جلسة 13 من ديسمبر سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 7272 لسنة 53 القضائية عليا
استيفاء طالب الترخيص شروط الترخيص لا يرتب بذاته مركزا قانونياً نهائيا إذا ما صدرت عند منح الترخيص قاعدة موضوعية أخرى تغير من حالة الترخيص.
استيفاء طالب الترخيص الشروط والإجراءات اللازمة لمنح الترخيص, لا يرتب بذاته مركزا قانونيا نهائيا؛ إذا ما صدرت عند منح الترخيص قاعدة موضوعية من السلطة المختصة من شأنها أن تغير من حالات الترخيص، إذ لا يجوز في هذه الحالة التمسك بفكرة الحق المكتسب أو المركز القانوني المستقر- أساس ذلك: أن هذه الإجراءات السابقة على صدور الترخيص لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تمهيدية لم يصدر بشأنها قرار عن السلطة المختصة، ومن ثم يتقيد القرار الصادر بشأن الترخيص بالقواعد السارية عند إصداره- تطبيق.
بتاريخ 22/2/2007 أودع الأستاذ/ … المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا , تقريراً بالطعن، قيد بجدول المحكمة بالرقم المشار إليه أعلاه، فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنوفية بجلسة 13/2/2007 فى الدعوى رقم 3132 لسنة 6 ق , الذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً , وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المذكور الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنوفية والقضاء مجدداً بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن السير فى إجراءات منح الترخيص للمدعى بإقامة سكن خاص على أرض زراعية وما يترتب على ذلك من آثار , وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن، على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع برفضه , مع إلزام الطاعن المصروفات.
وقد نُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المشار إليه بمحاضر الجلسات , حيث قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة التمس فيها الحكم بالطلبات الواردة بصحيفة الطعن وأودع نائب الدولة مذكرة دفاع التمس فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات. وبجلسة 6/7/2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 11/10/2008 وعلى السكرتارية إخطار الخصوم , وقد نظر الطعن بالجلسات أمام هذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 8/11/2008 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم , وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا, من ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة مستقاة من أوراقها تجمل -وبالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم على أسبابه- فى أنه بتاريخ 9/2/2005 أقام الطاعن الدعوى رقم 3132 لسنة 6ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية, وطلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبى لجهة الإدارة بعدم منحه ترخيص سكن على قطعة أرض زراعية يمتلكها ويحوزها بناحية كفر منصور والبرانية بمركز أشمون منوفية وفى الموضوع بإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار, وبسط دعواه قائلاً إنه يمتلك ويحوز أرضاً زراعية مساحتها 12 فدانا بالناحية المذكورة, وإنه ليس له ولأسرته مسكن خاص تقيم فيه, فتقدم بطلب إلى الجهة الإدارية لمنحه ترخيصا بإقامة مسكن على جزء من الأرض الزراعية المشار إليها، وتم عمل معاينة للأرض وأحيل الموضوع إلى اللجنة المختصة للسير فى إجراءات الحصول على الترخيص حيث طولب بتقديم خريطة مساحية للموقع وسداد الرسوم فقام بشراء الخريطة المساحية وسدد الرسم المقرر, كما قدم شهادات من الجمعية الزراعية بأنه لم تحرر له محاضر مخالفات مبانٍ أو تبوير، وأنه لم يسبق له الحصول على ترخيص بناء من قبل, كما طلب منه تقديم موافقات بعض الجهات مثل الكهرباء والرى والصرف والطرق بناء على خطابات من الزراعة لهذه الجهات, وبعد المعاينات واستيفاء الأوراق عرض الملف على مديرية الزراعة بالمنوفية لمراجعته تمهيداً لعرضه على اللجنة العليا بالمحافظة إلا أن الملف لم يعرض على هذه اللجنة، ثم أصدر وزير الزراعة قراراً بوقف العمل بالقرار الوزارى السابق باستخراج تراخيص بناء سكن خاص على جزء من الحيازة الزراعية, مما يعد معه امتناع جهة الإدارة عن منح الترخيص قراراً سلبياً مخالفاً للقانون. واختتم المدعى صحيفة دعواه بالطلبات آنفة الذكر.
وقد نظرت المحكمة المذكورة الدعوى بالجلسات بعد أن قدمت هيئة المفوضين لديها تقريراً بالرأى القانونى فى الدعوى , وبجلسة 13/2/2007 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه المشار إليه آنفاً , وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 قد حظر فى المادة 152 منه إقامة مبانٍ أو منشآت على الأرض الزراعية إلا أنه استثنى بعض الحالات ومنها الأراضى الواقعة فى زمام القرى التى يقيم عليها المالك سكنا خاصاً يخدم أرضه وذلك فى ضوء الضوابط التى يحددها وزير الزراعة بقرار منه , وتنفيذاً لذلك أصدر وزير الزراعة قراره 111 لسنة 1999 وحددت المادة 7 من هذا القرار الشروط اللازمة لمنح الترخيص, والمدعى كان قد تقدم بطلبه إلى الجهة الإدارية لاستخراج ترخيص بالبناء على أرضه الزراعية لإقامة مسكن له ولأسرته وأرفق به البيانات والموافقات المطلوبة , وبتاريخ 28/9/2004 صدر قرار وزير الزراعة بتطبيق الاستثناء الوارد بالمادة 7 المشار إليها على المتخللات السكنية دون الأراضى الزراعية خارج الكتلة السكنية، ولما كان قرار وزير الزراعة قد صدر قبل منح الترخيص للمدعى فمن ثم فإن امتناع الجهة الإدارية عن منح الترخيص يكون متفقاً مع صحيح حكم القانون وبمنأى عن الإلغاء. ولا ينال من سلامة هذا القرار أن يكون المدعى قد قام باستيفاء الإجراءات اللازمة السابقة على صدور الترخيص إذ إن هذه الإجراءات هى مجرد إجراءات تمهيدية ولم ينشأ للمدعى بسببها مركز قانونى يحتج به.
وإذ لم يصادف هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن , فقد قام بالطعن عليه بموجب الطعن الماثل , ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله , لأسباب حاصلها أن أحقيته فى الحصول على الترخيص المطلوب يستند إلى المادة 152 من قانون الزراعة وقرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 , فى حين أن الحكم المطعون فيه يستند إلى قرار وزير الزراعة اللاحق الصادر فى عام 2004 الذى أوقف العمل بالمادة 7 من قراره رقم 111 لسنة 1990 , وهذا القرار اللاحق يعد مخالفاً لحكم المادة 152 من قانون الزراعة , وأنه استوفى إجراءات الترخيص فى ظل العمل بالقرار رقم 111 لسنة 1990 وأن الجهة الإدارية هى التى تقاعست عن إصدار الترخيص , واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلب الحكم له بطلباته آنفة الذكر.
ومن حيث إن المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أن: “يحظر إقامة أية مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية وما فى حكمها….ويستثنى من هذا الحظر…… د- الأراضى الواقعة بزمام القرى التى يقيم عليها المالك سكنا خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه, وذلك فى الحدود التى يصدر بها قرار من وزير الزراعة.
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها فى الفقرة (ج) يشترط فى الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء فى إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات , ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة…”.
وتنفيذاً لما ورد بهذا النص، فقد أصدر وزير الزراعة القرار رقم 124 لسنة 1984 ثم القرار رقم 211 لسنة 1990 فى شأن شروط وإجراءات الترخيص بإقامة المبانى والمنشآت فى الحالات المستثناة المنصوص عليها فى المادة 152 من قانون الزراعة المشار إليه.
وتنص المادة 2 من القرار 211 لسنة 1990 على أن: “يكون الترخيص بإقامة المبانى أو المنشآت فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها…. فى الحالات المستثناة المنصوص عليها فى المادة 152 من قانون الزراعة المشار إليه , وفقاً للشروط والإجراءات المبينة فى هذا القرار.
وتنص المادة 7 من القرار على أن: “يشترط للترخيص بإقامة مسكن خاص وما يخدم الأرض بالنسبة لمالك الأرض الزراعية فى القرى ما يأتى:
أ – ألا تزيد المساحة التى يرخص بها على خمسة فى الألف من مساحة الأرض الزراعية المملوكة فى ذات الزمام (وبحد أدنى 100 متر مربع وبحد أقصى 250 مترا مربعا).
ب – استقرار الوضع الحيازى بالملك ثلاث سنوات على الأقل سابقة على تقديم الطلب.
ج – ألا يوجد سكن خاص للمالك هو وزوجته أو أزواجه وأولاده القصر فى نطاق ذات المحافظة”.
وقد بينت المواد 10 و 11 و 12 و 13 و 14 من القرار المستندات التى ترفق بطلب الترخيص والإجراءات التى تتبع فى شأنه, وأن تشكل لجنة فنية بكل مركز إداري بقرار من مديرية الزراعة المختصة لفحص الطلبات المقدمة وإبداء الرأى بشأنها, وتشكل لجنة عليا بكل محافظة برئاسة مدير مديرية الزراعة المختص للبت فى الطلبات الواردة إليها من اللجنة المذكورة وترسل اللجنة العليا توصياتها إلى الإدارة العامة لحماية الأراضى بوزارة الزراعة لإبداء الملاحظات فى شأنها ثم ترفع للمحافظ المختص للنظر فى اعتمادها , وتصدر مديرية الزراعة المختصة التراخيص والموافقات للطلبات المقبولة بعد اعتمادها من المحافظ المختص.
هذا وقد تضمنت المادة 19 من القرار المذكور إلغاء القرار الوزارى رقم 124 لسنة 1984 والقرارات المعدلة له , وكل حكم يخالف أحكام هذا القرار.
والمستفاد من جماع النصوص المتقدمة أن القاعدة التى استنها المشرع فى المادة 152 من قــانون الزراعة هي حظر إقامة مبان أو منشآت على الأرض الزراعية , إلا أن ثمة حالات أجاز فيها المشرع للسلطة المختصة التصريح بالبناء على الأرض الزراعية, ومنها الأراضى الزراعية الواقعة بزمام القرى لإقامة سكن خاص أو مبنى يخدم الأرض الزراعية, وأحال المشرع فى بيان حدود هذا الاستثناء وضوابطه إلى قرار يصدر عن وزير الزراعة, وقد أصدر وزير الزراعة فى هذا المجال القرار رقم 211 لسنة 1990 بيَّن فيه الشروط والأوضاع والإجراءات التى يصدر على أساسها ترخيص البناء على الأرض الزراعية.
ومن حيث إنه من المستقر عليه أن استيفاء طالب الترخيص للشروط والإجراءات اللازمة لمنح الترخيص لا يرتب بذاته مركزاً قانونيا نهائيا, إذا ما صدرت عند منح الترخيص أية قاعدة موضوعية من السلطة المختصة من شأنها أن تغير من حالات الترخيص, إذ لا يجوز فى هذه الحالة التمسك بفكرة الحق المكتسب أو المركز القانونى المستقر.
ومن حيث إنه فى ضوء ذلك , ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد تقدم بطلبه إلى الجهة الإدارية لاستخراج ترخيص بإقامة مسكن له ولأسرته على أرضه الزراعية الكائنة بالناحية المذكورة , فى غضون شهر ديسمبر عام 2003 , حيث تم مطالبته بسداد الرسوم المطلوبة واستيفاء الأوراق والخرائط اللازمة وتم عرض ملف أوراقه على اللجنة الفنية المشكلة لفحص طلبه بالمركز بتاريخ 30/5/2004 ثم أرسل الملف إلى مديرية الزراعة بالمنوفية تمهيداً للعرض على اللجنة العليا بالمحافظة , إلا أنه بتاريخ 28/9/2004 ورد كتاب وزارة الزراعة رقم 2416 بشأن ما أشر به وزير الزراعة بخصوص كيفية العمل بالمادة 7 من القرار الوزارى رقم 211 لسنة 1990 والمتضمن أن يكون التصريح للمواطنين بإقامة مساكن لهم على الأرض الزراعية فى متخللات الكتلة السكنية فقط , ولا يجوز أن يتم التصريح لهم بإقامة مسكن على أرض زراعية خارج الكتلة السكنية , ولما كان الثابت أن المساحة التى يطلب الطاعن الترخيص له بإقامة مسكن عليها هى أرض زراعية تقع خارج الكتلة السكنية, فمن ثم فإن امتناع الجهة الإدارية عن المضى قدماً فى استخراج الترخيص المطلوب يكون قد جاء متفقاً وصحيح حكم القانون , ولا ينال من سلامته أن يكون الطاعن قد استوفى الإجراءات المنصوص عليها بقرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 فهذه الإجراءات هى مجرد إجراءات تمهيدية لم يصدر بشأنها قرار من السلطة المختصة , ومن ثم فإن استيفاءها لا يرتب بذاته مركزاً قانونياً نهائياً , وبالتالي يتقيد القرار الصادر بشأن الترخيص بالقواعد السارية عند إصداره , وقد سلف بيان أنها لا تجيز منح ترخيص للطاعن لإقامة مسكن على أرضه الزراعية بالناحية المذكورة.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون , مما يضحى الطعن عليه- والحالة هذه- لا عاصم له من الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلتزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا, ورفضه موضوعا, وألزمت الطاعن المصروفات.