جلسة 11 من مايو سنة 2011
الطعن رقم 8500 لسنة 57 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)
المدارس التجريبية للغات– القبول بمرحلة رياض الأطفال– شرط السن– يتعين قبول الطفل عند بلوغ السن المقررة قانونا ولو لم تسمح الكثافة بقبوله– تحديد الكثافة مسألة تنظيمية للقائمين على توزيع الأطفال في الفصول، ولا شأن لها بمسألة القبول بالمدرسة– يكون أخذ هذه الكثافة في الاعتبار فقط للنظر في إعمال الاستثناء الخاص بالنزول بسن القبول.
-المادة (18) من دستور 1971.
-المادة (15) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، المعدل بالقانون 233 لسنة 1988، ورقم (23) لسنة 1999.
-المواد أرقام (3) و (54) و (55) من قانون الطفل، الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، المعدل بالقانون رقم (126) لسنة 2008.
في يوم الأربعاء الموافق 22/12/2010 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 41427 لسنة 64ق بجلسة 28/11/2010، الذي قضى بما يلي: “حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها”.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على وفق الثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره، ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 17/7/2010 أودع الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 41427 لسنة 64ق طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قبول ابنته القاصر/ بسملة بالصف الأول برياض الأطفال بمدرسة أم الأبطال التجريبية بالهرم في العام الدراسي 2010/2011، وما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه أن كريمته المذكورة في أول أكتوبر 2010 تبلغ من العمر أربع سنوات وستة أشهر وستة أيام، وتقدم لإلحاقها بالصف الأول رياض الأطفال بالمدرسة المشار إليها غير أنها لم تقبل بها فأقام دعواه.
…………………………………………………………………………………
وبجلسة 28/11/2010 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تأسيساً على أن كريمة المدعي لم تصل سنها إلى الحد الأدنى الذي قبلته المدرسة بالصف الأول رياض الأطفال في أول أكتوبر 2010 وهو خمس سنوات وسبعة أشهر وعشرة أيام حسب الكثافة المقررة بالمدرسة.
وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
…………………………………………………………………………………
ولم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن الذي نعى عليه مخالفة القانون حيث إن كريمته المذكورة تجاوزت سن القبول برياض الأطفال بالمدرسة المطعون ضدها، حيث يزيد سنها على أربع سنوات ونصف، ولا يجوز حرمانها من الالتحاق بالصف الأول رياض الأطفال، وقد التحقت شقيقتها بذات المدرسة بموجب حكم قضائي عادل صادر عن مجلس الدولة، وإنه من غير المقبول ألا يكون القبول بهذا الصف إلا لمن بلغ ست سنوات إلا شهرا طبقا للكشف المقدم من الجهة الإدارية؛ لمخالفة ذلك لقانون التعليم الذي حدد سن القبول بالتعليم الأساسي (الصف الأول الابتدائي) بست سنوات، وأجاز النزول بهذه السن إلى خمس سنوات ونصف إذا كانت الكثافة تسمح بذلك.
واختتم الطاعن تقرير طعنه بطلب الحكم بطلباته.
…………………………………………………………………………………
ومن حيث إن المادة (18) من الدستور تنص على أن: “التعليم حق تكفله الدولة…”.
وتنص المادة (3) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 1996 على أنه: “…وتكون لحماية الطفل ومصالحه الفضلى الأولوية في جميع القرارات والإجراءات المتعلقة بالطفولة أيا كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها”.
وتنص المادة (54) من ذات القانون على أن: “التعليم حق لجميع الأطفال في مدارس الدولة بالمجان”.
وتنص المادة (55) منه على أن: “رياض الأطفال نظام تربوي يحقق التنمية الشاملة لأطفال ما قبل حلقة التعليم الابتدائي ويهيئهم للالتحاق بها”.
وتنص المادة (15) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم (139) لسنة 1981، المعدل بالقانون رقم (233) لسنة 1988 ورقم (23) لسنة 1999 على أن: “التعليم الأساسي حق لجميع الأطفال المصريين الذين يبلغون السادسة من عمرهم، تلتزم الدولة بتوفيره لهم ويلتزم الآباء أو أولياء الأمور بتنفيذه … ويجوز في حالة وجود أماكن النزول بالسن إلى خمس سنوات ونصف وذلك مع عدم الإخلال بالكثافة المقررة للفصل”.
ومن حيث إن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة قد انتهت إلى أن “من المتعين قانونا في حالة النزول بسن الإلزام إلى خمس سنوات ونصف النزول بالسن المقررة لرياض الأطفال مدة مساوية لمدة النزول بسن الإلزام، بحيث تبدأ هذه السن من ثلاث سنوات ونصف، وصولا إلى انفساح المجال أمام الطفل لقضاء سنتين برياض الأطفال لتهيئته وإعداده للانخراط في العملية التعليمية بالمدارس الابتدائية الرسمية والخاصة التي يستوجب الالتحاق بها هذا الإعداد، يؤكد ذلك أن مرحلة رياض الأطفال ليست مرحلة منهجية، وإنما هي مرحلة تحضيرية هدفها تهيئة الطفل للمرحلة التالية”.
(فتوى رقم 58/1/163 بتاريخ 7/4/2007)
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم جميعه أن التعليم من الحقوق الدستورية التي تكفلها الدولة، وهو حق لجميع الأطفال، وألزم المشرع جميع الجهات حماية الطفل ومصالحه، ومنحها الأولوية في جميع القرارات أو الإجراءات التي تصدرها أو تباشرها تلك الجهات، وأن رياض الأطفال هو نظام تربوي للتنمية الشاملة للأطفال وتهيئتهم للالتحاق بالتعليم الأساسي، حيث يبدأ قبل بلوغ سن الإلزام وهو ست سنوات في المدارس الابتدائية، وتحدد سن القبول برياض الأطفال ببلوغ الطفل سن الرابعة من عمره في أول أكتوبر، ويجوز النزول بهذه السن إلى ثلاث سنوات ونصف إذا كانت الكثافة تسمح بذلك، أي أن الأصل هو قبول الطفل في رياض الأطفال بمجرد بلوغه أربع سنوات من عمره، واستثناء يجوز قبوله في سن ثلاث سنوات ونصف، مع الأخذ في الاعتبار تحقيقا لمصلحة الطفل وحفاظا على حقه الدستوري في التعليم أن المدارس التي بها رياض أطفال نظام سنتين يجب عليها قبول جميع الأطفال الذين يتقدمون إليها متى بلغوا سن الرابعة، وسن الخامسة لتلك التي تأخذ بنظام السنة الواحدة، ولا يجوز في هذه الحالة أن تمتنع عن قبولهم بحجة أن كثافة الفصول لديها لا تسمح؛ حيث إن في ذلك القول إهدارا صارخا لمصلحة الطفل التي أولاها المشرع رعاية خاصة وافتئاتا على حقه الدستوري في التعليم، حيث إن تحديد كثافة الفصل بعدد معين قاعدة مقررة رعاية لمصلحة الطفل ومنعا لتكدس الفصول وبخاصة في المدارس الخاصة، فلا يجوز أن تنقلب هذه القاعدة وبالا على التلميذ بحرمانه من الالتحاق أصلا بالمدرسة متى بلغ السن المقررة للقبول بها، سواء في رياض الأطفال أو مرحلة التعليم الأساسي على النحو سالف البيان، وتحديد الكثافة طبقا لقرارات وزير التربية والتعليم هي مسألة تنظيمية للقائمين على شئون المدرسة بتوزيع الأطفال في الفصول في حدود هذه الكثافة، ولا شأن لها بمسألة القبول بالمدرسة التي تلتزم قانونا بقبول الطفل متى بلغ السن القانونية للقبول، ولا يمكن أن تكون هذه الكثافة حجر عثرة تعصف بالحق الدستوري والقانوني للطفل في التعليم، وإنما يكون أخذ هذه الكثافة في الاعتبار فقط للنظر في إعمال الاستثناء للنزول بالسن إلى خمس سنوات ونصف للقبول بمرحلة التعليم الأساسي، وثلاث سنوات ونصف في رياض الأطفال إذا كانت تلك الكثافة تسمح بإعمال هذا الاستثناء.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم وتطبيقا له فإن الثابت بالأوراق أن كريمة الطاعن بلغت في أول أكتوبر من العام الدراسي 2010/2011 أربع سنوات وستة أشهر وستة أيام، وتقدم الطاعن بأوراقها للالتحاق بالصف الأول برياض الأطفال بالمدرسة المطعون ضدها القريبة من مسكنها، غير أن هذه المدرسة رفضت قبولها حيث إن الكثافة لديها لا تسمح بقبولها، حيث إن الحد الأدنى للقبول بهذا الصف في هذا العام هو ست سنوات إلا بضعة أشهر، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه بعدم قبولها يكون مخالفا للقانون وقائما على غير سببه القانوني المبرر له، فضلا عن أنه يتصادم مع حق الطفلة في التعليم الذي استوجب الدستور أن تكفله لها الدولة ويعصف بهذا الحق بلا مسوغ من القانون وخلافا له، حيث إن مسألة الكثافة لا يجوز بحثها إذا بلغ الطفل السن القانونية للقبول في رياض الأطفال وهي أربع سنوات، وإنما يكون البحث في مسألة الكثافة في حالة النزول بهذه السن إلى ثلاث سنوات ونصف، ففي هذه الحالة الأخيرة يكون القبول جوازيا إذا سمحت الكثافة بذلك، أما إذا بلغ الطفل السن القانونية للقبول سواء في الصف الأول الابتدائي أو الأول برياض الأطفال فلا يكون للمدرسة أو لجهة الإدارة الخيرة من أمرها، وإنما هي ملتزمة قانونا بقبول الطفل، والقول بغير ذلك يفتح الباب لمخالفة أحكام الدستور والقانون وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة برفض قبول الطفل بحجة أن الكثافة لا تسمح، بل يتعين على الجهة الإدارية أن تخطط دائما وتتهيأ لقبول الأعداد المتزايدة في مراحل التعليم المختلفة ومواجهة الزيادة المضطردة في أعداد الطلاب بفتح المزيد من الفصول، أو الأخذ بنظام الدراسة على فترتين أو غير ذلك من الأمور، بدلا من مخالفة القانون وقبول الأطفال في الصف الأول الابتدائي بالمدرسة المطعون ضدها حسب الكشف المقدم منها لمن يبلغ الثامنة إلا بضعة أشهر من عمره، ويتعين على القائمين على التعليم في مصر وضع إستراتيجية عاجلة وآجلة لمواجهة زيادة السكان وتطوير التعليم.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون مرجح الإلغاء عند نظر الموضوع، ويتوافر بالتالي ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فضلا عن توافر ركن الاستعجال نظراً لمساس هذا القرار بالمستقبل الدراسي والعلمي للطفلة كريمة الطاعن رغم استيفائها السن القانونية للقبول، وإذ استوى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على سوقه فإنه يتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى غير هذه النتيجة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيقه القانون وتفسيره جديرا بالإلغاء، والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان حتى يتم قبول الطفلة بالمدرسة المطعون ضدها هذا العام (2010/2011) وإلزام المدرسة المطعون ضدها الرابعة المصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.