جلسة 27 من فبراير سنة 2011
الطعن رقم 13213 لسنة 49 القضائية عليا
(الدائرة السابعة)
أعضاء هيئة التدريس– شروط شغل وظيفة أستاذ مساعد– اللجان العلمية لفحص الإنتاج العلمي– الاستعانة بالأساتذة المحكَّمين المتخصصين– يعتبر تخصص المحكَّمين القائمين على إعداد التقارير الفردية شرطا واجبا وضمانة أساسية لسلامة تقدير الإنتاج العلمي للمتقدم– افتقاد المحكَّمين أو أحدهم لشرط التخصص من شأنه أن يصم تقريره بالبطلان، وهو ما يؤدي بدوره إلى بطلان التقرير الجماعي للجنة العلمية الذي يعد بناءً على التقارير الفردية المعدة بمعرفة غير المتخصص.
-المواد (65) و (69) و (73) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.
– المواد (7) و (8) و (11) و (12) و (18) و (24) من قرار وزير التعليم العالي رقم 135 لسنة 1998 بشأن قواعد التشكيل والإجراءات المنظمة لسير العمل باللجان العلمية الدائمة .
في يوم السبت الموافق 2/8/2003 أودع الأستاذ/ … المحامى بالنقض والإدارية العليا والوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 13213 لسنة 49ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 22/6/2003 في الدعوى رقم 13269 لسنة 55ق الذي قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا (أصليا) بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم الموافقة على تعيينه في وظيفة أستاذ مساعد بكلية العلاج الطبيعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، و(احتياطيا) بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجردا مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي أي من الحالتين: إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت بجلسة 20/6/2007 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة عليا موضوع لنظره بجلسة 28/10/2007، حيث تدوول الطعن أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/11/2008 قدم محامي الجامعة مذكرة بدفاعه، كما أودع محامى الطاعن في جلسة 1/2/2009 مذكرة بدفاعه ومذكرة أخرى بجلسة 27/2/2010، وبجلسة 5/12/2010 قدم محامي الجامعة حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعه، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/2/2011 حيث صدر فيها الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 29/9/2001 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى رقم 13269 لسنة 55 ق طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار اللجنة العلمية الدائمة بكلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة الصادر بتاريخ 4/3/2010 برفض منحه اللقب العلمي لوظيفة (أستاذ مساعد)، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر شرحا لدعواه أنه يشغل وظيفة (مدرس) بقسم العلاج الطبيعي لاضطراب الجهاز العصبي والعضلي وجراحتها بكلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة، وأنه تقدم في 29/11/2000 بثمانية أبحاث إلى اللجنة العلمية الدائمة لمنحه اللقب العلمي لوظيفة (أستاذ مساعد)، وجميعها في مجال تخصصه، غير أنه فوجئ بأن أعضاء اللجنة الذين قاموا بفحص هذه الأبحاث هم أنفسهم أعضاء اللجنة العلمية الدائمة، ما عدا محكما واحدا فقط متخصصا في العلاج الطبيعي للأعصاب، أما باقي أعضائها فمن غير المتخصصين في ذات مجال الأبحاث العلمية المقدمة منه، وذلك بالمخالفة للقرار الصادر بتشكيل اللجان العلمية وتنظيم قواعد عملها، وقد ترتب على ذلك أن اللجنة انتهت إلى أن الأبحاث المقدمة منه لا ترقى إلى منحه اللقب العلمي لوظيفة أستاذ مساعد، حيث قدرت ستة منها بمرتبة (ضعيف)، وبحث واحد بمرتبة (جيد)، وآخر بمرتبة (مقبول)، وقد وافق مجلس الكلية على هذه النتيجة، وذلك بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 135 لسنة 1998، فضلا عن أنه اشترك في فكرة البحث السابع وتجميع للمادة العلمية وكتابة ورقة علمية للباحثة/ … وهو ما كشف عنه التحقيق في هذه الواقعة خلافا لما أبداه الدكتور/ … . وأضاف المدعى أنه تظلم من القرار الطعين، ولجأ إلى لجنة التوفيق في المنازعات ثم أقام دعواه بطلباته المتقدمة.
………………………………………………………………………
وبجلسة 22/6/2003 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه وذلك تأسيسا على أن الأبحاث المقدمة من المدعي لمنحه اللقب العلمي لوظيفة أستاذ مساعد تم عرضها على اللجنة العلمية الدائمة للعلاج الطبيعي التي أحالتها إلى ثلاثة محكمين في مجال تخصص المدعي لفحصها وتقديم تقرير عنها، وأن الفاحصين باشروا عملهم بتقييم هذه الأبحاث على النحو المبين تفصيلا بالتقارير المقدمة منهم، والتي تضمنت التوصية بعدم منح المدعي اللقب العلمي لوظيفة أستاذ مساعد فيما عدا التقرير المقدم من الدكتورة/ … التي أوصت بالموافقة، وقد عرضت هذه التقارير والأبحاث المقدمة من المدعي على اللجنة العلمية الدائمة للعلاج الطبيعي، التي أوصت بعد فحصها بأنها لا ترقى إلى منح المدعي اللقب العلمي لوظيفة أستاذ مساعد، حيث منحته مرتبة (ضعيف) لسبعة منها، ومرتبة (جيد) لبحث واحد، وقد وافق مجلس الكلية على هذه النتيجة، ثم عرض التقارير والأبحاث على مجلس الجامعة بجلسته المنعقدة في 29/4/2001، فقرر بها عدم الموافقة على منح المدعى اللقب العلمي لوظيفة أستاذ مساعد، ومن ذلك يبين أن جميع الإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات قد روعيت بشأن تقييم الأبحاث العلمية المقدمة من المدعي، وإذ خلت الأوراق مما يفيد إساءة استعمال الجامعة لسلطتها أو انحرافها بها فمن ثم يكون القرار المطعون فيه متفقا مع صحيح حكم القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
………………………………………………………………………
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث أغفل أن مطاعن المدعي على القرار الطعين تنصب على نقاط قانونية بحتة وليس على مسائل تقديرية فنية، وهذه النقاط هي:
1 – عدم مشروعية القرار الطعين؛ لأنه تأثر برأي لجنة الحكم الثلاثية رغم بطلان تشكيلها تطبيقا للمادتين 7 و 17 من القرار الوزاري رقم 135 لسنة 1998، إذ يلزم أن يكون أعضاء لجنة التحكيم الثلاثية أساتذة متخصصين في تخصص المتقدم، غير أن لجنة التحكيم التي فحصت الإنتاج العلمي للطاعن خالفت ذلك، فالأستاذ الدكتور/… هو أستاذ علاج طبيعي عظام، أي في غير تخصص الطاعن، ومن ثم يكون تشكيل لجنة الحكم باطلا وهو ما يبطل أعمالها.
2 – عدم مشروعية القرار الطعين لأنه تأثر برأي اللجنة الدائمة لفحص الإنتاج العلمي رغم بطلان عملها، فقد أقحمت اللجنة أعضاءها للقيام بدور المحكَّمين، فضلا عن عدم تخصص بعض أعضائها في تخصص الطاعن، فلجنة التحكيم جاءت سداسية على خلاف المادة 17 من القرار رقم 135 لسنة 1998 التي نصت على أنها تتكون من ثلاثة أعضاء فقط، فضلا عن أن ثلاثة منهم غير متخصص في تخصص الطاعن، وهم الدكتورة/… متخصصة في العلوم الأساسية، والدكتور/… متخصص في علاج طبيعي أطفال، والدكتور/… متخصص في علاج طبيعي أطفال، كما أن ما زعمه الدكتور/ … عضو لجنة التحكيم عن البحث السابع غير صحيح، وقد سلمت اللجنة العلمية بذلك دون التحقق من هدفه، فقد زعم أن البحث مأخوذ من رسالة ماجستير للمعيدة/ … وأغفلت اللجنة أن الدكتورة المشرفة على رسالة الماجستير المشار إليها ذكرت أن الطاعن شارك في فكرة البحث (الجزء العملي) وتجميع المراجع العلمية للرسالة وكتابة ورقة علمية عن الرسالة على النحو المفصل بكتابها، وقد تأثرت اللجنة العلمية بفكرة خاطئة ودونتها بمحاضرها يوم 14/2/2001 رغم دحض هذه الفكرة بكتاب الدكتورة/… المرسل لعميد الكلية، وبذلك يكون تقدير اللجنة قد شابه الخطأ مما يبطل توصيتها، ولم يتعرض الحكم المطعون فيه لهذه المطاعن مما يصمه بعيب مخالفة القانون.
………………………………………………………………………
ومن حيث إن المادة (65) من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات تنص على أن: “يعين رئيس الجامعة أعضاء هيئة التدريس بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد ومجلس القسم المختص، ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس الجامعة”.
وتنص المادة (69) على أنه:” أولا– مع مراعاة حكم المادة (66) يشترط فيمن يعين أستاذا مساعدا ما يأتي: 1– أن يكون قد شغل وظيفة مدرس مدة خمس سنوات على الأقل… 2– أن يكون قد قام في مادته وهو مدرس بإجراء بحوث مبتكرة ونشرها….”.
وتنص المادة (72) على أن: “تتولى لجان علمية دائمة فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين أو للحصول على ألقابها العلمية، ويصدر بتشكيل هذه اللجان لمدة ثلاث سنوات قرار من وزير التعليم العالي….. وتقدم كل لجنة تقريرا مفصلا ومسببا، تقيم فيه الإنتاج العلمي للمتقدمين، وما إذا كان يؤهلهم لشغل الوظيفة أو اللقب العلمي، مع ترتيبهم عند التعدد حسب الأفضلية في الكفاءة العلمية، وذلك بعد سماع ومناقشة التقارير الفردية للفاحصين …. وتنظم اللائحة التنفيذية أعمال هذه اللجان”.
ومن حيث إن المادة (8) من قرار وزير التعليم العالي رقم 135 لسنة 1998 بشأن قواعد التشكيل والإجراءات المنظمة لسير العمل باللجان العلمية الدائمة تنص على أن: “تشكل لجنة علمية دائمة لفحص الإنتاج العلمي لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين أو للحصول على ألقابها العلمية في تخصص من التخصصات التي يقرها المجلس الأعلى للجامعات من خمسة عشر عضوا على الأكثر وخمسة أعضاء على الأقل…”.
وتنص المادة (7) على أن: “تستعين اللجنة العلمية الدائمة المشكلة طبقا للمادة (1) بعدد من الأساتذة المحكمين، وتُعد قائمة بأسمائهم في كل تخصص، وتتضمن هذه القائمة جميع الأساتذة أعضاء هيئة التدريس في الجامعات المصرية في كل تخصص…”.
وتنص المادة (11) على أن: “يتقدم عضو هيئة التدريس الراغب في الترقية بأربعة بحوث في قطاع الدراسات الفردية والإنسانية وبستة بحوث في قطاع دراسات العلوم الأساسية والطبية والهندسية والزراعية كحد أدنى في حالة التقدم لوظيفة أستاذ مساعد…”.
وتنص المادة (12) على أن: “تقوم اللجنة العلمية بإحالة مجمل الإنتاج العلمي المطلوب تقييمه إلى ثلاثة محكَّمين يتم اختيارهم من قائمة السادة المحكمين، ويجوز أن تستعين اللجان بمحكَّم رابع، ويجوز لأعضاء اللجنة الدائمة أن يكونوا من بين المحكمين الذين تم اختيارهم بحد أقصى عضو واحد من اللجنة عن كل متقدم، ويجوز للجنة عند اقتضاء إحالة الإنتاج العلمي إلى متخصصين من خارج القائمة أو إلى متخصصين في جامعات أو هيئات علمية خارج مصر….”.
وتنص المادة (18) على أن: “تقوم اللجنة خلال الاجتماع الذي تعقده لتوزيع الأبحاث المقدمة على المحكمين وبعد التعرف على التخصص للمتقدم بما يأتي: أ – تكليف المتقدم للحصول على اللقب العلمي (أستاذ) – (أستاذ مساعد) بإعداد بحث مرجعي…. ويعرض المتقدم ملخصا شفويا للبحث في اجتماع اللجنة، وإذا لم يكن باللجنة متخصصون في نوع العلم الذي يندرج فيه موضوع البحث فللجنة أن تستعين بمحكم واحد أو أكثر من التخصص… “.
وتنص المادة (24) على أن: “تقوم اللجنة بإعداد التقرير الجماعي عن الإنتاج العلمي للمتقدم وذلك في ضوء التقارير الفردية للمحكمين، وكذا من واقع تقييمها لما كلفت به المتقدم على وفق المادة (18) من هذه القواعد”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع حدد في القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه الشروط المتطلبة قانونا لشغل وظيفة (أستاذ مساعد)، فاشترط أن يكون المتقدم لهذه الوظيفة قد قدم في مادته وهو يشغل وظيفة (مدرس) بحوثا مبتكرة ونشرها، كما عهد إلى اللجان العلمية المتخصصة فحص إنتاجه العلمي لبيان مدى صلاحيته وأهليته لشغل الوظيفة المتقدم لها.
وقد تولى قرار وزير التعليم العالي رقم 135 لسنة 1998 سالف الذكر تحديد قواعد تشكيل وإجراءات عمل اللجان العلمية وعدد الأبحاث المطلوب تقديمها لشغل وظيفة أستاذ وأستاذ مساعد، وحدد هذا القرار الحد الأقصى والأدنى للعدد الذي تشكل منه كل لجنة علمية في التخصصات التي يقرها المجلس الأعلى للجامعات، بحيث لا يزيد على خمسة عشر عضوا ولا يقل عن خمسة أعضاء، وأعطى لكل لجنة أن تستعين بعدد من الأساتذة المحكمين، وعلى أن تعد قائمة بأسمائهم في كل تخصص، بحيث تشمل القائمة المتخصصين في كل تخصص من التخصصات المقررة، كما حدد القرار المشار إليه طريقة عمل هذه اللجان بحيث يتقدم عضو هيئة التدريس الراغب في الترقية لوظيفة (أستاذ مساعد) بعدد أربعة أبحاث في قطاع الدراسات الأدبية والإنسانية، وبستة أبحاث في قطاع دراسات العلوم الأساسية والطبية والهندسية والزراعية، وعلى أن تتولى اللجنة العلمية إحالة الإنتاج العلمي للمتقدم المطلوب تقييمه إلى ثلاثة محكمين يتم اختيارهم من قائمة الأساتذة المحكمين، وذلك يسند بطبيعة الأمر إلى الأستاذة المتخصصين في ذات تخصص المتقدم، كما تتولى اللجنة تكليف المتقدم بتقديم بحث مرجعي يتناول الاتجاهات الحديثة في مجال تخصص بحثه، يتولى عرضه شفاهة على اللجنة العلمية، وأوجب القرار على اللجنة الاستعانة بمحكم واحد أو أكثر متخصص عند عرض البحث المرجعي عليها إذا لم يكن بها متخصصون في فرع العلم الذي يندرج فيه البحث المرجعي، دون أن يكون لمن يُستعان بهم في هذه الحالة صوت معدود في المداولات، وبعد تقديم التقارير الفردية للمحكمين الذين أحيل إليهم الإنتاج العلمي للمتقدم تتولى اللجنة العلمية إعداد تقرير جماعي عن الإنتاج المقدم في ضوء تلك التقارير الفردية وفى ضوء ما تسفر عنه مداولات البحث المرجعي.
-ومن حيث إن تخصص المحكمين القائمين على إعداد التقارير الفردية يعتبر شرطا واجبا وضمانة أساسية لسلامة تقدير الإنتاج العلمي للمتقدم، فالمادة (17) من القرار رقم 135 لسنة 1998 سالف الذكر أوجبت على اللجنة العلمية إحالة الإنتاج العلمي المطلوب تقييمه إلى ثلاثة من المحكمين المتخصصين يتم اختيارهم من قائمة المحكمين المتخصصين المعدة طبقا للمادة (7) بأسماء المحكمين في كل تخصص من التخصصات التي يقرها المجلس الأعلى للجامعات، كما أن المادة (18) من القرار المشار إليه أوجبت أيضا على اللجنة العلمية عند سماع البحث المرجعي الذي يجب على المتقدم إعداده بشأن اتجاه العلم الحديث في مجال تخصصه، والذي يتولى عرضه على اللجنة شفاهة، أن تستعين بمتخصص أو أكثر في مجال ذلك البحث إذا لم يكن من بين أعضائها أحد من المتخصصين في ذلك المجال، وذلك كله من شأنه أن يؤكد أهمية وضرورة تخصص المحكَّمين لضمان سلامة تقدير الإنتاج العلمي للمتقدم؛ وذلك حتى يتسنى للجنة العلمية الحكم على أهلية وصلاحية المتقدم لشغل الوظيفة المتقدم لها.
وتبعا لذلك فإن افتقاد المحكمين أو أحدهم لشرط التخصص أمر من شأنه أن يصم تقريره بالبطلان وهو ما يؤدي بدوره إلى بطلان التقرير الجماعي للجنة العلمية الذي يعد بناء على التقارير الفردية المعدة بمعرفة غير المتخصص، وذلك أمر طبيعي باعتبار أن العلوم الحديثة أصبحت متنوعة ومتعددة الفروع والمجالات، وأصبح التخصص هو السمة الغالبة في كافة فروع المعرفة، فالتقدم العلمي الراهن يقتضي التخصص، وهو ما يتنافى مع تخصص الشخص الواحد في أكثر من مجال أو فرع، وكلما زاد التقدم العلمي كلما ضاق نطاق التخصص وانحصر في جزئيات صغيرة، وعليه فإن سلامة الحكم على الإنتاج العلمي للمتقدم يقتضي إسناد إعداد التقارير الفردية إلى الأساتذة أصحاب التخصص الدقيق في ذات مجال تخصص المتقدم.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يشغل وظيفة مدرس وتقدم بعدد ثمانية أبحاث لشغل وظيفة (أستاذ مساعد) علاج طبيعي أعصاب، وتم إحالة إنتاجه العلمي إلى ثلاثة محكمين، أحدهم في غير مجال تخصص الطاعن؛ حيث إن المحكم يشغل وظيفة (أستاذ علاج طبيعي عظام)، في حين أن تخصص الطاعن (علاج طبيعي أعصاب)، وثمة فارق بين التخصصين، وأن هذا المحكم لم ينتهِ في التقرير الفردي الذي أعده إلى توصية محددة في شأن ترقية أو عدم ترقية الطاعن، وإنما ترك الأمر مفتوحا لما بعد استيفاء بعض الأمور، هذا في حين أن المحُكَّمة الأولى انتهت إلى تقدير الإنتاج العلمي للطاعن بمرتبة جيد، وأوصت بترقيته إلى الوظيفة المتقدم لها، فيما انتهت المحُكَّمة الثانية إلى تقرير إنتاجه العلمي بمرتبة ضعيف، وأوصت بعدم ترقيته، وبذلك يتضح أننا بصدد تقريرين صحيحين وتقرير ثالث باطل، وهو ذلك التقرير المعد بمعرفة غير المتخصص في مجال تخصص الطاعن، والذي لم ينتهِ إلى نتيجة محددة في شأن استحقاقه للترقية من عدمه، وإذ اعتمد التقرير الجماعي للجنة العلمية الدائمة –الذي انتهى إلى أن الإنتاج العلمي للطاعن لا يرقى إلى حصوله على اللقب العلمي لوظيفة أستاذ مساعد علاج طبيعي أعصاب– على تلك التقارير الفردية، ومنها ذلك التقرير الباطل؛ فإن هذا التقرير الجماعي يعد بدوره تقريرا باطلا باعتبار أن ما بني على باطل فهو باطل، وبذلك يضحى قرار مجلس الجامعة بعدم الموافقة على ترقية الطاعن لتلك الوظيفة فاقدا لسنده القانوني الصحيح، وهو الأمر الذي يتعين معه والحالة هذه القضاء بإلغائه إلغاء مجردا باعتبار أن المخالفة التي شابته هي في الأساس مخالفة إجرائية؛ إذ كان يتعين إحالة الإنتاج العلمي للطاعن إلى أساتذة متخصصين في ذات مجال تخصص الطاعن، وبذلك يكون الحكم الطعين وقد خالف هذا النظر قد جانبه الصواب في قضائه حقيقا بالإلغاء .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الطعين إلغاء مجردا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.