جلسة 26 من مارس سنة 2011
الطعن رقم 15506 لسنة 56 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)
التدخل في مرحلة الطعن– القاعدة أن الخصومة فى مرحلة الطعن يتحدد أطرافها بأولئك الذين كانوا أطرافا فى الخصومة فى مراحلها التى سبقت مرحلة الطعن– استثناءً من ذلك يقبل طلب ذي المصلحة الذى يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم فى الطعن، وتكون طلباته مقتصرة على تأييد الخصم الذى يطلب الانضمام إليه، دون أن يتعدى ذلك إلى طلب الحكم بطلب لنفسه.
المادة (236) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
الطعن في الأحكام– استنهاض رئيس هيئة مفوضي الدولة ولاية المحكمة الإدارية العليا بشأن الفصل فى الطعون التى تقام على الأحكام التى تصدر عن محكمة القضاء الإدارى بهيئـة استئنافية لا يكون إلا فى حالتين حددهما القانون– المحكمة الإدارية العليا بحكم قوامتها على النزاع لا تقف عند الحالة التى بني عليها الطعن إذا ما استبان لها أن الطعن لا يثير هذه الحالة، وإنما يثير الحالة الأخرى.
المادة (23) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
تعيين – معيار تفضيل حنفي المذهب– يستوي فيما يتعلق بالشهادات الواجب الحصول على إحداها تلك التى يتم الحصول عليها من إحـدى كليات جامعة الأزهر، وتلك التى يتم الحصول عليها من إحدى الكليات بالجامعات الأخرى التى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية– إذا توافر للمتقدم للترشيح معيار التفضيل المتمثل فى أن يكون حنفي المذهب كان واجبا تقديمه على غيره– إذا لم يتوافر في أي من المتقدمين هذا السبب للتفضيل وجب إجراء القرعة فيما بينهم، يستوي فى ذلك من كان منتميا لمذهب فقهى غير المذهب الحنفي، ومن لم يكن منتميا إلى أي من المذاهب الفقهية([1]).
المادتان (3) و (12) من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل المنشور في الجريدة الرسمية في 10/1/1955 المعدلة بالقرار رقم 635 لسنة 1972.
بتاريخ 27/3/2010 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية (الدائرة الثانية) بجلسة 21/2/2010 فى الطعن رقم 574 لسنة 8 ق.س الذي قضى: أولا– بقبول تدخل السيد/…. خصما منضما للجهة الإدارية الطاعنة، وثانيا– بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وطلبت هيئة مفوضى الدولة – للأسباب المبينة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات عن كافة درجات التقاضي.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات .
وتحددت لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص جلسة 25/9/2010، وفيها قدم الصادر لمصلحته الحكم المطعون فيه مذكرة دفاع وحافظة مستندات طويت على إفادة من كلية الشريعة والقانون بطنطا (قسم الخريجين)، وبجلسة 18/10/2010 قدم الخصم المتدخل انضماميا للجهة الإدارية إبان نظر الطعن الاستئنافى رقم 574 لسنة 8 ق.س مذكرة دفاع، طلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، كما قدم حافظة مستندات. وبجلسة 6/12/2010 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 25/12/2010، وفيها طلب السيد/… عن طريق وكيله التدخل انضمامياً إلى جانب الجهة الإدارية، وبجلسة 12/2/2011 قدم طالب التدخل صحيفة معلنة بهيئة قضايا الدولة بتدخله فى الطعن، وقدم الخصم المتدخل إبان نظر الطعن الاستئنافى المشار إليه حافظة مستندات طويت على إفادة من كلية الشريعة والقانون مؤرخة في 10/1/2011 ومستخرج رسمى بنجاح طالب صادر عن قطاع المعاهد الأزهرية مؤرخ في 3/1/2011.
وبالجلسة المشار إليها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/3/2011 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وخلال هذا الأجل قدم الخصم المتدخل إبان نظر الطعن الاستئنافى مذكرة صمم فيها على طلباته .
وتأجل صدور الحكم إداريا لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة .
-وحيث إنه عن طلب تدخل السيد/ … فإن القاعدة التى تحكم الخصومة فى مرحلة الطعن أن هذه الخصومة يتحدد أطرافها بأولئك الذين كانوا أطرافا فى الخصومة فى مراحلها التى سبقت مرحلة الطعن، سواء فى ذلك المدعون أو المدعى عليهم أو المتدخلون، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة فقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا– فى ضوء المادة 236 مرافعات– على قبول طلب ذى المصلحة الذى يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم فى الطعن، وتكون طلباته مقتصرة على تأييد الخصم الذى يطلب الانضمام إليه، دون أن يتعدى ذلك إلى طلب الحكم بطلب لنفسه، ولما كان الثابت أن طالب التدخل اقتصرت طلباته على طلب الحكم بذات ما تطالب به الهيئة الطاعنة، فمن ثم تقضى المحكمة بقبول تدخله فى الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولا شكلا، مع الالتفات عما أثير من زوال المصلحة بالنسبة لكل من الخصم المتدخل والمطعون ضده (زينهم…) إذ ما صدر من قرار بشأن المأذونية موضوع القرار ما هو إلا تنفيذ للحكم الطعين.
وحيث إن وقائع النزاع تخلص –حسبما يبين من الأوراق– فى أنه بتاريخ 31/5/1997 أقام السيد/ زينهم … الدعوى رقم 370 لسنة 44 ق أمام المحكمة الإدارية للرئاسة ضد السيد/ وزير العدل طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محكمة شبين الكوم للأحوال الشخصية فى المادة رقم 11 لسنة 1996 مأذونية شبين الكوم فيما تضمنه من استبعاده من الترشح وأحقيته فى التعيين فى وظيفة مأذون، ومن باب الاحتياط مساواته بالمرشحين الذين ستجرى القرعة بينهم، وإلزام جهة الإدارة المصروفات .
وقال المدعى شارحا دعواه إنه تقدم هو وآخرون لشغل مأذونية ناحية ميت بره مركز قويسنا– منوفية، وبتاريخ 26/4/1997 قررت المحكمة استبعاد المرشحين الثامن والتاسع لعدم دراستهما للشريعة الإسلامية كمادة أساسية، واستبعاد المرشحين الأول والرابع والخامس (المدعي) والسادس لأن مذهبهم شافعى، وإجراء القرعة بين المرشحين الثانى والثالث والسابع الحاصلين على مؤهل ليسانس الحقوق؛ لكونهم متساوين فى المؤهل والمذهب الحنفى. ونعى المدعى على هذا القرار مخالفته لأحكام لائحة المأذونين؛ حيث إنه حاصل على ليسانس الشريعة والقانون – جامعة الأزهر، وإنه دارس للمذاهب الأربعة، وحنفي المذهب هو وأسرته، وبذلك يتساوى مع من ستجرى القرعة بينهم بجلسة 7/6/1997.
……………………………………………………………………………..
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 30/1/1999 صدر الحكم بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية بطنطا – الدائرة الثانية – للاختصاص، ونفاذا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بطنطا حيث قيدت بجدولها العـام برقم 388 لسنـــة 27 ق ، وتدوول نظرها بجلسات هذه المحكمة وفق المبين بمحاضرها، وبجلسة 9/4/2000 قررت إحالتها إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيها، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجردا مع ما يترتب على ذلك من آثار، ثم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بالمنوفية نفاذا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 315 لسنة 2001 حيث قيدت بجدولها العام برقم 2284 لسنة 1 ق ، وتدوول نظرها بجلسات هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 19/3/2007 صدر الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 4090 لسنة 1999 بالتصديق على قرار دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة شبين الكوم الصادر بجلسة 22/3/1999 بتعيين المرشح/ أحمد … مأذونا لناحية ميت بره مركز قويسنا – منوفية – مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وشيدت المحكمة هذا الحكم على أساس أنه بعد تعديل المادة (3) من لائحة المأذونين التى حددت شروط من يعين فى وظيفة المأذون بإضافة الحصول على أية شهادة من كلية جامعية تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية بعد أن كان البند (ج) منها ينص على الحصول على شهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسة العليا من إحدى كليات الجامع الأزهر، أصبح معيار (حنفي المذهب) كمعيار للمفاضلة بين المرشحين معيارا غير منضبط؛ لأن دراسة الشريعة الإسلامية فى كلية جامعية غير كليات جامعة الأزهر تتم دون التقيد بمذهب معين، وليس بالضرورة أن يكون خريج كليات الحقوق حنفي المذهب لمجرد دراسته قوانين الأحوال الشخصية على وَفق هذا المذهب؛ إذ الدارس يمكن أن يطلق عليه فى هذه الحالة أنه حنفي الدراسة لا حنفي المذهب، والقول بغير ذلك فيه إضافة ميزة لخريجى هذه الكليات تفضلهم على خريجي جامعة الأزهر عند التعيين بوظيفة المأذون، وهى نتيجة لم يقصد إليها المشرع عند تحديده الشروط الواجب توافرها فيمن يشغل هذه الوظيفة. وإنه لما كان المدعي ممن ينتمون للمذهب الشافعى الذين استبعدتهم دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة شبين الكوم الكلية، بينما أجرت القرعة بين المرشحين الحاصلين على ليسانس الحقوق تأسيسا على دراستهم لمادة الشريعة الإسلامية على وَفق ما عليه القوانين المطبقة حاليا فى مجال الأحوال الشخصية، والذى يكون المذهب الحنفى هو المرجع الذى يتم الرجوع إليه لاستجلاء بعض النصوص فى هذا المجال، فإن ما ذهبت إليه هذه الدائرة يكون مخالفا لقواعد المفاضلة المنصوص عليها فى المادة (12) من لائحة المأذونين؛ إذ الدراسة بكليات الحقوق لا تفيد بالضرورة انتماء الدارس للمذهب الحنفى – كما سبق القول –، ومن ثم يكون المدعي قد تساوى مع الحاصلين على ليسانس الحقوق فى الحصول على مؤهل عالٍ دون أفضلية مؤهل أحدهم على الآخر؛ إذ لا يوجد بينهم من هو حنفي المذهب، وبالتالى إذ أصدرت الجهة الإدارية قرارها رقم 4090 لسنة 1999 بالتصديق على قرار الدائرة المذكورة بتعيين المرشح/أحمد … مأذونا لناحية ميت بره مركز قويسنا منوفية، فإن قرارها يكون قد صدر بالمخالفة لحكم القانون حريا بالإلغــــاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة الأوراق للدائرة المذكورة لإجراء القرعة بين المرشحين المتبقين ومنهم المدعي لعدم وجود من ينتمي منهم للمذهب الحنفي.
……………………………………………………………………………..
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية هذا الحكم طعنت فيه أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية بالطعن الاستئنافى رقم 574 لسنة 8 ق . س بتاريخ 17/5/2007 طالبة الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضي، على سند من القول إن الحكم خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله؛ لأن القرار المطعون فيه صدر مستجمعا مقومات القرار السليم والمشروع قانونا لأنه صدر بالتصديق على تعيين السيد/ أحمد … الحاصل على ليسانس الحقوق، وكليات الحقوق تدرس فيها الشريعة الإسلامية وأحكام الزواج والطلاق طبقا للمذهب الحنفى المأخوذ به فى القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسلمين، بخلاف المطعون ضده فحاصل على ليسانس الشريعة والقانون وهو شافعي المذهب، ولذا تم تفضيل الصادر القرار بتعيينه. أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تفضيل المذهب الحنفى عند التساوى لم يعد قائما بعد تعديل المادة الثالثة من لائحة المأذونين فهو محض اجتهاد لا محل له مع وجود النص وعدم إلغائه.
……………………………………………………………………………..
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وخلالها قدمت صحيفة معلنة بتدخل الصادر القرار المقضي بإلغائه بتعيينه انضماميا إلى جانب الجهة الإدارية الطاعنة، وبجلسة 21/2/2010 صدر الحكم: أولا– بقبول تدخل السيد/ أحمد … خصما منضما للجهة الإدارية الطاعنة . وثانيا– بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وأقامت المحكمة حكمها على أساس ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا فى حكمها الصادر بجلسة 12/1/1997 فى الطعن رقم 3270 لسنة 39 ق من أن المعيار المتعلق بتفضيل حنفى المذهب كان يمكن التعويل عليه أثناء سريان حكم المادة (3) من لائحة المأذونين قبل تعديلها بقرار وزير العدل رقم 635 لسنة 1972؛ إذ كان نص البند (ج) من المادة المذكورة يجرى على النحو التالي: ” … (جـ) أن يكون حائزا لشهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسة العالية من إحدى كليات الجامع الأزهر”، ومن ثم كان من اليسير عند إجراء المفاضلة بين المرشحين للتعيين فى وظيفة المأذون من حملة المؤهلات المشار إليها التعرف على من ينتمى منهم للمذهب الحنفى فى ضوء ما هو معروف من أن الدراسة فى الكليات التابعة لجامع الأزهر كانت تتم على وَفق المذاهب الفقهية المعروفة، ويتم تحديد المذهب الذى ينتمى إليه الدارس فى الشهادة الحاصل عليها، أما بعد إجراء التعديل للمادة المذكورة بقرار وزير العدل المشار إليه بإضافة النص على أية شهادة من كلية جامعية أخرى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، فقد أصبح معيار المذهب الحنفى معيارا غير منضبط؛ لأن دراسة الشريعة الإسلامية فى الكليات المشـــــــار إليها فضلا عن أنها تتم دون التقيد بمذهب معين، فإنه حتى مع التسليم بأن قوانين الأحوال الشخصية التى تدرس فى هذه الكليات مصدرها الرئيس أو الذى يرجع إليه لاستجلاء بعض النصوص هو المذهب الحنفي، إلا أنها لا تلزم الدارس باتباع هذا المذهب دون سواه، كما لا تتضمن الشهادة الدراسية الصادرة عنها أى بيان بالمذهب الذى ينتمى إليه الدارس، الأمر الذى يمكن أن يطلق معه على الدارس بالكليات المشار إليها أنه حنفي الدراسة وليس حنفي المذهب.
وترتيبا على ذلك فليس بالضرورة أن خريج كليات الحقوق يكون حنفي المذهب لمجرد دراسته أحكام قوانين الأحوال الشخصية على وَفق هذا المذهب، وأنه بناء على ذلك ولما كان المرشحون لوظيفة المأذون الصادر بشأنها القرار المطعون فيه قد تساووا – ومنهم المطعون ضده– فى الحصول على مؤهل عال دون أفضلية مؤهل أحدهم على الآخر، ولا يوجد بينهم من هو حنفى المذهب، فكان من المتعين على دائرة الأحوال الشخصية المعنية إجراء القرعة بينهم جميعا، أما وأنها استبعدت بعضهم ومنهم المطعون ضده لانتمائهم للمذهب الشافعى، وقررت إجراء القرعة بين المرشحين خريجى كليات الحقوق فقط فإن قرارها يكون قد خالف قواعد المفاضلة المنصوص عليها فى المادة (12) من لائحة المأذونين، وإذ أصدرت الجهة الإدارية قرارها المطعون فيه بالتصديق على قرار الدائرة المشار إليها فإنه يكون بالتالى قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون، ويتعين إلغاؤه إلغاء مجردا، مع إعادة الأوراق للدائرة المذكورة لإجراء القرعة بين المرشحين المتبقين ومنهم المطعون ضده لعدم وجود من ينتمى منهم للمذهب الحنفى .
……………………………………………………………………………..
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أهدر معيار الأفضلية للمنتمين للمذهب الحنفى مخالفا بذلك أحكام لائحة المأذونين وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا الذى استقر على أنه: “وإن كان خريج كلية الحقوق ليس بالضرورة أن يكون حنفي المذهب لمجرد دراسته لأحكام قوانين الأحوال الشخصية على وَفق هذا المذهب، إلا أنه فى ذات الوقت لا يجوز إهدار معيار الأفضلية الخاص بحنفى المذهب، ومن ثم وإلى أن يتدخل المشرع بوضع ضوابط محددة لتطبيق هذا المعيار على خريجى الكليات الجامعية التى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية فإنه يتعين الأخذ بإقرار المرشح وما قدمه من مستندات معززة لهذا الإقرار أيا كانت طبيعة هذه المستندات، مادام أن باقي المرشحين لم يقدموا ما يناقض هذا الإقرار أو يشكك فى سلامة تلك المستندات” (حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقــــم 3270 لسنة 39 ق . ع بجلســـــة 12/1/1997 والطعن رقم 13154 لسنة 49 ق . ع بجلسة 6/5/2006).
وإنه لما كان الحكم الطعين قد أهدر معيار التفضيل بينما أعملته جهة الإدارة حيث استبعدت غير المنتمين للمذهب الحنفي وأجرت القرعة بين المرشحين المتساوين فى الحصول على المؤهل العالى المنتمين للمذهب الحنفي، فبالتالى يكون قرارها متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الحكم مخالفا ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا.
……………………………………………………………………………..
ومن حيث إن المادة (23) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه ” يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فى الأحكام …. أما الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى فى الطعون المقامة أمامها فى أحكام المحاكم الإدارية فلا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا إلا من رئيس هيئة مفوضي الدولة خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم، وذلك إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أو إذا كان الفصل فى الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره”، فإن استنهاض ولاية المحكمة الإدارية العليا بشأن الفصل فى الطعون التى تقام على الأحكام التى تصدر عن محكمة القضاء الإدارى بهيئـة استئنافية لا يكون – كما هو مستقر عليه فى ضوء صريح النص المذكور آنفا – إلا فى الحالتين المذكورتين، بأن يكون الحكم قد صدر على خلاف ما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا، أو أن يكون الفصل فى الطعن يقتضى تقرير مبدأ لم يسبق لهذه المحكمة تقريره، بيد أن المحكمة الإدارية العليا بحكم قوامتها على النزاع ووجوب بيان حكم القانون الصحيح وتقرير القول الفصل بشأن ما أثير من خلاف حوله لا تقف عند الحالة التى ابتنى عليها الطعن المقام من هيئة مفوضى الدولة إذا ما استبان لها أن الطعن لا يثير هذه الحالة، وإنما يثير الحالة الأخرى من حالتى الطعن المنوه بهما .
وحيث إن الطعن الماثل يقتضي وضع مبدأ حول مدى استبعاد خريجى كليات جامعة الأزهر الشريف الذين يثبت انتماؤهم لغير المذهب الحنفي على وفق ما يكون مثبتاً فى الشهادة الحاصلين عليها من بين المرشحين الذين يتعين إجراء القرعة بينهم للتعيين بوظيفة المأذون، رغم تماثلهم مع خريجى كليات الحقوق فى دراسة الشريعة الإسلامية كمادة أساسية ودراستهم ما يتعلق بالأحوال الشخصية وفق قانون الأحوال الشخصية المعمول به والذى يتخذ من المذهب الحنفى عمدة لنصوصه والمرجع الواجب الرجوع إليه عند الاختلاف فى الحكم فيما لم يرد فيه نص قطعى فى هذا القانون.
ومن حيث إن المادة (3) من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل فى 10/1/1955 المعدلة بالقرار رقم 635 لسنة 1972 تنص على أنه: “يشترط فيمن يعين فى وظيفة المأذون: أ-… ب – … ج – أن يكون حائزا لشهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسة العالية من إحدى كليات الجامع الأزهر أو أية شهادة من كلية جامعية أخرى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية … “.
وتنص المادة (12) على أنه: “بعد استيفاء جميع الإجراءات تصدر الدائرة قرارا بتعيين من تتوافر فيه الشروط من المرشحين، ولا يكون قرارها نافذا إلا بعد تصديق الوزير عليه . وفى حالة تعدد من تتوافر فيهم شروط التعيين يفضل من يحمل مؤهلا أعلى، ثم الحائز لدرجات أكثر فى الامتحان المنصوص عليه فى المادة التاسعة، ثم الحائز لدرجات أكثر فى أحكام الزواج والطلاق، وعند التساوى يقدم حنفي المذهب، ثم يكون التفضيل بطريق القرعة”.
ومقتضى هذين النصين أن المشرع فيما يتعلق بالشهادات الواجب توافر الحصول على إحداها فيمن يعين فى وظيفة المأذون قد ساوى بين تلك التى يتم الحصول عليها من إحـدى كليات جامعة الأزهر الشريف وتلك التى يتم الحصول عليها من إحدى الكليات بالجامعات الأخرى التى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، الأمر الذي يغدو واضحا منه أن عنصر التساوي فيما بين جميع هذه الشهادات يتمثل فى انطواء الدراسة فى الكليات التى تمنحها على دراسة الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، بغض الطرف عن قيام دراستها على أساس من المذاهب الفقهية تخصصا من عدمه، ومن ثم تتساوى الشهادات التى تمنحها إحدى الكليات غير التابعة لجامعة الأزهر مع تلك التى تمنحها إحدى كليات هذه الجامعة من تلك الشهادات المنصوص عليها فى البند (ج) من المادة (3) متى كانت تقوم بتدريس الشريعة الإسلامية فيها كمادة أساسية، وعلى ذلك إذا توافر للمتقدم للترشيح معيار التفضيل المتمثل فى أن يكون حنفي المذهب كان واجبا تقديمه على غيره، وإذا لم يتوافر فى أى من المتقدمين هذا السبب للتفضيل وجب إجراء القرعة فيما بينهم بحسبان تساويهم فى شرط الحصول على المؤهل الذى سبق منحه دراسة الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، يستوي فى ذلك من كان منتمياً لمذهب فقهى غير المذهب الحنفي، ومن لم يكن منتميا إلى أي من المذاهب الفقهية، لاسيما وأن الجميع يتعين عليه تطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية عملا والذى يتخذ من المذهب الحنفى عمدة لنصوصه، ومن الراجح فيه مرجِّحا عند الاختلاف فى الحكم.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كانت الأوراق قد جاءت خالية مما يثبت أن أحدا من المتقدمين للتعيين فى وظيفة المأذون لناحية ميت بره مركز قويسنا– منوفية، الصادر بشأن التعيين فيها قرار الجهة الإدارية رقم 4090 لسنة 1999 بالتصديق على تعيين المرشح/ أحمد… مأذونا لهذه الناحية، بعد إجراء القرعة بينه وبين آخرين من الحاصلين على شهادة ليسانس الحقوق– حنفي المذهب، ورغم ذلك قامت جهة الإدارة باستبعاد المطعون ضده السيد/ زينهم … وآخرين من الحاصلين على شهادات من تلك المنصوص عليها فى البند (ج) من المادة (3) من لائحة المأذونين من كليات جامعة الأزهر بسبب ما ثبت من أن كلا منهم شافعي المذهب.
ولما كان المطعون ضده المذكور وغيره ممن استطال إليهم الاستبعاد من بين من أجريت بينهم القرعة قد تماثلوا مع غيرهم ممن أجريت بينهم القرعة فى دراستهم الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، بل تماثلت دراستهم فى شأن الأحوال الشخصية، حيث درسوا جميعا أحكام قانون الأحوال الشخصية المعمول به وفق الثابت من الإفادات المودعة ملف النزاع والصادرة عن قسم الخريجين بكلية الشريعة والقانون بطنطا، بما يعنى أنهم جميعا درسوا الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، ودرسوا كذلك الأحوال الشخصية للمسلمين وفق قانون الأحوال الشخصية الذى اتخذ من المذهب الحنفى عمدة لنصوصه، ومن ثم يكون نهج الجهة الإدارية مخالفا صحيح حكم القانون، مهدرا مركزا قانونيا بغير مسوغ مشروع لأولئك الحاصلين على إحدى الشهادات المنصوص عليها فى البند (ج) المشار إليه، ومفضِّلا دون تأويل صحيح أولئك الحاصلين على ليسانس الحقوق، رغم تساوي الطائفتين دراسة ومؤهلا وفق ما سلف ذكره، الأمر الذى يغدو متعينا معه إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها وجوب إجراء القرعة بين المنتمين إلى كل من الطائفتين السالفتي الذكر، وتعيين من تسفر القرعة عن اختياره من بينهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون متفقا وصحيح حكم القانون لا مطعن عليه، ويكون الطعن عليه غير قائم على سبب ينال منه، لاسيما وأن هذا الحكم لم يخالف قضاء المحكمة الإدارية العليا وما خلصت إليه فى الطعنين رقمى 3270 لسنة 39 ق.ع بجلسة 12/1/1997 و 13154 لسنة 49ق.ع بجلسة 6/5/2006 إذ لم يثبت من الأوراق أن أيا من المتقدمين لمأذونية الناحية المذكورة حنفي المذهب، سواء فى ذلك من صدر القرار بتعيينه أو غيره؛ لأن ادعاء ذلك يتعين أن يثبت للمحكمة على وجه لا يأتيه الوهن أو الريبة، لاسيما وأن الأوراق قد جاءت خلوا من إفادة أي من كليات الحقوق التى حصل من أجريت القرعة بينهم على الشهادة الجامعية منها بأن أيا منهم درس الشريعة الإسلامية – غير قانون الأحوال الشخصية – على المذهب الحنفي، وهو ما يتوافق مع ما هو معلوم من اللوائح الداخلية لهذه الكليات، ومن ثم تعين رفض الطعن الماثل.
حكمت المحكمة:
(أولا) بقبول تدخل السيد/ … خصما منضما.
(ثانيا) بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
([1]) في حكمها في الطعن رقم 13154 لسنة 49 ق ع بجلسة 6/5/2006 (منشور بمجموعة المكتب الفني السنة 51 مبدأ رقم 117 ص 824 ) أكدت المحكمة الإدارية العليا أن معيار (حنفية المذهب) أصبح معيارا غير منضبط بعد تعديل القانون وإجازته التنافس على هذه الوظيفة ممن حصلوا على أية شهادة من كلية جامعية أخرى غير جامعة الأزهر مما تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، لكنها أكدت أنه رغم هذا لا يجوز إهدار هذا المعيار إلى أن يتدخل المشرع لوضع ضوابط تطبيق هذا المعيار، فيتعين الأخذ بإقرار المترشح وما يقدمه من مستندات معززة لكونه حنفي المذهب، أيا كانت طبيعة هذه المستندات، مادام باقي المرشحين لم يقدموا ما يناقض ذلك الإقرار أو يشكك في سلامة هذه المستندات.