جلسة 19 من مارس سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 3998 لسنة 46 القضائية عليا.
– جامعة الأزهر- شئون الطلاب– تصحيح كراسات الإجابة– وجوب منح الطالب الدرجة التي يستحقها، ولو لم يترتب على ذلك نجاحه في المادة.
يتعين على محكمة الموضوع أن تمنح الطالب الدرجة الصحيحة التي يستحقها، ولو لم يترتب على ذلك نجاحه في المادة؛ إذ قد يستفيد بعد التصحيح من قواعد التيسير والرأفة لو طبقت عليه، وتتغير بذلك حالته– تطبيق.
– جامعة الأزهر- شئون الطلاب– مركز الطالب بالنسبة للجامعة- مدى جواز إضافة المادة الجديدة التي يتم تقريرها على الطلبة المستجدين في فرقة دراسية إلى المواد التي يمتحن فيها الطالب الباقي للإعادة في ذات الفرقة.
المادة (115) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (103) لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (250) لسنة 1975.
المركز القانوني للطالب مركز تنظيمي لائحي، فيجوز تعديله في أي وقت تحقيقا للمصلحة العامة والعملية التعليمية، غير أنه لا يجوز أن يعاد امتحان الطالب الراسب إلا في المواد التي رسب فيها فقط، ولا يجوز أن يعاد الامتحان في المواد التي نجح فيها، ولا يجوز أن تضاف إلى المواد التي رسب فيها مواد أخرى جديدة مما يتم تقريرها على المستجدين من زملائه في الفرقة التي بقي للإعادة فيها– أساس ذلك: اختلاف المركز القانوني لهذا الطالب الذي لم تسبق له دراسة هذه المادة الجديدة ولم يسبق له التقدم للامتحان والرسوب فيها– تطبيق.
في يوم الأحد الموافق 12/3/2000 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 9752 لسنة 52ق بجلسة 15/1/2000، الذي قضى في منطوقه بالآتي: “حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات”.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء إعلان نتيجة الطالب (نجل الطاعن) في الفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة الأزهر دور مايو 1998، واعتباره ناجحا، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات، ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره، ونفاذا ذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة، ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 12/9/1998 أودع والد الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 9752 لسنة 52ق، طالبا في ختامها: الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ إعلان نتيجة امتحان نجله المذكور في الفرقة الأولى بكلية التجارة دور مايو 1998، واعتباره ناجحا، والحكم بإلغاء القرار بإضافة مادة الإنجليزي الإسلامي إلى ابنه أسوة بزملائه، وإعادة تصحيح أوراق إجاباته، مع إلزام الجامعة المصروفات.
وذكر المدعي شرحا لدعواه أن نجله الطالب المذكور كان مقيدا بالفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة الأزهر في العام الجامعي 96/1997، ورسب في العام التالي 97/1998، ثم تمت إضافة مادة زيادة إلى المواد التي رسب فيها، وهي مادة إنجليزي إسلامي، وأنه في هذا العام تقدم للامتحان، ورسب في هذه المادة المضافة وثلاث مواد أخرى هي إنجليزي تجاري ومحاسبة والقرآن الكريم، رغم أن إجاباته جيدة في هذه المواد.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون فيما تضمنه من إضافة مادة جديدة إليه، ورسوبه رغم أن إجاباته تكفي لنجاحه في المواد التي رسب فيها. وخلص المدعي في صحيفة دعواه إلى طلب الحكم بطلباته.
وبجلسة 27/4/1999 أصدرت المحكمة حكمها في الشق العاجل من الدعوى بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي مصروفاته، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في طلب الإلغاء، ارتأت فيه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 15/1/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى، استنادا إلى أنه بالنسبة لطلب إلغاء قرار الجامعة بإضافة مادة الإنجليزي الإسلامي إلى نجل المدعي في العام الجامعي 97/1998 فإن مركز الطالب بالنسبة للمواد التي يدرسها ويتعين دخوله الامتحان فيها هو مركز لائحي تنظيمي، يحق للجامعة أن تعدله في أي وقت تحقيقا للمصلحة العامة، ومن ثم يكون هذا القرار صحيحا.
وبالنسبة للمواد الأخرى التي رسب فيها وقرار إعلان رسوبه فيها، فقد انتهت المحكمة إلى أنه بالنسبة لمادة الإنجليزي التجاري فقد شاب عملية جمع الدرجات خطأ مادي، حيث منح فيها 29 درجة، في حين أن مجموع الدرجات الصحيح طبقا لكراسة الإجابة هو 39 درجة، ولا يزال راسبا في هذه المادة، حيث إن الحد الأدنى للنجاح فيها هو50 درجة. وبالنسبة لمادة المحاسبة المالية فقد شاب عملية الجمع والرصد في هذه المادة خطأ، حيث إنه بجمع الدرجات التي حصل عليها يبين أنه يستحق (55) درجة، في حين أنها منحته (34) درجة فقط بالمخالفة للقانون، غير أنه نظرا لرسوبه في ثلاث مواد أخرى (الانجليزي الإسلامي والانجليزي التجاري والقرآن الكريم) فإن تعديل نجاحه في هذه المادة لا يغير شيئا من إعلان نتيجته راسبا مستنفدا مرات الرسوب.
وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى والد الطاعن، فأقام طعنه ناعيا عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره وتأويله، حيث طلب الطاعن أمام محكمة أول درجة إلزام الجامعة تقديم القرار الصادر عنها بتقرير مادة الانجليزي الإسلامي على الطلاب الراسبين ولم تقدمه، علما بأن هذه المادة فرضت على المستجدين فقط دون الراسبين الباقين للإعادة. كما أن الحكم المطعون فيه أثبت نجاح الطاعن في مادة المحاسبة المالية، وعلى فرض رسوبه في المواد الثلاث الأخرى (ومنها المادة المضافة) فإنه تتغير حالة الطالب، ويكون له الحق في دخول الدور الثاني ونجاحه فيه. كما أن المحكمة لم تلزم الجامعة تقديم أوراق الإجابة الشفوي في مادة القرآن الكريم.
واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلب الحكم بطلباته.
وأثناء نظر الطعن ونظرا إلى بلوغ الطالب نجل الطاعن سن الرشد، فقد تم تصحيح شكل الطعن، وحضر الطالب شخصيا بجلسة 5/9/2007 لمباشرة الطعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فيما يتعلق بإضافة مادة جديدة على الطالب الراسب خلال العام الجامعي 97/1998، وهي مادة (الانجليزي الإسلامي)، فإنه ولئن كان من المســـتقر عليه أن المركز القانــــوني للطالب هو مركز لائحي تنظيمي ويجوز تعديله في أي وقت تحقيقا للمصلحة العامة والعملية التعليمية، غير أن المادة (215) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر تنص على أنه “… ولا يعاد امتحان الطالب في أقسام الإجازة العالية (الليسانس والبكالوريوس) في المقرر الذي نجح فيه”، مما يعني أن الطالب لا يجوز أن يعاد امتحانه إلا في المواد التي رسب فيها فقط، وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، ومن ثم إذا رسب الطالب الجامعي في بعض المواد في مرحلة الليسانس أو البكالوريوس وبقي للإعادة، فإنه لا يعاد امتحانه إلا في تلك المواد التي رسب فيها، ولا يجوز أن يعاد الامتحان في المواد التي نجح فيها، كما لا يجوز أن تضاف إلى المواد التي رسب فيها مواد أخرى جديدة مما يتم تقريرها على المستجدين من زملائه في الفرقة التي بقى للإعادة فيها؛ على اعتبار أن الراسب الباقي للإعادة في هذه الفرقة يختلف مركزه القانوني؛ لأنه لم يسبق له دراسة هذه المادة الجديدة المضافة، كما لم يسبق له التقدم للامتحان والرسوب فيها.
ومن حيث إنه هديا بما تقدم فإن الجامعة المطعون ضدها أقرت بأنها خلال العام الدراسي 97/1998 أضافت مادة جديدة تدرس على طلبة الفرقة الأولى المستجدين وهي مادة (الانجليزي الإسلامي)، كما أضافت هذه المادة إلى الراسبين والباقين للإعادة في هذا العام، وكان من بين المواد الراسبين فيها مادة (الانجليزي التجاري)، دون الباقين للإعادة للرسوب في مواد أخرى، وهو ما يتنافر من ناحية مع مبدأ المساواة بين جميع الطلبة الراسبين والباقين للإعادة، حيث ميز بين من رسب في إحدى المواد فتضاف إليه تلك المادة الجديدة، وبين من رسب في عدة مواد أخرى ليس من بينها تلك المادة (الانجليزي التجاري). كما أنه ألزم الفريق الأول بإعادة الامتحان في المواد التي رسب فيها بالإضافة إلى هذه المادة المستجدة، وهي المادة التي لم يسبق لهم دراستها أو الرسوب فيها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بإضافة مادة (الانجليزي الإسلامي) إلى مواد الرسوب، وإلزامه دخول الامتحان فيها جميعا، يكون مخالفا للتطبيق الصحيح للقانون، متعينا القضاء بإلغائه، وما يترتب عليه من آثار، بحذف هذه المادة بالنسبة للطالب الطاعن وعدم الاعتداد بها كمادة رسوب خلال العام الجامعي 97/1998.
ومن حيث إنه بالنسبة للمواد الثلاث الأخرى التي رسب فيها -وهو الوجه الثاني من أوجه الطعن لإلغاء نتيجة الطاعن راسبا واعتباره ناجحا هذا العام- فإن الثابت من الحكم المطعون فيه ومما استخلصته هذه المحكمة من اطلاعها على كراسات إجابة الطاعن في تلك المواد، وحيث إن القاعدة أن عملية تصحيح إجابة الطالب هي مسألة فنية تدخل في صميم عمل الجهة الإدارية، وهي تقديرية بالنسبة لها، ولا يجوز أن تحل المحكمة نفسها محل الجهة الإدارية في تلك العملية، أو تعقب عليها إلا في الحالات التي يشوب تلك العملية سهو أو خطأ في رصد أو جمع الدرجات أو إساءة استعمال الجهة الإدارية لسلطتها.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق وحسبما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أنه بالنسبة لمادتي الإنجليزي التجاري والمحاسبة المالية أنه قد شاب عملية التصحيح خطأ في جمع الدرجات على النحو الواضح في هاتين المادتين، حيث إنه بالنسبة للمادة الأولى (الإنجليزي التجاري) حصل الطاعن في إجابة الأسئلة الأول والثاني والثالث على 13 و 11 و 15 درجة على التوالي، فيكون مجموع درجاته في هذه المادة هو 39 درجة وليس 29 درجة كما جمعت على غلاف الكراسة. وإنه ولئن كان النجاح في تلك المادة من 50 درجة غير أن الطالب يكون من حقه الحصول على الدرجة الصحيحة التي يستحقها، فقد يستفيد بعد التصحيح من قواعد التيسير والرأفة لو طبقت عليه وتتغير بها حالته.
وثابت كذلك بالنسبة لمادة المحاسبة المالية أن الطاعن حصل فيها بالنسبة لإجابة السؤال الأول والثاني والثالث على مجموع 6 و ( 5 + 6 + 12 ) = 23 و ( 12 + 9 + 5 ) = 26 درجة على التوالي، فيكون مجموع درجاته في هذه المادة هو 6 + 23 + 26 = 55 درجة، ويكون منحه 34 درجة فقط حسب المدون على غلاف تلك الكراسة قد ورد على سبيل الخطـأ في جمع درجات بعض الأسئلة، ويكون إعلان رسوبه في هذه المادة مخالفا للقانون يتعين إلغاؤه واعتباره ناجحا فيها.
أما بالنسبة لمادة القرآن الكريم فإنه لم تفصح الأوراق عن أي أخطاء قد شابت عملية تصحيحها أو أن الجهة الإدارية قد أساءت استعمال سلطتها عند التصحيح فيها.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم جميعه فإن الخلاصة هي إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إضافة مادة الانجليزي الإسلامي بالنسبة للطاعن الباقي للإعادة، وما يقتضيه ذلك من استبعاد هذه المادة بالنسبة له، إذ ما كان يتعين إلزامه دخول امتحانها، واعتبار هذه المادة كأن لم تكن بالنسبة له، وإلغاء قرار إعلان نتيجة الطاعن راسبا في هذا الامتحان واعتباره ناجحا فيه ومنقولا للفرقة الأعلى بمادتي تخلف فقط، هما الانجليزي التجاري والقرآن الكريم.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى نتيجة مغايرة لما تقدم فإنه يكون أخطأ في التطبيق الصحيح للقانون متعينا إلغاؤه وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات بحسبانها قد خسرت الطعن عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرارين المطعون فيهما، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها اعتبار الطاعن ناجحا في امتحان الفرقة الأولى بكلية التجارة دور مايو 1998، ومنقولا للفرقة الأعلى بمادتي تخلف، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات.