جلسة 25 من نوفمبر سنة 2008
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 21822 لسنة 51 القضائية عليا
السلطة المختصة بإزالة التعدي عليها- رقابة القضاء تسلط على مشروعية القرار في ضوء الظروف المتحققة وقت صدوره.
الأعمال التى حجب المشرع عن جهة الإدارة سلطة إزالتها وأناطها بالقاضي الجنائى وحده هى تلك التى اكتمل إنشاؤها وصارت مبانيَ صالحة للاستخدام فى الغرض الذى أقيمت من أجله، أما غير ذلك كالتشوينات وإقامة الأسوار وأعمال الحفر والأساسات كالقواعد والسملات، أو الأعمال التى تدل بذاتها على عدم إتمام البناء وتهيئته للاستخدام فلا يوجد ما يبرر قانونا الحيلولة بين الجهة الإدارية وإصدار قرار بوقفها وإزالتها، بل إن ذلك واجب عليها تلتزم بأن تهتم به وتبادر إليه نزولا على حكم القانون؛ حمايةً للأرض الزراعية كثروة قومية للبلاد- ما يصدر عن الجهة الإدارية من تصرف فى شأن هذه الأعمال يخضع لرقابة القضاء الإداري- هذه الرقابة توزن في ضوء الوقائع التي كانت سببا في إصدار القرار، بصرف النظر عما طرأ على محل المخالفة فيما بعد، سواء كان بفعل المخالف أو بفعل غيره- تطبيق.
وجوده– لا يشترط أن يكون مكتوبا- كيفية الاستدلال عليه.
لا يشترط أن يكون القرار الإداري مكتوباً وله رقم ثابت بسجلات معينة، فيكفي أن تقوم الأدلة على وجوده قانونا، وصدوره عن الجهة الإدارية المعنية ولو كان شفويا– يمكن الاستدلال على وجوده وقيامه قانونا من الإجراءات التى تقوم بها الإدارة لتنفيذه- مثال ذلك: إدراج اسم من ارتكب مخالفة بناء بالكشوف الخاصة بالإزالة الفورية للأعمال المخالفة التى تم حصرها.
رقابة مشروعيته- رقابة القضاء تسلط على مشروعية القرار في ضوء الظروف المتحققة وقت صدوره.
رقابة القضاء على مشروعية القرار الإداري توزن في ضوء الوقائع التي كانت سببا في إصداره، بصرف النظر عما طرأ على محل المخالفة فيما بعد، سواء كان بفعل المخالف أو بفعل غيره.
في يوم الأربعاء الموافق 10/8/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل حيث قيد بجدولها تحت رقم 21822 لسنة 51 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري دائرة القليوبية بجلسة 5/7/2005 في الدعوى رقم 1489 لسنة 4 ق القاضي بقبولها شكلاً ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وطلب الطاعنون للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً ووقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث حضر الطرفان كل بوكيل عنه وقدم الحاضر عن المطعون ضدها صورة تصريح بناء رقم 113 لسنة 2007 باسم … بصفته وكيلاً عن المطعون ضدها، وقرر الحاضر عن الجهة الإدارية أن هذا التصريح لاحق للمخالفة محل الإزالة وقدم مذكرة، وقد قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة- موضوع – بالمحكمة لنظره بجلسة 11/11/2008 وفيها نظرته المحكمة وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بصحيفة أودعت بتاريخ 17/3/2003 قلم كتاب محكمة القضاء الإداري دائرة القليوبية وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه ووقف الإزالة الفورية لمنزلها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكرت شرحاً للدعوى أنها تمتلك منزلاً سكنياً بناحية كفر عبد السيد نوار بمركز كفر شكر ــ قليوبية – بحوض الفضالى/ 5 على مساحة قيراطين، وقد أقامته منذ عشر سنوات ونظراً لتصدع بعض جدرانه فقد أجرت به بعض الترميمات إلا أنها علمت في فبراير 2003 أن الجهة الإدارية نسبت إليها التعدي على الأرض الزراعية وتبويرها بوضع تشوينات عليها وبدأت في إجراءات إزالتها الأمر الذي يخالف القانون لأن المشرع جعل ذلك من سلطة واختصاص القضاء الجنائي فقط ولذلك أقامت الدعوى المذكورة.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت بجلسة 5/7/2005 الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب تخلص في أنه لما كان المشرع بنص المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 قد حظر إقامة أي مبان أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها، واعتبر المشرع الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية في حكم الأراضي الزراعية، وحدد المشرع في المادة 156 من القانون المذكور عقوبة جنائية هي الحبس والغرامة لمن يخالف نص المادة 152 المشار إليها، ونص على أنه يجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف، وأناط بوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف، وخلصت المحكمة إلى أنه إعمالاً لهذين النصين يكون من سلطة الجهة الإدارية فقط وقف الأعمال المخالفة دون أن تتجاوز ذلك إلى إصدار قرار بإزالتها لأن المشرع اختص القضاء الجنائي وحده بإزالة هذه الأعمال عند إدانة المخالف بحكم جنائي، وأنه لما كان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المدعية (المطعون ضدها) قامت ببناء أربع حجرات بالطوب الأحمر والطين وحظيرة مواشي مسقوفة بالحطب والبوص ومحاطة بسور من البوص على مساحة من الأرض الزراعية المملوكة لها بناحية كفر عبد السيد نوار مركز كفر شكر بحوض الفضالي/ 5، فمن ثم تكون إزالة هذه الأعمال من اختصاص القضاء الجنائي وحده ويضحى قرار الجهة الإدارية بإزالتها غير قائم على سند صحيح من القانون، الأمر الذي يتوفر معه ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذه فضلاً عن توفر ركن الاستعجال نظراً للمخاطر والأضرار التي ستصيب المدعية من جراء تنفيذه وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتض ذلك الحكم فأقامت ضده الطعن الماثل استناداً إلى أسباب حاصلها أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وخالف الثابت بالأوراق وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن ما قامت به المطعون ضدها عبارة عن تشوين مواد بناء وإقامة قواعد خرسانية على المساحة المشار إليها دون تصريح من الجهة الإدارية المختصة، وهذه الأعمال من شأنها تبوير الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها ومن حق الجهة الإدارية طبقاً لنص المادتين 151 و 155 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المشار إليه وتعديلاته إصدار قرار بإزالة هذه الأعمال وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه صادراً من سلطة مختصة قانوناً بإصداره ومتفقاً وحكم القانون وقائماً على ما يبرره من الأوراق، مما كان يتعين معه على محكمة القضاء الإداري أن تقضى برفض الدعوى، أما وأنها ذهبت إلى غير ذلك بمقولة إن إزالة المباني من سلطة القاضي الجنائي وحده رغم أن الأعمال التي قام بها المطعون ضده لا ينطبق عليها هذا الوصف فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 151 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانونين رقم 116 لسنة 1983 و 12 لسنة 1985 تنص على أنه: “يحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها التي تحدد بقرار من وزير الزراعة، كما يحظر عليهم ارتكاب أي عمل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها”،كما تنص المادة 155 من القانون المذكور على أن: “يعاقب على مخالفة حكم المادة 151 من هذا القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمس مئة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه عن كل فدان أو جزء منه من الأرض موضوع المخالفة… ولوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف”.
ومفاد هذين النصين أن المشرع حظر ترك الأرض الزراعية دون زراعة لمدة سنة أو القيام بأي عمل أو الامتناع عن أي عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها، وحدد عقوبة جنائية لمن يخالف ذلك هي الحبس والغرامة، كما أجاز لوزير الزراعة – قبل الحكم في الدعوى الجنائية- أن يصدر قراراً بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف.
ومن حيث إن الثابت من ظاهر الأوراق أن المطعون ضدها قامت بالتعدي على المساحة المشار إليها بأن قامت بوضع وتشوين مواد بناء عليها حسبما يبين من كتاب الإدارة الزراعية بكفر شكر المؤرخ 25/5/2003 المرسل إلى نيابة كفر شكر والمودعة صورته بحافظة مستندات المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري في 17/6/2003.
وقد ترتب على هذه الأعمال تبوير المساحة المشار إليها وعدم زراعتها والمساس بخصوبتها رغم أنها من الأرض الزراعية فمن ثم يكون القرار المطعون فيه وقد صدر بإزالة هذه الأعمال وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قائماً على ما يبرره ومتفقاً وصحيح حكم القانون، وليس صحيحاً أن القرار المطعون فيه صدر عن غير مختص لأنه تضمن إزالة مبانٍ مقامة على المساحة المذكورة بمقولة إن المشرع عقد الاختصاص بإزالتها للقضاء الجنائي حال إدانة المخالف في الدعوى الجنائية التي تقام ضده، فذلك القول مردود عليه بأن الأعمال التي حجب المشرع عن جهة الإدارة سلطة إزالتها وأناط بها القاضي الجنائي وحده هي تلك التي اكتمل إنشاؤها وصارت مبنى صالحاً للاستخدام في الغرض الذي أقيم من أجله، أما غير ذلك كالتشوينات وإقامة الأسوار وأعمال الحفر والأساسات كالقواعد والسملات أو الأعمال التي تدل بذاتها على عدم إتمام البناء وتهيئته للاستخدام فلا يوجد ما يبرر قانوناً الحيلولة بين الجهة الإدارية وإصدار قرار بوقفها وإزالتها، بل إن ذلك واجب عليها تلتزم بأن تهم به وتبادر إليه نزولاً على حكم المادتين 151 و 155 من القانون رقم 53 لسنة 1966 وتعديلاته المشار إليهما حماية للأرض الزراعية كثروة قومية للبلاد، وغني عن البيان أن ما يصدر عن الجهة الإدارية من تصرف في شأن هذه الأعمال يخضع لرقابة القضاء الإداري الذي يتأكد من توفر الوقائع والأسباب التي تبرر تصرف الإدارة وتبيح لها إصداره وذلك حسبما يتراءى له من الأوراق في كل حالة على حده.
ومن حيث إنه متى كان القرار المطعون فيه قد قام على سببه الذي يبرره ووافق صحيح القانون فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير ذلك يكون مخالفاً للواقع والقانون، لاسيما وأن العبرة دائماً بالوقائع التي كانت سبباً في إصدار قرار الإزالة وليس بما طرأ على المساحة محل المخالفة فيما بعد سواء بفعل المخالف أو غيره، والثابت مما تقدم أن قرار الجهة الإدارية بإزالة الأعمال التي قامت بها المطعون ضدها كان بشأن تشوينات لمواد البناء وضعتها على هذه المساحة مما أدى إلى تبويرها ولذلك لم يتعلق هذا القرار بالغرف السكنية التي قد تكون أقامتها بعد ذلك على ذات المساحة، كما أنه ليس صحيحا أنه لا يوجد قرار صادر بالإزالة وأن الدعوى غير موجهة لقرار إداري؛ ذلك أنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن القرار الإداري لا يشترط أن يكون مكتوباً وله رقم ثابت بسجلات معينة، إذ يكفي أن تقوم الأدلة على وجوده قانوناً وصدوره عن الجهة الإدارية المعنية ولو كان شفويا، وغني عن البيان أنه يمكن الاستدلال على وجوده وقيامه قانوناً من الإجراءات التي تقوم بها الإدارة لتنفيذه، وهذا هو شأن قرار الإزالة محل هذا الطعن حيث يبين من الأوراق أن اسم المطعون ضدها أدرج بالكشوف الخاصة بالإزالة الفورية للأعمال المخالفة التي تم حصرها بالجهة المذكورة وأدت إلى تبوير الأرض الزراعية.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وقد ثبت من ظاهر الأوراق أن من حق الجهة الإدارية إزالة التشوينات التي وضعتها المطعون ضدها بالمساحة المشار إليها وأدت إلى تبويرها فإن طلب المذكورة وقف تنفيذ قرار الإدارة بإزالة هذه الأعمال لا يتوفر له ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذه ولذلك تقضى المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الطلب المشار إليه وإلزام المطعون ضدها مصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ قرار الإزالة المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي.