جلسة 9 من فبراير سنة 2008
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 1349 لسنة 46 القضائية عليا.
– تقرير الكفاية- التقدير بمرتبة ممتاز– النزول بالتقدير– تسبيبه.
المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
من الأصول المسلم بها أن القرار الإداري الذي يصدر بتقدير كفاية الموظف كسائر القرارات الإدارية يتعين أن يقوم على أسباب مشروعة قائمة ومحققة مستنداً إلي عناصر موضوعية محددة بحيث تكون النتائج التي يسفر عنها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً ومبرراً من أصول تنتجها مادياً، وتؤدى إليها قانونا- مخالفة ذلك تجعل القرار فاقداً لركن السبب ويقع باطلاً– أوجب المشرع أن يكون التقدير بمرتبة ممتاز مسبباً ومحدداً العناصر- إذا جنحت الجهة الإدارية بعد ذلك إلى تغيير درجة الامتياز التي أفصحت عنها، وتوجهت إلى الهبوط والنزول بها إلى المرتبة الأقل من ذلك يكون من الأولى والأوفى بها أن تلتزم حكم القانون بأن يكون قرارها بالنزول بدرجة الكفاية مسبباً ومحدداً العناصر التي دفعت به إلى التخفيض- أساس ذلك: أن يكون عدول الجهة الإدارية عن تقديرها سائغاً ومبرراً في الواقع وفي القانون وليس مبتسراً ولا مبتوراً وإلا كان التعديل عارياً من السبب الذي يبرره ويقع باطلا ويتعين إلغاؤه- تطبيق.
إنه في يوم السبت الموافق 18/12/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 1543 لسنة 14 ق بجلسة 23/10/1999 القاضي بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير طعنهما تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى هذه المحكمة لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضده قانونا.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت في ختامه الحكم -بعد إعلان تقرير الطعن– بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/7/2004 وتدوول جلسات الطعن على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 15/10/2005 ثم تدوول جلسات هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة 18/3/2006 وفيها تقرر إرجاء النطق بالحكم لجلسة 13/5/2006 وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 3/7/2006 لكي تقدم الجهة الإدارية أسباب قيام الرئيس الأعلى بتخفيض درجة كفاية المطعون ضده من مرتبة ممتاز إلى جيد وجميع أوراق ومحضر لجنة شئون العاملين المتعلق برأيها واعتمادها، ثم تدوولت جلسات المحكمة على النحو الثابت دون تقديم هذه الأوراق مما دفع المحكمة إلى توقيع غرامة على الجهة الإدارية. وبجلسة 5/1/2008 قدمت هيئة قضايا الدولة محاضر لجنة شئون العاملين بوزارة الري بشأن اعتماد تقارير كفاية المطعون ضده وغيره من 1988 حتى 1991، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فيكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فتخلص عناصره حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1543 لسنة 14 ق بتاريخ 20/5/1992 أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل تقرير كفايته عن عام 1990 من درجة جيد إلى درجة ممتاز مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقال شرحاً لدعواه إنه يشغل وظيفة وكيل تفتيش أول بالإدارة العامة لحماية النيل فرع دمياط على الدرجة الأولى وفوجئ بإخطاره في 13/1/1992 بأن تقرير كفايته عن عام 1990 بمرتبة جيد رغم حصوله في الأعوام السابقة من عام 1985 حتى عام 1987 على درجة ممتاز وقد تظلم من هذا التقدير في 27/1/1990 ثم أقام دعواه طالباً إلغاء هذا القرار.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت في ختامه إلى طلب الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء التقرير المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 23/10/1999 أصدرت المحكمة حكمها الطعين وقد شيدته على أن الرئيس المباشر للمطعون ضده قدر كفايته عن عام 1990 بمرتبة ممتاز (90) درجة، إلا أن الرئيس الأعلى قام بتخفيض كفايته إلى تقدير جيد (82) درجة دون إبداء أسباب للخفض، وقد اعتمدت لجنة شئون العاملين هذا التخفيض، فضلاً عن أن أوراق الدعوى قد خلت من أي أسباب تبرر تخفيض كفاية المطعون ضده مما يجعل هذا التقدير مخالفاً للقانون.
ولم يرتض الطاعنان هذا القضاء وشيدا طعنهما عليه على سند من القول بصدور الحكم الطعين مخالفاً للقانون ومشوباً بالخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لأن التقرير المطعون عليه قد مر بكافة المراحل التي تطلبها القانون فوضعه الرئيس المباشر مقدراً كفاية المطعون ضده بممتاز، ثم قام الرئيس الأعلى بتخفيض التقدير إلى جيد (82) درجة واعتمدته لجنة شئون العاملين فمن ثم يكون قد صادف صحيح القانون. أما عن القول بقيام الرئيس الأعلى ومن بعده لجنة شئون العاملين بخفض تقدير المطعون ضده فقد ذكر الطاعنان أن هذه المحكمة قضت بأن المادة (28) من القانون رقم 47 لسنة 1978 لم تنص على ضرورة تسبيب تخفيض مرتبة الكفاية الذي يقوم به رئيس المصلحة أو لجنة شئون العاملين باعتبار أن هذا الخفض يعد تسبيباً كافياً في حد ذاته لهذا القرار .
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يدور حول ما إذا كان الرئيس الأعلى ملزماً بذكر أسباب تخفيض درجة كفاية العامل عن الدرجة التي منحها له الرئيس المباشر من عدمه .
ومن حيث إن المادة (28) من القانون رقم 47 لسنة 1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن “تضع السلطة المختصة نظاماً يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها.
ويكون قياس الأداء مرة واحدة خلال السنة قبل وضع التقرير النهائي لتقدير الكفاية وذلك من واقع السجلات والبيانات التي تعدها الوحدة لهذا الغرض ونتائج التدريب المتاح وكذلك أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها في قياس كفاية الأداء .
ويعتبر الأداء العادي هو المعيار الذي يؤخذ أساساً لقياس كفاية الأداء ويكون تقرير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد جداً أو جيد أو متوسط أو ضعيف ويجب أن يكون التقدير بمرتبتي ممتاز وضعيف مسبباً ومحدداً لعناصر التميز أو الضعف التي أدت إليه ولا يجوز اعتماد التقرير إلا باستيفاء ذلك…”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه “من الأصول المسلمة أن القرار الإداري الذي يصدر بتقدير كفاية الموظف كسائر القرارات الإدارية يتعين أن يقوم على أسباب مشروعة قائمة ومحققة مستنداً إلى عناصر موضوعية محددة بحيث تكون النتائج التي يسفر عنها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً ومبرراً من أصول تنتجها مادياً وتؤدي إليها قانوناً ومخالفة ذلك تجعل القرار فاقداً لركن السبب ويقع باطلاً وجديراً بالإلغاء وإذا كان المشرع قد أوجب بالتعديل الذي أدخل على الفقرة الثالثة من المادة (28) المشار إليها أن يكون التقدير بمرتبة ممتاز مسبباً ومحدد العناصر فإذا ما جنحت الجهة الإدارية بعد ذلك إلى تغيير درجة الامتياز التي أفصحت عنها وتوجهت إلى الهبوط والنزول بها إلى المرتبة الأقل بعد ذلك فيكون من الأولى والأوفى بها أن تلتزم حكم القانون بأن يكون قرارها بالنزول بدرجة الكفاية مسبباً ومحدداً العناصر التي دفعت به إلى التخفيض وذلك حتى يكون عدول الجهة الإدارية عن تقديرها سائغاً ومبرراً في الواقع وفي القانون وليس مبتسراً ولا مبتوراً وإلا كان التعديل عارياً من السبب الذي يبرره ويقع باطلاً ويتعين إلغاؤه .
ومن حيث إنه وبإعمال ما تقدم في شأن الواقعة المعروضة يبين أن المطعون ضده كان يشغل وظيفة مدير أعمال أول بالدرجة الأولى وعند تقدير كفايته عن عام 1990 قام رئيسه المباشر بمنحه تقدير ممتاز (90) درجة وبعرض التقدير على الرئيس الأعلى قام بتخفيض تقديره إلى جيد (82) درجة دون إبداء أسباب لهذا الخفض وقامت لجنة شئون العاملين أيضاً بالموافقة على الخفض الذي أجراه الرئيس المباشر ودون إبداء أسباب أيضاً.
ومن حيث إن الثابت أن الرئيس المباشر –وهو الأقدر على تقييم كفاءة العاملين المرؤوسين له والخاضعين لإشرافه ورقابته– قام بتقدير كفاية المطعون ضده بدرجة ممتاز إلا أن الرئيس الأعلى ومن بعده لجنة شئون العاملين قاما بخفض هذا التقدير إلى جيد دون إبداء أسباب تبرر هذا الخفض رغم قيام المحكمة بمطالبة الجهة الإدارية بإعداد أسباب تخفيض كفاية المطعون ضده وإعادة الطعن للمرافعة لهذا السبب وتأجيل الفصل فيه أكثر من جلسة على النحو الثابت بالمحاضر المرفقة بالأوراق ومما دفع المحكمة إلى تغريم الجهة الإدارية لهذا السبب والتي قدمت بالنسبة للطعن الماثل محضر لجنة شئون العاملين المنعقد للنظر في اعتماد تقارير الكفاية عن عام 1990 وجاء خالياً من بيان اليوم والتاريخ الذي جرى فيه هذا الانعقاد وجاء خالياً بدوره من أية أسباب تبرر خفض درجة كفاية المطعون ضده الأمر الذي يكون معه تخفيض كفاية المطعون ضده قد اجتث دون أسباب تبرره مما يلحق به البطلان ويجعله جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد أخذ بهذا النظر فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح القانون وبمنأى عن الإلغاء ولا تثريب عليه.
ومن حيث إن من يخسر دعواه يلتزم مصروفاتها عملاً بالمادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.