جلسة 3 من نوفمبر سنة 2007
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 5555 لسنة 49 القضائية عليا.
– انتهاء الخدمة– الاستقالة الضمنية– الإنذار- أثر إبلاغ العامل حال مرضه بمحل إقامة غير الثابت لدى جهة عمله .
المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1978.
يشترط لإعمال حكم المادة (98) باعتبار العامل مستقيلا حكما بسبب الانقطاع، الذي اعتبره النص قرينة على العزوف عن الوظيفة العامة، إنذار العامل كتابة بعد خمسة أيام في حالة الانقطاع المتصل، وعشرة أيام في حالة الانقطاع غير المتصل؛ وذلك حتى تتبين جهة الإدارة مدى إصراره على ترك الوظيفة، وحتى يكون العامل على بينة بالإجراء الذي تنوي الإدارة اتخاذه في مواجهته، إما بإنهاء الخدمة أو بالمساءلة التأديبية– لئن كان المشرع في المادة (98) أوجب لصحة قرار إنهاء الخدمة للاستقالة الضمنية (الانقطاع) أن يكون مسبوقاً بإنذار يوجه للعامل المنقطع، إلا أنه يتعين لكي ينتج هذا الإنذار أثره أن يتصل بعلم من وجه إليه– الأصل في هذا الشأن أن يوجه الإنذار إلى عنوان العامل الثابت لدى جهة عمله من واقع ملف خدمته- إذا ما تم الإنذار كذلك فإنه يفترض أن العامل قد علم به، وإذا ما ادعى خلاف ذلك، فعليه أن يقيم الدليل على عكسه-الاستثناء: حالة ما إذا أرسل العامل إلى جهة عمله بمرضه وإقامته في عنوان غير العنوان الثابت بملف خدمته، فإنه يتعين أن يوجه الإنذار إليه على عنوانه الثابت بملف خدمته، وكذلك على عنوانه الذي أخطر جهة عمله بإقامته فيه لمرضه ما دام هذا العنوان ثابتاً لديها عندما أخطرته بإحالته للقومسيون الطبي على هذا العنوان، وهو التزام لا تعفى منه جهة الإدارة ما دام هذا العنوان ثابتاً لديها. أثر مخالفة ذلك: فقد الإنذار للآثار القانونية المترتبة عليه- تطبيق.
في يوم الخميس الموافق 13/3/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة، بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط –الدائرة الثانية بجلسة 15/1/2003 في الدعوى رقم 2460 لسنة 10 ق القاضي منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بالمحكمة فقررت بجلسة 28/5/2007 إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية (موضوع) لنظره بجلسة 10/9/2007 ، وبها نظرته هذه المحكمة وقررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 3/11/2007، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 15/8/1999 أقام المطعون ضده (كمدعٍ) ضد الطاعنين (كمدعى عليهما) الدعوى رقم 2460 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط، طالبا فيها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 34 لسنة 1996 فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتبارا من 8/6/1994 للانقطاع عن العمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر شرحا للدعوى أنه يشغل وظيفة مأمور ضرائب بإدارة الضرائب العقارية بأخميم التابعة لمديرية الضرائب العقارية بسوهاج وبتاريخ 11/5/1994 أصيب بعدة أمراض نفسية واستقر به المقام بمدينة الجيزة بمحافظة الجيزة للعلاج حيث قام بتاريخ 11/5/1994 بإبلاغ جهة عمله بمرضه وأن عنوانه هو…، فقامت جهة عمله بتحويله إلى القومسيون الطبي بمحافظة الجيزة الذي أثبت مرضه واعتبر المدة من 11/5/1994 حتى 31/5/1994 إجازة مرضية مع منحه إجازة مرضية أخرى لمدة سبعة أيام من 1/6/1994 حتى 7/6/1994، وبتاريخ 13/6/1999 علم بصدور القرار رقم 34 لسنة 1996 بتاريخ 23/4/1996 بإنهاء خدمته للانقطاع فتظلم من هذا القرار بتاريخ 13/6/1999 دون جدوى.
ونعى على القرار المشار إليه صدوره بالمخالفة للقانون لعدم إنذاره قبل إنهاء خدمته وذلك بالمخالفة للمادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
وبجلسة 15/1/2003 قضت محكمة القضاء الإداري بأسيوط –الدائرة الثانية– بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وشيدت المحكمة قضاءها –بعد أن استعرضت نص المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة– على أنه ولئن كانت الجهة الإدارية قد أنذرت المدعي على عنوانه الثابت لديها بملف خدمته بأنه منقطع عن العمل اعتبارا من 8/6/1994 وفي حالة انقطاعه لمدة خمسة عشر يوما سيتم إنهاء خدمته بالرغم من أن المدعي كان قد أخطر جهة عمله بتاريخ 11/5/1994 بأنه مريض وملازم للفراش وأن عنوانه هو… ومن ثم كان يتعين على الجهة الإدارية إنذاره على آخر عنوان يقيم فيه وهو العنوان المشار إليه بالإخطار بمرضه، وإذ لم تقم الجهة الإدارية بهذا الإجراء، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين فقد أقاما عليه طعنهما الماثل على سند مما نعياه على الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن يتم الإنذار على عنوان العامل الثابت بملف خدمته، وأن الإخطار بمرض المطعون ضده والثابت به أنه مريض وملازم للفراش وعنوانه هو… فلا يمثل تغييرا للعنوان الثابت للمطعون ضده بملف خدمته، وبناء عليه يكون الإنذار المرسل إلى المطعون ضده بإنهاء خدمته على عنوانه الثابت بملف خدمته صحيحا ومنتجا لآثاره القانونية ويكون القرار الصادر بإنهاء خدمته صحيحا ومتفقا مع أحكام القانون.
ومن حيث إن المادة (98) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن: “يعتبر العامل مقدما استقالته في الحالات الآتية:
1- إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول… فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 – إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوما غير متصلة.
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية…”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يشترط لإعمال حكم المادة (98) سالفة الذكر باعتبار العامل مستقيلا حكما بسبب الانقطاع الذي اعتبره النص قرينة على العزوف عن الوظيفة العامة إنذار العامل كتابة بعد خمسة أيام في حالة الانقطاع المتصل وعشرة أيام في حالة الانقطاع غير المتصل، وذلك حتى تتبين جهة الإدارة مدى إصراره على ترك الوظيفة وحتى يكون العامل على بينة بالإجراء الذي تنوي الإدارة اتخاذه في مواجهته إما بإنهاء الخدمة أو بالمساءلة التأديبية.
ومن حيث إنه ولئن كان المشرع في المادة (98) سالفة الذكر قد أوجب لصحة قرار إنهاء الخدمة للاستقالة الضمنية (الانقطاع) أن يكون مسبوقا بإنذار يوجه للعامل المنقطع، إلا أنه يتعين لكي ينتج هذا الإنذار أثره أن يتصل بعلم من وجه إليه.
والقاعدة في هذا الشأن أن يوجه الإنذار إلى عنوان العامل الثابت لدي جهة عمله من واقع ملف خدمته فإذا ما تم الإنذار كذلك فإنه يفترض أن العامل قد علم به وإذا ما ادعي خلاف ذلك فعليه أن يقيم الدليل على عكسه .
وحيث إنه وإن كان هذا هو الأصل إلا أنه يرد عليه استثناء توجبه الغاية التي من أجلها شرع الإنذار وهو أنه في حالة ما إذا أرسل العامل إلى جهة عمله بمرضه وإقامته في عنوان غير العنوان الثابت بملف خدمته، فإنه يتعين أن يوجه الإنذار إليه على عنوانه الثابت بملف خدمته، وكذلك على عنوانه الذي أخطر جهة عمله بإقامته فيه لمرضه، ما دام هذا العنوان ثابتاً لديها عندما أخطرته بإحالته للقومسيون الطبي على هذا العنوان وهو التزام لا تعفى منه جهة الإدارة ما دام هذا العنوان ثابتا لديها.
ومن حيث إنه هديا بما تقدم ولما كان الثابت أن المطعون ضده يعمل بوظيفة مأمور ضرائب عقارية بأخميم التابعة لمديرية الضرائب العقارية بسوهاج وأنه أخطر جهة عمله بتاريخ 11/5/1994 بأنه مريض وملازم الفراش وعنوانه هو… وطلب تحويله لتوقيع الكشف الطبي عليه حيث تم توقيع الكشف الطبي عليه بمعرفة المجلس الطبي بالجيزة بتاريخ 1/6/1994 والذي قرر منحه إجازة مرضية لمدة سبعة أيام من 1/6/1994 مع حساب المدة من 11/5/1994 حتى 31/5/1994 إجازة مرضية، ثم قامت الجهة الإدارية بإنذاره على عنوانه الثابت بملف خدمته وليس على عنوانه الذي أبلغ أنه مقيم فيه للمرض ومن ثم فإن هذا الإنذار لا ينتج أثره القانوني لتخلف الحكمة التي من أجلها شرع الإنذار ، وترتيبا على ذلك يكون القرار المطعون فيه رقم 34 لسنة 1996 بإنهاء خدمة المطعون ضده اعتبارا من 8/6/1994 للانقطاع مخالفا لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما قررته الجهة الإدارية من قيامها بإنذار المطعون ضده على عنوانه الثابت لديها بملف خدمته وأنه لم يخطرها بتغيير هذا العنوان وأن هذا الإنذار يقع صحيحا, فإن ذلك مردود عليه بأن إنذار الإدارة للعامل على عنوانه الثابت بملف خدمته وهي تعلم يقينا بوجوده في عنوان آخر لمرضه هو إنذار لا يؤتي ثماره ولا يحقق أثره الذي ابتغاه القانون ولا يؤدي – بحسب الأصل – إلى اتصال علم العامل بفحوي الإنذار ومؤداه , ومن هذا كان لزاما أن يتم الإنذار أيضا على عنوان العامل الثابت بملف خدمته وكذلك على عنوانه المقيم به لمرضه والذي أخطر جهة الإدارة به حتى يتوفر المناط الذي استهدفه المشرع من اشتراط الإنذار قبل إنهاء الخدمة.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بذات النظر وانتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون جديرا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.