جلسة 20 من فبراير سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 6462 لسنة 53 القضائية عليا.
– شئون الطلاب– تحويل الطالب من جامعة أجنبية إلى جامعة حكومية.
المادة (87) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (809) لسنة 1975، المعدلة بقراره رقم (354) لسنة 1991.
الأصل عدم جواز تحويل ونقل قيد الطالب من إحدى الكليات أو المعاهد الأجنبية إلى إحدى الكليات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات، إلا إذا كان الطالب حاصلا في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها على الحد الأدنى للقبول بالكلية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها– العلة في ذلك: غلق باب التحايل على قواعد القبول بالجامعات المصرية بِوَصد الباب في وجه من لم يحصل على الحد الأدنى للقبول بالكلية التي يرغب في الالتحاق بها، فيقيد في إحدى الكليات الأجنبية النظيرة، ثم يطلب التحويل إلى الكلية التي أخفق في الحصول على الحد الأدنى للدرجات التي تؤهله للالتحاق بها– أساس هذا الحظر: عدم الإخلال بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص المكفولين دستوريا؛ لأن المعيار الموضوعي الوحيد المعول عليه للفوز بأحد المقاعد في التعليم العالي لدى التزاحم عليها هو معيار الكفاءة أو الجدارة، الذي يترجمه مجموع الدرجات التي يحصل عليها الطالب في الثانوية العامة، دون أي معيار آخر كالقدرة المالية ونحوها– استثناءً من الحظر السابق أجاز المشرع تحويل أو نقل قيد الطالب من الكلية الأجنبية إلى الكلية الحكومية النظيرة ولو لم يكن حاصلا على الحد الأدنى للقبول بها، وذلك بقرار من الوزير المختص، في حالات الضرورة القصوى ولظروف غير متوقعة، وفقا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار عن رئيس الجمهورية– عدم صدور قرار عن رئيس الجمهورية بهذه القواعد والضوابط لا يمنع المحكمة من تطبيق هذا النص قاعدة واستثناءً على كل حالة على حدة، آخذة في الاعتبار العلة التي من أجلها وضع المشرع هذا النص– ترتيبا على هذا: صدور قرار في الدولة الأجنبية بحظر عمل أي عنصر أجنبي فيها، وما ترتب عليه من عودة رب أسرة مصرية إلى أرض الوطن، يمثل ضرورة قصوى وظرفا طارئا يجيز نقل قيد ابنته من الكلية التي كانت مقيدة بها بالدولة الأجنبية إلى الكلية الحكومية النظيرة، ولو تخلف في شأنها شرط المجموع– تطبيق)[1](.
– تخويل المشرع السلطة التنفيذية وضع القواعد اللازمة لتنفيذ نص قانوني– أثر عدم وضع هذه القواعد.
إذا خول المشرع السلطة التنفيذية وضع القواعد اللازمة لتنفيذ نص قانوني فإن عدم صدور قرار عنها بهذه القواعد والضوابط لا يمنع المحكمة من تطبيق النص القانوني على كل حالة على حدة، آخذة في الاعتبار العلة التي من أجلها وضع المشرع هذا النص– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 14/2/2007 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 8924 لسنة 28 ق بجلسة 18/12/2006، الذي قضى في منطوقه بالآتي: “حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعي المصروفات”.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قبول تحويل ابنته من كلية طب الأسنان بجامعة السابع من أبريل بليبيا إلى السنة المناظرة بكلية طب الأسنان بجامعة المنصورة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الادارية العليا الطعن بعدة جلسات، ثم تقرر إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره. ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة 30/1/2008 إلا أنه مُد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 8/3/2006 أودع الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة صحيفة الدعوى رقم 8924 لسنة 28 ق، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن قبول تحويل كريمته المذكورة من كلية طب الأسنان بصرمان بجامعة السابع من أبريل بدولة ليبيا إلى السنة المناظرة بكلية طب الأسنان بجامعة المنصورة، على أن ينفذ الحكم بمسودته دون إعلان وإلزام الجامعة المصروفات .
وذكر شرحا لدعواه أنه كان متعاقدا للعمل بدولة ليبيا، وكانت كريمته المذكورة تقيم معه ومقيدة بالفرقة الأولى بكلية طب الأسنان بكلية العلوم الطبية في صرمان بليبيا خلال العام الجامعي 2005/2006، وأنه فوجئ بإنهاء خدماته في 5/2/2006 نفاذا لقرار أمين عام اللجنة الشعبية بإنهاء خدمات العاملين العرب وإحلال الليبيين محلهم، مما اضطره للعودة مع أسرته إلى أرض الوطن، فتقدم بطلب إلى وزير التعليم العالي لتحويل ونقل قيد كريمته إلى كلية طب أسنان المنصورة، غير أنه لم يتلق ردا فأقام دعواه . واختتم صحيفة دعواه بطلب الحكم بطلباته .
وقررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، حيث أودعت الهيئة تقريرها الذي ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وإلزام المدعي المصروفات .
وبجلسة 18/12/2006 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى؛ استنادا إلى عدم تقديم ما يفيد أن عودة الطالبة للبلاد كان ضمن حالة الضرورة العامة، ولظروف استثنائية غير متوقعة وليس لظروف فردية، بصورة موثقة مما تنتفي معه شروط التحويل، كما أنها لم تطلب التحويل عن طريق مكتب التنسيق للقبول بالجامعات والمعاهد مركزيا. وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم .
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن الذي أقام طعنه ناعيا عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، حيث انطوى على تأويل ممسوخ لمعنى حالة الضرورة، والتي تتوافر في حالة إنهاء خدمة عائل الأسرة واضطرارها العودة للوطن، وسواء كانت الحالة عامة أو فردية، حسبما استقرت عليه أحكام مجلس الدولة. وإن الثابت أن الطاعن تعاقد للعمل بليبيا اعتبارا من 9/10/2004 بموجب عقد عمل وأقام في ليبيا مع أفراد اسرته والتحق أبناؤه بمراحل التعليم المختلفة، ومنهم (…) التي التحقت بكلية طب الأسنان بصرمان بجامعة السابع من أبريل بليبيا، حيث نجحت في السنة الإعدادية بتقدير (جيد) خلال العام الجامعي 2004/2005 ووصلت للفرقة الثانية، حيث أنهيت خدماته في 4/2/2006 بناء على قرار أمانة اللجنة الشعبية رقم 50 لسنة 2005 الذي حظر تشغيل أي عنصر أجنبي في القطاعين العام والأهلي إلا عن طريق مكتب التشغيل، وكان الحرس البلدي يتابع تنفيذ هذا القرار، مما يعني توافر حالة الضرورة والظروف غير المتوقعة التي تسوغ قانونا قبول تحويل وقيد كريمته المذكورة بالسنة المناظرة بكلية طب الأسنان بجامعة المنصورة .
واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلب الحكم بطلباته .
وحيث إن المادة (87) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 تنص على أنه ” لا يجوز تحويل ونقل قيد الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات إلا إذا كان الطالب حاصلا على الحد الأدنى في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعنية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها … ويجوز لوزير التعليم في حالات الضرورة القصوى ولظروف غير متوقعة تحويل الطلاب وفقا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية “.
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أن الأصل هو عدم جواز تحويل ونقل قيد الطالب من كليات أو معاهد أجنبية إلى إحدى الكليات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات إلا إذا كان الطالب حاصلا في شهادة الثانوية العامة – أو ما يعادلها– على الحد الأدنى للقبول بالكلية التي يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها، دون التقيد بالحد الأدنى للقبول بهذه الكلية، وذلك في حالات الضرورة القصوى أو لظروف غير متوقعة، وذلك وفقا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية.
ومن حيث إنه لم يصدر قرار عن رئيس الجمهورية بتلك القواعد والضوابط فإنه يكون للمحكمة تطبيق هذا النص قاعدة واستثناء على كل حالة على حدة، آخذة في الاعتبار العلة التي من أجلها انتظم المشرع هذا النص، وهي غلق باب التحايل على قواعد القبول بالجامعات المصرية بوصد هذا الباب في وجه من لم يحصل على الحد الأدنى للقبول بالكلية التي يرغب في الالتحاق بها، فيقيد بإحدى الكليات الأجنبية النظيرة، ثم يطلب بعد ذلك تحويل ونقل قيده إلى تلك الكلية التي أخفق ابتداء في الحصول على الحد الأدنى للدرجات التي تؤهله للالتحاق بها. وهذا أمر بلا شك يأباه العقل والمنطق، ويعد تحايلا، كما أنه يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين الطلاب، وهما المبدآن اللذان كفلهما الدستور، حيث إن المعيار الموضوعي الوحيد المعول عليه للفوز بأحد المقاعد في التعليم العالي لدى التزاحم عليها هو معيار الكفاءة أو الجدارة الذي يترجمه مجموع الدرجات التي يحصل عليها الطالب في سباق الثانوية العامة والشهادات المعادلة، دون أي معيار آخر مثل القدرة المالية التي تخول القادرين الالتفاف والالتحاق بالكليات التي يرغبونها حتى دون الحصول على الحد الأدنى للقبول بها، وذلك عن طريق الأبواب الخلفية بالقيد في إحدى الكليات الأجنبية بأي ثمن، ثم التحويل منها إلى الكليات المصرية النظيرة .
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم فإن الثابت بالأوراق أن الطاعن سافر إلى ليبيا للعمل متعاقدا اعتبارا من شهر أكتوبر عام 2004، واستقر بها وأسرته، وقيد أبناؤه في مراحل التعليم المختلفة هناك (ثانوي وتعليم أساسي)، كما قيدت كريمته (غادة) بكلية طب الأسنان بصرمان بجامعة السابع من أبريل بالفرقة الإعدادي اعتبارا من العام الجامعي 2004/2005، حيث نجحت بتقدير (جيد)، كما نجحت بالفرقة الأولى في العام التالي 2005/2006 بتقدير (جيد جدا)، غير أن الطاعن فوجئ بإنهاء خدمته اعتبارا من 4/2/2006 لصدور قرار أمانة اللجنة الشعبية العامة رقم 50 لسنة 2005 بحظر عمل أي عنصر أجنبي لدى جهات العمل بالقطاعين العام والأهلي إلا عن طريق مكتب التشغيل للقوى العاملة، وعدم السماح لغير الليبيين بالاستمرار في العمل، وكان الحرس البلدي يتابع تنفيذ هذا القرار بمنتهى الحزم، وهو ما نطقت به المستندات المقدمة من الطاعن أمام المحكمة المطعون في حكمها، مما اضطره للعودة وأسرته إلى أرض الوطن، وكان استكمال كريمته المذكورة لدراستها في مصر أمرا مقضيا، حيث تقدمت بطلب لنقل قيدها إلى كلية طب الأسنان بجامعة المنصورة بالسنة النظيرة التي وصلت إليها، غير أن جهة الإدارة امتنعت عن قبول تحويلها ونقل قيدها إليها. وإنه وإذ توافرت إحدى حالات الضرورة القصوى في شأن الطالبة المذكورة، وانتفت شبهة التحايل أو الالتفاف حول النصوص القانونية فإن القرار المطعون فيه يكون قائما على غير سبب أو مسوغ قانوني يبرره، ومخالفا لأحكام الواقع والقانون جديرا بالإلغاء.
وحيث انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب حريا بالإلغاء، وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات بحسبانها خسرت الطعن عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات.
([1]) قارن بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 7316 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 2/7/2002، منشور بمجموعة س 47 مكتب فني رقم 121 ص 1112، حيث لم تشر المحكمة إلى أن عدم صدور قرار عن رئيس الجمهورية بتلك القواعد والضوابط لا يمنع المحكمة من تطبيق النص قاعدة واستثناءً على كل حالة على حدة. ورفضت المحكمة في ذات الحكم الاعتداد بالظروف المرضية لوالدة الطالب واضطرارها للعودة إلى مصر مع والده كحالة ضرورة.