جلسة 26 من يناير سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 8147 لسنة 50 القضائية عليا
– مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعن على القرارات التي تصدر بتوقيع الحجز الإداري.
المادة (275) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
القرارات التي تصدر بتوقيع الحجز الإداري، لا تدخل في مفهوم القرارات الإدارية بالمعنى المصطلح عليه، ولا يختص القضاء الإداري بنظر الدعوى التي ترفع بصفة أصلية للطعن على هذه القرارات– أساس ذلك: أن هذه الدعوى تعد من منازعات التنفيذ الموضوعية التي يختص بنظرها قاضي التنفيذ وفقا لنص المادة (275) من قانون المرافعات- ومع ذلك إذا كانت المنازعة في صحة أو بطلان الحجز الإداري قد أثيرت باعتبارها طلبا تبعيا للطلب الأصلي المتعلق بأصل الحق أو بالدين الذي يستوفى باتباع الحجز الإداري، فإنها تدخل في اختصاص القضاء الإداري إذا ما كان ينظر المنازعة الأصلية– أساس ذلك: أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع – تطبيق.
في يوم الثلاثاء الموافق 13 من أبريل سنة 2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن – قيد برقم 8147 لسنة 50 قضائية عليا – في الحكم المشار إليه بعاليه، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون، لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصلياً: بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى المطعون على حكمها، واحتياطياً: برفض الدعوى وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن إلى الشركة المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى قاضي التنفيذ بمحكمة دمياط الابتدائية للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/10/1996 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/1/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى/ موضوع لنظره بجلسة 14/4/2007.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/10/2007 قررت إصدار الحكم بجلسة 15/12/2007 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 5/1/2008 ثم لجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 5/11/2001 أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 502 لسنة 24ق المطعون على حكمها، أمام محكمة القضاء الإداري/ الدائرة الأولى بالمنصورة، طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 384 لسنة 2001 الصادر عن رئيس مركز ومدينة دمياط، فيما تضمنه من توقيع الحجز الإداري على مستحقاتها لدى الغير مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات، وذلك للأسباب الواردة بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 15/2/2004 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الحجز الذي أوقعه رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمياط بموجب القرار المطعون فيه على مستحقات الشركة المدعية لدى الغير، تم وفاء لمقابل انتفاع الشركة بمساحة 3س 9ط 7ف بجوار مصنع السماد العضوي بطريق دمياط بورسعيد، دون أن يثبت أن هذه المساحة مملوكة للوحدة المذكورة ملكية خاصة تخولها حق المطالبة بمقابل انتفاع عنها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر من غير مختص، بالإضافة إلى أن هذا القرار ومحضر الحجز لم يتضمنا بيان المبالغ المطلوبة وتاريخ استحقاقها، واكتفى فيها بمبلغ إجمالى دون بيان أساس حسابه وتقديره، فضلاً عن عدم إعلان محضر الحجز للشركة خلال المدة المحددة قانوناً، الأمر الذي يترتب عليه بطلان الحجز الموقع على مستحقات الشركة المدعية لدى الغير.
بيد أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من الجهة الإدارية المدعى عليها، فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن النزاع الماثل ليس نزاعاً إدارياً ولا ناشئاً عن منازعة إدارية أو عقد إداري، وإنما هو في حقيقته دعوى عدم اعتداد بالحجز الإداري، وهي بذلك تعد من منازعات التنفيذ الموضوعية التي يختص بها قاضي التنفيذ وتخرج عن اختصاص محاكم مجلس الدولة، ومن جهة أخرى فإن القرارات التي تصدر بتوقيع الحجز الإداري ليست من قبيل القرارات الإدارية بالمعنى المقصود للقرار الإداري، وبالتالي فإن القضاء الإداري لا يختص بالدعوى التي ترفع بصفة أصلية بالطعن على هذه القرارات، كما أن القاضي الإداري لا تمتد رقابته على مشروعية القرارات الإدارية إلى عبء إثبات الملكية لأن ذلك معقود للقضاء المدني، وأن الميعاد المحدد في القانون للإعلان بالحجز الإداري هو ميعاد تنظيمي، لم يرتب المشرع على إغفاله البطلان، كما أن الشركة المطعون ضدها أقرت في عريضة دعواها أنها تضع يدها على أرض مملوكة للدولة، كما أن جهة الإدارة ذكرت المبلغ المطلوب من الشركة بأنه مقابل انتفاع عن السنوات من عام 1981 حتى عام 2000، فضلاً عن أن هذا السبب لا يعول عليه في القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن بحث الاختصاص يسبق دائماً التعرض لشكل الدعوى أو الخوض في موضوعها، بحسبان أن قواعد الاختصاص من الأمور المتعلقة بالنظام العام والتي تعتبر مطروحة ابتداء على المحكمة، وعليها أن تفصل فيها من تلقاء نفسها ولو لم يدفع أي من الخصوم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى حتى لا تفصل في منازعة خارجة عن اختصاصها.
ومن حيث إن المادة 275 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن “يختص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أيا كانت قيمتها، كما يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، ويفصل قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القرارات التي تصدر بتوقيع الحجز الإداري، لا تدخل في مفهوم القرارات الإدارية بالمعنى المصطلح عليه، ولا يختص القضاء الإداري بنظر الدعوى التي ترفع بصفة أصلية للطعن على هذه القرارات، وذلك خلافاً لما إذا كانت المنازعة في صحة أو بطلان الحجز الإداري قد أثيرت باعتبارها طلباً تبعياً للطلب الأصلى المتعلق بأصل الحق أو بالدين الذي يستوفى بإيقاع الحجز الإداري، فإنها تدخل في اختصاص القضاء الإداري إذا ما كان ينظر المنازعة الأصلية، استناداً إلى أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع.
ومن حيث إنه لما كانت المنازعة الماثلة تنصب على قرار الجهة الإدارية بتوقيع الحجز الإداري على مستحقات الشركة المطعون ضدها بطريق حجز ما للمدين لدى الغير، وأن الدعوى بشأنها قد أقيمت استقلالاً أمام القضاء الإداري دون أن تكون مشتملة على طلب موضوعى يتعلق بأصل الحق الذي تم الحجز استيفاء له، وهو مقابل انتفاع الشركة المطعون ضدها بالأرض التي تدعي جهة الإدارة ملكيتها، ومن ثم فإن هذه المنازعة تعد من منازعات التنفيذ الموضوعية التي يختص بنظرها قاضي التنفيذ وفقاً لنص المادة 275 من قانون المرافعات، وبالتالي تخرج عن الاختصاص الولائي المعقود لمحاكم مجلس الدولة، مما كان يتعين معه على محكمة القضاء الإداري أن تقضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى قاضي التنفيذ بمحكمة دمياط الابتدائية الكائن بدائرتها موقع العقار.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وتصدى للفصل في الدعوى رغم عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرها، فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف صحيح حكم القانون، مما يستوجب القضاء بإلغائه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة على النحو سالف الذكر.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى قاضي التنفيذ بمحكمة دمياط الابتدائية للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.