جلسة 15 من مارس سنة 2008
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 2974 لسنة 47 القضائية عليا.
– دعوى الإلغاء– ميعاد رفعها– العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه– استطالة الأمد.
المادة (24) من قانون مجلس الدولة.
استطالة الأمد على صدور القرار المطعون فيه لا تكفي وحدها للقول بتوافر العلم اليقيني بالقرار، ولكنها تصلح مع قرائن وأدلة أخرى كدليل على توافر هذا العلم تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف وملابسات النزاع المعروض عليها، بشرط ألا يتجاوز ذلك المدة المقررة لسقوط الحق بصفة عامة وهي خمسة عشر عاماً من تاريخ صدور القرار– تطبيق([1]).
– ترقية– الترقية بالاختيار– حدود سلطة جهة الإدارة في وضع ضوابط الترقية.
المادتان (36) و (37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
العامل له الحق في أن يزاحم زملاءه في الترقية إلى الوظيفة الأعلى سواء كانت الترقية بالأقدمية أو بالاختيار ما دام قد توافرت في حقه شرائطها، وتكاملت عناصرها- لجهة الإدارة أن تضيف ضوابط للترقية تختلف من جهة إلى أخرى حسب ظروف ونشاط كل جهة بشرط أن تكون هذه الضوابط من العمومية والتجريد بحيث لا تقتصر على فئة أو فئات بذواتها من العاملين، وأن تكون هذه الضوابط معلومة لأصحاب الشأن ليحددوا مراكزهم القانونية في ضوئها، وألا تكون مخالفة لأي حكم من أحكام الترقية؛ حتى لا تهدر قواعد الترقية التي نص عليها القانون– موانع الترقية وفقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة هي أسباب تقوم بالعامل وتحول دون ترقيته، وهذه الموانع لا تتقرر إلا بنص في القانون، ولا يجوز لجهة الإدارة وهي في سبيلها لوضع ضوابط للترقية تضبط بها ممارستها لسلطتها التقديرية، أن تضيف إلى تلك الضوابط ما يعد مانعا من الترقية– انقطاع الموظف عن العمل وسلوك جهة الإدارة طريق التأديب بشأن هذا الانقطاع، لا يجيز لها بعد ذلك أن تربط بين الترقية ومباشرة العمل فعلا، وذلك باستحداث شرط أداء العمل فعلا لاستحقاق الترقية عند استيفاء شروط استحقاقها- تطبيق.
في يوم السبت الموافق 23/12/2000 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعوى رقم 243/ 4 ق بجلسة 25/10/2000 الذي قضى بإلغاء القرار رقم 356/1990 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مساعد مدير أعمال أول بالدرجة الثانية التخصصية, وبإلغاء القرار رقم 78/1995 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مدير أعمال ثان وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفي الموضوع القضاء مجددا أصليا: بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 356/1990. واحتياطيا: برفض الدعوى بشقيها مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وبعد إيداع هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الطعن جرى نظره بدائرة فحص الطعون بالمحكمة وفقا للثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/6/2005 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 1/10/2005، ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة وجرى نظره بعدة جلسات وفقا للثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/2/2008 تقرر إصدار الحكم بجلسة 15/3/2008 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 1/1/1996 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 243/4 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بقنا طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع برد أقدميته في الترقية إلى الدرجة الثانية التخصصية إلى 18/11/1990 بدلا من 10/7/1994 مع استحقاقه للترقية إلى وظيفة مدير أعمال ثان من الدرجة الثانية التخصصية مدني اعتبارا من 16/9/1995، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك على سند من القول بأنه بموجب القرار 1301/1981 الصادر بتاريخ 25/11/1981 عين بوظيفة مهندس بالمجموعة التخصصية مدني بمؤهل بكالوريوس هندسة دور مايو سنة 1981، ويعمل حاليا بالإدارة العامة لحماية النيل بالوادي بمركز إسنا التابعة لوزارة الأشغال العامة والموارد المائية، وقد انقطع عن عمله لعذر قهري اعتبارا من 1/4/1982، ثم أحيل إلى المحكمة التأديبية بسبب هذا الانقطاع في الدعوى رقم 345/14ق تأديبي طنطا، وقضي في هذه الدعوى بجلسة 24/11/1986 بمجازاته بخصم شهرين من أجره، ولم يصدر قرار بإنهاء خدمته حتى عاد وتسلم العمل في 12/1/1988 بالقرار رقم 312/1988 نفاذا للحكم المذكور، بما لازمه اعتبار مدة خدمته متصلة، وقد رقي إلى الدرجة الثانية التخصصية في وظيفة مدير أعمال أول بالقرار الوزاري رقم 83/1994 في 10/7/1994 إلا أنه تبين عند علمه بالقرار أن جهة الإدارة كانت قد رقت زملاءه في التعيين ومنهم المهندس/ … المعين معه في ذات قرار تعيينه إلى ذات الدرجة في 15/11/1990 بالقرار رقم 356/1990 وذلك قبل تسوية حالته باعتبار أن مدة خدمته متصلة وعدم إسقاط مدة انقطاعه عن العمل، وبتاريخ 8/2/1994 أصدرت جهة الإدارة القرار رقم 26 باحتساب مدة انقطاعه عن العمل ضمن مدة خدمته واعتبار أقدميته في التعيين اعتبارا من 25/11/1981، كما أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 78/1995 بترقية زميله المسترشد به في 16/9/1995 إلى وظيفة مدير أعمال ثان، وفور علمه بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالقرارين المذكورين تظلم منهما بالتظلم رقم 1152/1995 بريد أسيوط ثم أقام الدعوى طالبا الحكم بالطلبات سالفة الذكر.
وبعد إيداع هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بقنا تقريرها بالرأي القانوني في الدعوى جرى نظرها بعدة جلسات، وبجلسة 25/10/2000 أصدرت حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها على أن القرار رقم 356/1990 الصادر بتاريخ 28/11/1990 لم يثبت من الأوراق أن المدعي علم به يقينا في تاريخ سابق على تظلمه منه بتاريخ 6/12/1995 بالمسجل رقم 1152، كما أن القرار رقم 78/1995 صدر بتاريخ 19/9/1995 ولم يثبت علمه به في تاريخ سابق على تظلمه منه بتاريخ 6/12/1995، ومن ثم فإن التظلمين يكونان مقدمين خلال الميعاد المقرر قانونا من تاريخ العلم اليقيني بالقرارين المطعون فيهما وتكون الدعوى المقامة في 1/1/1996 مقامة خلال الميعاد المقرر قانونا متعينا رفض الدفع بعدم قبولها شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع القرارين المطعون فيهما فقد استعرضت المحكمة أحكام المادتين (36 و 37) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 وانتهت إلى أن المشرع لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية ومباشرة العمل فعلا ولا يجوز الاجتهاد باستحداث شرط أداء العمل لاستحقاق العلاوة والترقية عند استيفاء شروط استحقاق أي منهما، ولم تحدد جهة الإدارة أسباب تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية التخصصية اعتبارا من 15/11/1990 سوى أنه لم يكمل المدة البينية اللازمة للترقية لانقطاعه عن العمل خلال المدة 1/4/1982 حتى 12/1/1988 ومن ثم فإن القرارين المطعون فيهما يكونان قد صدرا بالمخالفة لأحكام القانون متعينا القضاء بإلغائهما.
ولم يصادف هذا القضاء قبولا لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لأن استطالة الأمد لسنوات عديدة بين صدور القرار المطعون فيه وبين تاريخ إقامة الدعوى يرجح العلم بالقرار المطعون فيه عن طريق أقرانه العاملين معه كما أن الطعن في القرار بعد طول المدة زيادة عن الميعاد المقرر فيه إهدار للمراكز القانونية التي استقرت على مدار تلك السنين، مما يجعل الطعن في القرار رقم 356/1990 مقاما بعد الميعاد المقرر قانونا، كما أن المطعون ضده تسلم عمله بعد الانقطاع بتاريخ 12/1/1988، وهذا يعد تعيينا جديدا ومن ثم فلا يجوز ترقيته بالقرار المطعون فيه رقم 356/1990 لعدم توافر المدة البينية اللازمة للترقية في ذلك القرار والقرار رقم 78/1995 المطعون فيهما.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن استطالة الأمد على صدور القرار المطعون فيه لا يكفي وحده للقول بتوافر العلم اليقيني بالقرار، ولكنها قد تصلح مع قرائن وأدلة أخرى كدليل على توافر هذا العلم تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف وملابسات النزاع المعروض عليها، بشرط ألا يتجاوز ذلك المدة المقررة لسقوط الحق بصفة عامة وهي خمسة عشر عاما من تاريخ صدور القرار وهذا ما انتهت إليه هذه المحكمة. (دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 11225/46 ق.ع جلسة 8/5/2003).
ومن حيث إنه وفقا لذلك ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن القرار رقم 356/1990 صدر بتاريخ 28/11/1990 بترقية بعض زملاء المطعون ضده إلى الدرجة الثانية التخصصية، وخلت الأوراق من أي دليل يفيد علم المطعون ضده بذلك في تاريخ سابق على تظلمه منه بتاريخ 6/12/1995 بالمسجل البريدي رقم 1152، وإذ أقام دعواه بتاريخ 1/1/1996 فمن ثم فإنه يكون قد أقامها خلال الميعاد المقرر فيما يتعلق بطلب إلغاء ذلك القرار، كما أن الثابت من الأوراق أيضا أن القرار رقم 78/1995 المطعون فيه صدر بتاريخ 19/9/1995 وتظلم منه المدعي بتاريخ 6/12/1995 (تاريخ علمه اليقيني به والذي لم تقدم جهة الإدارة ما يخالفه)، ومن ثم فإن استطالة الأمد بين صدور القرارين المطعون فيهما وتاريخ علم المطعون ضده بهما لا تكفي وحدها كدليل على العلم اليقيني بهما في تاريخ سابق على تظلمه منهما، خاصة أن الأوراق خلت من أي دليل أو قرينة أخرى تؤيد ذلك العلم في تاريخ سابق على التظلم، ومن ثم فإن الدعوى تكون مقامة خلال الميعاد المقرر واستوفت أوضاعها الشكلية فهي مقبولة شكلا، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صادف صواب القانون، ومن المتعين رفض الطعن لهذا السبب.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن المادة (36) من نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 تنص على أنه: “مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها تكون الترقية إليها من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة والمجموعة النوعية التي تنتمي إليها…”. وتنص المادة (37) من هذا القانون على أن: “تكون الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية بالاختيار وذلك على أساس بيانات تقييم الأداء وما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز، وتكون الترقية إلى الوظائف الأخرى بالاختيار في حدود النسب الواردة بالجدول رقم (1) المرفق وذلك بالنسبة لكل سنة مالية على حدة على أن يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية…”.
ومن حيث إنه في ضوء تلك النصوص فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن حق العامل أن يزاحم زملاءه في الترقية إلى الوظيفة الأعلى سواء كانت الترقية بالأقدمية أم بالاختيار، ما دام قد توافرت في حقه شرائطها وتكاملت عناصرها، وكان من المسلم به أن لجهة الإدارة أن تضيف ضوابط للترقية تختلف من جهة لأخرى حسب ظروف ونشاط كل جهة، إلا أن المناط في ممارسة الجهة الإدارية لسلطتها التقديرية عند وضعها لتلك الضوابط أن تكون من العمومية والتجريد بحيث لا تقتصر على فئة أو فئات بذواتها من العاملين، وأن تكون تلك الضوابط معلومة لأصحاب الشأن ليحددوا مراكزهم القانونية في ضوئها، وألا تكون مخالفة لأي حكم من أحكام الترقية حتى لا تهدر قواعد الترقية التي نص عليها القانون. كما استقر قضاء هذه المحكمة أيضا على أن موانع الترقية هي أسباب تقوم بالعامل وتحول دون ترقيته، وهذه الموانع لا تقرر إلا بنص في القانون ولا يجوز لجهة الإدارة وهي في سبيلها لوضع ضوابط للترقية تضبط بها ممارستها لسلطتها التقديرية أن تضيف إلى تلك الضوابط ما يعد مانعا من الترقية.
ومن حيث إنه في ضوء ما سبق ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده عين بالجهة الإدارية الطاعنة بالقرار رقم 3301/1981 اعتبارا من 25/11/1981، وقد انقطع عن عمله في الفترة من 1/4/1982 حتى 12/1/1988 بدون إذن، ثم أحيل إلى المحاكمة التأديبية التي انتهت في حكمها الصادر في الدعوى رقم 345/14ق إلى مجازاته بخصم شهرين من راتبه عن فترة انقطاعه عن العمل من 1/4/1982 حتى 24/11/1986 (تاريخ صدور الحكم في الدعوى المذكورة) واستمر في الانقطاع حتى عاد وتسلم العمل في 12/1988 ولم يصدر قرار بإنهاء خدمته بناء على هذا الانقطاع، ومن ثم فإن جهة الإدارة تكون قد اتجهت إلى التـأديب بشأن هذا الانقطاع، ولا يجوز لها بعد ذلك أن تربط بين الترقية ومباشرة العمل فعلا وذلك باستحداث شرط أداء العمل فعلا لاستحقاق الترقية عند استيفاء شروط استحقاقها.
ومن حيث إن جهة الإدارة الطاعنة لم تهون من كفاية المطعون ضده ولم تنسب إليه أي مانع يحول دون ترقيته عند إجراء الترقية بالقرار رقم 356/1990 ولم تذكر سببا للتخطي في الترقية التي تمت بذلك القرار سوى أن المطعون ضده لم يستكمل المدة البينية اللازمة للترقية لانقطاعه عن العمل خلال المدة من 1/4/1982 حتى 12/1/1988 وهو ما استبان مخالفته للقانون، الأمر الذي يكون معه القرار المذكور مخالفا لأحكام القانون جديرا بالإلغاء. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المطعون ضده في الترقية إلى وظيفة مساعد مدير أعمال أول بالدرجة الثانية التخصصية اعتبارا من 15/11/1990 فإنه يكون قد صادف صواب القانون ومن المتعين رفض الطعن في هذا الشأن.
ومن حيث إن المطعون ضده قد استقر وضعه القانوني بموجب الحكم بأحقيته في درجة مدير أعمال أول اعتبارا من 15/11/1990 وكان المطعون على ترقيته قد رقي إلى هذه الدرجة بذات التاريخ وكان سبب تخطيه في الترقية إلى وظيفة مدير أعمال ثان من الدرجة الثانية التخصصية قائما على ذات الأسباب السابقة لإلغاء القرار الأول فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الوظيفة الأولى، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه الصادر في 19/9/1995 غير قائم على أساس سليم من صحيح القانون جديرا بالإلغاء. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ومن المتعين رفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات طبقا لحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
[1]) ) يراجع حكم دائرة توحيد المبادىء في الطعن رقم 11225 لسنة 46 ق.عليا بجلسة 8/5/2003.