جلسة 27 من أكتوبر سنة 2007
(الدائرة الرابعة)
الطعن رقم 4586 لسنة 49 القضائية عليا.
– الحماية المقررة لأعضاء المنظمات النقابية عند تقدير كفايتهم- حالات زوالها.
المادة 32/6 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978- المادة (31) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
حرص المشرع على كفالة الحماية والطمأنينة لأعضاء المنظمات النقابية عند ممارستهم لعملهم النقابي، فأوجب تقدير كفايتهم بما لا يقل عن ذات المرتبة التي قدرت بها تلك الكفاية عن السنة السابقة على انتخابهم، لكن ذلك مرهون بألا يحيق بالعامل عضو المنظمة النقابية أي من تلك الأسباب التي نصت عليها اللائحة التنفيذية للقانون رقم 47 لسنة 1978، التي من شأن تحقق أحدها أن يمتنع تقدير كفاية العامل بمرتبة ممتاز أو جيد جدا، وإن كانت هي المرتبة التي قدرت به كفايته في العام السابق على انتخابه- من بين هذه الأسباب ما نصت عليه المادة (31) من اللائحة المشار إليها، وهي حالة العامل الذي وُقع عليه جزاء تأديبي بعقوبة الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل لمدة تزيد على خمسة أيام، أو بعقوبة أشد، أو جوزي بجزاءات يجاوز مجموعها الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل لمدة تزيد على عشرة أيام، أو بعقوبة أشد خلال العام الذي يوضع عنه التقرير- هذا المانع يقدم على ما تقتضيه المادة 32 من قانون نظام العاملين المدنيين المشار إليه؛ تطبيقا للقاعدة الأصولية: “إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع”- تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 19/2/2003 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4586 لسنة 49 ق.عليا طعنا في الحكم المشار إليه بعاليه الصادر في الدعوى رقم 40 لسنة 29ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن القاضي بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره.
وللأسباب الواردة بتقرير الطعن خلص الطاعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة وذلك على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت الدائرة بجلسة 27/12/2006 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة موضوع لنظره بجلسة 24/2/2007 وبها نظر وما تلاها من جلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 12/5/2007 إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 23/11/2000 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 40 لسنة 29ق وذلك بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة متضمنة ملف القضية رقم 465 لسنة 2000 المنصورة وتقرير اتهام ضد: … المدرس بمدرسة الملك الكامل الثانوية بالمنصورة بالدرجة الثانية. ونسبت إليه أنه خلال شهر يوليو سنة 1999 بإدارة شرق المنصورة التعليمية خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك مسلكا لا يتفق مع الاحترام الواجب بأن:
وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً طبقاً لنصوص مواد الاتهام الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 21/12/2002 صدر الحكم الطعين، وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن المخالفتين المنسوبتين للمحال ثابتتان في حقه ثبوتا يقينيا بما جاء بالأوراق والتحقيقات وما شهد به… مدير إدارة التنسيق الإعدادي والثانوي بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية، من أن المحال المذكور ذكر في خانة الجزاءات ببطاقة الترشيح للترقية المعتمدة من إدارة شرق المنصورة: (لا يوجد)، وفي خانة التقرير السنوي: (ممتاز)، في حين أنه موقع عليه أكثر من ستين يوما خصما من راتبه، وتقريره عن سنة 1997 هو 82 وليس 90 درجة، وعن عام 1998 هو 50 درجة وليس 90 درجة، وترتب على هذا التزوير في البطاقة ترقيته إلى وكيل إعدادي بالأمر رقم 93 في 4/10/1999 دون وجه حق، حيث يشترط القانون أن يحصل المرقى على تقريرين بمرتبة ممتاز في السنتين الأخيرتين السابقتين لسنة الترقية، وألا يكون قد وقع عليه أكثر من خمسة أيام جزاءات طول العام السابق للترقية، وبعد اكتشاف الواقعة تم سحب قرار الترقية، وهذا ما تأكد من أقوال/ … مدير شئون العاملين بإدارة شرق المنصورة التعليمية من أنه قد تم تحرير تلك البطاقة وتدوين ما بها من بيانات بمعرفة صاحب الشأن نفسه، وهو الذي قام بتزوير جميع التوقيعات حتى يحصل على الترقية بدون وجه حق، مما يستوجب مجازاته تأديبيا.
ومن حيث إن أسباب الطعن تتحصل في الخطأ في تطبيق القانون وتأويله على الأساس الآتي:
أولا- انتفاء القصد الجنائي للطاعن إذ انعدمت مصلحة الطاعن في تزوير بطاقة إبداء رغبات الترقية وذلك لأن المادة 32/6 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 تنظم كيفية منح أعضاء النقابات تقارير الكفاية.
ثانيا- اعترف السيد/ … موجه اللغة الانجليزية بإدارة شرق المنصورة التعليمية، وهو المسئول عن وضع تقارير الطاعن السنوية في عامي 97 و 1998 أمام المحكمة بأنه أعطى الطاعن تقرير كفاية (ممتاز) وأنه لا يعلم بمبررات التحقيق.
ثالثا- أقر السيد / … مدير الشئون الإدارية والمالية بإدارة شرق المنصورة التعليمية بمحضر التحقيق بالنيابة الإدارية عند سؤاله بأنه قد وقع على تلك البطاقة.
وخلص الطاعن بذلك إلى طلباته سالفة البيان.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فيما أبلغت به إدارة الشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية بكتابها رقم 958 في 17/2/2000 وذلك للتحقيق وتحديد مسئولية / … مدرس اللغة الانجليزية بمدرسة الملك الكامل الثانية بالمنصورة التابعة لإدارة شرق المنصورة التعليمية، بشأن ما نسب إلى المحال (الطاعن) من تقديمه بطاقة ترشيح للترقية لوظيفة وكيل إعدادي، ضمَّنها بيانات مخالفة للحقيقة مما ترتب عليه ترقيته دون استحقاق، وكذا طلب التحقيق مع المختصين بإدارة شرق المنصورة التعليمية لاعتمادهم تلك البطاقة.
وقد تضمنت الأوراق مذكرة إدارة التنسيق الإعدادي والثانوي بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية للعرض على وكيل الوزارة المؤرخة 2/11/1999 وذلك لإفادته أنه وردت بطاقة رغبات الترقية لـ … ومدون بها في خانة الجزاءات (لا يوجد)، وخانة التقارير الفنية ممتاز 90 درجة، مما ترتب عليه ترقيته إلى وظيفة وكيل إعدادي بالأمر رقم 93 في 4/10/1999، وأنه قد ورد إلى إدارة التنسيق بتاريخ 1/11/1999 خطاب من إدارة شرق المنصورة يفيد بأن المذكور تقاريره الأخيرة عن سنة 1997 هو 82 درجة وعن سنة 1998: 50 درجة وموقع عليه جزاءات وخصومات من 1/7/1997 حتى 30/6/1998 الفترة المطلوبة للترقية تصل إلى 60 يوما، غير الإنذارات، وقامت إدارة التنسيق بتقديم مقترح بإلغاء الترقية، وأن ما حدث ترتب عليه كثرة الشكاوى من المتضررين من ترقيته، كما أرفق صحيفة أحواله الوظيفية، وأجرت الجهة الإدارية تحقيقاً في الواقعة انتهت فيه إلى إحالة الأوراق إلى النيابة الإدارية بالمنصورة لإعمال شئونها، وقامت هذه النيابة بإجراء التحقيقات اللازمة في الموضوع بقضيتها رقم 465/2000 انتهت فيه إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد المحال، ونسبت إليه ارتكاب المخالفات الواردة بتقرير الاتهام وطلبت محاكمته تأديبياً.
ومن حيث إنه عن المخالفتين المنسوبتين إلى المحال (الطاعن) والمتمثلتين في قيامه: 1- بتزوير بطاقة رغبات ترقية مؤرخة في 8/7/1999 بتضمينها بيانات مخالفة للحقيقة وخاصة بيانات الجزاءات التي حصل عليها وتقاريره السنوية عن عامي 1997 و 1998 مما ترتب عليه ترقيته للوظيفة الأعلى دون وجه حق. 2- استعمال البطاقة المشار إليها وذلك لتقديمها إلى جهة عمله بغرض الترقية إلى وظيفة وكيل إعدادي بدون وجه حق؛ فإن ذلك ثابت في حقه ثبوتاً كافياً بما جاء بالأوراق والتحقيقات وما شهد به كل من / … مدير إدارة التنسيق الإعدادي والثانوي بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية، من أن المحال المذكور ذكر في خانة الجزاءات ببطاقة الترشيح للترقية المعتمدة من إدارة شرق المنصورة التعليمية (لا يوجد)، وفي خانة التقرير السنوي (ممتاز)، في حين أنه موقع عليه أكثر من ستين يوما خصما من راتبه، وتقريره عن عام 1997 هو 82 درجة وليس 90 درجة وعام 98 هو 50 درجة وليس 90 درجة، وترتب على هذا التزوير في البطاقة ترقيته إلى وكيل إعدادي بالأمر رقم 93 في 4/10/1999 دون وجه حق، حيث يشترط القانون أن يحصل المرقى على تقريرين بمرتبة ممتاز في السنتين الأخيرتين السابقتين لسنة الترقية، وألا يكون قد وقع عليه أكثر من خمسة أيام جزاءات طوال العام السابق للترقية، وبعد اكتشاف الواقعة تم سحب الترقية، وهذا ما تأيد بما جاء في أقوال… مدير شئون العاملين بإدارة شرق المنصورة التعليمية من أنه قد تم تحرير تلك البطاقة وتدوين ما بها من بيانات بمعرفة صاحب الشأن نفسه، وهو الذي قام بتزوير جميع التوقيعات حتى يحصل على ترقية بدون وجه حق، ومن ثم فإن ما نسب إلى الطاعن ثابت في حقه ثبوتا كافيا من الأوراق والتحقيقات ومن واقع أقوال الشهود مما يستوجب مجازاته تأديبيا، وعليه يكون الحكم المطعون فيد قد صادف صواب الواقع والقانون فيما انتهى إليه للأسباب السائغة التي قام عليها.
ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن من أن المحكمة التأديبية بالمنصورة قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله على سند من القول إن الطاعن ينتفي القصد الجنائي لديه وتنعدم مصلحته في التزوير في بطاقة إبداء رغبات الترقية وذلك وفقاً لنص المادة (32/6) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 التي تنص على أنه: “وبالنسبة لأعضاء المنظمات النقابية تحدد مرتبة كفايتهم بما لا يقل عن مرتبة تقدير كفايتهم في السنة السابقة على انتخابهم بالمنظمات النقابية”، فهذا القول مردود عليه بأنه وفقاً لنص المادة (32/6) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 سالف البيان فإنه وإن حرص المشرع على كفالة الحماية والطمأنينة لأعضاء المنظمات النقابية عند ممارستهم لعملهم النقابي فأوجب تقدير كفايتهم بما لا يقل عن ذات المرتبة التي قدرت بها تلك الكفاية عن السنة السابقة على انتخابهم، فإن ذلك مرهون بألا يحيق بالعامل عضو المنظمة النقابية أي من تلك الأسباب التي نصت عليها اللائحة التنفيذية للقانون رقم 47 لسنة 1978، التي من شأن تحقق أحدها أن يمتنع تقدير كفاية العامل بمرتبة ممتاز أو جيد جدا، وإن كانت هي المرتبة التي قدرت بها كفايته في العام السابق على انتخابه، ومن بين هذه الأسباب ما نصت عليه المادة (31) من اللائحة المشار إليها وهي حالة العامل الذي وقع عليه جزاء تأديبي بعقوبة الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل لمدة تزيد على خمسة أيام أو بعقوبة أشد أو جوزي بجزاءات يجاوز مجموعها الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل لمدة تزيد على عشرة أيام أو بعقوبة أشد خلال العام الذي يوضع عنه التقرير، وهذا المانع السابق يتقدم على ما تقتضيه المادة (32) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليها تطبيقاً للقاعدة الأصولية (إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع).
واستناداً إلى ما تقدم فإن الطاعن لا يستفيد من نص المادة (32/6) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة؛ إذ إنه موقع عليه جزاءات خصم من راتبه تصل إلى أكثر من ستين يوماً من راتبه في الفترة من سنة 97 حتى سنة 1998 مما ترتب عليه عدم تقيد الجهة الإدارية بنص المادة (32/6) سالف الإشارة إليه.
كما أنه لا ينال من صحة الحكم الطعين ما يثيره الطاعن من محاولة التشكيك في أقوال الشهود وصحة الواقعة المنسوبة إليه حيث إنها محاولة لإعادة الجدل في أدلة الدعوى التي لا يجوز إثارتها أمام المحكمة الإدارية العليا ما دامت المحكمة التأديبية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً من الواقع والقانون، ومن ثم يكون الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون، متعينا طرحه.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.