مجلس الإدارة ثم صدور التفويض بذلك، مما يصم القرار المطعون فيه الصادر عن الهيئة بعيب مخالفة القانون مخالفة تجعل لا عاصم له من الإلغاء.
ولا يغير مما تقدم موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للثروة السمكية بجلسته رقم 192 بتاريخ 27/12/2004 والمعتمدة من وزير الزراعة بتاريخ 15/1/2005 على إحالة بعض القضايا التي تكون الهيئة طرفا فيها أمام المحاكم المختلفة إلى قضايا الدولة لمباشرتها، وكذا على تفويض رئيس مجلس الإدارة في تلك الإحالة، وذلك بهدف تدارك وتصحيح ما اعتور القرار رقم 38 لسنة 2004 المشار إليه من أخطاء حسبما سلف بيانه، فإن ذلك كله مردود عليه بأنه صدر عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تفويض يخول قضايا الدولة تمثيل الهيئة والحضور عنها في الدعاوى المرفوعة منها أو عليها أمام جميع المحاكم بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والبحيرة حاليا ومستقبلا، وعلى وفق كتاب رئيس مجلس الإدارة المؤرخ 7/9/2004 بإحالة الدعاوى والطعون المرفق بيان بها إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرتها، حيث قامت فعلا بمباشرة تلك الدعاوى والطعون حسبما رددته بمذكرات دفاعها.
بالإضافة إلى ما تقدم فقد صدر قرار مجلس إدارة الهيئة اللاحق بجلسته رقم 193 بتاريخ 15/5/2005 بعدم إحالة أية قضية لهيئة قضايا الدولة إلا بعد العرض على مجلس الإدارة وبيان مبررات ذلك، وقد خلت الأوراق مما يفيد سابقة اقتراح الإدارة القانونية بإحالة بعض القضايا المهمة إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرتها نيابة عن الهيئة، كل ذلك يكشف بجلاء أن القرار المطعون فيه رقم 192 لسنة 2004 لم يصحح فعلا أي أخطاء وقعت بالقرار رقم 38 لسنة 2004، ويكون من ثم مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء.
واستطردت المحكمة أنه مما تجدر الإشارة إليه أن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية قد تم إنشاؤها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 1983 وليس بقانون حسبما رددته هيئة قضايا الدولة بمذكرتها، ومن ثم فإنه في حالة قيام تعارض بين أحكامه وأحكام قانون الإدارات القانونية يجب العمل بأحكام القانون إعمالا لقاعدة تدرج القاعدة القانونية، ومن ثم لا يكون هناك محلٌ لإعمال قاعدة الخاص يقيد العام في هذه الحالة.
ومن ناحية أخرى فإن الكشف المتضمن عدد القضايا والطعون المقامة من وعلى الهيئة (المرفقة صورته طي الكتاب المؤرخ 7/9/2004 الموجه إلى رئيس المكتب الفني بقضايا الدولة) لا وزن له في مقام الاقتراح المنصوص عليه في المادة رقم (3) من قانون الإدارات القانونية، وبناء على ذلك فإن ما أثاره الحاضر عن الدولة في هذا الخصوص يكون غير قائم على سند سليم من القانون جديرا بالرفض، وترتيبا على ما تقدم جميعه يكون القراران المطعون فيهما غير قائمين على سند سليم من القانون، ويتعين من ثم الحكم بإلغائهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
…………………………………….
ولما كان القضاء السابق لم يصادف قبولا لدى الطاعنين بصفاتهم فقد أقاموا الطعن الماثل تأسيسا على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لأسباب حاصلها:
(أولا) أن هيئة قضايا الدولة هي التي تنوب قانونا عن الدولة بجميع أشخاصها الاعتبارية العامة ومنها الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، ويتفرع عن هذه النيابة القانونية نتيجة مهمة تتمثل في حق النائب (هيئة قضايا الدولة) ممثلا في رئيسه في تنظيم العمل الداخلي الخاص بتحقيق هذه النيابة، وبناء على ذلك فإن القرار رقم 38 لسنة 2004 الصادر عن رئيس هيئة قضايا الدولة بإنشاء قسم خاص لمباشرة قضايا الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والبحيرة يضاف لاختصاصات قسم الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية يكون صحيحا.
(ثانيا) أن القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية لا يخل بالنيابة القانونية لهيئة قضايا الدولة وفقا لنص المادة الثانية من مواد إصدار هذا القانون، كما أن ما جاء بنص المادة الثالثة من مواد إصداره بالنسبة لتسليم صحف الدعاوى والطعون في مقر الهيئات العامة لا ينال أيضا من نيابة هيئة قضايا الدولة عن الهيئات العامة، وبمراعاة أن الهيئة قامت بإفراد أقسام خاصة لهذه الهيئات مراعاة لتسليم صحف الدعاوى والطعون الخاصة بها في مقرها.
(ثالثا) أن اقتراح الإدارة القانونية بشأن إحالة بعض الدعاوى إلى هيئة قضايا الدولة والمنصوص عليه في المادة الثالثة من قانون الإدارات القانونية المشار إليه هو إجراء غير جوهري، ولا ينال من حق رئيس مجلس إدارة الهيئة في هذه الإحالة.
وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
…………………………………….
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قام على أسباب صحيحة مستخلصة استخلاصا سائغا من الأوراق وجاء متفقا وصحيح حكم القانون فمن ثم تؤيده المحكمة محمولا على أسبابه.
وحيث إنه لا محاجة لما تضمنه تقرير الطعن الماثل على النحو السالف بيانه؛ إذ إنه مردود عليه بأنه ولئن كانت هيئة قضايا الدولة تنوب عن الدولة بجميع شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا أمام المحاكم، إلا أنه بالنسبة للمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها فإن الإدارات القانونية فيها هي التي تتولى المرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات التي تكون طرفا فيها أمام المحاكم، وذلك طبقا لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، وأنه إذا كان هذا القانون قد أجاز لمجلس إدارة الهيئة العامة إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون الهيئة طرفا فيها إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرتها بسبب أهميتها، إلا أن ذلك يستلزم تنفيذ وتطبيق ما أورده المشرع في هذا الخصوص بالقانون المذكور، ومنه أن يكون ذلك بناء على اقتراح الإدارة القانونية بالهيئة، وهو إجراء جوهري يتعين تنفيذه قبل قيام مجلس الإدارة بالإحالة إلى هيئة قضايا الدولة، وهو ما خلت الأوراق مما يثبت تنفيذه، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون في هذا الشأن، وغني عن البيان أن قيام هيئة قضايا الدولة بمباشرة اختصاصاتها يجب أن يكون في النطاق الذي حدده القانون، وطبقا للإجراءات التي رسمها القانون أيضا، ودون إغفال أي منها أو الإخلال بها، وهو ما يطبق على مجلس إدارة الهيئة العامة أيضا؛ التزاما بصحيح أحكام القانون.
وحيث إنه بالترتيب على ما تقدم، وإذ قام الحكم الطعين على صحيح أسبابه وجاء متفقا وصحيح حكم القانون، وكان ما تضمنه تقرير الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح، فإنه يتعين القضاء برفض الطعن، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بحكم المادة رقم (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.