جلسة 21 من سبتمبر سنة 2010
الطعن رقم 12936 لسنة 49 القضائية عليا
(الدائرة الثالثة)
الطعن في الأحكام– ميعاد الطعن– إذا كان الطاعن قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات التي حددت لنظر الدعوى أمام محكمة أول درجة، ولم يقدم مذكرة بدفاعه أمام تلك المحكمة، فلا تسري في حقه مواعيد الطعن إلا من تاريخ إعلانه بالحكم أو علمه به يقينيًا.
إعلان الصحيفة– الخصومة الإدارية تنعقد بإيداع صحيفة الدعوى أو الطعن سكرتارية المحكمة– هذا الإجراء مستقل عن إعلان ذوي الشأن بهذه الصحيفة كإجراء لاحق مستقل، المقصود منه إبلاغ الطرف الآخر بقيام المنازعة، ودعوة ذوي الشأن لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم– لا أثر لتراخي الإعلان إلى ما بعد المدة المقررة بالمادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية([1])، مادام المدعى عليه قد أعلن إعلانا صحيحًا.
المادة (70) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
في يوم الإثنين الموافق 28 من يونيه سنة 2003 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها العام تحت رقم 12936 لسنة 49 القضائية عليا، طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) في الدعوى رقم 4788 لسنة 50 القضائية بجلسة 26/11/2000، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وإلزام المدعى عليه أن يؤدي للمدعي بصفته مبلغًا مقداره 241565,010 جنيها (مئتان وواحد وأربعون ألفًا وخمس مئة وخمسة وستون جنيهًا وعشرة مليمات)، والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا اعتبارًا من 17/3/1996 وحتى تمام السداد، والمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار الدعوى كأن لم تكن، أو بانقضاء الخصومة، أو برفض الدعوى لرفعها على خلاف قرار سابق تحصن بمضي المدة، وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقريرالطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه (أصليا) الحكم بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد المقرر قانونا وإلزام الطاعن المصروفات، و(احتياطيا) بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع، حيث نظر على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وتقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة 6/7/2010 وفيها أرجئ إصدار الحكم في الطعن لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 26/11/2000 وأودعت صحيفة الطعن في 28/6/2003 فإن الطعن لا يعد مقامًا بعد الميعاد المحدد قانونا؛ لأنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن (المدعى عليه) قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات التي حددت لنظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، ولم يقدم مذكرة بدفاعه أمام تلك المحكمة، فلا تسري في حقه إذا مواعيد الطعن إلا من تاريخ إعلانه بالحكم أو علمه به يقينيًا، وإذا كانت الأوراق قد خلت من دليل على إعلانه بالحكم المطعون فيه أو علمه به يقينيًا في تاريخ سابق على إيداع صحيفة طعنه، فمن ثم يكون تاريخ إيداع صحيفة الطعن هو تاريخ العلم به يقينيا، وإذ استوفى الطعن بعد ذلك جميع أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 4788 لسنة 50 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالبًا إلزام الطاعن أن يؤدي له تكاليف البعثة العلمية التي أوفد فيها إلى بريطانيا في المدة من 10/4/1988 حتى 1/10/1991، حيث لم يُوفِّي بالتزامه بخدمة القوات المسلحة بعد العودة من البعثة لصدور قرار لجنة ضباط القوات المسلحة بطرده من الخدمة لارتكابه جريمة مخلة بالشرف، وقد خصم مبلغ 4267.900 جنيها من مستحقاته، وبقي عليه من هذه المصاريف مبلغ مقداره 241565.010 جنيهًا طلب إلزامه ردَّها.
………………………………………………………………………..
وبجلسة 26/11/2000 قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام الطاعن أن يؤدي للمطعون ضده بصفته المبلغ المشار إليه، والفوائد القانونية بواقع 4 % سنويًا اعتبارًا من 17/3/1996 وحتى تمام السداد.
وشيدت المحكمة قضاءها تأسيسًا على أن التعهد الصادر عن المدعى عليه (الطاعن) بخدمة مرفق وزارة الدفاع سبع سنوات بعد عودته من البعثة وإلا التزم برد تكاليف البعثة هو عقد إداري توفرت فيه خصائص ومميزات العقود الإدارية، وأنه متى كانت إرادة المتعاقدين حسبما كشف عنها صريح عبارة العقد ومفهومها انصرفت إلى ترتيب التزام أصلي في ذمة المدعى عليه هو خدمة المرفق سبع سنوات بعد العودة من البعثة، والتزام بديل هو أداء نفقات البعثة إذا ما أخل بالتزامه الأصلي، وكان المدعى عليه لم يُوفِّي بالتزامه الأصلي لارتكابه جريمة تزوير أثناء البعثة ببريطانيا وعوقب بالحبس لمدة ثلاثة أشهر، وطرد لهذا السبب من خدمة القوات المسلحة، ومن ثم لا مناص من إلزامه الالتزام البديل ورد نفقات البعثة، مع الفوائد المستحقة عن هذا المبلغ لكونه حال الأداء ومعين المقدار.
………………………………………………………………………..
ومن حيث إن الطاعن لم يرتضِ حكم محكمة القضاء الإداري فقد أقام الطعن الماثل الذي بني على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون؛ حيث لم يعلن الطاعن بالدعوى إلا بعد مضي أربع سنوات من تاريخ رفعها، وكان يتعين طبقا للمادة 70 من قانون المرافعات اعتبار الدعوى كأن لم تكن باعتبار أنه لم يتم إعلان الطاعن خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، ونعى الطاعن على الحكم المطعون فيه كذلك صدوره على خلاف مقتضى قرار سابق تحصن بمضي المدة، وهو خصم تكاليف البعثة من معاش الطاعن.
………………………………………………………………………..
-ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجوه الطعن فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة الإدارية تنعقد بإيداع صحيفة الدعوى أو الطعن سكرتارية المحكمة، وأن هذا الإجراء مستقل عن إعلان ذوي الشأن بهذه الصحيفة كإجراء لاحق مستقل، المقصود منه إبلاغ الطرف الآخر بقيام المنازعة، ودعوة ذوي الشأن لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم، ومن ثم فلا أثر لتراخي الإعلان إلى ما بعد المدة المقررة بالمادة 70 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، مادام المدعى عليه قد أعلن إعلانا صحيحًا.
لما كان ذلك وكان الطاعن قد أعلن إعلانا صحيحًا في مواجهة النيابة العامة في الدعوى التي أقامها المطعون ضده بصفته وأودع صحيفتها قلم الكتاب بتاريخ 17/3/1996، وبذلك تكون الخصومة قد انعقدت صحيحة، ولا أثر لتجاوز المدة المنصوص عليها في المادة 70 من قانون المرافعات لإعلان المدعى عليه، خاصة وأن هذا التجاوز يرجع إلى استطالة التحريات عن محل إقامة الأخير، ويضحى بعد ذلك هذا الوجه من وجوه الطعن خليقًا بالرفض.
-ومن حيث إن الوجه الثاني من وجوه الطعن مردود عليه بأن الثابت من الأوراق أن تكاليف البعثة بلغت 245832.910 جنيها، وتم خصم مبلغ 4267,900 جنيهًا من مستحقات المطعون ضده لدى وزارة الدفاع، ثم طالبته بأداء بقية المبلغ فلم يستجب، فلا تثريب على الوزارة أن لجأت إلى إقامة دعواها لإلزام الطاعن ببقية نفقات البعثة، ولا يكون هناك مخالفة لقرار تحصن بمضي المدة، ويضحى هذا الوجه من وجوه الطعن خليقًا بالرفض أيضًا.
ومن حيث إن الطاعن لا ينازع في أحقية الوزارة في استرداد نفقات البعثة بعد أن نكل عن التزامه بخدمة القوات المسلحة مدة سبع سنوات بعد العودة من البعثة لسبب يرجع إليه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق وصحيح حكم القانون فيما قضى به بما يستوجب تأييده ورفض الطعن الماثل.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
([1]) تنص هذه المادة على أنه: “يجوز بناء على طلب المدعى عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وكان ذلك راجعا إلى فعل المدعي”.